يمانيون | تقرير
في تقرير تحليلي لافت، سلطت مجلة بوليتيكو الأمريكية الضوء على التحول اللافت في مواقف واشنطن من الضربات اليمنية المتصاعدة على كيان العدو الصهيوني، مشيرة إلى أن الكيان يعيش حالة من القلق المتزايد في ظل ما وصفته بـ”الصمت الأمريكي المريب” إزاء الصواريخ التي باتت تتساقط بانتظام على مستوطناته.

تجاهل أمريكي… واستثناء إسرائيلي
بحسب التقرير، فإن اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع اليمن مؤخراً، ورغم تماسكه ميدانيًا في جبهات البحر الأحمر والخليج، لم يتضمّن –بشكل لافت– أي بند يتعلق بأمن “إسرائيل”، ما شكّل صدمة استراتيجية لصنّاع القرار في تل أبيب، الذين اعتادوا أن تكون مصالحهم جزءًا لا يتجزأ من أولويات السياسة الخارجية الأمريكية.

وأشارت المجلة إلى أن القوات المسلحة اليمنية أطلقت، مساء الخميس، صاروخًا باليستيًا جديدًا باتجاه الأراضي المحتلة، في سادس عملية من هذا النوع خلال أسبوع واحد فقط. هذه الهجمات، كما تقول بوليتيكو، تعكس أن اليمن لم يكن طرفًا في أي تفاهم يشمل وقف العمليات ضد الكيان، وأن رسائل صنعاء الصاروخية تتجاوز حدود الرد على العدوان، لتصل إلى إعادة رسم موازين الردع في المنطقة.

“كيان الاحتلال ليس أولوية”… رسائل أمريكية مزدوجة
المجلة نقلت عن مسؤول رفيع في إدارة ترامب، سبق أن عمل في ملفات الشرق الأوسط، قوله إن الاتفاق كان قائمًا على مبدأ “أمريكا أولاً”، وبالتالي فإن حماية الكيان الصهيوني لم تكن مطروحة على طاولة المفاوضات..هذا التصريح يعكس –وفق مراقبين– تصدّعًا حقيقياً في طبيعة العلاقة التقليدية بين واشنطن وتل أبيب، وربما بداية لتخلٍّ تدريجي عن الدور الأمريكي كدرع شامل لـ”كيان الاحتلال” في ظل المتغيرات الإقليمية والضغوط الداخلية الأمريكية.

في السياق ذاته، أعربت منظمات صهيونية في الولايات المتحدة عن امتعاضها من استبعاد الكيان من الاتفاق، واعتبر بليز ميسزال من “المعهد اليهودي للأمن القومي” أن ما حدث يكشف عن فجوات حقيقية في التنسيق الاستراتيجي بين تل أبيب وواشنطن، محذرًا من أن “غضّ الطرف” الأمريكي قد يتطور إلى حالة تجاهل بنيوي في ملفات حساسة.

صنعاء تفرض إيقاعها… وصمت واشنطن اعتراف ضمني
فيما دافعت بعض المصادر داخل إدارة ترامب عن الاتفاق، معتبرة أن إدخال ملف الكيان الصهيوني كان سيعقّد الأمور دون فائدة عملية، أشارت بوليتيكو إلى أن المسؤولين الأمريكيين باتوا يدركون أن اليمنيين لن يوقفوا عملياتهم ضد “كيان الاحتلال” حتى لو تم تضمين ذلك في الاتفاق، لأن الدوافع العقائدية والسياسية لهذه الهجمات تتجاوز حدود التفاهمات المرحلية.

وأضاف التقرير أن الولايات المتحدة اختارت التركيز على وقف استنزاف مواردها العسكرية في المنطقة، بعد قناعة عميقة بأن الحل لا يكون بالقوة، بل بمعالجة الجذور السياسية للصراع، وفي مقدمتها العدوان المستمر على غزة.

اليمن في محور المقاومة… والهيبة تتعاظم
في معرض تحليلها، رأت المجلة أن صنعاء تمكّنت خلال الأشهر الأخيرة من فرض نفسها كقوة فعلية في محور المقاومة، لا تكتفي بإطلاق التصريحات أو التضامن الإعلامي، بل تشارك فعليًا في المعركة، وتؤثر على مجرياتها ميدانيًا واستراتيجيًا.

ونقلت بوليتيكو عن مسؤول سابق في إدارة ترامب قوله: “كل المحاولات العسكرية لإسكات اليمنيين خلال السنوات العشر الماضية فشلت… وسيواصلون ضرباتهم لتعزيز حضورهم في مواجهة إسرائيل”.. ورأت المجلة أن هذه الهجمات تمنح اليمن ما وصفته بـ”رصيد هيبة غير مسبوق”، لا سيما في ظل انكفاء أطراف أخرى عن الفعل المباشر.

وفي السياق ذاته، أشار جون ألترمان، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إلى أن اليمنيين لا يكتفون بتحدي واشنطن وتل أبيب، بل يواصلون الضغط الميداني رغم اصطفاف خصومهم، وهذا ما يمنحهم “مصداقية هائلة” لدى جمهور المقاومة في المنطقة، وفق تعبيره.

“كيان الاحتلال” خارج المعادلة… مرحلة جديدة من الانكشاف
وفي تحليل لمغزى التجاهل الأمريكي لأمن الكيان في الاتفاق، رأت المجلة أن ذلك يعكس بداية مرحلة جديدة من الانكشاف الاستراتيجي لتل أبيب، إذ لم تعد تتمتع بالغطاء المطلق الذي كانت واشنطن توفره لها في كل ملف.. ويعتقد مراقبون أن استمرار الصواريخ اليمنية في دكّ مواقع الكيان قد يدفع الأخير نحو خطوات تصعيدية منفردة، دون ضمانة أمريكية، ما يعرّضه لمخاطر أكبر.

ويبدو –بحسب التقرير– أن محور المقاومة، من غزة إلى صنعاء، بات يتحرّك وفق منطق الفعل الاستراتيجي المشترك، وليس فقط ردود الأفعال.. وهذا التطور لا يعكس فقط انتقال المعركة من الأطراف إلى عمق الكيان، بل يؤشر إلى تراجع موقع “إسرائيل” في معادلات الردع الجديدة التي تُرسم على نار المقاومة المتقدة في أكثر من جبهة.

خلاصة:
تقرير بوليتيكو ليس مجرد عرض للوقائع، بل تأكيد على أن صواريخ اليمن لم تغيّر موازين الردع فحسب، بل أحرجت واشنطن، وأرعبت تل أبيب، وأعلنت أن زمن الاستفراد الصهيوني قد ولى، وأن “كيان الاحتلال” باتت بالفعل –كما قال التقرير– خارج معادلة الحماية الأمريكية المطلقة.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: کیان الاحتلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

بين الحقيقة والتضليل .. محاولة أمريكية بائسة في تشويه اليمن لحماية العدو الصهيوني

في الوقت الذي يشهد فيه العالم تصاعدًا خطيرًا في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومع تواطؤ دولي وصمت أممي مطبق، برز الموقف اليمني كواحد من أنبل المواقف الداعمة للقضية الفلسطينية، عبر إجراءات عملية في البحر الأحمر، وإسناد واضح للمقاومة في غزة، هذا الموقف، الذي حظي بإشادة شعوب المنطقة، أثار غضب الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، ودفعهما إلى شنّ حملة سياسية وإعلامية منسقة تستهدف اليمن على كافة المستويات.

يمانيون / تقرير / خاص

 

ومن بين أشكال هذا الاستهداف، كان اللجوء إلى تهمة تجارة المخدرات، والتي رُوّج لها عبر تقارير أمريكية مشبوهة، تفتقر إلى أي أدلة ملموسة أو مصداقية مهنية، في محاولة لتشويه صورة اليمن أمام المجتمع الدولي، والضغط عليه لإثنائه عن موقفه الداعم لغزة، وإظهاره كدولة خارجة عن القانون.

يناقش هذا التقرير  خلفيات الاتهامات الأمريكية الموجهة لليمن، ويكشف عن مدى التناقض الصارخ في المعايير، حيث يتم توجيه اتهامات بلا سند إلى دولة تقف ضد الظلم والاحتلال، في حين تغرق الولايات المتحدة نفسها في أزمة مخدرات هي الأكبر في العالم، بشهادة مؤسساتها الرسمية، من حيث الإدمان، والوفاة، والتوزيع.

تأتي أهمية هذا التقرير في لحظة مفصلية تمر بها المنطقة، حيث باتت بعض القوى الدولية تستخدم القضايا الأخلاقية والجنائية كسلاح سياسي لتقويض خصومها، حتى ولو على حساب الحقيقة والعدالة، بينما تغض الطرف عن جرائم حرب واضحة تُرتكب في وضح النهار ضد الشعب الفلسطيني.

في هذا السياق، فإن ما تتعرض له اليمن اليوم ليس مجرد اتهام عابر، بل جزء من معركة إرادات كبرى، تقودها واشنطن وتل أبيب ضد كل من يجرؤ على الوقوف مع غزة، ومع الحق.

 

ادعاءات بلا دليل .. وواقع مغاير تمامًا

لم تُقدّم التقارير الصادرة عن الولايات المتحدة أي أدلة موثقة تدعم اتهامها لليمن بالضلوع في تجارة المخدرات. بل جاءت بصيغة غامضة ومريبة، في ظل غياب تقارير ميدانية أو تحقيقات دولية محايدة يمكن الركون إليها.

في المقابل، تؤكد الوقائع الميدانية أن المجتمع اليمني مجتمع محافظ بطبيعته، معتز بهويته وإيمانه، يرفض المخدرات دينيًا وأخلاقيًا، حيث يُعد تعاطيها أو المتاجرة بها أمرًا محرّمًا شرعًا ومجرَّمًا قانونًا، وتُنفذ حملات أمنية مستمرة لضبط أي محاولات تهريب أو بيع، وتُوثَّق عمليات الإتلاف بالصوت والصورة، في مشهد واضح لا يُمكن تجاهله.

 

الحقيقة .. اليمن يحارب المخدرات وأمريكا تغرق فيها

بينما تُتهم اليمن ، تكشف الإحصائيات الصادرة عن مراكز أمريكية رسمية الحجم الكارثي لأزمة المخدرات داخل الولايات المتحدة نفسها، والتي تُعد دون مبالغة، المركز العالمي الأول في إنتاج وتوزيع واستهلاك المخدرات، أكثر من 27 مليون أمريكي (تبدأ أعمارهم من 12 عامًا) يعانون من الإدمان، بحسب مركز الإدمان الأمريكي.

وكذلك ،أكثر من 400,000 وفاة نتيجة الجرعات الزائدة خلال السنوات الأربع الماضية فقط، وفقًا لـ CDC وموقع كومنولث الأمريكي:

2021: 109,000 وفاة

2022: 107,000 وفاة

2023: 110,000 وفاة

2024: أكثر من 80,000 وفاة (حتى نهاية العام)

هذه الأرقام الصادمة تُظهر بوضوح أن من يعاني من وباء المخدرات حقيقةً هي الولايات المتحدة نفسها، وليس اليمن.

 

تسويق تهم سياسية بغطاء أممي

المتابع لتسلسل الأحداث يدرك أن الاتهامات الأخيرة بحق اليمن لا تخرج عن إطار التصعيد الأمريكي المتعمد، والذي تصاعد بشكل خاص بعد قيام اليمن بإجراءات شجاعة لمنع عبور السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، وفرض كلفة سياسية واقتصادية على الاحتلال الإسرائيلي.

ومع اتساع حجم التأييد الشعبي العربي والإسلامي للموقف اليمني، سعت واشنطن إلى توجيه ضربة سياسية ناعمة، تتمثل في استخدام الملف الأممي لتشويه صورة اليمن، في محاولة لكسر عزيمته وعزله دوليًا، خصوصًا أنه بات يُنظر إليه كرمز مقاوم لم ينكسر أمام الإملاءات الغربية.

 

اتهام اليمن وسيلة لتوفير الغطاء للجرائم الصهيونية

في سياق قراءة الأبعاد الأعمق للحملة الأمريكية ضد اليمن، يتضح أن الترويج لتهمة تجارة المخدرات لا يأتي فقط في إطار تشويه صورة اليمن وإثنائه عن مواقفه، بل يُستخدم أيضًا كـ أداة دعائية لتوفير غطاء سياسي وأخلاقي للجرائم الصهيونية المتواصلة في قطاع غزة.

فالولايات المتحدة، التي تُعد الشريك الأول والداعم الأكبر للعدو الإسرائيلي على الصعيدين العسكري والدبلوماسي، تواجه اليوم انتقادات شعبية ودولية واسعة بسبب دعمها غير المشروط لآلة القتل الإسرائيلية، خاصة مع تصاعد أعداد الضحايا المدنيين في غزة، وتوثيق جرائم الحرب من قبل منظمات حقوقية دولية.

لكن بدلًا من مراجعة موقفها أو التوقف عن دعم العدوان الصهيوني، تلجأ واشنطن إلى أسلوب قديم متجدد، تشتيت الانتباه، وصناعة عدو بديل للرأي العام العالمي، وهنا جاء استهداف اليمن.
فبتحويل الأنظار إلى اتهامات غير مثبتة ضد اليمن، تسعى الولايات المتحدة إلى تحريف بوصلة النقاش الدولي بعيدًا عن المجازر في غزة، وشيطنة اليمن أمام المجتمع الدولي باعتباره دولة خارجة عن القانون، وإظهار أي دعم للمقاومة الفلسطينية كأنه نابع من أنظمة متورطة في الجريمة أو الفوضى.

وبذلك، تُستخدم قضية المخدرات  التي لا تمثل أي واقع حقيقي في اليمن  كجزء من الآلة الإعلامية والدبلوماسية الأمريكية التي تهدف إلى حماية إسرائيل من المساءلة الدولية، وتبرير مواصلة الدعم العسكري والسياسي لها.

إن من يزوّد إسرائيل بالقنابل الذكية، والدعم اللوجستي، والفيتو في مجلس الأمن، لا يملك أي مشروعية أخلاقية في اتهام الآخرين، ولا سيما شعبًا مسلمًا مثل اليمن يُحرم المخدرات شرعًا، ويكافحها فعليًا على الأرض، بينما تنفجر أزمة المخدرات في الداخل الأمريكي لدرجة أن تتحول إلى وباء وطني قاتل.

 

 تشويه متعمد لن يُثني اليمن عن موقفه

إن استخدام قضية المخدرات لتصفية الحسابات السياسية مع دولة كاليمن، التي اختارت بوعي أن تكون في صف المظلوم لا الظالم، يُعد سابقة خطيرة تؤكد مدى حقارة العدو الذي يتجاوز كل الاعتبارات .

اليمن، الذي قدّم موقفًا أخلاقيًا وإنسانيًا عظيمًا في دعم غزة، لن يُثنيه هذا الاستهداف السياسي عن مواصلة التزامه بقضايا أمته، ولا عن معركته مع قوى الهيمنة والاستكبار.

في المقابل، فإن هذه الهجمة الممنهجة تعرّي حقيقة من يسعى لتقويض العدالة الدولية، وتكشف ازدواجية المعايير التي تتعامل بها الولايات المتحدة وبعض أدواتها الدولية، في وقت تُذبح فيه غزة يوميًا، بلا أي مساءلة للمجرم الحقيقي.

مقالات مشابهة

  • اليمن صمام أمان المنطقة أمام أطماع الكيان الصهيوني
  • ٧ أكتوبر.. لحظة انكشاف العالم ودور اليمن في كسر معادلة الاقتصاد والهيمنة
  • فصائل المقاومة: اليمن ولبنان والعراق دروعٌ متقدمة في جبهة الإسناد لطوفان الأقصى
  • بين الحقيقة والتضليل .. محاولة أمريكية بائسة في تشويه اليمن لحماية العدو الصهيوني
  • نتنياهو: إيران تطور صواريخ قادرة على ضرب أمريكا.. وتل أبيب تحمي العالم الحر
  • توتر متصاعد بين طهران وواشنطن.. إيران ترفض التفاوض وترمب يهدد بضربات جديدة
  • البيت الأبيض يتجنب التعليق على إمكانية إرسال قوات أمريكية إلى فنزويلا
  • هاني البيض: كيان الجنوب العربي مصطلح بريطاني وحضرموت لم تكن يومًا جزءًا من هذا الكيان
  • هل تمثّل خطة ترامب استراحة محارب لإنقاذ الكيان ؟
  • الفرح: كيان الاحتلال وواشنطن يسعون لتقزيم القضية الفلسطينية وتحويلها إلى مجرد ملف إنساني محدود