فى السادس عشر من أغسطس الجارى أعلنت الخارجية الأمريكية عن زيارة يقوم بها أنتونى بلينكن وزير الخارجية الأمريكى للشرق الأوسط وتحديدا لإسرائيل ومصر وقطر فى الفترة الممتدة من 17 إلى 21 من الشهر الجارى لمواصلة الجهود الدبلوماسية باتجاه إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة والإفراج عن الرهائن والمعتقلين بدعم من مصر وقطر.
فى غزة فى معرض التعليق على ما حدث قال باحثون فى الشؤون الدولية بأن المقترح الذى طرحته الولايات المتحدة بدا وكأن «نتنياهو» هو من قام بصياغته، وهو الذى يتشبث ببقاء قواته فى محور «نتساريم»، وفى محور «فيلادلفيا»، وفى معبر «رفح». وجاء هذا على الرغم من أن «أنتونى بلينكن» أعلن من الدوحة بأن الولايات المتحدة لا تقبل أى احتلال طويل الأمد لغزة من جانب اسرائيل. غير أنه لو صدق كان يتعين عليه أن يدلى بهذا الطرح من تل أبيب وليس من الدوحة. بل إن المقترح الذى طرحه «بلينكن» بدا وكأنه قد نسف المفاوضات من جذورها.
لقد سادت حالة امتعاض شديدة فى دول الخليج إزاء الدور الذى تلعبه أمريكا كوسيط فى المفاوضات لا سيما وأن «بلينكن» استبق زيارته للقاهرة والدوحة بتأكيده على دعم أمريكا الراسخ لإسرائيل. هذا فضلا عن أن الولايات المتحدة لم تقدم أية ضمانات فيما يتعلق بوقف فورى ودائم لإطلاق النار الذى تطالب به حركة حماس. ولهذا بدا وكأن الولايات المتحدة ليست وسيطا يسعى إلى إحراز اتفاق يصب بالإيجاب فى مصلحة القضية الفلسطينية، ويشكل ضمانة لحل إیجابی منصف لا سيما وقد تعاطت حماس بإيجابية مع المقترح الذى أعلنه الرئيس الأمريكى «جو بايدن» فى 31 مايو الماضي، والذى اعتمد قرارا فى مجلس الأمن تحت الرقم 2735. بينما المقترح الجديد يعنى الوصول لطريق مسدود، وهو ما يؤكد بأن كل التحركات التى تقوم بها أمريكا تكاد تجزم دعمها لإسرائيل حيث تصب بالايجاب فى مصلحة الكيان الصهيونى وتؤثر بالسلب حتماً على القضية الفلسطينية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سناء السعيد الخارجية الأمريكية وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
«السيسى» وبناء الدولة
تستحق مصر برلماناً يليق بتاريخها النيابى، الذى يعود إلى قرابة قرنين من الزمان، وتحديداً منذ عام 1824، منذ إنشاء المجلس العالى بموجب الأمر الصادر فى 27 نوفمبر 1824، ثم إنشاء مجلس الثورة عام 1827، ومجلس شورى الدولة عام 1854، ومجلس شورى النواب عام 1866، ومجلس شورى القوانين عام 1883، والجمعية التشريعية عام 1913، التى فاز فيها سعد باشا زغلول فى دائرتين، وتوقفت الحياة النيابية فى مصر بسبب الحرب العالمية الأولى، لتعود بعدها بصدور دستور 1923، وقد خص المجلس النيابى بغرفتين «مجلس النواب» و«مجلس الشيوخ».
استحقاق مصر لهذا البرلمان القوى الذى نرنو إليه فى تمثيل الشعب المصرى تمثيلاً حقيقياً للقيام بسلطة التشريع وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية ليس من باب الأمانى لأن مصر دولة كبيرة، أقدم دولة عرفها التاريخ، نشأت بها واحدة من أقدم الحضارات البشرية وقامت فيها أول دولة موحدة حوالى 3100 سنة قبل الميلاد، تمتلك أطول تاريخ مستمر لدولة فى العالم، وهى مهد الحضارات القديمة وملتقى القارات وأول دولة فى العالم القديم عرفت مبادئ الكتابة، وابتدعت الحروف والعلامات الهيروغليفية، حكمت العالم القديم من الأناضول للجندل الرابع حين بدأ العالم يفتح عينيه على العلوم والتعليم، فقد جاءت مصر، ثم جاء التاريخ عندما قامت مصر حضارة قائمة بذاتها قبل أن يبدأ تدوين التاريخ بشكل منظم.
هى دى مصر التى تعرضت لموجات استعمارية عاتية، ثم عادت لحكم أبنائها، محافظة على لغتها العربية، حاربت وانتصرت فى أعظم حرب عرفها التاريخ، حرب أكتوبر، ثم تعرضت لمحنة كادت تعصف بها على يد جماعة إرهابية لا يعرفون قدرها، وتعاملوا معها على أنها حفنة تراب، وكادت تضيع لولا أن هيأ الله لها جنداً أخذوا بيدها إلى بر الأمان على يد أحد أبنائها المخلصين الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى أخذ على عاتقه مهمة بنائها من جديد حتى تبوأت مكانتها المرموقة بين الدول المتقدمة التى يحسب لها ألف حساب، أنقذ «السيسى» مصر من حكم الظلام، ثم أنقذها من الإرهاب المدعوم من الداخل والخارج والذى أرهقها عدة سنوات، ولم يكن «السيسى» طامعاً فى السلطة، ولكنه نفذ أمر الشعب الذى نزل بالملايين إلى الميادين يطالبه باستكمال مسيرة البناء. قبل «السيسى» المهمة الصعبة رئيساً للبلاد، فى وقت صعب وانحاز للشعب الذى انحاز له، وجعل «السيسى» الشعب له ظهيراً، لم ينتم لحزب، ولم يكن له حزب من الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة، وطبق الدستور كما يجب، وعندما لاحظ ارتباك الأحزاب السياسية بسبب التخمة الموجودة هى الساحة قدم نصيحة كم ذهب لو أخذت بها الأحزاب لكانت أوضاعاً كثيرة تغيرت أقلها نشأة البرلمان القوى الذى ننشده وتستحقه مصر، عندما اقترح الرئيس السيسى على الأحزاب أن تندمج، وأن يبقى على الساحة السياسية ثلاثة أو أربعة أو خمسة أحزاب قوية يتنافسون فى الانتخابات البرلمانية ليظهر منها حرب الأغلبية، ولكن الأحزاب الى أصبحت تزيد على المائة فضلت المظاهر والمناصب الحزبية على العمل الحزبى الحقيقى.
انحياز «السيسى» للشعب عندما أصدر «ڤيتو» لأول مرة يتخذه حاكم مصرى منذ فجر التاريخ، وهو تصحيح مسار الانتخابات البرلمانية هو انحياز للدستور الذى أكد أن السيادة للشعب وحده، يمارسها ويحميها وهو مصدر السلطات، والبرلمان هو الضلع الثالث فى مثلث الحكم مع السلطة التنفيذية والسلطة القضائية والمسار الذى حدده «السيسى» هو ألا يدخل مجلس النواب إلا من يختاره الناخبون من خلال انتخابات حرة نزيهة، تحية لرئيس مصر الذى يبنى دولة الحضارة من جديد.