عربي21:
2025-05-15@16:16:45 GMT

حرية التعبير.. ليس لفلسطين!!

تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT

إن الدعم الألماني الثابت وغير المشروط لإسرائيل، وخاصة خلال حرب إبادتها الجماعية في غزة، يشكل مثالا واضحا على المعايير المزدوجة التي تتخلل سياستها الخارجية ونهجها في التعامل مع حرية التعبير. فعلى مدى عقود من الزمان، وقفت ألمانيا بثبات إلى جانب إسرائيل، فلم تقدم لها الدعم الدبلوماسي فحسب، بل وأيضا المساعدات العسكرية الكبيرة، حتى في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل اتهامات خطيرة بارتكاب أعمال تصنفها محكمة العدل الدولية والمجتمع الدولي بالإبادة الجماعية في غزة.

فرغم هذه المجازر والجرائم ضد الإنسانية فإن دعم ألمانيا لا يزال ثابتا لا يلين. وهذا يثير تساؤلات مهمة حول الطبيعة الحقيقية لالتزام ألمانيا بحقوق الإنسان، وخاصة عندما يبدو أن مثل هذه المبادئ تُطبق بشكل انتقائي.

في الحقيقة، تزداد القضية تعقيدا عند فحص السياسات المحلية الألمانية، وخاصة حظرها الصارم للمظاهرات المؤيدة للفلسطينيين. والواقع أن التبرير الرسمي لهذا الحظر، الذي يستشهد بالمخاوف بشأن معاداة السامية المحتملة والسلامة العامة، يبدو أجوف وواهيا، حيث أن هذه الحجج تخدم كذرائع لإسكات الأصوات المعارضة التي تتحدى السرد الذي تدعمه ألمانيا على الساحة الدولية.

إن قمع حرية التعبير ليس مجرد تجاوز بيروقراطي؛ بل إنه يمثل انتهاكا أساسيا للحقوق التي تدعي ألمانيا أنها تدعمها، كما أن التنفيذ الانتقائي لهذه الحقوق، استنادا إلى الحساسيات السياسية المحيطة بإسرائيل، يكشف عن تناقض مقلق في كيفية تفسير ألمانيا وتطبيق معاييرها القانونية والأخلاقية الخاصة بها.

أشعل الحظر المفروض على المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين عاصفة من الجدل، سواء داخل ألمانيا أو خارجها. وأشار الناشطون والمدافعون عن حقوق الإنسان إلى أن الحركات السياسية الأخرى، حتى تلك التي لها تاريخ في الترويج لخطاب الكراهية، لم تواجه قيودا مماثلة
أشعل الحظر المفروض على المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين عاصفة من الجدل، سواء داخل ألمانيا أو خارجها. وأشار الناشطون والمدافعون عن حقوق الإنسان إلى أن الحركات السياسية الأخرى، حتى تلك التي لها تاريخ في الترويج لخطاب الكراهية، لم تواجه قيودا مماثلة. يشير هذا التناقض إلى أن نهج ألمانيا لحرية التعبير ليس مبدئيا وثابتا كما تدعي، بدلا من ذلك، يبدو أنه يتشكل من خلال الاعتبارات السياسية التي تعطي الأولوية لتحالفات معينة على التطبيق الشامل لحقوق الإنسان. هذا القمع الانتقائي يفعل أكثر من خنق المعارضة؛ إن ألمانيا تعمل بنشاط على منع السردية الفلسطينية المسالمة من اكتساب موطئ قدم في الخطاب العام، وبذلك تقوض ألمانيا مبادئ حرية التعبير والنقاش الديمقراطي التي تدعي الدفاع عنها.

ويصبح الموقف أكثر إزعاجا عندما نفكر في تصرفات وزيرة التعليم والبحث الألمانية، السيدة بيتينا ستارك واتزينجر، وهي شخصية بارزة في الحزب الديمقراطي الحر، حيث تورطت ستارك واتزينجر في جدال كبير بعد محاولتها منع الدعم المالي والبحثي للأكاديميين الذين عبروا عن تضامنهم مع الطلاب المدافعين عن حقوق الفلسطينيين. اندلع الجدل على الملأ عندما وقع ما يقرب من 200 أستاذ ومحاضر رسالة احتجاجية على تصرفات بعض عمداء الجامعات في برلين. قام هؤلاء العمداء، بالتعاون مع الشرطة، بتفكيك معسكرات الاحتجاج -بالقوة في بعض الأحيان- في مؤسسات بارزة مثل جامعة برلين الحرة. لم تكن رسالة الأكاديميين، التي أكدت على الحق في التجمع السلمي للطلاب، بالضرورة تأييدا مباشرا للقضية الفلسطينية، بل دفاعا عن المبادئ الديمقراطية الأساسية. إن موقفهم يسلط الضوء على التوترات المتزايدة في ألمانيا بشأن الحرية الأكاديمية والتعبير السياسي، والنفوذ المتزايد والقامع للحريات من قبل الحكومة.

وقد تصاعد الموقف أكثر عندما تم تسريب رسائل إلكترونية داخلية من وزارة التعليم والبحث الألمانية إلى وسائل الإعلام. وقد حصلت مجلة بانوراما التلفزيونية الشهيرة على هذه الرسائل الإلكترونية، وكشفت عن مدى تورط الحكومة في محاولة قمع المعارضة الأكاديمية. وقد أدى هذا الكشف إلى تكثيف المناقشة، مما أدى إلى دعوات واسعة النطاق لاستقالة ستارك واتزينجر. ويؤكد رد الفعل العام على الانقسامات العميقة داخل ألمانيا حول كيفية حماية حرية التعبير والاستقلال الأكاديمي، وخاصة عندما تتعارض هذه الحريات مع أجندة السياسة الخارجية للحكومة.

قمع الأصوات المؤيدة للفلسطينيين وقمع المعارضة الأكاديمية يسلط الضوء على نهج انتقائي لحقوق الإنسان وحرية التعبير، مما يقوض أسس المجتمع الديمقراطي. إن هذا التطبيق الانتقائي للحقوق لا يخنق الخطاب المشروع فحسب، بل يكشف أيضا عن تناقض عميق في الموقف الأخلاقي لألمانيا، حيث تعطي الأولوية للتحالفات السياسية
وإضافة إلى الجدل السابق، أصدرت ألمانيا تحذيرا عجيبا لكل من المواطنين الألمان والمهاجرين، مهددا بعواقب وخيمة -بما في ذلك السجن- لأولئك الذين يعرضون أي شكل من أشكال الدعم المعنوي لشعب غزة. وقد تعرض هذا الموقف القاسي لانتقادات واسعة النطاق باعتباره تجاوزا لسلطة الحكومة وتهديدا مثيرا للقلق للحريات المدنية. وقد أدت هذه التحركات غير المسؤولة للحكومة الألمانية إلى تعميق الشعور بالقلق بين العديد من الألمان، الذين يخشون أن تكون حكومتهم على استعداد متزايد للتضحية بالحريات الأساسية لصالح كيان يرتكب مجازر جماعية بحق أطفال أبرياء في غزة بشكل يومي.

ختاما، إن تحركات ألمانيا، سواء على المستوى المحلي أو في دعمها الثابت لإسرائيل أثناء حربها المستمرة على غزة، تكشف عن تآكل للمبادئ التي تدعي أنها تدافع عنها. إن قمع الأصوات المؤيدة للفلسطينيين وقمع المعارضة الأكاديمية يسلط الضوء على نهج انتقائي لحقوق الإنسان وحرية التعبير، مما يقوض أسس المجتمع الديمقراطي. إن هذا التطبيق الانتقائي للحقوق لا يخنق الخطاب المشروع فحسب، بل يكشف أيضا عن تناقض عميق في الموقف الأخلاقي لألمانيا، حيث تعطي الأولوية للتحالفات السياسية على التطبيق الشامل للعدالة والكرامة الإنسانية.

إن السخط المتزايد بين الجمهور الألماني، والذي أشعلته التدابير الاستبدادية المتزايدة التي اتخذتها الحكومة، يعتبر بمثابة تذكير بأن قمع المعارضة باسم المصلحة السياسية والدعم لكيان لا يعرف سوى الإجرام؛ هو مسار خطير يهدد القيم الأساسية للديمقراطية ويهين شعورنا الإنساني.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حرية التعبير إسرائيل القمع الفلسطينية المانيا إسرائيل فلسطين حرية التعبير القمع مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المؤیدة للفلسطینیین حریة التعبیر

إقرأ أيضاً:

بينما الجوع يفتك بغزة.. أنظمة خليجية تغدق المليارات على ترامب وتُدير ظهرها لفلسطين

وبينما كان ترامب في طريقه للرياض، استبقت قطر وصوله بالإعلان عن شراء طائرة فاخرة بقيمة 400 مليون دولار كهدية شخصية له، في مشهد يعكس حالة الانسلاخ الأخلاقي والتبعية العمياء لقوى الاستكبار العالمي، فمبلغ كهذا كان كفيلاً بإغاثة آلاف العائلات الفلسطينية المحاصرة في غزة، أو علاج الجرحى، أو إعادة إعمار ما دمره العدو الصهيوني، لكن المال السعودي والقطري والإماراتي اختار طريق الخضوع وشراء الولاءات.

وفي امتدادٍ لهذا الانحدار السياسي، لم تكتف تلك الأنظمة بإغداق أموالها على ترامب وأمثاله، بل ترافق ذلك مع أداء إعلامي مأجور يعمل على تزييف الوعي وتلميع صورة التطبيع مع الكيان الصهيوني، متجاهلًا الجرائم اليومية التي ترتكب بحق النساء والأطفال تحت الحصار والقصف، ما يجعله شريكاً أساسياً في المؤامرة لا مجرد متفرج صامت.

طفل يُحمّل جثمانه في كيس بلاستيكي، وأم تنادي أبناءها تحت الركام، ومشفى بلا وقود أو دواء، هكذا يبدو المشهد في غزة اليوم، في ظل صمت عالمي، وتخاذل أممي وخيانة عربية، وإغلاق كامل لكل المنافذ، فيما تغدق عدد من العواصم الخليجية أموالها على قاتل الشعوب ومدّمر الأوطان.

وفي وقت كان ترامب يجري صفقات الابتزاز مع ولي عهد السعودية، كان المجرم بنيامين نتنياهو يطلق تهديدات جديدة باجتياح غزة، ويكشف عن تحركات تفاوضية مع دول أجنبية لترحيل سكان القطاع، في مؤشر واضح على نية الاحتلال المجرم تنفيذ مخطط التهجير القسري، باستخدام الحصار والتجويع كأدوات ضغط لتحقيق مكاسب سياسية وأمنية.

وفي ظل التواطؤ المكشوف وتكامل الأدوار بين العدو الصهيوني والداعمين له من بعض الأنظمة الخليجية، جاءت عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر 2023، كرد فلسطيني وطني جامع على غطرسة الكيان الغاصب، غير أن الأنظمة العربية العميلة أظهرت انحيازها السافر ضد المقاومة، متهمة إياها بالتمرد، ومتناسية أن هذه العملية انطلقت من منطلق وطني لا يختزل في فصيل أو جهة.

لقد أثبتت الأحداث أن من يعادي المقاومة، إنما يقف في صف العدو الصهيوني، حتى وإن ارتدى عباءة العروبة، فالمقاومة اليوم، بما تمتلكه من إرادة وشعبية وامتداد، لم تعد بحاجة لتصاريح الأنظمة، بل هي صوت الشعوب الرافضة للوصاية والهيمنة.

على النقيض من ذلك، كانت الجمهورية اليمنية قيادة وشعباً في طليعة الداعمين للمقاومة، منذ اللحظة الأولى، عبر الدعم السياسي والإعلامي والعسكري، بما في ذلك فرض حظر بحري شامل على السفن الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي، وخليج عدن، ما أدى إلى شلل ميناء "أم الرشراش" الصهيوني وتسجيل خسائر فادحة للعدو وصلت حد إعلان إفلاسه.

 لم يتوقف الدور اليمني عند ذلك الحد، إنما واصلت القوات المسلحة اليمنية توجيه ضربات صاروخية وجوية نوعية على أهداف عسكرية إسرائيلية داخل الأراضي المحتلة، ما أجبر العدو على القبول باتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته قوى المقاومة، واشترط اليمن فيه تنفيذ كامل البنود دون خداع أو مراوغة.

ومع تنصل العدو من بنود الاتفاق وعودته لتصعيد عدوانه، انتقلت القوات المسلحة اليمنية إلى المرحلة الثانية من الردع، التي شملت إعلان حظر الملاحة الجوية في مطار "بن غوريون"، وهو ما مثل صدمة اقتصادية وأمنية كبرى لكيان الاحتلال.

التداعيات السريعة لإعلان الحظر الجوي طالت شركات الطيران والسياحة والاستثمار، وأربكت الداخل الإسرائيلي، وأثبتت للعالم أن المقاومة لم تعد محصورة داخل حدود فلسطين، بل بات لها عمق استراتيجي يمتد من اليمن إلى كل نقطة مقاومة حرة في الأمة.

تأتي زيارة ترامب إلى المنطقة - بحسب محللين سياسيين - في إطار استجداء المال الخليجي، لتعويض الفشل الأمريكي في إخضاع اليمن، وتراجع الهيمنة في البحر الأحمر، وفقدان القدرة على حماية حلفائه، وليست هذه الزيارة كما يُروج الإعلام الغربي والعربي بأنها جولة دبلوماسية، بل هي حملة ابتزاز علني، تمارسها واشنطن على أنظمة فقدت قرارها السيادي.

ويؤكد المحللون، أن هذه الزيارة، ليست مدفوعة برغبة في حل القضايا العالقة أو البحث عن مخرج للقضية الفلسطينية، وإنما جاءت في سياق سعيه للحصول على مليارات الدولارات من السعودية وقطر والإمارات، لترميم صورة أمريكا المتداعية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، والحفاظ على ما تبقى من نفوذها في المنطقة.

 فترامب لا يزور الخليج لحل نزاعات، بل لصب الزيت على النار، وضمان استمرار التوترات التي تبقي سوق السلاح مفتوحاً، والمليارات الخليجية تحت الطلب، في ظل غياب مشروع وطني لدى تلك الأنظمة سوى البقاء تحت حماية البيت الأبيض.

في مقابل هذا الانهيار الأخلاقي والسياسي، يبرز موقف اليمن كصوت حر شجاع ونموذج صادق في دعم القضية الفلسطينية، ليؤكد أن زمن الخضوع والارتهان قد ولّى، وأن الكلمة العليا ستكون للشعوب الحرة لا للأنظمة المأجورة.

ما يجري اليوم هي معركة كرامة وهوية وقرار، تتكشف فيها المواقف وتصاغ فيها المعادلات، واليمن في قلب هذه المواجهة يتحرك بثبات من منطلق إيماني وشعبي أصيل، يرى في فلسطين القضية المركزية للأمة، ويجسد بخياراته وفعله الواعي موقفاً راسخاً لا تحكمه الحسابات المؤقتة، بينما تمضي السعودية وقطر والإمارات في تسخير ثرواتها لصالح أعداء الأمة وتحويلها إلى صناديق تمويل للعدوان، غافلة عن أن الشعوب تُدرك وتُسجّل، وأن المرحلة المقبلة تُبنى فيها المواقف بالانحياز الصادق لقضايا الأمة وفي مقدمتها فلسطين.

سبأ

مقالات مشابهة

  • ترامب يقول إنه يريد أن تأخذ الولايات المتحدة غزة وتحولها إلى منطقة حرية
  • بينما الجوع يفتك بغزة.. أنظمة خليجية تغدق المليارات على ترامب وتُدير ظهرها لفلسطين
  • زعيم المعارضة بدولة الاحتلال : ترامب سئم من رئيس الحكومة نتنياهو
  • السلطات التنزانية تعتقل أحد رموز المعارضة وتمنعه من السفر
  • بنسعيد: حرية التعبير في المغرب حققت خطوات مهمة والقانون ألغى السجن في حق الصحافيين
  • زعيم المعارضة التركية: لسنا جزءًا من إعداد الدستور الجديد
  • المسطرة الجنائية.. الحكومة توافق على 28% من تعديلات الأغلبية و9% فقط من تعديلات المعارضة
  • مؤيدون لفلسطين يتظاهرون في فعاليات يوروفيجن.. مطالبات باستبعاد الاحتلال
  • ابو رغيف يبحث مع إعلاميين آليات تعزيز حرية التعبير والحد من التجييش الطائفي    
  • البابا الجديد يدعو لإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين ويشيد بحرية التعبير