عربي21:
2025-05-10@00:18:38 GMT

بثٌّ مباشر لاستشهاد القادة في عصر النبوّة

تاريخ النشر: 31st, July 2024 GMT

في غزوة مؤتة كان عدد الجيش الإسلاميّ ثلاثة آلاف مقاتل، وقد عيّن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمراء، فقال: "أمير النّاس زيد بن حارثة، فإن قُتل فجعفر بن أبي طالب، فإن قُتل فعبد الله بن رواحة، فإن قُتل فليرتضِ المسلمون منهم رجلا فليجعلوه عليهم".

وهنا نلحظ أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قدّم في قيادة المعركة -التي يتوقّع أن تكون حامية الوطيس- ثلاثة من أحبّ النّاس إلى قلبه، أحدهم كان قد تبنّاه من قبل لشدّة حبّه له والآخر ابن عمّه، وفي هذا رسالةٌ إلى الذين يتقدّمون مواقع القيادة أنّ القائد الحقّ هو الذي يقدّم أحبابه وأقرباءه إلى ساحات المغارم والفداء؛ لا إلى مواقع المغانم والنفع المريح.



وإنّ قول النبيّ صلى الله عليه وسلّم: "فإن قُتل فليرتضِ المسلمون منهم رجلا فليجعلوه عليهم" فيه رسالةٌ واضحةٌ على أنّ المسلمين هم من يختارون من يقودهم حتّى في أقسى الظّروف، ولو كان ظرف التحام بالعدوّ في ساحة المعركة، ولا بدّ أن يرتضوا هذا القائد، فلا مكان في الإسلام لقائدٍ يتغلّب على النّاس بقوّة السلاح ويجثو على صدورهم وهم له كارهون. وهذا تعليمٌ من النبيّ صلى الله عليه وسلّم لأصحابه على منهجيّة الاختيار للقائد وهو لا يزال على قيد الحياة، حتّى إذا غاب عنهم لم يقبل المسلمون بقائد ينقلب عليهم بقوّة السلاح أو يصل إلى سدّة الحكم بغير رضى منهم.

لمّا انطلق الجيش الإسلاميّ من المدينة، بلغت الأخبار هرقلَ فجمع لهم مئتي ألف مقاتل؛ مئة ألف جمعهم هو ومئة ألف جمعهم شرحبيل بن عمرو؛ فلكَ أن تتخيّل أن تكون المواجهة بين ثلاثة آلاف مقاتل مقابل مئتي ألف مقاتل وعلى الأرض التي يخبرونها جيدا ويعرفونها تماما بينما لم يختبرها المسلمون من قبل.

وعندما بدأت المعركة في مؤتة، في مسافة تتجاوز ألف كيلومتر عن المدينة المنوّرة، جمع النّبيّ صلى الله عليه وسلّم مَن بقي مِن أهل المدينة في المسجد، ووقف على المنبر، وبدأ ينقل وقائع المعركة في بثٍّ حيّ ومباشر، وأخذ يحدّث النّاس عمّا يبذله الصّحب الكرام في هذه الملحمة، ونعى على المنبر قادة الجيش الثلاثة الذين كانوا في مقدّمة شهداء المعركة، وهو يبكي صلى الله عليه وسلم على المنبر.

أخرج البخاريّ في صحيحه، قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أخذ الرّاية زيدٌ فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب -وعيناه تذرفان- ثم أخذها سيفٌ من سيوف الله حتّى فتح الله عليهم".

وقال ابن حجر: "وقع في المغازي لموسى بن عقبة -وهي أصحّ المغازي- قوله: ثمّ أخذ اللواء عبد الله بن رواحة فقُتل، ثمّ اصطلح المسلمون على خالد بن الوليد؛ فهزم الله العدوّ وأظهر المسلمين".

لقد نقل رسول الله صلى الله عليه وسلّم هذه المعركة على خلاف غيرها من السرايا لأهميّتها وعظيم أثرها وعظيم ما فيها من الفداء والتّضحية، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه الشّهداء، وبكاؤه لا يتنافى مع الرّضى بل هو شفقة القلب ورحمة الإنسان الكامل، كما أنّ في هذا البثّ تسجيلَ فضيلة لخالد بن الوليد رضي الله عنه؛ فهو في هذا اليوم تمت تسميته سيف الله المسلول، وهو لقب سيصاحبه إلى قيام الساعة تشريفا وتكريما.

لم تكن هذه كلّ تفاصيل تلك الغزوة التي استمرّ القتال فيها ثلاثة أيّام، وانتهت باستشهاد اثني عشر رجلا من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم بينهم قادة الجيش الثلاثة، وسجّل فيها خالد بن الوليد انتصارا حقيقيّا على الرّوم بحنكته وعبقريّته العسكريّة؛ إنّما هي شذراتٌ في ذكرى المعركة، وتطوافٌ على أمنياتٍ عظيمة للرّجال الكبار، ولفت للأنظار إلى بثٍّ مباشر من نوعٍ مختلف في زحمة البثّ المباشر هذه الأيّام؛ وفي ظلال رحيل القادة الكبار الذين تعاقبوا على قيادة المقاومة مؤكدين أنه لن تسقط القلاع ولن تخترق الحصون، فلعلّها ذكرى تنفع من كان له قلبٌ أو ألقى السّمع وهو شهيد.

x.com/muhammadkhm

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه القيادة الاختيار الاسلام الاختيار القيادة الرضى سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رسول الله صلى الله علیه وسل صلى الله علیه وسل م صلى الله علیه وسلم فإن ق تل

إقرأ أيضاً:

12 ركعة واظب عليها النبي وتبني لك بيتًا في الجنة.. لا تفوت أجرها

يغفل كثيرون من المسلمين عن ثواب وأجر 12 ركعة تعد من الكنوز العظيمة في العبادة ولا تتطلب جهدًا كبيرًا، لكنها تفتح أبواب الرحمة وتُعلي منازل العبد عند ربه وهي السنن الرواتب، وهي الصلوات التي واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم قبل أو بعد صلاة الفريضة.

وفي هذا السياق، أكد الدكتور علي فخر، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أن السنن الرواتب المؤكدة في الصلوات الخمس اليومية، هي سنن عظيمة الثواب وكان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب عليها ولا يتركها.

وقال أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، إن "سنن الصلاة المؤكدة هي اثنتان قبل الفجر، وأربع قبل الظهر واثنتان بعده، واثنتان بعد المغرب، واثنتان بعد العشاء، وهذه هي الركعات التي يُطلق عليها السنن الرواتب المؤكدة التي واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم".

واستشهد على ثواب السنن الرواتب، بالحديث الشريف الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من صلى في اليوم والليلة اثنتي عشرة ركعة تطوعًا، بُني له بيت في الجنة"، مؤكدًا أن هذا فضل عظيم لمن يداوم على هذه الركعات اقتداءً برسول الله.

ماذا يفعل من فاتته السنن الرواتب؟

يُسنُّ المحافظة على أداء السنن الراتبة في أوقاتها المحددة، فإن خَرَج وقتها فالمختار للفتوى أنه يجوز للمسلم أن يقضيها بعد ذلك، في أيِّ وقتٍ من غير حدٍّ -إلَّا أن يكون وقت كراهة-، وسواء كانت الفائتة الفجر أم غيرها من الرواتب.

الإفتاء توضح حكم قصر الصلاة للمسافر من العريش إلى القاهرة لمدة 5 أيامأقصى مدة لـ قصر الصلاة أثناء السفر.. الإفتاء توضححكم دعاء الاستفتاح في الصلاة وسبب الاختلاف حول صيغتههل تقبل صلاتي بدون خشوع وتركيز؟.. أمين الإفتاء يجيب

وأوضحت الإكثار من النوافل سببٌ لمحبة الله تعالى؛ ففي الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري في "صحيحه" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ».

ومن هذه النوافل التي رغَّب سيدنا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم في المواظبة عليها: السنن الرواتب التابعة للصلوات المفروضة، وجملتها اثنتا عشرة ركعة عند الحنفية؛ وهي: أربع ركعات قبل صلاة الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد صلاة المغرب، وركعتان بعد صلاة العشاء، وركعتان قبل صلاة الفجر؛ ومجموعها اثنتا عشرة ركعة.

وأَمَّا الشافعية والحنابلة فمقدارها عندهم عشر ركعات: ركعتان قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر.

ويرى المالكية أنه لا حَدَّ للسنن الرواتب. ينظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (1/ 284، ط. دار الكتب العلمية)، و"مواهب الجليل" للحطاب (2/ 66-67، ط. دار الفكر)، و"المجموع شرح المهذب" للإمام النووي (4/ 7، ط. دار الفكر)، و"المغني" للشيخ ابن قدامة (2/ 93، ط. مكتبة القاهرة).

فعن أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها أنَّها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ إِلاَّ بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ أَوْ إِلاَّ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ» رواه مسلم.

وفي روايةٍ للترمذي والنسائي في "السنن": «مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ: أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ».

كما خصَّ سيدنا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم بعض هذه الرواتب بالتَّأكيد والترغيب، كنافلة الفجر؛ فعن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» رواه مسلم.

وعنها قالت: «لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُدًا عَلَى رَكْعَتَي الْفَجْرِ» متفق عليه.

وكان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحرص على أن يصلِّي أربعًا قبل الظهر، فإذا لم يصلِّهنَّ قبل الظهر صلَّاهن بعدها؛ فقد روى الإمام الترمذي في "سننه" عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إِذا لم يُصَلِّ أربعًا قبل الظهر صلَّاهنَّ بعده.

قال العلامة الحسين بن محمود المظهري في "المفاتيح في شرح المصابيح" (3/ 137، ط. دار النوادر): [من أدَّى فرائض الله تعالى يحبُّه الله، ومن أدَّى الفرائض والنوافل يزيد حبُّ الله له، فبقدر ما زاد من النوافل يزيد حبُّ الله له، حتى صار عبدًا مُخلصًا مرضيًّا لله تعالى] اهـ.

طباعة شارك السنن الرواتب السنن أمين الفتوى دار الإفتاء الإفتاء صلاة الفريضة السنن الرواتب المؤكدة النبي 12 ركعة

مقالات مشابهة

  • ماذا يسمع الموتى في قبورهم؟.. الإفتاء: 5 أشياء وينتفعون بـ3 كلمات
  • سنن الأضحية.. مايستحب فعله عند الذبح
  • خطيب المسجد النبوي: سيرة النبي محمد رحلة مفعمة بالدروس
  • خطيب المسجد النبوي: سيرة النبي محمد دستور يصلح حال البشرية كلها
  • خطبتي الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • ما حكم ترك صلاة الجمعة بدون عذر.. اعرف الرأي الشرعي
  • «أرملته ولا طليقته؟».. المعركة تحتدم بين ورثة محمود عبد العزيز وبوسي شلبي
  • 12 ركعة واظب عليها النبي وتبني لك بيتًا في الجنة.. لا تفوت أجرها
  • قراءة في كتاب «المسلمون ونصرة قضايا الأمة.. أحكام وضوابط» للدكتور سالم عبد السلام الشيخي
  • قبل العيد.. تعرف على شروط الأضحية والمضحي