خان يونس - خاص صفا

بعد أشهرٍ من شعورهم بنوع من الاستقرار.. تأتي عقارب الساعة على تمام السادسة من صباح الحادي عشر من أغسطس؛ لتبدد ذاك الشعور، بعد اتصالٍ هاتفي تلقاه سكان مدينة حمد السكنية شمال غربي مدينة خان يونس يطالبهم بالإخلاء الفوري.

هرول السكان مفزوعين من نومهم من داخل ما تبقى من بنايات غير مدمرة داخل المدينة الحضارية الأجمل جنوبي القطاع؛ دون أن يحملوا مهم شيئاً؛ ظنًا منهم أن ذاك الإخلاء يقتصر على عملية قصف لشقة أو بناية.

ما هي سوى دقائق حتى ألقت مقاتلات حربية إسرائيلية قنابل على بنايات من المدينة؛ فانهارت شقق سكنية بالكامل، تصاعد الدخان الكثيف وتناثرت الحجارة فوق رؤوس من لم يخرجوا بعد من داخل تلك البنايات ومحيطها، ليصاب بعضهم، وآخرون من النساء والأطفال لم يتوقفوا عن الصراخ خوفًا.

قلوبٌ وأيد ترتجف، ودقات قلب متسارعة تتنظر من يهدئ روعتها؛ لكنها تلك الخريطة قاتمة اللون؛ الصادرة عن جيش الاحتلال وبها أسهمٌ حُمر بالإخلاء لجميع سكان المدينة؛ زاد من تلك الرجفات والبكاء والصراخ والتوتر.

فذاك هرول ليحمل فرشة وغطاء ليهرب به؛ وأمه احتضنت طفليها الغارقين في البكاء والصراخ حفاة القدمين؛ وشاب يافع يدفع بعربة تحمل والده الطاعن في السن، وآخرون استغلوا الفرصة لنقل بعض قوارير المياه وبعض الخبز وشوالات الدقيق؛ أما المحظوظ فيهم فحمل لوحًا من الطاقة الشمسية يستخدمه في شحن الهواتف لنفسه ولجيرانه.

ما هي سوى سويعات حتى تحولت تلك المدينة ومحيطها لمكانٍ أشبه بالخالي؛ فحملتهم خطواتهم للنزوح القسري والجماعي لمنطقة المواصي الساحلية التي يعتقدون أنها أفضل حالاً غربي المدينة، في مشهدٍ يعيد نفسه لمرات قد تصل للعاشرة سواء للسكان الأصليين أو للنازحين للمدينة.

لطالما عرفت مدينة حمد المشيدة حديثا أنها مدينة في قلب مدينة؛ المدينة الوادعة الهادئة بسكانها الذين تفرقت بهم السبل سنينا بفقد منازلهم في حروب إسرائيلية سابقة وجمعتهم أروقة "حمد" ليقضوا ما تبقى من سنين حياتهم فيها.

لكن جيش الاحتلال لم تروقه تلك الوداعة التي هنئ بها سكان حمد لأعوام، ليحول بفوهات دباباته ومقذوفات طائراته وحمم مدفعياته، أبراج المدينة البنية اللون إلى هياكل أعمدة إسمنتية بلا أسقف تارة وبلا جدران تارة أخرى؛ أو حتى إلصاق أسطحها بقواعدها الأرضية لتكون كومة من الحجارة تخفي تحتها آلافا من الذكريات الجميلة التي عاشها أهل "حمد".

وتعرضت مدينة حمد التي يقطنها ما يزيد عن 5 آلاف نسمة لعملية عسكرية في إبريل/نيسان الماضي تسببت في تدمير عدد من البنايات السكنية؛ فيما استشهد وأصيب المئات من سكانها في قصف مدفعي وجوي لشقق سكنية.

وتعتبر منطقة "حمد" مأوى لآلاف النازحين داخل ومحيط المدينة؛ خاصة النازحين من مدينة غزة وشمالي القطاع ومدينة رفح جنوبًا.

وتشهد المناطق الشرقية لخان يونس منذ أربعة أيام ثالث عملية عسكرية خلال حرب الإبادة على قطاع غزة؛ تسببت في استشهاد وإصابة المئات وتدمير بنى تحتية ومباني سكنية بعضها مدمر جزئيًا.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: مدينة حمد طوفان الاقصى حرب غزة مدینة حمد

إقرأ أيضاً:

صور تظهر نسف الاحتلال لأحياء سكنية في تل الزعتر بمخيم جباليا

29/5/2025

مقالات مشابهة

  • العدو الصهيوني ينذر سكان خان يونس بإخلاء مناطقهم
  • إعلان بلدية خزاعة جنوبي غزة «منطقة منكوبة» بعد تدمير الاحتلال لجميع المباني
  • بلدية خزاعة تعلنها «منطقة منكوبة» بعد تدمير الاحتلال الإسرائيلي لجميع المباني والبنى التحتية
  • مستنقعات الصرف الصحي في زنجبار بـ أبين تهدد سكان المدينة بالأوبئة
  • عاجل | مراسل الجزيرة: شهيدان ومصابون إثر قصف إسرائيلي مركبة مدنية في بلدة عبسان الكبيرة شرقي مدينة خان يونس
  • عاجل | مصدر عسكري سوداني: الدعم السريع تقصف بالمدفعية الثقيلة أحياء سكنية في مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان
  • السودان.. ميليشيا الدعم السريع تقصف أحياء سكنية في مدينة الأبيض
  • الحبس عامين لحارس عقار سرق شقة سكنية في مدينة نصر
  • صور تظهر نسف الاحتلال لأحياء سكنية في تل الزعتر بمخيم جباليا
  • مراحل عربات جدعون التي أقرها نتنياهو لتهجير سكان غزة