بزشكيان يدعو لوقف التساهل مع إسرائيل
تاريخ النشر: 27th, June 2025 GMT
أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، اليوم الجمعة، أنه لو بقي "الاعتداء" الإسرائيلي الأخير على بلاده دون رد لكان تسبب في حرب شاملة خارجة عن السيطرة في المنطقة.
كما طالب بزشكيان بوضع حد لما وصفها "سياسة التساهل مع الكيان الصهيوني وانتهاكه الممنهج لحقوق الإنسان"، مشيرا إلى أن إسرائيل نفذت خلال الحرب "عمليات إجرامية" بحق القوات المسلحة الإيرانية وأساتذة الجامعات وعدد كبير من المدنيين.
يأتي ذلك فيما يستعد الإيرانيون لتشييع قادتهم العسكريين وعلمائهم النوويين الذين قتلوا في الحرب التي شنتها إسرائيل واستمرت 12 يوما، غدا السبت في يوم وصف بأنه "تاريخي".
وأقيمت صباح اليوم مراسم تشييع جثمان رئيس جهاز استخبارات الحرس الثوري محمد كاظمي في مدينة مشهد شمال شرقي إيران.
كما جرى أيضا تشييع جثامين عناصر من الحرس الثوري ومدنيين، قتلوا في الهجمات الإسرائيلية الأخيرة.
وقال محسن محمودي، وهو مسؤول ديني في محافظة طهران، للتلفزيون الرسمي اليوم الجمعة "ستقام مراسم قصيرة، ثم تتجه مواكب الشهداء.. إلى ميدان آزادي (الحرية) على مسافة 11 كيلومترا".
وأضاف "غدا سيكون يوما تاريخيا لإيران الإسلامية ولتاريخ الثورة"، مشيرا إلى أنه سيتم تشييع "60 شهيدا".
وأشار محمودي إلى أن رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الإيرانية محمد باقري الذي قتل في اليوم الأول من الحرب، سيدفن مع زوجته وابنته.
وكان باقري أعلى مسؤول في الهيكلية العسكرية وكان مسؤولا أيضا عن برنامج الصواريخ الباليستية تحت سلطة المرشد الأعلى علي خامنئي مباشرة.
وكان خامنئي يترأس الجنازات الرسمية في السابق، لكن لم يتم تأكيد حضوره مراسم التشييع غدا السبت.
يشار إلى أن إسرائيل بدأت حملة جوية غير مسبوقة استهدفت مواقع نووية إيرانية وعلماء وقادة عسكريين في 13 يونيو/حزيران الجاري في محاولة لإنهاء البرنامج النووي الذي تقول إن طهران تسعى من خلاله لتطوير القنبلة الذرية رغم نفي إيران المتكرر لهذه المزاعم.
إعلانوأدت الضربات الإسرائيلية إلى مقتل قادة في القوات المسلحة، من بينهم بعض قادة الحرس الثوري، وحوالي 10 علماء نوويين. كما تسببت في مقتل 627 مدنيا على الأقل، بحسب وزارة الصحة الإيرانية.
أما الهجمات الإيرانية على إسرائيل فأودت بحياة 28 شخصا، وخلّفت مئات المصابين وخسائر مادية كبيرة، بحسب الأرقام والتقارير الرسمية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
الحرب الإسرائيلية الإيرانية القادمة.. هذا موعدها ومساراتها
نشرت مجلة" فورين بوليسي" مقالا لنائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي للحوكمة الرشيدة، تريتا بارسي، تناول الحرب "القادمة" بين إيران وإسرائيل.
وقال بارسي، إن من المرجح أن تشن إسرائيل حربا أخرى على إيران قبل كانون الأول/ ديسمبر - وربما حتى أواخر آب/ أغسطس.
وأضاف، إن إيران تتوقع الهجوم وتستعد له، فلقد انتهجت استراتيجية طويلة المدى في الحرب الأولى، حيث رتّبت هجماتها الصاروخية بما يتوافق مع توقعها لصراع طويل الأمد.
أما في الجولة التالية، فمن المرجح أن تشن إيران هجوما حاسما منذ البداية، بهدف تبديد أي فكرة بإمكانية إخضاعها تحت الهيمنة العسكرية الإسرائيلية.
وأوضح، أنه من المرجح أن تكون الحرب القادمة أكثر دموية بكثير من الأولى. إذا رضخ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للضغوط الإسرائيلية مرة أخرى وانضم إلى القتال، فقد تواجه الولايات المتحدة حربا شاملة مع إيران، مما سيجعل العراق يبدو سهلا بالمقارنة.
ولم تكن حرب إسرائيل في حزيران/ يونيو تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني فحسب، بل كانت تتعلق بتغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط، حيث تُعدّ القدرات النووية الإيرانية عاملا مهما ولكنه ليس حاسما.
وتابع، "لأكثر من عقدين، دفعت إسرائيل الولايات المتحدة إلى اتخاذ إجراء عسكري ضد إيران لإضعافها واستعادة توازن إقليمي إيجابي - وهو ما لا تستطيع إسرائيل تحقيقه بمفردها".
وفي هذا السياق، كان لضربات إسرائيل ثلاثة أهداف رئيسية تتجاوز إضعاف البنية التحتية النووية الإيرانية.
وسعت إلى جر الولايات المتحدة إلى صراع عسكري مباشر مع إيران، وإضعاف النظام الإيراني، وتحويل البلاد إلى سوريا أو لبنان أخرى - دول يمكن لإسرائيل قصفها دون عقاب ودون أي تدخل أمريكي بحسب الكاتب.
وأوضح بارسي، أنه "لم يتحقق سوى هدف واحد من الأهداف الثلاثة. علاوة على ذلك، لم يقضِ ترامب على البرنامج النووي الإيراني، ولم يُعاد إلى نقطة يُمكن اعتبار القضية فيها محلولة".
وبعبارة أخرى، حققت إسرائيل بهجماتها في حزيران/ يونيو نصرا جزئيا في أحسن الأحوال. كانت النتيجة المفضلة لإسرائيل هي أن ينجر ترامب إلى التدخل الكامل، واستهداف القوات التقليدية الإيرانية والبنية التحتية الاقتصادية.
وأردف، "بينما يُفضل ترامب العمل العسكري السريع والحاسم، فإنه يخشى حربا شاملة. وهكذا، صُممت استراتيجيته في مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية للحد من التصعيد بدلا من توسيعه".
وعلى المدى القصير، نجح ترامب ما أثار استياء إسرائيل ولكن على المدى البعيد، سمح لإسرائيل بحصره في دائرة تصعيدية، وكان رفضه التصعيد إلى ما هو أبعد من حملة قصف محدودة سببا رئيسيا لموافقة إسرائيل على وقف إطلاق النار.
ومع استمرار الحرب، تكبدت إسرائيل خسائر فادحة: تدهورت دفاعاتها الجوية، وأصبحت إيران أكثر فعالية في اختراقها بصواريخها، وبينما كان من المرجح أن تواصل إسرائيل الصراع لو التزمت الولايات المتحدة التزاما كاملا، تغيرت الحسابات بمجرد أن اتضح أن ضربات ترامب كانت لمرة واحدة فيما نجحت إسرائيل في جر ترامب والولايات المتحدة إلى الحرب، لكنها فشلت في إبقائهما هناك.
ومع ذلك، كان الهدفان الآخران لإسرائيل إخفاقات واضحة. فعلى الرغم من النجاحات الاستخباراتية المبكرة - مثل قتل 30 من كبار القادة و19 عالما نوويا - إلا أنها لم تتمكن إلا من تعطيل القيادة والسيطرة الإيرانية مؤقتا. ف
وي غضون 18 ساعة، استبدلت إيران معظم هؤلاء القادة، إن لم يكن جميعهم، وأطلقت وابلا صاروخيا كثيفا، مُظهرة قدرتها على استيعاب خسائر فادحة وشن هجوم مضاد شرس.
ووفق الكاتب، فقد أمِلت إسرائيل أن تُثير ضرباتها الأولية الذعر داخل النظام الإيراني وتُعجّل بانهياره.
ووفقا لصحيفة واشنطن بوست، اتصل عملاء الموساد، الذين يجيدون اللغة الفارسية، بكبار المسؤولين الإيرانيين على هواتفهم المحمولة، مُهددين بقتلهم وعائلاتهم ما لم يُصوّروا مقاطع فيديو تُدين النظام وتنشق عنه علنا.
وأُجريت أكثر من 20 مكالمة من هذا القبيل في الساعات الأولى من الحرب، عندما كانت النخبة الحاكمة في إيران لا تزال في حالة صدمة وتعاني من خسائر فادحة، ومع ذلك، لا يوجد دليل على استسلام أي جنرال إيراني للتهديدات، وظل تماسك النظام سليما.
وعلى عكس توقعات إسرائيل، لم يُؤدِّ مقتل كبار القادة من الحرس الثوري الإسلامي إلى احتجاجات جماهيرية أو انتفاضة ضد الجمهورية الإسلامية، وبدلا من ذلك، احتشد الإيرانيون من جميع الأطياف السياسية حول العلم، إن لم يكن حول النظام نفسه، مع تصاعد موجة القومية في جميع أنحاء البلاد.
وقال بارسي، إن إسرائيل لم تستطع استغلال عدم شعبية النظام الإيراني على نطاق واسع. فبعد ما يقرب من عامين من ارتكاب الفظائع في غزة وشن هجوم مخادع على إيران وسط المفاوضات النووية، لم ينظر إلى إسرائيل سوى شريحة صغيرة من الإيرانيين - معظمهم في الشتات – بإيجابية.
في الواقع، بدلا من حشد الشعب ضد النظام، تمكنت إسرائيل من إحياء خطاب الجمهورية الإسلامية، وبدلا من إدانة النظام لاستثماره في برنامج نووي وصواريخ وشبكة من الجهات الفاعلة غير الحكومية المتحالفة معه، يشعر العديد من الإيرانيين الآن بالغضب لأن عناصر الردع الإيرانية هذه أثبتت عدم كفايتها وفقا لكاتب المقال.
وقال فنان في طهران لنرجس باجوغلي، الأستاذة في جامعة جونز هوبكنز: "كنتُ من الذين يهتفون خلال الاحتجاجات ضد إرسال الأموال الإيرانية إلى لبنان أو فلسطين، ولكنني الآن أدرك أن القنابل التي نواجهها جميعا واحدة، وإذا لم تكن لدينا دفاعات قوية في جميع أنحاء المنطقة، فإن الحرب ستأتي إلينا".
وليس من الواضح ما إذا كان هذا التحول سيستمر. ولكن على المدى القصير، يبدو أن هجمات إسرائيل قد عززت، على نحو متناقض، النظام الإيراني - إذ عززت التماسك الداخلي وضيّقت الفجوة بين الدولة والمجتمع.
كما فشلت إسرائيل في تحويل إيران إلى سوريا ثانية، وفي إرساء هيمنة جوية مستدامة مستقلة عن الدعم الأمريكي، وبينما سيطرت إسرائيل على المجال الجوي الإيراني خلال الحرب، إلا أنها لم تتصرف دون عقاب. فقد ألحق رد إيران الصاروخي أضرارا جسيمة.
وأردف، أنه "لولا المساعدة الأمريكية الكبيرة - بما في ذلك استخدام 25% من أنظمة اعتراض صواريخ ثاد الأمريكية في 12 يوما فقط - لربما كانت إسرائيل غير قادرة على مواصلة الحرب".
وأشار إلى أن "هذا يجعل شنّ هجوم إسرائيلي جديد أمرا مرجحا، وقد أشار كلٌّ من وزير الدفاع إسرائيل كاتس ورئيس الأركان إيال زامير إلى ذلك، كانت حرب حزيران/ يونيو مجرد المرحلة الأولى، وفقا لزامير، الذي أضاف أن إسرائيل "تدخل الآن فصلا جديدا" من الصراع".
وأردف، أنه بغض النظر عما إذا استأنفت إيران تخصيب اليورانيوم، فإن إسرائيل عازمة على حرمانها من الوقت لتجديد ترسانتها الصاروخية، أو استعادة دفاعاتها الجوية، أو نشر أنظمة مُحسّنة.
وهذا المنطق محوري في استراتيجية إسرائيل "جز العشب": الضربات الوقائية والمتكررة لمنع الخصوم من تطوير قدرات قد تُشكّل تحديا للهيمنة العسكرية الإسرائيلية.
ووفق بارسي، فإن هذا يعني أنه مع إعادة إيران بناء مواردها العسكرية بالفعل، فإن لدى إسرائيل حافزا لشن هجوم عاجلا وليس آجلا، وعلاوة على ذلك، تُصبح الحسابات السياسية المتعلقة بهجوم آخر أكثر تعقيدا بكثير بمجرد دخول الولايات المتحدة موسم انتخابات التجديد النصفي، ونتيجة لذلك، من المُرجّح جدا أن تُشنّ ضربة خلال الأشهر المقبلة.
وتابع، أن "هذه، بالطبع، هي النتيجة التي يسعى القادة الإيرانيون إلى ردعها. لتبديد أي وهم بنجاح استراتيجية جز العشب الإسرائيلية، من المرجح أن تضرب إيران بقوة وسرعة مع بداية الحرب القادمة.
من جانبه قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إنه "إذا تكرر العدوان، فلن نتردد في الرد بطريقة أكثر حسما وبطريقة يستحيل التستر عليها".
ويعتقد القادة الإيرانيون أن التكلفة التي ستتكبدها إسرائيل لا بد أن تكون باهظة، وإلا فإنها ستؤدي تدريجيا إلى تآكل قدرات إيران الصاروخية وترك البلاد بلا دفاع.
وفي حين أن حرب حزيران/ يونيو انتهت بشكل غير حاسم، فإن نتيجة الحرب القادمة ستتوقف على أي جانب تعلم أكثر وتحرك بشكل أسرع: هل تستطيع إسرائيل تجديد صواريخها الاعتراضية أسرع من قدرة إيران على إعادة بناء منصات إطلاقها وإعادة تزويد ترسانتها الصاروخية؟ هل لا يزال للموساد وجود عميق داخل إيران، أم أن معظم أصوله استُنفدت في السعي لانهيار النظام خلال الحرب الأولى؟ هل اكتسبت إيران فهما أعمق لاختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية أكثر مما اكتسبته إسرائيل في سد ثغراتها؟ في الوقت الحالي، لا يستطيع أي من الجانبين الإجابة على هذه الأسئلة بثقة.
وأوضح، أن إيران لا تستطيع التأكد من أن ردا أقوى سيُحيّد استراتيجية إسرائيل، فمن المرجح أن تُعيد تقييم موقفها النووي - خاصة الآن بعد أن ثبت عدم كفاية ركائز ردعها الأخرى، بما في ذلك ما يُسمى بمحور المقاومة والغموض النووي.
وقد يكون رد ترامب على حرب إسرائيلية ثانية مع إيران حاسما. يبدو أنه غير راغب في الانخراط في صراع طويل الأمد. سياسيا، أشعلت ضرباته الأولية حربا أهلية داخل حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى".
وعسكريا، كشفت الحرب التي استمرت 12 يوما عن ثغرات حرجة في مخزون الصواريخ الأمريكي.
واستنفد كل من ترامب والرئيس الأمريكي السابق جو بايدن جزءا كبيرا من أنظمة الدفاع الجوي الاعتراضية الأمريكية في منطقة لا يعتبرها أي منهما حيوية للمصالح الأمريكية الأساسية.
ومع ذلك، بمنحه الضوء الأخضر للهجوم الأول، وقع ترامب في فخ إسرائيل - وليس من الواضح ما إذا كان سيجد مخرجا، خاصة إذا تمسك بوقف التخصيب تماما كأساس لاتفاق مع إيران.
ومن المرجح أن التدخل المحدود لم يعد خيارا. سيتعين على ترامب إما الانضمام الكامل إلى الحرب أو البقاء خارجها، ويتطلب البقاء خارجها أكثر من مجرد رفض لمرة واحدة، بل يتطلب مقاومة مستمرة للضغوط الإسرائيلية، وهو أمر لم يُبدِ حتى الآن الإرادة ولا القوة اللازمة للقيام به بحسب الكاتب.