سلطنة عمان تؤكد أهمية إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل
تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT
جنيف ـ العمانية: أكدت سلطنة عُمان على الاهتمام البالغ بمنظومة عدم الانتشار النووي وخاصة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) وجميع ركائزها الثلاث: (نزع السلاح النووي، ومنع انتشار الأسلحة النووية، واستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية).
جاء ذلك في بيان الوفد الدائم لسلطنة عُمان خلال اجتماع اللجنة التحضيرية الثانية للمؤتمر الاستعراضي الحادي عشر لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية 2026 في الأمم المتحدة بجنيف، ألقاه سعادة السفير إدريس بن عبدالرحمن الخنجري المندوب الدائم لسلطنة عُمان لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
وقال سعادته إن انضمام جميع الدول العربية للمعاهدة بصفة طوعية، وقبول إخضاع منشآتها النووية لنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يمثل تأكيدًا واضحًا وصريحًا على حسن نواياها في الالتزام بالأجندة الدولية لعدم الانتشار.
وذكر أن وفد سلطنة عُمان يؤيد بيان المجموعة العربية وبيان مجموعة عدم الانحياز، معربًا عن تقديره لجهود مكتب الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، ولكل المساعي الرامية لحفظ الأمن والسلام على المستوى الإقليمي والدولي، لا سيما الحماية من مخاطر أسلحة الدمار الشامل، والعمل على وضع حد لسباق التسلح النووي الذي يشكل تهديدًا على الوجود الإنساني والمحيط الجغرافي.
وأوضح أن المادة السادسة من معاهدة عدم الانتشار تُلزم الدول النووية بالتخلص التام من أسلحتها النووية مقابل عدم سعي باقي الدول لامتلاكها، مشيرا إلى أن هناك جمودًا في مسار تطبيق المعاهدة، خاصة بعد فشل المؤتمرين الاستعراضيين الأخيرين في اعتماد وثيقة ختامية بتوافق الآراء، مقابل نجاح سياسة المماطلة والتلاعب بالمعاني والتفسيرات، ما يقوض مصداقية المعاهدة واستدامتها.
وبيّن سعادته أن الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية حق أصيل وغير قابل للتصرف للدول الأطراف في معاهدة عدم الانتشار، ويُبرز الدور المهم الذي تضطلع به الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومن هذا المنطلق، تُؤكد سلطنة عُمان ضرورة توافر الموارد المالية اللازمة والكافية لتمويل برنامج التعاون الفني، وعدم المساس بحق الدول الأعضاء في الاستفادة منه.
وأضاف: "أن مسؤولية إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل هي مسؤولية جماعية ودولية مستعجلة، خاصة بعد أن هددت إسرائيل باستخدام قنبلة نووية، وفي ذلك اعتراف ضمني بامتلاكها وبناءً على ذلك، تُدين سلطنة عُمان بأشد العبارات هذه التهديدات وما تعكسه من عدم مسؤولية وتطرف واستهتار بالمجتمع الدولي وثقة في الإفلات من العقاب، وتُشدد بلادي على ضرورة إخضاع إسرائيل لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية دون إبطاء، وممارسة الضغط الكافي لانضمامها لمعاهدة عدم الانتشار، كونها الدولة الوحيدة في المنطقة غير الطرف في المعاهدة، علما أن شهادات الأطباء العرب والأجانب من مختلف البعثات الأممية أكدت أن نوعية الإصابات وحجم الدمار يوحي باستعمال إسرائيل لأسلحة محرمة دوليًّا في غياب تام لكل أساليب الرقابة وعلى هذا الأساس، تُؤكد سلطنة عُمان مجددا أن القرار الملزم لعام 1995 الخاص بالشرق الأوسط يبقى سارياً إلى حين تنفيذه وتحقيق أهدافه بشكل كامل".
وقال إنه من الضروري إيجاد صك دولي ملزم قانوناً يمنح الدول الأطراف غير النووية ضمانات أمنية غير مشروطة بعدم استخدام الأسلحة النووية ضدها أو التهديد بها، مؤكد أن امتلاك الأسلحة النووية من قبل الدول الأطراف في المعاهدة أمر مؤقت وليس حقاً مكتسباً أو وضعاً دائماً ومن ثم، يجب أن تحترم الدول النووية التزاماتها في التخلص من أسلحتها النووية من خلال برنامج زمني واضح، وأهداف قابلة للقياس، ومزيد من الشفافية.
وأكد سعادة السفير أن سلطنة عُمان تؤمن بأن الحل الأمثل والنهائي لضمان تجنيب البشرية أهوال هذه الأسلحة الفتاكة وغيرها من أسلحة الدمار الشامل هو التخلص التام منها، وليس تجديدها وتطويرها، إذ لا بد من الوفاء بالعهود الدولية وعدم تهميش العمل المتعدد الأطراف، إذا كانت هناك بالفعل نية حقيقية وصادقة في تحقيق السلم والأمن الدوليين بشكل مستقر ومستدام.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: أسلحة الدمار الشامل الأسلحة النوویة للطاقة الذریة عدم الانتشار
إقرأ أيضاً:
السلاح.. صناعة للموت وإبادة للشعوب
في مطلع ديسمبر الجاري، حذر الملياردير الأمريكي بيل جيتس حكومات العالم من أن قرابة خمسة ملايين طفل حول العالم قد يموتون قريبًا، في إشارة منه إلى أن ناقوس الخطر يجب أن تقرع أجراسه. وعزا جيتس ذلك التخوف إلى انخفاض سريع في حجم المساعدات الدولية للمنظمات والهيئات الإنسانية، مشيرًا إلى أن مع نهاية الشهر الجاري سيتجاوز عدد وفيات الأطفال أربعة ملايين ونصف المليون وفاة من هم دون سن الخامسة، موضحًا أن العدد الفعلي لهذه المأساة سيرتفع مع السنوات المقبلة.
وليس بعيدًا عن تصريحات جيتس، نجد أن الرئيس الأمريكي ترامب نصح الشركاء الأوروبيين بزيادة ميزانيات الدفاع إلى أرقام قياسية، وشراء الأسلحة والعتاد العسكري المتطور على حساب الخدمات الأخرى التي كان من الممكن توجيه الأموال إليها. بالمقابل، خفضت الولايات المتحدة مساعداتها الإنسانية للمنظمات والهيئات الدولية منذ مطلع العام الجاري، وامتدت هذه التخفيضات إلى جهات مانحة أخرى مثل بريطانيا وألمانيا وغيرها.
وبات برنامج التنمية المستدامة التابع للأمم المتحدة والمتعلق بالحد من الفقر وتحسين مستويات الصحة عاجزًا عن الوفاء بالتزاماته الدولية والإنسانية.
إلى ذلك، هناك سبب آخر في تزايد وفيات الأطفال، منها حالة التقشف التي تنتهجها الكثير من الدول لمواجهة تدهور ديونها الخارجية، ومحاولة تقنين أوضاعها. ولهذا أصبحت أنظمة الصحة العلاجية في تلك الدول في انحدار مستمر. ومن المحزن جدًا أن التقارير الدولية تشير بشكل صريح إلى احتمالية وفاة ما بين 12 إلى 16 مليون طفل إضافي بحلول عام 2045 إذا لم يتغير وضع المساعدات والمنح التي كانت تقدم للدول الفقيرة والشعوب الأكثر فقرًا حول العالم.
بالمقابل، تنفق الكثير من دول العالم أموالًا طائلة في مجال الدفاع، وتضع سنويًا خططًا وبرامج ذات ميزانيات ضخمة تساوي ميزانية "دول بأكملها" وذلك لشراء الأسلحة من السوق العالمي، بينما تجار السلاح يتحكمون في بوابات العطاء والإغلاق حسب مصالحهم، أما فاتورة الشراء فهي بالمليارات.
هذه الأسلحة التي تستخدم كضمان استراتيجي في نظر الدول من جهة، ودرعًا وتخويفًا من جهة أخرى، قد تصبح مع الوقت أداة فعالة لإبادة الشعوب الأخرى في حال نشوب خلاف يتحول تدريجيًا إلى مواجهة عسكرية. من المثير في الأمر أن بعض الدول العظمى يصبح لديها رغبة ملحة في تجربة السلاح المخزن أو المجمد في الثكنات العسكرية أو في أماكن سرية، والطريقة في ذلك هي اختلاق المشكلات والنزاعات مع الدول الأخرى.
إن امتلاك السلاح ليس حكرًا على بعض الدول العظمى، بل دخلت على الخط دول جديدة، وأصبحت تشتري وتنتج أنواعًا عدة من تلك الأسلحة التقليدية، بينما السلاح النووي لا يزال مقيدًا في يد القوى العظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وفرنسا وبريطانيا وكوريا الشمالية والصين، إضافة إلى الهند وباكستان وغيرها من الدول القليلة المتبقية في القائمة، وهي من تتحكم بهذا النوع من الأسلحة المدمرة للعالم والبشرية معًا.
وإذا كنا نريد الحديث عن السلاح الذري، فإنه ليس مجرد سلاح عادي، بل يمكنه أن يقتل الآلاف وربما يصل مداه إلى ملايين البشر، ويلوث أرضًا واسعة بالإشعاع، كما هو الحال في اليابان، التي لا تزال تعاني بعض الأماكن فيها من التلوث الإشعاعي الذي جاء نتيجة الضربتين الأمريكتين في الحرب العالمية الثانية، وتحديدًا في مدينتين ناجازاكي وهيروشيما.
من الملاحظ أن بعض قطع السلاح تنتشر في دول عدة من العالم، ولهذا السبب تجد أن الحروب المسلحة في بعض الدول تكون في أيدي الجماعات والعصابات، كما هو الحال واضحًا في هايتي ونيجيريا وبعض الدول الأخرى التي أصبحت زيارتها صعبة وخطرة للغاية.
وبرغم أن الحكومات تحاول السيطرة على الأوضاع الداخلية في هذه الدول، إلا أن سوق السلاح وعمليات التهريب وغيرها تسهم في إحداث اضطرابات كثيرة.
إذن، السلاح ليس في كل مرة يمكن أن يكون في يد الحكومات، بل يمكن أن يصل إلى الجماعات المسلحة وإيجاد مجموعات متشددة تقوم بعمليات نهب وسرقة وقتل وتشريد للسكان، ولذا فإن صناعة الموت هي من تنشر السلاح بين الدول والجماعات والعصابات.
ولهذا يمكننا القول بكل وضوح: "صناع الموت"هم المستفيدون أولًا من حدوث القلاقل في العالم، وهم من يتحكمون في تسير بعض الأمور السياسية في بعض الدول، فكلما زاد السلاح في يد الجماعات المسلحة لم تستطع الدول السيطرة على أراضيها أو الاستفادة من ثرواتها، فبعض العصابات تكون يدها أطول في استغلال الثروات وإحداث نوع من الاضطراب السياسي.