الحكومة العراقية تسعى لتخطّي مواجهة بين واشنطن والفصائل
تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT
بغداد- تواجه الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني تحديات في إدارة علاقاتها مع واشنطن التي لا تزال تحتفظ بقواعد عسكرية وأعداد من جنودها داخل البلاد، في خضم قرار رسمي يقضي بإخراج القوات الأجنبية واندلاع مواجهات محدودة من حين إلى آخر بين القوات الأميركية وفصائل مسلحة محسوبة على إيران.
واتباعا لنهج سابقاتها، عملت حكومة السوداني على تقريب وجهات النظر ورفض أي اعتداء من أي طرف على الآخر في معادلة التوازن بين القوات الأميركية والفصائل المسلحة التي تنضوي تحت هيئة الحشد الشعبي التي تعد مؤسسة حكومية بحسب القانون.
ورغم أن وتيرة المواجهات تراجعت تراجعا كبيرا منذ بداية عام 2024، فإن قاعدة عين الأسد التي تضم قوات أميركية تعرضت لـ3 هجمات في الأيام الأخيرة، وكان الرد الحكومي في جميعها واضحا بضرورة ضبط النفس وعدم الانجرار إلى صراع مباشر بين جميع الأطراف.
وتم تأكيد هذا الأمر من خلال اتفاق رئيس الحكومة محمد شياع السوداني ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال اتصال هاتفي في الرابع من أغسطس/آب الجاري بحسب ما أعلن مكتب السوداني في بيان أكد "بذل العراق جهودا أكبر لضبط التهدئة سواء في ما يتعلق بالداخل العراقي أو الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والأوضاع في غزة".
تعديل الإطار الإستراتيجيوتبقى خطوات حكومة السوداني في تعديل اتفاقية الإطار الإستراتيجي المبرمة عام 2007 بين واشنطن وبغداد هي الحل الأمثل الذي تعتقد أنه الطريق لإنهاء الصراع أو استخدام الأراضي العراقية لتصفية حسابات إقليمية بين واشنطن وطهران.
وهو ما أشار إليه المتحدث باسم الجيش العراقي اللواء يحيى رسول، في بيان بتاريخ 12 فبراير/شباط الماضي، من خلال تأكيده أن الاجتماعات تتواتر بصورة دورية لإتمام أعمال اللجنة المكلفة بوضع صياغة جديدة للاتفاق بالسرعة الممكنة، "طالما لم يعكر صفو المحادثات شيء".
وبحسب إحصائيات غير رسمية، فإن عدد القوات الأميركية في العراق كان في بداية الغزو في عام 2003 نحو 130 ألفا، وبقي طوال سنوات متذبذبا بين 100 ألف و150 ألفا، إلا أنه عاد للارتفاع إلى نحو 170 ألفا مع اشتداد وتيرة العنف في 2007. ومع نهاية 2011 أنهت أميركا غزوها للعراق في عهد الرئيس باراك أوباما، وسحبت قواتها من البلاد، باستثناء عدد قليل من المستشارين العسكريين.
ولكن مع اجتياح تنظيم الدولة لأجزاء واسعة من العراق في عام 2014، ضاعفت واشنطن قواتها لتبلغ أكثر من 5 آلاف عنصر، قبل أن تخفضها مجددا إلى 3 آلاف في عام 2021، ثم إلى نحو 2500 في العام الجاري.
معادلة متقاربة
عضو مجلس النواب العراقي والقيادي السابق في الحشد الشعبي علاء الحيدري قال -في حديث للجزيرة نت- إنه بعد حادثة اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس كان هناك قرار سياسي وبرلماني بإخراج القوات الأجنبية، مشددا على "أننا لسنا بحاجة إلى مستشارين أو مقاتلين، وقواتنا الأمنية على أتم جاهزيتها للدفاع عن العراق وحماية أمنه وسيادته".
ولا توجد أرقام صادرة عن جهات رسمية تحدد عدد عناصر الحشد الشعبي بدقة، بينما تشير التقديرات إلى أنها لا تزيد على 169 ألف منتسب، وتشير أرقام أخرى إلى تجاوز أعداد منتسبيه 200 ألف عنصر.
وبحسب الباحث في الشأن السياسي حيدر حميد، "توجد القوات الأميركية في أماكن مختلفة داخل العراق من بينها قاعدة فيكتوريا قرب مطار بغداد الدولي، وقاعدة عين الأسد في الأنبار التي تمثل أكبر قواعدها في العراق، إضافة إلى قاعدة حرير بمحافظة أربيل، وأخيرا السفارة الأميركية في بغداد".
وقال حميد -في حديث للجزيرة نت- إن "تكتيكات وعوامل سياسية ومجتمعية متعددة وقوة القرار داخل البيت الشيعي أعطت لفصائل المقاومة تأثيرا واضحًا على حضور القوات الأميركية في العراق من خلال الصواريخ أو الطائرات المسيرة"، مستبعدا "رغبة واشنطن في توسيع رقعة الصراع مع تلك الفصائل خلال هذه الفترة".
وشدد على أن "الفصائل قادرة على استهداف القوات الأميركية في أي نقاط توجد فيها وذلك لامتلاكها خرائط دقيقة لمناطق تمركز تلك القوات".
واستدرك حميد قائلا "لا يمكن إنكار حقيقة وجود فروق في حجم الترسانة الحربية ونوعيتها بين الجيش الأميركي وفصائل المقاومة، لكن الأسلوب والتكتيكات المستخدمة من الفصائل تجعل المعادلة متقاربة وحجم التأثير متبادلا".
هدنة سريةويكشف الباحث والأكاديمي جليل اللامي أن جهود السوداني أسفرت عن تمديد الهدنة بين الفصائل المسلحة والجانب الأميركي سرا لضمان الابتعاد عن التصعيد بين الطرفين، مؤكدا أن حكومة السوداني نجحت في "إمساك العصا من الوسط"، بحسب وصفه.
وقال اللامي -للجزيرة نت- إن "الفصائل المسلحة في العراق أبدت رغبتها بوضوح في خروج القوات الأميركية بأي تكلفة، بينما أرادت واشنطن إيجاد اتفاقية جديدة مع حكومة السوداني تشابه اتفاقية الإطار الإستراتيجي وتضمن بقاء قواتها أطول مدة ممكنة في العراق".
وأضاف أن الحكومة استطاعت عقد هدنة بين الطرفين في شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي بالتزامن مع حرب غزة التي امتدت إلى منتصف مايو/أيار الماضي. وتابع أن تلك الهدنة "مددتها بنجاح حكومة السوداني سرا، بغية استمرار المفاوضات وضمان عدم خسارة أي طرف".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات طهران القوات الأمیرکیة فی حکومة السودانی فی العراق
إقرأ أيضاً:
ستيف بانون: حكومة نتنياهو كذبت على ترامب وتُهدد دعم إسرائيل في واشنطن
اتهم ستيف بانون، المستشار السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حكومة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالكذب والخداع، مشيرًا إلى أنها "خانت" الدعم الأمريكي لإسرائيل في وقت حرج تمر به المنطقة بسبب الحرب المتصاعدة في الشرق الأوسط.
تصريحات نارية في بودكاست "War Room"
وقال بانون خلال حلقة جديدة من بودكاسته الشهير "Bannon’s War Room"، إن الرئيس السابق ترامب قدم الكثير لإسرائيل ووقف إلى جانبها رغم الضغوط الداخلية التي يواجهها في واشنطن، لكنه فوجئ بما وصفه بـ "خيانة نتنياهو" و"كذب متعمد" من الحكومة الإسرائيلية.
وأضاف بانون موجهًا حديثه لحكومة نتنياهو: "هل لديكم الجرأة بعد كل ما فعله ترامب من أجلكم أن تكذبوا عليه؟ لقد طلب منكم التهدئة، فما كان منكم إلا أن رفضتم وألقيتم عليه الأكاذيب ذاتها التي سمعناها مرارًا".
وأشار بانون إلى أن الرئيس السابق شعر بغضب شديد، مضيفًا: "لم أره يومًا بهذه الحالة، رجل نام ساعات معدودة، واستقل طائرة لساعات لحضور قمة الناتو في ظل أزمات مشتعلة، ثم يجلس مع حكومة لا ترد له إلا بالخداع والكذب؟".
وفي هجوم ساخر، شبّه بانون الإعلاميين الإسرائيليين الذين دافعوا عن نتنياهو بـ "بغداد بوب" – وزير الإعلام العراقي إبان حرب العراق – المعروف بإنكاره للحقائق، مشيرًا إلى أن مديحهم لترامب لا يعكس موقفهم الحقيقي منه.
وقال: "لا تصعدوا على شاشات التلفزيون الإسرائيلي لتتظاهروا بالثناء عليه، أنتم أظهرتم ما تعتقدونه فعليًا الليلة الماضية".
ووجّه بانون رسالة حادة إلى الداعمين الأمريكيين لإسرائيل، قائلًا: "هذا الوضع يجعل من الصعب الدفاع عن إسرائيل، عندما يكون أعلى مسؤول فيها لا يلعب بنزاهة، إذا كنتم تحبون إسرائيل حقًا وتريدون لها البقاء والازدهار، فعليكم أن تطرحوا الأسئلة الصعبة وتطالبوا بإجابات صادقة".