بعد أشهر من تصاعد الصراع المالي والاقتصادي بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، أعلن المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، الثلاثاء، توصل طرفي النزاع إلى اتفاق لوقف التصعيد الاقتصادي بين الجانبين.

وأفاد مكتب غروندبرغ في بيان أن الحكومة وجماعة الحوثي "اتفقا على عدة تدابير لخفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية".

وأضاف البيان أن "المبعوث الأممي تسلم من الطرفين نصا يتضمن إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين، والتوقف مستقبلا عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة".

وتضمن الاتفاق "استئناف طيران اليمنية للرحلات بين صنعاء والأردن وزيادة عددها إلى ثلاث يوميا، وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يومياً أو بحسب الحاجة".

كما نص على أن "تعقد اجتماعات لمعالجة التحديات الإدارية والفنية والمالية التي تواجهها الخطوط الجوية اليمنية، والبدء في عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خارطة الطريق".

وتعليقا على البيان، رحبت الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي بإعلان المبعوث الأممي، وذلك في بيانين منفصلين للجانبين.

وبعد ساعات من الاتفاق، "أعلن محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي تقديم استقالته إلى مجلس القيادة الرئاسي"، في إشارة على ما يبدو إلى رفض ضمني للتراجع عن القرارات الأخيرة للبنك.

لكن مجلس القيادة الرئاسي الذي يضم رئيسا و7 أعضاء، أعلن بالإجماع رفض استقالة محافظ البنك المركزي، مفيدا بأن المعبقي باق في منصبه.

خلفيات الاتفاق

الاتفاق تم على خلفية إعلان البنك المركزي في 10 يوليو /تموز الجاري، وقف تراخيص 6 من أكبر بنوك اليمن تقع مراكزها الرئيسية في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

وكان البنك المركزي وجه في 30 مايو /أيار بوقف التعامل مع هذه البنوك لعدم نقل مقراتها من صنعاء واستمرار تعاملها مع جماعة الحوثي، وردت الأخيرة بحظر التعامل مع 13 بنكا في مناطق نفوذ الحكومة.

وقبل ذلك كانت جماعة الحوثي أعلنت للمرة الأولى في أبريل /نيسان، صك عملة معدنية فئة مائة ريال (تعادل قرابة 20 سنتا).

وأوضحت الجماعة حينها أن "طرح الفئة الجديدة من العملة لن يؤثر على أسعار الصرف كون الإصدار خصص لاستبدال العملات التالفة ولن يكون هناك إضافة لأي كتلة نقدية معروضة".

وردا على ذلك، اعتبر البنك المركزي اليمني إصدار الحوثي عملة معدنية "تصعيدا خطيرا وغير قانوني لا يأخذ بعين الاعتبار بأي شكل من الأشكال مصالح المواطنين".

وإضافة إلى صراع البنوك، برز مؤخرا خلاف مالي بين الحكومة والحوثيين بشأن العوائد المالية للخطوط الجوية اليمنية، وسط اتهامات من الجانبين باستغلال أرباح الشركة.

تبعات خفض التصعيد

بعد أن تم الإعلان عن اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي، تحولت القضية إلى رأي عام في اليمن، وسط تباين في مسألة تقييم تبعات ذلك.

وفي السياق، يرى المحلل المالي محمد خالد أن "تراجع البنك المركزي عن قراراته - امتثالا لاتفاق خفض التصعيد- سيؤدي إلى إضعاف وضعه في القطاع المصرفي وقطاع الصرافة لصالح البنك المركزي في صنعاء التابع للحوثيين".

وأضاف لمراسل الأناضول: "بعد هذا التراجع لن تستجيب البنوك ومنشآت الصرافة للبنك المركزي في عدن، ولن تتم موافاته بالبيانات مستقبلا، وعليه لن يتمكن من ممارسة وظيفة الرقابة على البنوك".

وتوقع المحلل المالي أن ذلك "سيؤدي إلى تغول بنك صنعاء على القطاع المصرفي، والتحكم الكامل به، وسيتيح انكسار البنك المركزي اليمني للحوثيين اتخاذ إجراءات إضافية في هذا القطاع، وكذا طباعة عملات ورقية".

وتابع: "سيؤدي ذلك إلى فقدان البنك المركزي لثقة المؤسسات الدولية، ومنها خدمة سويفت، حيث سبق أن أبلغها بسحب تراخيص البنوك المتواجدة في صنعاء، ثم طلب تأجيل القرار لمدة أسبوعين وبعدها إلغاء القرار".

وفيما يتصل بموقف الحوثيين بعد إعلان وقف التصعيد يقول خالد: "لن يتراجع البنك في صنعاء عن أي خطوات قام بها في القطاع المصرفي، ومنها طباعة فئة 100 ريال التي تسببت في التصعيد".

وأشار إلى أن الاتفاق "حد من قدرة البنك المركزي في عدن من اتخاذ أية إجراءات مماثله مستقبلا".

مشاورات مرتقبة

بعد إعلان خفض التصعيد، من المتوقع أن يتم عقد مشاورات بين الحكومة والحوثيين، حيث أفاد بيان المبعوث الأممي الصادر الثلاثاء بأنه "سيتم عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خارطة الطريق".

وتعقيبا على ذلك، طالب غروندبرغ "بضرورة تعاون الطرفين من أجل التوصل إلى اقتصاد يخدم جميع اليمنيين، ويدعم تنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى البلاد واستئناف عملية سياسية جامعة".

وبشأن المشاورات المتوقعة، يرجح الباحث الاقتصادي محمد الجماعي "أن يتم التفاهم بين الحكومة والحوثيين على عدد من الضوابط في المجال الاقتصادي والإنساني، وفقا لما سميت بخارطة الطريق".

وأضاف الجماعي لمراسل الأناضول "برضوخها لهذا الاتفاق، تم الإطاحة بأهم أسلحة الحكومة الشرعية في المجال الاقتصادي، دون حديث عن أي مقابل لموافقتها على هذا الاتفاق المفاجئ ".

وأردف: "تبدو الحكومة كمن قام بكسر حصار مفروض عليه منذ نحو ثلاثة أعوام، حرمت فيه من مواردها النفطية والغازية، كما أنها أثبتت استقلالية قرارها بدليل تداعي الأطراف الخارجية كلها لإلغاء قرارات البنك المركزي أو تأجيلها".

ولفت إلى أن "من أهم الأوراق المتوقع النقاش حولها في المشاورات المقبلة، توحيد العملة وكسر الفارق في أسعار العملات في المحافظات الواقعة تحت سلطة الحكومة والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين".

وتوقف تصدير النفط في أكتوبر/تشرين أول 2022، جراء هجمات شنها الحوثيون على موانئ نفطية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة.

ويتمسك الحوثيون برفض السماح باستئناف تصدير النفط، ويشترطون الاتفاق على آلية يتم فيها دفع رواتب كافة الموظفين العموميين في عموم مناطق اليمن من عائدات النفط.

ويعاني اليمن أزمة مالية كبيرة، زاد من تأثيرها توقف تصدير النفط منذ عام ونصف العام، نتيجة تداعيات الصراع بين الحكومة والحوثيين، والذي بدأ عقب سيطرة الأخيرة على العاصمة صنعاء وعدة محافظات نهاية 2014.

واشتد النزاع منذ مارس/ آذار 2015، بعد تدخل تحالف عسكري عربي بقيادة السعودية لإسناد قوات الحكومة في مواجهة جماعة الحوثي المدعومة من إيران

 

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

إيران تدرس مقترحا أمريكيا حول الاتفاق النووي .. وتحذر أوروبا من استغلال تقرير الطاقة الذرية

عواصم "وكالات": حذرت إيران اليوم من أنها سترد إذا "استغلت" القوى الأوروبية التي هددت بإعادة فرض عقوبات على خلفية البرنامج النووي، تقريرا للأمم المتحدة يظهر أن طهران كثفت إنتاج اليورانيوم العالي التخصيب.

وأفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران سرعت وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 في المائة القريبة من مستوى 90% المطلوب للاستخدام العسكري، وذلك في تقرير غير معدّ للنشر اطلعت عليه وكالة فرانس برس السبت قبل أسبوع من اجتماع مجلس محافظي الوكالة في فيينا.

ولفتت الوكالة إلى أن المخزون بلغ 408,6 كلغ في 17 مايو بزيادة 133,8 كلغ خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة مقارنة بزيادة مقدارها 92 كلغ خلال الفترة السابقة.

وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي اليوم في بيان أنه أبلغ في مكالمة هاتفية مع المدير العام للوكالة رافايل جروسي أن "إيران سترد بشكل مناسب على أي تحرك غير لائق من جانب الأطراف الأوروبية" في إشارة إلى بريطانيا وفرنسا وألمانيا.

وحذرت الدول الثلاث من أنها قد تعيد فرض العقوبات إذا هدد برنامج إيران النووي أمن القارة.

ودعا عراقجي جروسي في المكالمة التي جرت السبت إلى عدم إتاحة الفرصة "لبعض الأطراف" لإساءة استخدام التقرير "لتحقيق أهدافها السياسية" ضد إيران، بحسب البيان.

وندّدت وزارة الخارجية الإيرانية السبت بتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واصفة إياه بأنّه "سياسي وغير متوازن".

وتتهم دول غربية وإسرائيل، إيران بالسعي الى تطوير سلاح ذري، وهو ما تنفيه الجمهورية الإسلامية، مؤكدة الطابع السلمي لبرنامجها النووي.

وجدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمعة تأكيده أنه "لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي"، مشيرا إلى أن البلدين "قريبان جدا من اتفاق".

مقترح أمريكي

أرسلت الولايات المتحدة الى إيران مقترحا بشأن اتفاق نووي وصفه البيت الأبيض بأنه "مقبول" و"من مصلحتها" قبوله، بحسب وسائل إعلام أميركية السبت.

وأعلن عراقجي السبت أنه تلقّى "عناصر مقترح أمريكي". وكتب في منشور على موقع اكس أن إيران سترد "بما يتماشى مع المبادئ والمصالح القومية وحقوق" شعبها.

أجرت طهران وواشنطن خمس جولات من المباحثات بوساطة عمانية منذ أبريل، مع تأكيد الجانبين إحراز تقدم، على رغم تباين معلن بينهما بشأن احتفاظ إيران بالقدرة على تخصيب اليورانيوم.

وأوردت صحيفة نيويورك تايمز السبت أن كارولاين ليفيت المتحدثة باسم البيت الابيض قالت "أرسل المبعوث الخاص ويتكوف اقتراحا مفصلا ومقبولا للنظام الإيراني، ومن مصلحته قبوله".

وأشارت الصحيفة نقلا عن مسؤولين مطلعين على المحادثات الدبلوماسية أن الاقتراح عبارة عن سلسلة من النقاط الموجزة وليس مسودة كاملة.

ويدعو الاقتراح إيران إلى وقف جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم، ويقترح إنشاء تجمع إقليمي لإنتاج الطاقة النووية يضم إيران والمملكة العربية السعودية ودولا عربية أخرى، بالإضافة إلى الولايات المتحدة.

وأبرمت إيران عام 2015 اتفاقا مع القوى الكبرى بشأن برنامجها النووي، أتاح فرض قيود على أنشطتها وضمان سلميتها، لقاء رفع عقوبات كانت مفروضة عليها.

وفي 2018، سحب ترامب خلال ولايته الأولى بلاده بشكل أحادي من الاتفاق وأعاد فرض عقوبات على الجمهورية الإسلامية التي عمدت بعد عام من ذلك، الى التراجع تدريجا عن غالبية التزاماتها الأساسية بموجبه.

وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران هي القوة غير النووية الوحيدة التي تقوم بتخصيب اليورانيوم عند مستوى 60 في المئة.

مقالات مشابهة

  • اليمن: المشروع الحوثي إلى زوال وتوحيد الصفوف أولوية
  • إيران تدرس مقترحا أمريكيا حول الاتفاق النووي .. وتحذر أوروبا من استغلال تقرير الطاقة الذرية
  • البنك المركزي التايواني: الدين الأميركي "سليم" ولا مخاوف بشأن مكانة
  • آليات جديدة لـ حوكمة البنوك طبقًا لقانون البنك المركزي .. تفاصيل
  • اليمن: واثقون في الدعم الدولي لإنهاء الانقلاب «الحوثي»
  • سعر الدينار الكويتي والعملات العربية اليوم 31/5/2025 في البنك المركزي المصري
  • زعيم الحوثيين يتوعد: التصعيد ضد إسرائيل قادم وبقوة
  • البنك المركزي التونسي يبقي على سعر الفائدة الرئيسي عند 7.5%
  • ترامب: أنقذنا الصين من الانهيار الاقتصادي... لكنها خرقت الاتفاق
  • مجاميع مسلحة من قبيلة الحدا تقتحم صنعاء وسط تصاعد التوتر مع مليشيا الحوثي