- صديق العصافير المُبتسم.
الشهيد الطفل محمد نبيل داود حامد
استشهد بتاريخ 1-10-2000 في مدينة البيرة، وكان يبلغ من العمر 15 عاما
............
(كان يحبّ مساعدة الآخرين) تتكرّر هذه الجملة في وصف أخلاق الشهداء بعد رحيلهم، ما الذي في داخل روح الشهيد يدفعه إلى الإحساس بحاجات وآلام الآخرين؟ يذهب الشهيد إلى أقصى عطائه النبيل وهو التضحية بجسمه وذاكرته وحياته وشبابه، هذا الحوار دار بين معلمَين في المدرسة التي تعلّم فيها الشهيد، كانا يحلّلان سلوكه في المدرسة، ويربطانه مع قرار ذهابه العظيم إلى أقصى الحبّ لبلاده.
قال الأستاذ جمال: كنت مربّي صفِّه، كان محمّد لطيفا ودائم الابتسام، لم أره وحيدا يوما في الساحة، دائما يتحرّك ضمن فريق، وكثيرا ما رأيته يساعد تلميذا من ذوي الاحتياجات الخاصّة يحاول أن يحصل على دور في طابور كافتيريا المدرسة، اعتقدت في البداية أن التلميذ قريبه، وحين سألته عنه، قال: إنه لا يعرف حتى اسمه، فقط يحزن عليه ويحبّ مساعدته.
وقال الأستاذ محمود أستاذ الرياضيات: كنّا في الصف نغرق في الأرقام، كان الشّبّاك مفتوحا، فجأة ارتطم عصفور صغير بالنافذة وهوى خارج الصف، الوحيد الذي تنبّه هو الشهيد، وقف وطلب الإذن في الخروج للاطمئنان على العصفور، انفجر الطلاب بالضحك، حتى أنا ضحكت، الوحيد الذي لم يضحك هو الشهيد، سمحت له بالخروج، انتهت الحصة، ولم يعد الشهيد إلى الصف، فيما بعد عرفت أنه لم يعد حتى إلى المدرسة، أخبرنا زميله محمود أنّ الشهيد حمل العصفور الجريح بين يديه برفق، وغادر المدرسة تاركا حقيبته وأغراضه.
سمّاه أصحابه في المدرسة صديق العصافير، سأله صديقه حسّان مرّة: ألهذه الدرجة تحبّ العصافير؟ ما علاقتك بالعصافير؟
أجاب: أحبّ كلّ كائن يحتاج إلى مساعدة حتى لو كان شجرة.
المظاهرات تندلع يوميا على حاجز البالوع، إنها انتفاضة الأقصى، آلاف الشّبان هناك، يرشقون العتمة بالحجارة، ويغلقون فضاءها بدخان عجلات السيارات، الهتافات تهزّ المكان والجنود: «بالرّوح بالدّم نفديك يا أقصى»، كان الشهيد يسكن قريبا من منطقة المواجهات، لم ينتمِ إلاّ إلى فلسطين، حين اخترقت رصاصة القَتَلة جسده، سقط الشهيد، القريبون منه أقسموا أنّ الابتسامة لم تفارق وجهه، زميله خالد قال: أقسم لكم أنني رأيت عصافير تطير من أصابع يديه، لم يصدّقه الناس، لكنّ شخصا آخر قال: رأيت طيورا صغيرة ترفرف فوق جسده، وفي شهادته على الحدث يقول الصحفي سالم: حين كتبت تقريري عنه، ذكرت تماما ما شاهدته: سرب من العصافير طار من يديه، رئيس التحرير رفض الجزء الخيالي من تقريري موضحا أنّ التقرير ليس قصة أو قصيدة، هو يعتمد على الحقائق، وحين أكّدت له أنّ هذا ليس خيالا، هذه حقيقة، هزّ رأسه قائلا: أُقدّر تعاطفك مع الشهداء. ولكن.
في جيبه عثرت أمّه على ورقة مكتوب فيها نوع معيّن من أجهزة الحاسوب كان الشهيد قد تطوّع للبحث عنه في المحلات لأحد أصدقاء شقيقه.
في عينيه، والشقيق الحزين يفتحهما قبل الدّفن عثر شقيقه على بلاد شاسعة اسمها فلسطين، أسبل الشقيق عيني الشهيد، وتحسّس فلسطين بيديه المُرتعشتين، وقرّب وجهه منها: ديري بالك على أخوي.
هذا نص من كتاب «قصص الشهداء، سنابل الحقل»، الذي سيصدر قريبا عن دار طباق للنشر، وأشرفت على إصداره جمعية إنعاش الأسرة في البيرة بإدارة ريم مسروجي، وبجهود الكاتب وسام رفيدي، منسق الدائرة الثقافية في الجمعية، الكتاب هو قصص حقيقية لشهداء فلسطينيين من الانتفاضة الثانية، عالجها دراميا زياد خداش، وكتب مقدمتها الناقد فيصل دراج.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
شخصيات لـ”الثورة نت”: 30 نوفمبر ذاكرة تحرّر تُسقِط مشاريع الاحتلال
الثورة نت | استطلاع: ناصر جراده
بمناسبة الذكرى الـ58 ليوم الجلاء 30 نوفمبر، أجرى “موقع الثورة نت” استطلاعاً شمل شخصيات سياسية وإعلامية، أكدت أن ذكرى الاستقلال ليست حدثاً تاريخياً فحسب، بل محطة وطنية متجددة لترسيخ وعي التحرر في مواجهة مشاريع الهيمنة والوصاية الجديدة التي تستهدف المحافظات الجنوبية.
وشددت الشخصيات المشاركة في الاستطلاع على أن الشعب اليمني الذي انتزع استقلاله عام 1967 قادر اليوم على إسقاط الاحتلال الجديد كما أسقط الاستعمار البريطاني بالأمس، وأن نوفمبر سيظل بوصلـة مقاومة وسيادة تتكرّس عبر الزمن.
محطة مفصلية تكشف حقيقة الصراعيرى ناطق حكومة التغيير والبناء الدكتور عمر البخيتي في تصريح خاص لـ”الثورة نت” أن “الذكرى الـ30 من نوفمبر هذا العام تأتي في لحظة سياسية مفصلية، وما نشاهده من صراع قائم بين أدوات الاحتلال السعودي والإماراتي في المحافظات الجنوبية ليس إلا سيناريو أعددته القوى الاستعمارية – أمريكا وبريطانيا – لبسط نفوذها وسيطرتها على تلك المحافظات”.
وأضاف البخيتي أن روح الاستقلال التي فجّرها الأحرار قبل 58 عاماً ما تزال حاضرة في وجدان اليمنيين، وهم يواجهون أشكالاً جديدة من الوصاية والهيمنة، وهي من دفعت الشعب اليوم للوقوف أمام هيمنة الاستكبار العالمي.
وأشار إلى أن المناسبة “محطة لتوضيح قدرة اليمنيين على انتزاع حقوقهم في وجه كل من تسلّط عليهم أو فكر في احتلال أرضهم، خاصة عندما تتوحد إرادتهم”، مؤكداً أن الحرية “ليست فضلاً من أحد، بل ثمرة نضال طويل وتضحيات جسيمة قدمها الآباء والأبناء”.
كما أوضح أن ما يجري في الجنوب من عبث وصراع بين أدوات الاحتلال يعيد للأذهان ذات المعركة التي خاضها اليمنيون ضد الاحتلال البريطاني سابقاً، مشدداً على أن مشروع التحرر والسيادة ما يزال في قلب المعركة الوطنية، وأن اليمن شمالاً وجنوباً قادر على هزيمة أي احتلال كما هزم البريطانيين بالأمس.
واختتم الدكتور البخيتي حديثه قائلاً: “نجدّد العهد لشعبنا العظيم بأن تمضي حكومة التغيير والبناء في مشروعها الوطني ومعركة التحرر والبناء حتى يستعيد اليمن سيادته الكاملة وتتحقق تطلعات أبنائه في الأمن والرخاء والاستقرار”.
30 نوفمبر.. يومٌ صنع مجد اليمنيينوفي تصريح آخر لـ”الثورة نت”، أكد السياسي الأستاذ أحمد العليي أن الذكرى الثامنة والخمسين للاستقلال الوطني تمثل يوماً خالداً سطّر فيه اليمنيون أنصع صفحات التاريخ حين انتزع أحرار الجنوب قرارهم من براثن الاحتلال وأعلنوا ميلاد فجر جديد من الكرامة والسيادة.
وأضاف أن قيم الاستقلال التي ضحّى من أجلها الشهداء “ما تزال البوصلة التي تحرك مشروعنا الوطني في مواجهة العدوان والحصار، وفي بناء مؤسسات الدولة على أسس العدالة والسيادة الكاملة على الأرض والقرار”.
كما أكد أن “شعبنا شمالاً وجنوباً أثبت عبر الزمن أن إرادته أقوى من كل محاولات الوصاية والهيمنة”، مشيداً بصمود أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية في وجه أدوات الاحتلال الجديد، وداعياً القوى الوطنية إلى توحيد الصف دفاعاً عن هوية اليمن ووحدته واستقلاله.
رسالة ضد محاولات إعادة الاستعماروفي حديثه لـ”الثورة نت”، أشار الناشط الإعلامي والمحلل السياسي رشيد الحداد إلى أن الذكرى الثامنة والخمسين تأتي اليوم حاملة رسائل متعددة لأدوات الاحتلال الإقليمية والمحلية، مؤكداً أن الشعب اليمني الذي قضى على الاستعمار الأجنبي في 30 نوفمبر 1967 يواجه اليوم مشاريع استعمارية جديدة تسعى لإعادة نفوذ البريطانيين بوجوه مختلفة.
وشدد على أن هذا الواقع “يتطلب توحيد الجهود لإسقاط مشاريع دول الاحتلال السعودي والإماراتي التي تسعى لفرض واقع جديد”، موضحاً أن الدلالات التاريخية لنوفمبر تؤكد حجم الألم الاستعماري الذي تركه رحيل بريطانيا من جنوب اليمن.
وأضاف أن الشعب اليمني الذي كسر الهيمنة البريطانية قادر اليوم على إسقاط الهيمنة الأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر، بعد أن فرض معادلات عسكرية أجبرت البوارج الأمريكية على الانسحاب، مشيراً إلى أن كل محاولات إعادة إنتاج الاحتلال ستسقط كما سقط الاستعمار الأول.
محطة لصناعة الوعي التحرريمن جهته أكد مدير الإعلام الأمني، العقيد نجيب العنسي، في تصريح خاص لـ”الثورة نت” أن هذه المناسبة “محطة تاريخية تحمل دلالات تتجاوز حدود الحدث نفسه.
وأوضح أن الذكرى ليست مجرد احتفال عابر، بل علامة فارقة تؤكد قدرة الشعب اليمني على صناعة التحرر بوعي جمعي رافض للهيمنة، لافتاً إلى أن المناسبة تأتي هذا العام والشعب أكثر استعداداً لتحرير أراضيه وجزره التي ترزح تحت الاحتلال السعودي والإماراتي.
وأشار إلى أن الشعب اليمني اليوم بقيادته القرآنية وجيشه وأجهزته الأمنية أكثر قدرة على مواجهة التحديات وكسر الغطرسة الأجنبية ومحاولات نهب المقدرات وطمس الهوية.
واختتم بالقول إن “30 نوفمبر لم يعد مجرد ذكرى بل معيار يفرز المواقف: بين من يقف مع استقلال القرار الوطني ومن يختار الارتهان للوصاية الخارجية”.
30 نوفمبر.. ذاكرة لا تنطفئ وإرادة لا تنكسرتؤكد الشخصيات أن 30 نوفمبر تتجاوز كونها ذكرى تاريخية لتصبح محطة وطنية حية، تُبرز إرادة الشعب اليمني في الحفاظ على استقلال القرار الوطني ومواجهة أي مشاريع احتلال أو هيمنة، وتشدد آراؤهم على أن روح الاستقلال والتحرر التي صنعها اليمنيون قبل 58 عامًا ما تزال حاضرة، وأن الشعب اليوم أكثر قدرة على حماية سيادته ووحدة أرضه، مؤكدة أن نوفمبر يظل مناسبة وطنية لتجديد العهد مع الحرية والسيادة والوعي الوطني.