توقعات بانقلاب المليشيات على اتفاق خفض التصعيد الأقتصادي
تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT
على الرغم من الغضب الذي ساد الشارع اليمني بسبب موافقة الحكومة اليمنية على اتفاق لخفض التصعيد الاقتصادي مع الحوثيين، الذي أعلنه، الثلاثاء مبعوث الأمم المتحدة هانس غروندبرغ، فإن مؤيدي الحكومة يراهنون على تعنّت الحوثيين وعدم التزامهم بتنفيذ هذا الاتفاق الذي رأوا فيه تراجعاً عن الإجراءات العقابية التي اتخذت ضد الجماعة التي كانت سبباً في الانقسام المالي وبدء الحرب الاقتصادية.
ولا يخفي اليمنيون في المقاهي والتجمعات الشعبية سخطهم من الموافقة الحكومية على الاتفاق، ويؤكدون أن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي في عدن كانت الأقوى والأكثر تأثيراً على الحوثيين بعد سنوات من الإجراءات التي اتخذتها الجماعة المسيطرة على صنعاء، وفي طليعتها مصادرة أموال المودعين والبنوك التجارية وفرض الانقسام المالي.
ويؤكد عبد الحكيم سالم وهو موظف حكومي لـ«الشرق الأوسط» أن الخطوة التي كان اتخذها البنك المركزي في عدن أعادت ثقة الناس بالحكومة، وكانت الأكثر إيلاماً للحوثيين، وينتقد الموافقة على إلغائها دون الحصول على تنازل حقيقي من الحوثيين، ويرى أن أبسط المواضيع التي كان ينبغي مقايضتها مع الحوثيين هو قرار منع تداول الطبعة الجديدة من العملة الوطنية.
أما أحمد عبد الله، وهو موظف في القطاع التجاري، فيشعر بخيبة أمل من الاتفاق، لأن البنك المركزي استطاع أن يهز الحوثيين الذين ظلوا يتخذون إجراءات تصعيدية من جانب واحد، ابتداء بمنع تداول العملة إلى منع المعاملات البنكية ومنع تصدير النفط وفرض جمارك إضافية على البضائع القادمة من موانئ الحكومة.
خطوط عريضة
يرى نادر محمد، وهو أحد الناشطين اليمنيين أن ما ورد في بيان المبعوث الأممي هو مجرد خطوط عريضة لاتفاق أولي سيحتاج بعده إلى مشاورات ونقاشات طويلة لتنفيذه، ووضع ضمانات فعلية للالتزام بكل بنوده إلى جانب أن الاتفاق يتطلب ترتيبات أمنية ودولية مع مصر والهند من أجل تسيير رحلات تجارية من صنعاء إلى هذين البلدين، مؤكداً أن هناك تجارب عديدة ثبت خلالها أن الحوثيين يمتلكون القدرة على إفشال أي اتفاق.
هذه الرؤية يشاركه فيها رضوان وهو معلم يعيش في مناطق سيطرة الحوثيين، إذ يقول إن الحديث عن اجتماعات لمعالجة التحديات الإدارية والفنية والمالية التي تواجهها شركة الخطوط الجوية اليمنية تعني أن أزمة الطائرات المختطفة لم تحل وأن مشكلة تجميد أرصدة الشركة ما تزال قائمة.
ويبدي رضوان شكوكاً كبيرة في جدية الحوثيين بمعالجة كل القضايا الاقتصادية، لأن الاشتراطات التي يعلنون عنها من قبل تعني أن التوصل إلى اتفاق سيكون بعيد المنال، لأنهم يريدون الحصول على امتيازات اقتصادية دون تقديم أي تنازلات.
ويتفق مسؤول يمني تحدث لـ«الشرق الأوسط» مع ما ذهب إليه المتحدثون، ويؤكد أنه منذ سريان التهدئة التي رعتها الأمم المتحدة لم ينفذ الحوثيون أي التزام رغم تنفيذ الحكومة كل التزاماتها.
ويقول المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه؛ لأنه غير مخول بالتصريحات الصحافية، إن المحادثات الاقتصادية هي المحك الفعلي، حيث اشترط مجلس القيادة الرئاسي الذهاب إلى محادثات اقتصادية تؤدي في النهاية إلى استئناف تصدير النفط الذي توقف بسبب استهداف الحوثيين موانئ تصديره، وكذلك الأمر فيما يتعلق بانقسام العملة، حيث بدأ الحوثيون الحرب الاقتصادية منذ 2019 من خلال منع تداول الطبعة الجديدة من العملة اليمنية في مناطق سيطرتهم.
مكسب للجميع
على خلاف ذلك، يرى المحامي اليمني والوسيط المحلي عبد الله شداد أن الاتفاق بين الحكومة الشرعية والحوثيين بشأن إعادة رحلات طيران الخطوط الجوية اليمنية من مطار صنعاء، وزيادة الرحلات وإلغاء جميع القرارات الصادرة عن البنك المركزي اليمني في عدن وصنعاء واستمرار الحوار، سيزعج المنتفعين كثيراً، وقال إنه تبقى الاتفاق على إعادة تصدير النفط والغاز وتوحيد العملة.
وبخلاف اللهجة التي تحدث بها رئيس فريق المفاوضين الحوثيين محمد عبد السلام، أكد عبد الملك العجري، عضو الفريق الحوثي المفاوض، أن اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي ضد البنوك مكسب لعموم الشعب اليمني في شماله وجنوبه شرقه وغربه وأن «الخاسر الحقيقي هو أميركا وإسرائيل»، وفق قوله.
وفي حين يرى قطاع عريض من اليمنيين أن التوصل إلى اتفاق اقتصادي سيكون مؤشراً فعلياً على الجدية في المضي على مسار السلام، يؤمّل القيادي الحوثي العجري أن يشكل الاتفاق الجديد حافزاً نحو البدء في خطوات تنفيذ الشق الإنساني والاقتصادي من خريطة الطريق - بحسب الاتفاق - وعلى رأسها المرتبات.
وبالاستناد إلى الاتفاقات التي أبرمت برعاية الأمم المتحدة منذ بداية الصراع في اليمن، فإن الحوثيين عادة ما يذهبون نحو عرقلة أي التزامات تخصهم، ولعل أبرز ذلك عرقلة اتفاق «استوكهولم» بشأن انسحاب كل القوات من مدينة وميناء الحديدة، واتفاق استئناف الرحلات التجارية من صنعاء وتخفيف القيود على السفن الواصلة إلى ميناء الحديدة في مقابل فتح الطرقات بين المدن وإنهاء حصارهم لمدينة تعز ودفع رواتب الموظفين من إيرادات موانئ الحديدة.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
اقتحام مقار ومراكز المليشيات وعصيان مدني وقطع الطرقات يشل حركة الحياة في المدينة
عكست الأحداث الأخيرة التي تشهدها حضرموت، حالة الغليان والغضب الشعبي المتصاعد الذي تعيشه المناطق الخاضعة لسيطرة الاحتلال السعودي الإماراتي ومدى حالة الاستياء الذي يخفيها المواطنون في تلك المناطق جراء ما يتعرضون له من معاناة وانتهاكات لا حدود ولا طاقة لها غير أنهم اليوم يرسمون لوحة نضالية شعبية تنشد الحرية والعيش الكريم.
الثورة /
ما تعيشه حضرموت اليوم وما شهدته محافظات جنوبية أخرى في وقت سابق من أحداث مشابهة، ليس مجرد غضب عابر، أو نزوة فردية تشكو معاناة شخصية بل صرخة غضب مدوية في وجه الاحتلال والاستكبار وأدواته الرخيصة من المرتزقة والعملاء الذين أغرقوا حياة المواطنين بالأزمات وضاعفوا معاناته بالفساد، ودمروا ما تبقى منها بجرائم وانتهاكات دامية عاجزين عن توفير أبسط مقومات الحياة أو حماية أرواح الأبرياء من بطش المجرمين والقتلة.
وحملت الشرارة الأولى لهذه الثورة شعارات حقوقية ومطالب شعبية محقة لطالما كانت على أولويات الاحتجاجات الشعبية السابقة إلا أن التجاهل واللامبالاة التي قوبلت بها تلك الحقوق المشروعة من قبل حكومة المرتزقة وما يسمى المجلس الرئاسي دفع المجاميع الشعبية إلى تحويل مسار تلك الثورة نحو خطوات تصعيدية غير مسبوقة أدت إلى اقتحام محتجين غاضبين ديوان عام المحافظة ومؤسسة كهرباء ساحل حضرموت، مرددين هتافات مدوية تطالب بـ”رحيل المحتل السعودي الإماراتي ومرتزقة عصابة الرياض وأبوظبي”.
كما أغلقت الحشود الشعبية الغاضبة في يومها الأول والثاني من هذه الثورة جميع الطرق الرئيسية داخل المدينة، وتوقفت الحركة بشكل كامل، وسط أعمدة من الدخان المتصاعد نتيجة إشعال الإطارات، ما عكس حالة الشلل التام التي أصابت المكلا نتيجة إغلاق المحلات التجارية أبوابها، بينما انتشرت عصابات ومليشيات الارتزاق السعودي الإماراتي على نطاق واسع في مداخل المدينة والتقاطعات ومحيط المنشآت الحيوية لترهيب المواطنين بالتزامن مع إطلاق أعيرتها النارية باتجاه المتظاهرين مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى بين المواطنين.
توسع الاحتجاجات وعصيان مدني
من المكلا والوادي والساحل، إلى تريم وسيئون والشحر، هكذا اكتمل المشهد الثوري في يوميه الرابع والخامس من عمر الانتفاضة الشعبية حيث انضمت مدن جديدة في حضرموت إلى ركب الاحتجاجات الشعبية الغاضبة، المطالبة بتحسين الأوضاع الخدمية والمعيشية المتردية وسط شعارات منددة بتدخل التحالف السعودي الإماراتي بأوضاع المدينة، ومطالبين إياه برفع يده عن محافظة حضرموت، وسحب أدواته الذين لم يجلبوا سوى الفوضى والفساد للمحافظة.
وتوسعت رقعة الاحتجاجات الشعبية في مختلف مناطق ومدن حضرموت في تصعيد ملحوظا تمثل في قيام المجاميع الشعبية الغاضبة بقطع الشوارع الرئيسية بـ الإطارات التالفة بعد أن أضرمت النيران، تعبيراً عن رفضهم القاطع لحالة الانهيار الذي تشهده المحافظة ، لا سيما الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي لأكثر من 20 ساعة يوميا مقابل ساعتين فقط ناهيك عن حالة الانهيار المستمر لصرف العملة وفرض جرعة سعرية قاتلة على المواطنين في الوقت الذي ينشد فيه المواطنون توفير ابسط الحقوق وادنى الخدمات وليس مواصلة قتله بجرع نفطية وسعرية لا يقوى على مجابهة أثرها في حياته اليومية.
اعتداءات وانتهاكات متواصلة
وشهدت الاحتجاجات الشعبية الغاضبة اشتباكات بين شبان محتجين ومليشيات مسلحة تتبع الانتقالي في شوارع المكلا خلال محاولات اعتقالات واعتداءات متواصلة شنتها الميليشيات ضد المشاركين بالاحتجاجات والتي فشلت أمام صمود وبسالة المواطنين الذين واجهوا المليشيات بقوة وصلابة الأمر الذي أجبر المليشيات على الانسحاب من المنطقة والدفع بمليشيات مسلحة أخرى في محاولة لاحتواء الاحتجاجات المتصاعدة.
وأسفرت الاعتداءات عن سقوط ضحايا مدنيين منذ اليوم الأول للانتفاضة نجم عنها سقوط قتيل وجريح في اليوم الأول جراء اعتداءات ميليشيات الاحتلال على المتظاهرين بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة بالإضافة إلى مقتل مواطن يوم الخميس الماضي برصاص ميليشيات الاحتلال السعودي الإماراتي.
معاناة مستمرة وأزمات متعددة.
ويعيش المواطنون في حضرموت وعدن وباقي المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة أزمات معيشية وخدمية خانقة وتدهوراً غير مسبوق في شتى مناحي الحياة. يأتي ذلك بالتزامن مع ارتفاع جنوني في الأسعار ونهب ممنهج للمرتبات من قبل قوى العدوان وأدواتها المتسلطة على رقاب المواطنين ما دفع بالمواطنين إلى الخروج إلى الشوارع لرفض حالة الفوضى والعبث والحرمان الذي يعيشونه والمطالبة بحقوقهم الأساسية والمشروعة بحياة كريمة تكفل لهم كافة الحقوق ومتطلبات المعيشة.