تفاوض عبر رجال الاستخبارات.. ما هو تاريخ منصب منسق المخطوفين لدى الاحتلال؟
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
يتواصل الحديث حول مصير الأسرى والجنود الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، مع مواصلة الوسطاء للضغط من أجل إبرام صفقة تبادل واتفاق لوقف إطلاق النار من خلال المفاوضات.
وتستمر المفاوضات الحالية وسط عقد اجتماعات متكررة في قطر ومصر، وبحضور شخصيات تمثل مناصب رفيعة مثل رئيس الموساد، ورئيس الشاباك، ومستشار نتنياهو السياسي، إضافة إلى منسق ملف الأسرى والمعتقلين.
ما هو منصب "منسق المخطوفين" الموجود منذ أكثر من 35 عامًا؟ ومن هم كبار السياسيين والمحامين الإسرائيليين وشخصيات الموساد والشاباك والمخابرات العسكرية الذين شغلوه طوال السنوات الماضية؟
ويتم اختيار هذه الشخصيات بسبب "قدراتهم التفاوضية ومهاراتهم في صياغة العقود وخلفيتهم الاستخباراتية وعلاقاتهم مع القادة الدوليين وأجهزة الاستخبارات الأجنبية"، بحسب تقرير سابق لصحيفة "معاريف".
وبغض النظر عن مدى موهبته، فإن قدرة "منسق المخطوفين" على إبرام صفقة محدودة، رغم أن جميع "أدوات الدولة" تحت تصرفه دون حدود تقريبا من معلومات استخباراتية سرية، والوصول إلى وسطاء دوليين وميزانية كبيرة نسبيا، تسمح له ولفريقه بالطيران إلى أقاصي الأرض.
المنسق الحالي
غال هيرش، أصبح القائد العسكري الإسرائيلي في قوة الاحتياط، مسؤولا عن قضية الأسرى الإسرائيليين، الذين أسرتهم حركة حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بتعيين من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.
هيرش من مواليد عام 1964، وهو قائد عسكري في الاحتياط لكن تم استدعاؤه بعد إعلان "إسرائيل" أنها في حالة حرب، وهو كاتب ورجل أعمال وخبير في القيادة والإستراتيجية وزميل في معهد سياسات "مكافحة الإرهاب" في جامعة رايخمان، ومحاضر لدرجتي البكالوريوس والماجستير في مجالات القيادة في "إسرائيل".
وخدم هيرش في جيش الاحتلال في مناصب قيادية عدة لمدة ثلاثة عقود، وكان قائدا لوحدة "شيلداغ" الخاصة التابعة للقوات الجوية، كما كان قائدًا لوحدات المظليين، ومن ثم تولى هيرش قيادة الفرقة 91 من خلال حرب لبنان عام 2006.
وكشف موقع "تايمز أوف إسرائيل" إنه في عام 2015، تم ترشيحه من قبل وزير الشرطة آنذاك غلعاد إردان، للعمل كقائد للشرطة، لكن تم رفض ترشيحه بسبب شبهات تتعلق بمعاملات تجارية غير مشروعة.
وفي عام 2019، حاول الترشح للكنيست، لكنه لم يحصل سوى على حوالي 3400 صوت فقط، وانضم لاحقًا إلى حزب الليكود لكن لم يتم وضعه على قائمته في الانتخابات.
ولم يلعب المسؤول الإسرائيلي عن ملف الرهائن المعين حديثا، دورا فاعلا في المفاوضات لإطلاق سراح اثنتين من الأسرى الإسرائيليين خلال الأسبوع الماضي، حسبما قال مسؤولان دبلوماسيان أجنبيان لـ "تايمز أوف إسرائيل".
وانتقد بعض الإسرائيليين هيرش لأنه اتخذ مركز الصدارة في مشهد الإفراج عن الأسيرتين الأميركيتين جوديث رعنان وابنتها ناتالي، رغم أن حركة حماس أكدت أن الإفراج جاء لـ "أسباب إنسانية"، متهمين إياه بإقحام نفسه في الصورة دون أن يكون له دور في ذلك.
بعد أخذ المعلومات التي بحوزة#الرهينتان_الأمريكيتان
( جوديث رعنان ) وأبنتها ( ناتالي )
ستتحدد محاور #الإجتياح_البري لـ #غزة
1-إمّا إجتياح كامل لقطاع غزة
2-أو تقطيع القطاع لثلاث محاور
3-وأخيراً تخطي السياج الشائك الفاصل
والتوغل وتشكيل خط دفاعي متقدم فقط#الإفراح_خطأ_بهذا_الوقت pic.twitter.com/8igbPdNdmF — جراح جدعان اللغيصم (@JARRAH_J_A_Q8) October 20, 2023
عندما قامت حماس بإطلاق سراح يوخفيد ليفشيتس ونوريت كوبر لدواعٍ إنسانية أيضا في الـ 23 من الشهر ذاته، لم يظهر هيرش في الصورة عند استقبالهما على الحدود.
تصريحات الأسيرة "يوخفد ليفشيتس" للصحافة الصهيونية بشأن ما حدث معها في غزة وذلك بعد إطلاق سَراحِها:
"عندما وصلنا إلى غزة، أخبرونا في البداية أنهم يؤمنون بالقرآن وأنهم لن يضرونا، قالوا سوف يعاملوننا كما يعاملون من حولهم، كنا تحت حراسة مشددة، كما جاء مسعف وطبيب وتأكدا من توفر… pic.twitter.com/2M4uTiuGIn — عبدالله رشدي (@abdullahrushdy) October 24, 2023
المنسق السابق
يرون بلوم، عيّنه نتنياهو في تشرين الأول/ أكتوبر أيضا لكن من عام 2017 خلفًا ليؤور لوتان الذي أمضى ثلاث سنوات في الخدمة، وهو من سكان حيفا، وأنهى خدمته في وحدة جولاني، وانضمّ إلى جهاز الأمن العام "الشاباك" وشغل وظائف عدة من بينها ضابط تجنيد عملاء في لبنان وداخل الخطّ الأخضر، ثم تمت ترقيته ليكون الضابط المسؤول عن كامل قسم تجنيد العملاء.
بعد ذلك، انتقل بلوم إلى مجال الأمن، وتولّى الأمن في فرع طيران "العال" في باريس، وحصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من ميونيخ وروما.
عند عودته إلى الأراضي المحتلة، عمل بلوم في قسم العلاقات الخارجية ضمن جهاز الشاباك، وتولى قسم العلاقات الخارجية، وكان ممثل الجهاز الأمني في فريق التفاوض برئاسة منسق المخطوفين في ذلك الوقت ديفيد ميدان.
ومثلت صفقة إطلاق سراح جلعاد شاليط المعروفة فلسطينيا باسم "وفاء الأحرار، أزمة جديدة بالنسبة لبلوم، بسبب نتائجها المٌخيّبة، وتشكيلها لوعي معين لدى قيادة الاحتلال يجعل مهمة الترويج لاتفاق آخر مع حماس مهمة صعبة، بحسب تقرير لصحيفة "معاريف".
طريق مسدود
شغل ليئور لوتان منصب مُنسّق المخطوفين والمفقودين حتى عام 2017 وكان متطوعا في المنصب على مدار ثلاث سنوات، إلا أنه قرر الاستقالة بعد أن أدرك أن الاتصالات مع حماس قد وصلت إلى طريق مسدود، وأن مساحة المناورة التي يسمح بها المستوى السياسي في هذه الاتصالات محدودة للغاية، بحسب تقرير لصحيفة "هآرتس".
وذكرت العديد من المصادر أن لوتان كان يهاجم عائلة مانغستو (أفيرا منغستو، إسرائيلي من أصول إثيوبية، محتجزا في غزة لأكثر من تسع سنوات) بشكلٍ عنصري، ويطالبهم بعدم ربط قضيته بالجالية الأثيوبية في "إسرائيل" وإلا سيبقى لعام آخر في غزة، وحملهم مسؤولية فقدانه، إلا أنه واعتذر عن ذلك فيما بعد، بحس بما جاء في تقرير آخر للصحيفة.
يقول قادة الإحتلال أن الأسير لدى #حماس افرام مانغستو مدني، حسناً ماذا عن هذه#الصورة؟ #عد_جنودك pic.twitter.com/8JOSD9tUT3 — Saber M. Eleyan ???? (@saberalian) July 10, 2015
صفقة شاليط
أمّا في وقت إجراء صفقة شاليط، كان ديفيد ميدان يشغل منصب المُنسّق، وهو رجل أعمال في القطاع التقني الخاص والتسويق الدولي، وناشط في مختلف القضايا الاجتماعية، خدم في الموساد لأكثر من 30 عاما ضمنمناصب مختلفة داخل "إسرائيل" وخارجها، إذ كان آخرها رئيس قسم العلاقات الدولية.
استلم ميدان مهامه في عام 2011 خلفا لرجال المخابرات المتمرسين، عوفر ديكل، وحاجي هداس، بعد سنوات من الجهود الفاشلة، وجاء هذا مع مغادرة الوسيط الألماني جيرهارد كونراد حينها للمشهد بعدما قدم إلى حكومة حماس مخططا تفصيليًا للصفقة، وتزامنًا مع زيادة التعقيد بسبب رفض حماس للوساطة الأوروبية، وتعذرت الوساطة المصرية بسبب عزل الرئيس المصري حسني مبارك ورئيس مخابراته عمر سليمان في ذلك الوقت.
وبعد إتمام الصفقة، انتهت خدمة ميدان التي امتدت طوال 35 سنة كضابط موساد ومنسق للمخطوفين والمفقودين بالاستقالة من منصبه والتوجه إلى العمل في القطاع الخاص.
بعد صفقة شاليط 2011 والنقد الشديد الذي تعرضت له رفقة الصفقات مع حزب الله عامي 2004 و2008 تقرّر تشكيل لجنة لفحص ماذا حدث وأين فشلت هذه الصفقات، إذ سميت هذه اللجنة فيما بعد باسم “لجنة شيمجر”، لأن من ترأسها كان رئيس المحكمة العليا مائير شيمجر، بحسب موقع "واينت".
صُنّفت توصيات لجنة شيمجر ضمن الملفات الأمنية السرية للغاية، وكان جزء من التسريبات التي وصلت إلى وسائل الإعلام يظهر بندا يتعلق بتحرير أسير فلسطيني واحد مقابل استعادة جندي أسير واحد، وبحثت توصيات خاصة تتعلق بالمفاوضات وكيفية إجرائها.
وجاءت هذه التوصيات بناء على أن "إسرائيل" لن تكون قادرة على دفع هذا الثمن الباهظ مرة أخرى إذا تم خطف جنود إضافيين، إذ تم إطلاق سراح 1027 أسيرًا فلسطينيًا مقابل شاليط، ومن بينهم المئات الذين أدينوا بالتورط في القتل، وكان أبرزهم رئيس المكتب السياسي الجديد لحركة حماس يحيى السنوار.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية الأسرى الإسرائيليين الاحتلال صفقة شاليط إسرائيل الأسرى الاحتلال صفقة شاليط المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إطلاق سراح
إقرأ أيضاً:
بن آند جيري تتهم الاحتلال بارتكاب الإبادة الجماعية.. تعرف على تاريخ الشركة وأبرز مواقفها
وصف مجلس إدارة شركة "بن آند جيري" المستقل الصراع في غزة بأنه إبادة جماعية، مما أدى إلى تصعيد الخلاف المرير بين شركة صناعة الآيس كريم الشهيرة وشركتها الأم يونيليفر، بعد معركة قضائية سابقة استمرت لسنوات بينهما.
وقال المجلس في بيان: "تؤمن بن آند جيري بحقوق الإنسان وتدعو للسلام، وننضم إلى كل من يندد بالإبادة الجماعية في غزة حول العالم، ونقف إلى جانب كل من يرفع صوته ضد الإبادة الجماعية، من موقعي العرائض إلى المتظاهرين في الشوارع إلى أولئك الذين يخاطرون بالاعتقال".
وأضاف "عندما تكون الإنسانية على المحك، لا يكون الصمت خيارًا، والآن هو الوقت المناسب لقول الحقيقة للسلطة".
ووصفت صحيفة "وول ستريت جورنال" هذا التصريح، بأنه "خطوة نادرة من علامة تجارية استهلاكية كبيرة، تضع شركتها الأم في موقف صعب"، وذلك رغم مواقف الشركة العديدة والعلمية من الاحتلال الإسرائيلي ورفض عملها بالمستوطنات.
وأوضحت الصحيفة أن هذا البيان أثار غضب شركة يونيليفر، المالكة لبن آند جيري، وقد خاضت علامة الآيس كريم وشركتها الأم صراعًا مريرًا لسنوات بشأن النشاط الاجتماعي لمجلس إدارة بن آند جيري المستقل، وخاصة مواقفه العلنية تجاه "إسرائيل" والأراضي الفلسطينية.
وأعلنت بن آند جيري أن اتفاقية الاندماج المبرمة عام 2000 مع يونيليفر أعطت مجلس إدارتها المستقل المسؤولية الأساسية لمتابعة رسالتها الاجتماعية، ويكمن جوهر الخلاف بين الشركتين في مدى حرية التصرف التي يتمتع بها هذا المجلس.
بداية الخلاف
في تموز/ يوليو 2021، أعلنت "بن آند جيري - Ben & Jerry's" أنها ستتوقف عن بيع منتجاتها في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة (الأراضي المحتلة عام 1967)، لاعتبارات أخلاقية، فيما علّق رئيس وزراء الاحتلال حينها، نفتالي بينيت، بقوله إن "المقاطعة لن تنجح وسنقاتلها بكل قوة".
Ben & Jerry’s will end sales of our ice cream in the Occupied Palestinian Territory. Read our full statement: https://t.co/2mGWYGN4GA pic.twitter.com/kFeu7aXOf3 — Ben & Jerry's (@benandjerrys) July 19, 2021
وتضمّن بيان الشركة حينها عبارات: "نسمع أيضًا ونعترف بالمخاوف التي يشاركنا بها معجبونا وشركاؤنا الموثوق بهم، بشأن العمل في المستوطنات، ولدينا شراكة طويلة الأمد مع الوكيل الذي يصنع آيس كريم بن آند جيري في إسرائيل ويوزعه في المنطقة، لكننا أبلغناه بأننا لن نجدد اتفاقية الترخيص عندما تنتهي صلاحيتها".
ولدى الشركة، ومقرها الولايات المتحدة، تاريخ من النشاط السياسي، وعند شرائها من قبل شركة "يونيليفر" العملاقة في مجال السلع الاستهلاكية، ومقرها بريطانيا، سُمح لـ"بن آند جيري" بالإبقاء على مجلس إدارة مستقل للإشراف على مهمّتها الاجتماعية.
وفي بيان لها في عام 2015، أكدت الشركة أن مرفق التصنيع ومحلين للبيع يتواجدان خارج الأراضي المحتلة عام 1967، وذلك جنوب تل أبيب مباشرة، إلا أن المنتجات كانت تُباع في المحلات داخل المستوطنات بالضفة الغربية، والتي وصفها مجلس الأمن الدولي بأنها انتهاك صارخ بموجب القانون الدولي.
واعتبر الوكيل الحصري للشركة في "إسرائيل" أن "هذا إجراء غير مسبوق من قبل شركة يونيليفر - مالكة بن آند جيري العالمية"، مضيفًا: "ندعو الحكومة الإسرائيلية والجمهور المستهلك إلى عدم السماح بمقاطعة إسرائيل".
وخلّف قرار الشركة ردود فعل سياسية أيضًا داخل "إسرائيل" وعلّق رئيس الوزراء حينها، نفتالي بينيت، على القرار قائلًا: "الآيس كريم كثير لكن لدينا دولة واحدة، هذا قرار خاطئ أخلاقيًا وأعتقد أنه سيتضح أيضًا أنه خاطئ تجاريًا.. المقاطعة لن تنجح وسنقاتلها بكل قوة".
بعد القرار الأول بفترة قصيرة، أعلنت العديد من الولايات الأمريكية أنها ستسحب مئات الملايين من الدولارات المدرجة كاستثمارات لدى شركة "بن آند جيري" وشركتها الأم يونيليفر.
في أيلول/ سبتمبر 2021، ذكر مسؤول بوزارة الخزانة في ولاية نيوجيرسي، أنه من المنتظر سحب 182 مليون دولار من أسهم وأصول في شركة يونيليفر مملوكة لصناديق معاشات التقاعد التابعة للولاية بسبب قيود على المبيعات في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها "إسرائيل".
When Ben & Jerry’s and Unilever decided to participate in the antisemitic BDS movement, New Jersey had to respond, and we have.
Now, Unilever will have $182 million in stocks and bonds pulled and be placed on New Jersey’s Prohibited Investment List.https://t.co/MyNOSEnCeL — Rep Josh Gottheimer (@RepJoshG) December 10, 2021
وأعلنت ولاية أريزونا في ذلك الوقت أنها سوف تسحب أيضًا تمويلها لشركة “بن آند جيري”، وأن سبع ولايات أخرى أطلقت مراجعات يمكن أن تؤدي إلى نتائج مماثلة.
وحينها، قال وزير المالية بالولاية، كيمبرلي يي: إن الإجراء سينطبق أيضًا على الشركة الأم يونيليفر، فيما سيكون سحب استثمار قيمته 143 مليون دولار من شركة السلع الاستهلاكية متعددة الجنسيات.
Thank you Arizona Free News @AZFreeNews for covering Arizona's national leadership in divesting from woke companies. "Arizona Treasurer Inspired National Movement to Divest Companies Boycotting Israel." Read article here: https://t.co/yt9IdgJ03H — Kimberly Yee (@KimberlyYeeAZ) September 2, 2022
وصوّت مجلس سياسة الاستثمار في ولاية إلينوي، على عدم حيازة أسهم يونيليفر، ليتم إضافتها إلى قائمة "الكيانات المحظورة" في الولاية، بسبب قرار الشركة وقف بيع مثلجات بن آند جيري لـ "إسرائيل".
تصاعد الخلاف
في بداية الأزمة حاولت الشركة الأم التوجه إلى الاحتواء في بيان عام جاء فيه الإشارة إلى أن "الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو وضع معقد وحساس للغاية، وكشركة عالمية، تتوفر علامات يونيليفر التجارية في أكثر من 190 دولة وفي كل منها أولويتنا هي خدمة المستهلكين بالمنتجات الأساسية التي تساهم في صحتهم ورفاهيتهم ومتعتهم".
وأضافت أنها "تفتخر بعملها في الأراضي المحتلة وأن فرعها الإسرائيلي يوظف حوالي ألفي شخص، وأن لديها أربعة مصانع هناك، وتعمل مع شبكة تضم حوالي ألفين من الموردين المحليين ومقدمي الخدمات، كما أنها استثمرت حوالي 250 مليون يورو على مدى العقد الماضي في أعمالها في "إسرائيل".
وأشارت الشركة إلى طبيعة علاقتها مع بن آند جيري قائلة: "استحوذنا على الشركة في عام 2000. وكجزء من الاتفاقية، أدركنا دائمًا حق العلامة التجارية ومجلس إدارتها المستقل في اتخاذ قرارات بشأن مهمتها الاجتماعية، ونرحب بحقيقة بقاء بن وجيري في إسرائيل" (باعتبار أن القرار هو الانسحاب من المستوطنات فقط).
وبعد مرور عام تقريبًا على القضية، وفي حزيران/ يونيو 2022، قالت شركة يونيليفر إنها توصلت إلى اتفاق يسمح لأعمال بن آند جيري ببيع الآيس كريم بالاستمرار في البيع في "إسرائيل" والمستوطنات.
وكان ذلك من خلال بيع الفرع الإسرائيلي لعلامة الآيس كريم مقابل مبلغ لم يُكشف عنه إلى "آفي زنجر"، وهو المرخص الإسرائيلي (الوكيل) للعلامة التجارية في "إسرائيل".
Avi Zinger, 70, a small-town factory owner, bought the local license to the famed Ben & Jerry's ice cream brand from Unilever and plans on selling it in the occupied West Bank, against the will of original co-founders Ben Cohen and Jerry Greenfield.https://t.co/R8jVAPvfwh — The Forward (@jdforward) July 8, 2022
وتعد عملية البيع لشركة "آفي زنجر" بمثابة التجاوز الفعلي لقرار مجلس إدارة بن آند جيري المستقل، لتواصل الشركة الأم والفرع الإسرائيلي بيع المنتجات بأسماء عبرية وعربية فقط في الأراضي المحتلة عام 1948 و1967.
ولقي هذا القرار حينها حالة واسعة من الترحيب في "إسرائيل"، إذ أشاد وزير خارجية الاحتلال حينها يائير لبيد، بجهود شركة "يونيليفر" لحل النزاع، قائلًا: "معاداة السامية لن تهزمنا، ولا حتى عندما يتعلق الأمر بالآيس كريم، سنحارب نزع الشرعية وحملة المقاطعة في كل ساحة، سواء في الساحة العامة، في المجال الاقتصادي أو في المجال الأخلاقي".
رغم كل ذلك، أكدت شركة بن آند جيري في أكثر من مناسبة على ثبات موقفها، إذ اتجهت للقضاء بعد فشل جولة مباحثات أولى مع شركتها الأم يونيليفر بشأن النزاع حول بيع الأعمال التجارية لمنتجات في "إسرائيل" إلى مرخص له محليًا.
We continue to believe it is inconsistent with Ben & Jerry's values for our ice cream to be sold in the Occupied Palestinian Territory.
(????3/3) — Ben & Jerry's (@benandjerrys) June 29, 2022
وفي آب/ أغسطس 2022، قضت المحكمة الجزئية بمانهاتن أن بن آند جيري لا تستحق إصدار أمر قضائي يوقف بيع وحدتها لزنجر، لأنها لم تنجح في إثبات أنها ستعاني من ضرر لا يمكن إصلاحه، وهو ما لم تقبله الشركة أيضًا، مستمرة بموقفها الرافض للعمل في المستوطنات، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز" حينها.
لم تستسلم الشركة، وعادت لتؤكد أنها تخطط لتقديم شكوى منقحة في محكمة نيويورك الفيدرالية، وذلك بعد قرار محكمة مانهاتن، وبذات الهدف وهو وقف بيع أصولها إلى شركة إسرائيلية، للمحافظة على قرارها بوقف العمل في المستوطنات، بحسب وكالة "بلومبيرغ".
وفي منتصف كانون الأول/ ديسمبر 2022، أعلنت يونيليفر أن نزاعها مع فرعها بن آند جيري بشأن بيع مثلجاتها في المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، تم حله، دون إضافة أي تفاصيل.
بينما أوضحت متحدثة باسم شركة يونيليفر أن "شروط الاتفاق سرية"، بحسب ما نقلت وكالة "فرانس برس".
في نهاية ذات الشهر، أعلنت الشركة إنهاء أعمالها بالكامل في "إسرائيل" والاستعمار والأبارتهايد الإسرائيلي، رغم الضغوط الهائلة التي تعرّضت لها من قبل شركتها الأم، واللوبي الصهيوني، وهو ما ثمّنته حركة المقاطعة.
المؤسسان والمجلس المستقل
أسس شركة بن آند جيري كل من بن كوهين، وجيري غرينفيلد، وأصرا بعد بيع الشركة ليونيليفر على تشكيل مجلس مستقل يتحكم بالرسالة الاجتماعية للشركة، وهو الذي يضم حاليًا ست شخصيات، ولعل أبرزها هي أنورادا ميتال.
أما ميتال فهي ناشطة بارزة في مجالات حقوق الإنسان والسياسات الزراعية والتنموية، وتدير "معهد أوكلاند" الذي يركز على العدالة الاجتماعية والبيئية.
يتمتع المجلس المستقل بصلاحيات واسعة في توجيه مهمة الشركة الاجتماعية، وفقًا لاتفاقية الاستحواذ، والتي منحت المجلس استقلالية في تحديد التوجهات الأخلاقية والاجتماعية للعلامة التجارية.
بقي غرينفيلد (الذي يمثل اسم جيري في اسم الشركة) مرتبطًا بالمشاريع الاجتماعية والتعليمية، وظل يدعم رؤية الشركة الأخلاقية بشكل واسع.
وأصبح كوهين (الذي يمثل اسم بن في اسم الشركة) بعد بيع الشركة ناشطًا سياسيًا واجتماعيًا، وشارك في مبادرات سياسية وليبرالية مثل حملة السيناتور بيرني ساندرز عندما ترشح لانتخابات الرئاسة الأمريكية.
وفي منتصف أيار/ مايو 2025، اعتقلت الشرطة الأمريكية كوهين، مع سبعة أشخاص آخرين خلال شهادة وزير الصحة الأمريكي روبرت إف. كينيدي الابن في مبنى الكابيتول.
وأشار كوهين، إلى أنه كان يحتج على موقف الولايات المتحدة من حرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة.
ويُظهر مقطع فيديو من جلسة استماع لجنة الصحة والتعليم والعمل والمعاشات بمجلس الشيوخ (HELP) متظاهرين يهتفون: "روبرت كينيدي يقتل الناس بالكراهية!" قبل أن تُخرجهم الشرطة.
I told Congress they're killing poor kids in Gaza by buying bombs, and they're paying for it by kicking poor kids off Medicaid in the US. This was the authorities' response. pic.twitter.com/uOf7xrzzWM — Ben Cohen (@YoBenCohen) May 14, 2025
وأُلقي القبض على سبعة أشخاص، من بينهم كوهين، للاشتباه في تجمهرهم أو عرقلتهم أو "إزعاجهم"، وهو ما يعني إزعاج الآخرين أو مضايقتهم، وفقًا لشرطة الكابيتول.
وُجهت إلى بعضهم، باستثناء كوهين، تهمة الاعتداء على ضابط شرطة أو مقاومة الاعتقال، وفقًا لبيان صادر عن شرطة الكابيتول، بينما اتُهم كوهين بـ"التجمهر أو العرقلة أو الإزعاج"، بحسب ما نقل موقع "أكسيوس".
قال كوهين في منشور عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا): "أخبرتُ الكونغرس أنهم يقتلون الأطفال الفقراء في غزة بشراء القنابل، ويدفعون ثمن ذلك بطردهم من برنامج ميديكيد في الولايات المتحدة"، مضيفًا وهو ينشر فيديو من الحادثة: "كان هذا رد السلطات"، في إشارة إلى حادثة الاعتقال.
الشركة الأم
شركة إنجليزية هولندية عملاقة للمنتجات الاستهلاكية المنزلية، وتنتشر منتجاتها في أكثر من 190 دولة، ومن ضمنها "إسرائيل"، وتمتلك علامات تجارية بارزة منها: "كومفورت، وصن سيلك، وريكسونا، وكلوز آب، ووالز"، إضافة إلى "آكس، ولايف بوي، ودوف، وفازلين، وكنور، وبن آند جيري".
بدأت "يونيليفر - Unilever" نشاطها التجاري في حيفا عام 1938، مع توفير فرص عمل للمهاجرين اليهود إلى فلسطين، ثم أنشأت سنة 1969 فرعًا لها رسميًا في الأراضي المحتلة باسم "يونيليفر - إسرائيل".
في عام 1996 قامت شركة "ويتكو - Witco"، وهي إحدى الشركات الرائدة في العالم في مجال مواد التنظيف ومستحضرات التجميل والبلاستيك وغيرها، ببيع حصتها في فرعها الإسرائيلي إلى يونيليفر، بحسب موقع "إيه دبل يو إنسايتس".
أما في نهاية التسعينيات، اشترت يونيليفر العلامة التجارية "فانتاستيك - Fantastik" من شركة "Chemicals Kedem" الإسرائيلية مقابل 11 مليون دولار، واتفقتا على إنشاء شركة موحدة لإنتاج المنظفات والكيماويات، بحسب صحيفة "غلوبس".
في عام 2001، استحوذت يونيليفر على شركة "بيغل بيغل - Bagel-Bagel" الإسرائيلية للمسليات والمخبوزات جزئيًا، ثم استحوذت على معظم أسهم الشركة، التي عملت في المستوطنات لسنوات طويلة.
وبسبب انتقادات العمل في المستوطنات صرحت الشركة عام 2008 أنها ستسحب استثماراتها من المصنع المبني بشكل غير قانوني على أراضٍ صودرت من الفلسطينيين في مستوطنة "أرييل" بالضفة الغربية، ولكن عكس ما كانت تزعم، أصبحت الشركة في عام 2010 المالك الوحيد للشركة الإسرائيلية بعد شراء باقي الحصص، بحسب صحيفة "الغارديان".
وفي عام 2013، أبلغت شركة Unilever المنظمة الهولندية غير الحكومية "المدنيون المتحدون من أجل السلام" (UCP) أن الشركة لم تعد تدير مصنع شركتها التابعة بيغل بيغل في المستوطنات ونقلت خطوط الإنتاج إلى مصنع يونيليفر في صفد، داخل الأراضي المحتلة عام 1948، إلا أن ذلك جاء بعد الحصول على منحة حكومية إسرائيلية كبيرة لفتح مصنع جديد، بحسب منظمة "هوو بروفتس".
وفي عام 2010، قامت شركة "ستراوس - Strauss" الإسرائيلية، وهي أكبر شركة لتصنيع البوظة في "إسرائيل"، ببيع 39 بالمئة إضافية من قيمتها إلى يونيليفر، فرفعتْ حصة الأخيرة إلى 90 بالمئة منها، بحسب صحيفة "غلوبس".