صحيفة التغيير السودانية:
2025-05-25@05:20:45 GMT

مصر والرؤية الأمنية في حرب السودان

تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT

مصر والرؤية الأمنية في حرب السودان

مصر والرؤية الأمنية في حرب السودان

زين العابدين صالح عبد الرحمن

إن العلاقة السودانية المصرية: علاقة استراتيجية منذ أن نال السودان الاستقلال في الأول من يناير 1956م، ورغم أن العلاقة في مسيرتها التاريخية تأخذ مستويات مختلفة صعودا وهبوطا، ولكن الجانبين ينظران لها من الجوانب الأمنية والاقتصادية ومياه النيل بأنها علاقة لا فكاك منها.

. وفي هذا المقال آخذ جانب العلاقة الأمنية، وهي علاقة تخللتها أيضا العديد من المطبات الصعبة..

ولكي يفهم الموقف المصري من الحرب الدائرة في السودان لابد من الرجوع لملف العلاقة الأمنية بين البلدين في مراحل مختلفة.. في عهد الديمقراطية الثانية وبعد حرب 1967م عقد مؤتمر الخرطوم الذي تمت فيه مصالحة مصر مع المملكة العربية السعودية والتفاهم حول وقف الحرب في اليمن.. موقف السودان مع مصر في حرب الاستنزاف في عهد جمال عبد الناصر، وأيضا مشاركة السودان في حرب أكتوبر 1973م، ثم وقوف السودان مع أنور السادات عند ذهابه “تل أبيب” وكلها قضايا مرتبطة بالأمن..

تعرضت العلاقة بين السودان ومصر إلى هزة كبيرة، بعد انعقاد المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي في الخرطوم في 25 إبريل 1991م، وتخوفت مصر من تسرب الجماعات الإسلامية المتطرفة وخاصة العناصر المصرية عبر حدودها الجنوبية مع السودان، وكانت الخرطوم تعتقد أن المؤسسات المصرية “جامعة القاهرة فرع الخرطوم– البعثة التعليمية المصرية– المركز التجاري المصري– نادي ناصر– بعثة الري المصري” هي مراكز مراقبة وجمع معلومات تديرها المخابرات المصرية، لذلك أسرعت بمصادرتها وإغلاق بعضها.. وكذلك مصر حاصرت حركة المجموعة الأمنية التي كان في سفارة السودان في مصر.. ثم جاءت محاولة إغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في أديس أبابا والتي كان وراءها كما ذكر الدكتور الترابي شخصياً في حوار أحمد منصور معه في قناة الجزيرة، علي عثمان محمد طه والدكتور نافع علي نافع الذي كان يشغل رئيس جهاز الأمن والمخابرات في ذلك الوقت.. وأذكر أن لجنة التنسيق العليا “للتجمع الوطني الديمقراطي” كانت طالبة من مصر السماح لها بعمل إذاعي على موجة قصيرة.. ثم صفحة في إحدى الجرائد المصرية الحكومية “الإهرام– الجمهورية– أخبار اليوم” واعتقدت المعارضة لقد جاء الوقت الذي سوف توافق السلطات المصرية على الطلب.. ولكن رفضت مصر..

سألت محمد الحسن عبد الله يسن الذي كان يشغل رئيس اللجنة التنسيقية العليا للتجمع عن سبب رفض المصريين.. ٌقال إنهم قالوا له إن مصر إذا وافقت على “الإذاعة وصفحة في جريدة حكومية” هذه بمثابة إعلان حرب ولا نريد أن تتطور العلاقة إلى ذلك.. وعندما حضر سيد احمد الحسين نائب الأمين العام للحزب الاتحادي الديمقراطي للقاهرة أنزل في فندق “المريدين” شارع صلاح سالم مدينة نصر. وبعد اسبوع من حضوره اتصل بي سيد احمد في السابعة صباحا وقال لي أنا نقلت من فندق مريدين إلى هيلتون رمسيس وسط البلد بالقرب من ماسبيرو وأريدك أن تحضر إلي في التاسعة صباحا دون أن تخطر أي شخص بمكاني، ذهبت إليه في الموعد المضروب وجدت معه اللواء أحمد رجب المسؤول عن الملف السوداني في المخابرات، وكان الحديث يدور حول قضية التصعيد بين القاهرة والخرطوم.. كانت رؤية أحمد رجب التي كررها عدة مرات، أن السودان يمثل لمصر أهم ركيزة في إستراتيجية أمنها، نحن لا نريد أن نتدخل في الصراع السياسي الدائر في السودان هذه مسألة تهم الأخوة والأحزاب في السودان، لكن في الجانب الأمني ويتعلق بوحدة السودان؛ من باب النصيحة أنني بسمع بعض القيادات تدعوا إلى الكفاح المسلح لإسقاط النظام، وإذا وافقتوا على ذلك، سوف تشكل خطرا كبيرا على مستقبل السودان.. وسمعت نفس الحديث بعد سنة من اللواء عمر قناوي وكيل وزارة المخابرات المصرية واللواء محمود عبد الخالق مسؤول الملف السوداني في المخابرات في بيت محمد الحسن عبد الله يسن ومجموعة من القيادات الاتحادية..

في بداية 1997م اتذكر جاءت القاهرة في طريقها للخرطوم مساعدة لوزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت للشؤون الأفريقية في عهد الرئيس بيل كلينتون، قالت في تصريح لها إن زيارة الخرطوم يجب أن تمر بالقاهرة. وقالت إن المصريين يحبذوا أن تؤخذ أي معلومات عن السودان من بنك المعلومات في القاهرة.. هذا القول كان يغضب قيادات المؤتمر الوطني.. وأتذكر في أول زيارة إلى الخرطوم 2007م بعد 18عاما غياب عنها. أصر علي الصديق الراحل الدكتور تاج الدين السنوسي أن أزوره في مركزه ” آفاق” في حي أركويت، وهو مركز يهتم بالقضايا والعلاقات السياسية الدولية، وتعرضنا في النقاش كيف استطاع السودانيون أن تكون لهم علاقة مباشرة مع واشنطن دون المرور على القاهرة.. ودخل علينا شخص عرفني به الدكتور تاج الدين أنه اللواء معاش حسب الله عمر كان يشغل مسؤول الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات، وقال كان مكتبه في باريس.. قال حسب الله إنهم استطاعوا أن يفتحوا خطا ساخنا مباشرة مع واشنطن دون المرور على أي عاصمة..

إن التقاء وفد الحكومة السودانية مع المبعوث الأمريكي في القاهرة، هذه مربوطة بزيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين للقاهرة في المساعي التي يقوم بها مع مصر لوقف إطلاق نار في غزة.. وفي نفس الوقت يلتقي بالمبعوث بيرييلو، وربما يلتقي بالوفد السوداني للإجابة على أي تساؤلات يمكن أن تطرح.. القضية الأخرى أن الأمريكيين يعتبرون مصر تلعب دورا مهما في عملية التوافق بين الأطراف.. رغم أن مصر لها موقف معلن على لسان رئيسها عبد الفتاح السيسي في المؤتمر الإسلامي أن تكون المنطقة خالية من الميليشيات.. القضية الأخرى أن مصر بحكم إستراتيجيتها الأمنية لا توافق أي تدخل خارجي في السودان، وتعتبر الجيش يمثل العمود الفقري للسودان والذي يحفظ وحدة البلاد ويجب الوقوف إلى جانبه.. لكنها في ذات الوقت لا تتدخل في خيارات الشعب السوداني في النظام الذي يريده تطبيقه… نسأل الله حسن البصيرة…

zainsalih@hotmail.com

الوسومالخرطوم الديمقراطية الثانية السعودية السودان القاهرة حسن الترابي زين العابدين صالح عبد الرحمن سيد أحمد الحسين مادلين أولبرايت مصر نافع علي نافع

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الخرطوم الديمقراطية الثانية السعودية السودان القاهرة حسن الترابي سيد أحمد الحسين مصر نافع علي نافع فی السودان فی حرب

إقرأ أيضاً:

الخرطوم ترفض اتهامات واشنطن الكيميائية.. ومأساة الجوع في قاقا تودي بحياة 13 لاجئاً

نفت وزارة الخارجية السودانية بشكل قاطع المزاعم التي أوردتها وزارة الخارجية الأمريكية بشأن استخدام الجيش السوداني أسلحة كيميائية في النزاع الجاري بالبلاد، واعتبرت تلك الادعاءات باطلة ومجرد تسريبات مجهولة المصدر.

وأكد بيان الوزارة استغراب السودان من الطريقة التي تعاملت بها الإدارة الأمريكية مع الموضوع، حيث تم نشر هذه المزاعم عبر وسائل الإعلام الأمريكية دون اللجوء إلى الآلية الدولية المختصة والمنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي، التي تضم السودان والولايات المتحدة في عضويتها، ويشغل السودان عضوية مجلسها التنفيذي.

وشدد البيان على أن الاتفاقية الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية تنظم بشكل واضح إجراءات التعامل مع مثل هذه الادعاءات، وأن الولايات المتحدة لم تقم بالإجراء الأولي الضروري وهو إخطار المنظمة رسميًا بهذه المزاعم، رغم تأكيدها أن الاستخدام المزعوم يعود للعام الماضي.

واختتم البيان بالتأكيد على التزام السودان المستمر بموجب الاتفاقية بعدم إنتاج أو تخزين أو استخدام الأسلحة الكيميائية، رافضًا أي إجراءات أحادية الجانب تتعارض مع نصوص الاتفاقية الدولية.

يذكر أنه وفي 23 مايو 2025، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن فرض عقوبات على السودان، متهمةً الجيش السوداني باستخدام أسلحة كيميائية خلال النزاع الدائر مع قوات الدعم السريع في عام 2024، وتشمل العقوبات قيودًا على الصادرات الأمريكية إلى السودان ومنع الوصول إلى خطوط الائتمان الحكومية الأمريكية، ومن المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في 6 يونيو المقبل.

واستندت الولايات المتحدة في قرارها إلى قانون السيطرة على الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والقضاء على الحرب لعام 1991، مشيرةً إلى أن الحكومة السودانية انتهكت التزاماتها بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، والتي يُعد السودان طرفًا فيها، ورغم أن البيان الأمريكي لم يحدد تفاصيل دقيقة حول نوع أو توقيت أو موقع استخدام الأسلحة الكيميائية، إلا أن تقارير سابقة، مثل تقرير صحيفة نيويورك تايمز في يناير 2025، أشارت إلى استخدام محتمل لغاز الكلور في مناطق نائية ضد قوات الدعم السريع.

ويأتي هذا التصعيد في سياق الحرب الأهلية المستمرة في السودان منذ أبريل 2023، والتي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين، وسط اتهامات متبادلة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة كانت قد فرضت في يناير 2025 عقوبات على قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بعد اتهامه بارتكاب جرائم إبادة جماعية وانتهاكات واسعة النطاق ضد المدنيين.

13 وفاة جوعاً في معسكر قاقا بتشاد وشبكة أطباء السودان تدق ناقوس الخطر

كشفت شبكة أطباء السودان، السبت، عن وفاة 13 لاجئاً سودانياً خلال الأسبوع الماضي في معسكر “قاقا” شرقي تشاد، بسبب الجوع ونقص الرعاية الطبية، محذرة من كارثة إنسانية وشيكة تهدد حياة آلاف اللاجئين في ظل غياب الاستجابة الدولية.

وفي بيان شديد اللهجة، أوضحت الشبكة أن معسكر “قاقا”، الذي يؤوي نحو 21 ألف لاجئ سوداني، يشهد تدهوراً مقلقاً في الأوضاع الإنسانية، مع تفشي الأمراض وسوء التغذية الحاد، نتيجة ما وصفته بـ”تجاهل المنظمات الإنسانية والدولية، وعجزها عن توفير الغذاء والدواء الكافي للنازحين”.

وأشارت الشبكة إلى أن حالات الوفاة الأخيرة ناجمة عن الجوع الصريح، مؤكدة أن الوضع بات يهدد مصير آلاف العائلات السودانية التي فرت من النزاع المستمر في دارفور ومناطق أخرى بالسودان.

كما ناشدت الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية التحرك العاجل لإنقاذ ما تبقى من الأرواح، مطالبة بتأمين الإمدادات الغذائية والصحية، ووقف موجات النزوح القسري داخل تشاد التي تدفع اللاجئين نحو المجهول.

وأعربت الشبكة عن أسفها العميق لما وصفته بـ”التجاهل الدولي الصادم لمعاناة السودانيين”، مضيفة أن استمرار تقديم الأعذار التقنية المرتبطة بالمعابر والمساعدات لا يبرر ترك آلاف اللاجئين في معسكرات تشاد يواجهون الموت جوعاً ومرضاً.

مقالات مشابهة

  • الخرطوم ترفض اتهامات واشنطن الكيميائية.. ومأساة الجوع في قاقا تودي بحياة 13 لاجئاً
  • وفيات جراء الكوليرا بالسودان والإصابات تتزايد في الخرطوم
  • جامعة القاهرة الفرع .. هل من عودة تاني؟
  • الكوليرا تنتشر في الخرطوم و «6» ولايات
  • الكوليرا تنتشر في الخرطوم و6 ولايات
  • ابتزاز سياسي.. أول تعليق من السودان علي العقوبات الأمريكية ضد الخرطوم
  • واشنطن تقرر فرض عقوبات على السودان والخرطوم تتهمها بالابتزاز
  • هل تُمهّد استعادة الخرطوم الطريق لنهاية الحرب في السودان؟
  • وهل يعود “قطار الغرب” التائه في الأرجاء؟!
  • الذي يحكم الخرطوم يحكم السودان، فهي قلب السودان ومركز ثقله السياسي