لماذا غيرت كامالا هاريس مسقط رأسها في سيرتها الانتخابية؟
تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT
رغم كونها عاشت طفولتها في مسقط رأسها بمدينة بيركلي بولاية كاليفورنيا الأمريكية، إلا أن المرشحة للانتخابات الأمريكية كامالا هاريس لم تذكر ذلك في سيرتها الانتخابية، بحسب ما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.
وقضت كامالا هاريس جزءًا كبيرًا من طفولتها تعيش في منزل لونه أسفر متواضع في بيركلي، ولكن أثناء حملتها الانتخابية للرئاسة، تطلق على نفسها اسم «ابنة أوكلاند»، وذلك دون إبداء أي أسباب واضحة لذلك.
وأطلقت «هاريس» على مسقط رأسها اسم الخليج في خطابها ليلة الخميس الماضي، وهي إشارة إلى مدينة «أوكلاند» أكبر مدينة في الخليج الشرقي الأمريكي، وتقع مدينة «بيركلي» بجانبها.
طريقة لجذب الناخبينوأشار محللون سياسيون، إلى أن السبب وراء عدم ذكر «هاريس» مسقط رأسها، نظرًا لأن «أوكلاند» هي منطقة يعيش فيها الطبقة العاملة، وهي طريقة تستخدمها المرشحة الديمقراطية لجذب الناخبين.
ولاحظ السكان المحليون أن «هاريس» تطلق على مدينة بيركلي المدينة اليسارية المتطرفة، وأوكلاند الطبقة العاملة.
متى بدأت في الإشارة إلى «أوكلاند»؟بدأت «هاريس» في تغيير جذورها بالولايات المتحدة في «بيركلي» منذ سنوات عندما استعدت لأول مرة للترشح لمنصب على مستوى الولاية في كاليفورنيا، اليوم، غالبًا ما تصف نفسها بـ«ابنة أوكلاند»، وهي عبارة تربطها بمدينة من الطبقة العاملة.
ليست كامالا هاريس وحدهاوليست كامالا هاريس هي السياسية الوحيدة التي انتقت سيرتها الذاتية لتتناسب مع الانتخابات أو الأحداث السياسية داخل أمريكا، فجورج بوش الأب، روج لنفسه على أنه من «تكساس»، على الرغم من أن منزل طفولته في ولاية كونيتيكت.
وأكدت «نيويورك تايمز»، أن كامالا هاريس ولدت بالفعل في مستشفى أوكلاند عام 1964، لكنها لم تستقر في المدينة وغادرت في العشرينات من عمرها، كما عملت كمدعية عامة في مكتب المدعي العام بالمدينة.
شهادة ميلاد «هاريس»وتشير شهادة ميلادها إلى مبنى سكني بالقرب من حرم جامعة كاليفورنيا في بيركلي، وعندما كانت «هاريس» طفلة صغيرة، انتقلت عائلتها إلى الغرب الأوسط حيث قام والدها، دونالد هاريس، بالتدريس لفترة وجيزة في جامعات في إلينوي وويسكونسن.
بعد انفصال والديها، عادت «هاريس» إلى «بيركلي» مع والدتها عندما كانت في الخامسة من عمرها، واستقرت في النهاية في المنزل الأصفر الصغير.
كانت والدة «هاريس» تتمتع بنشاط احتماعي كبير في مدينتي أوكلاند وبيركلي، ثم انتقلت إلى واشنطن للدراسة بجامعة هوارد، وكانت تعود لمنطقة الخليج لقضاء عطلة الصيف.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: كامالا هاريس هاريس الانتخابات الأمريكية کامالا هاریس مسقط رأسها
إقرأ أيضاً:
الفوضى الرقمية بين أوهام الحرية والخصوصية المستباحة
في زمنٍ باتت فيه مواقع التواصل الاجتماعي نوافذ لا تُغلق، وشاشات لا تنام، وتحوّلت إلى ميادين مفتوحة تُخاض فيها معارك الكلمة والصورة بلا ضوابط، وتُنتهك فيها خصوصيات الأفراد، كما تُنتهك الأرواح في الحروب الخفية.
بين منشور يحمل شائعة، وصورة تُنتزع من سياقها، وفيديو يُجتزأ عن عمد، تتوه الحقيقة في زحام الثرثرة الرقمية التي أصبحت مرآةً مشوشة تعكس تفاصيل حياتنا الصغيرة، وتلتقط لحظاتنا الأكثر هشاشة.
فهل ما نراه اليوم حرية تعبير؟ أم أننا نعيش تحت سطوة حرية زائفة تبيح كل الانتهاكات؟
لقد تحولت المنصات إلى أدواتٍ للهدم، والابتزاز، والتشويه، والاغتيال المعنوي. يتساقط خلف منشوراتها عشرات الضحايا من الأسر والأفراد، بل والدول بأكملها، دون أن يُرفع في وجه الجريمة سوى "تفاعل بالإعجاب أو الغضب" أو "المشاركة".
وتحوّلت وسائل التقارب الاجتماعي والتعبير الحر إلى ساحاتٍ يعيث فيها البعض فسادًا، بأسماء مستعارة وصفات مهنية مزيفة. ووسط هذه الفوضى، تتكبد الأسر والدول والمجتمعات أثمانًا باهظة، على المستويين النفسي والمادي، في حين يقف الضحايا حائرين بين الصمت الموجع وردّ الاعتبار، الذي قد لا يُنصف في الوقت المناسب.
في كل بيت حكاية، وفي كل عائلة أسرار لا يحق لأحد أن ينتهكها. ومع ذلك، نجد أنفسنا اليوم أمام واقع مرير تُنتهك فيه خصوصيات الناس بلا رادع، وتُنشر صور أو معلومات تمسّ حياة ربّ الأسرة أو أحد أفرادها، دون مراعاة لتأثير ذلك على نفسيات الأزواج، والأبناء، والبنات. وقد يصبح أحد أفراد الأسرة حديث العامة عبر فيديو مفبرك أو منشور يحمل نصف حقيقة، وكمًّا هائلًا من التهكم أو التنمر، ما يفتح بابًا لجراح نفسية يصعب التئامها، ويقود إلى التفكك أو الانهيار الأسري.
لم تعد الشائعة في هذا العصر بحاجة إلى أكثر من "منشور" حتى تنتشر كانتشار النار في الهشيم. بضغطة زر، يمكن نسف سمعة منتج وطني، أو التشكيك في جودة مشروع قومي، دون علم أو دليل. وهذا الأمر ينعكس مباشرة على الاقتصاد القومي، حيث تتأثر الأسواق، وتُلغى العقود والصفقات، وتهدر فرص استثمارية كان يمكن أن تسهم في تحسين الدخل. فالمعلومات المغلوطة لم تعد مجرد "ثرثرة رقمية"، بل أصبحت أداة هدم مدروسة تُستخدم أحيانًا عن عمد، لضرب اقتصادات الدول من الداخل بأيدي أبناء الوطن.
تحت غطاء "حرية التعبير"، تتسرّب أحيانًا معلومات حساسة تمسّ الأمن القومي في العديد من الدول، وقد تصل الأمور إلى نشر أسرار عسكرية لا تُعرف مآلاتها. ولئن كانت حرية الرأي مقدسة، فإنها لا تُبرر بأي حال من الأحوال تعريض أمن الوطن للخطر. فثمة خطوط حمراء لا يجب تجاوزها، وثمة قضايا لا تقبل المجازفة تحت ذرائع وهمية.
تتسابق الأيدي على إعادة نشر صورة أو فيديو، يعتبرها الكثيرون "دليلًا قاطعًا" في حيثيات حكم على حياة الأبرياء، ثم يُكتشف بعد فوات الأوان أن الصورة مجتزأة، والفيديو قديم، أو محرّر بطريقة ماكرة لتغيير السياق. رغم ذلك، قد يعود البعض إلى إعادة النشر مرة ثانية وثالثة بعد سنوات، معتبرًا هذه "الأنصاف" حقائق كاملة، في حين أن الحقيقة لا تُستخلص من جزء مقتطع، بل من مجمل الوقائع والمعطيات.
لماذا لا يُكلّف البعض أنفسهم عناء الدخول إلى الموقع الإخباري الذي نُسب إليه الخبر المفبرك في قالب صورة مصطنعة؟ لماذا لا يسألون: من قال؟ ومتى؟ وكيف؟ وما المصدر؟
الإجابة ببساطة: لأن رغبة "أن يكون أحدهم أول من نشر" تطغى على الرغبة في التثبت.
إن تسابق البعض لنشر أخبار زائفة وصور مفبركة، يُشير إلى حالة من اللهاث وراء التفاعل، حتى ولو كان ثمن ذلك تشويه سمعة أبرياء، وتدمير حياة أسرة، أو هدم كيان يشكل مصدر دخل وحيدا لمئات البسطاء.
كم مرة رأينا مئات المنشورات عن شخصٍ قيل إنه تخلّص من حياته، قبل أن يصدر عن جهات التحقيق بيانٌ واحد أو معلومات مؤكدة؟
ويتجرأ البعض على إعلان مصير إنسان قبل انتهاء التحقيقات، ويُتداول مثل هذا الخبر دون إدراك لحجم الألم الذي يُصيب أهل الضحية وذويه. وفي كثير من الحالات، يتبيّن أن المتوفى ما زال على قيد الحياة، أو أن خلفية الواقعة مغايرة تمامًا لما نشرته مئات الحسابات والصفحات.
يصبح أحدهم قاضيًا وجلادًا في آنٍ واحد، يحكم على متهم لم يرَه، ويدين متورطًا لم يستمع لأقواله، ويحكم في وقائع لم ولن يشاهدها رأي العين، كل ذلك اعتمادًا على منشور متداول قد يكون صادقًا، وقد يكون مجرد أكذوبة صيغت بدهاء. لكن التفاعل السريع والانتشار الواسع يخلقان وهم الحقيقة، ويجعلان من إعادة النشر جريمة معنوية تُمارَس بلا حساب.
حين يعترض أحدهم على فعل أو قول لشخصية عامة، لا يجد في قاموسه ما يُعبّر به سوى الشتائم، والسباب، والألفاظ القبيحة، والسخرية المهينة، وكأن الحق في حرية التعبير يعني حرية السب والقذف والتشهير، والتجريح، والتخوين. لقد باتت منصات التواصل مصدرًا من مصادر التلوث اللغوي والاجتماعي، حتى أصبحت تعليقات بعض المستخدمين تمثل إساءة لا للفرد فحسب، بل للثقافة المجتمعية بأسرها.
إلى متى يصمت الضحايا؟ لماذا لا يتخذون الإجراءات القانونية لردّ اعتبارهم؟ لماذا يسمحون للمتنمرين والمبتزّين بالاستمرار في أفعالهم دون عقاب؟
الصمت لم يكن يومًا حلًا، بل هو ما يُغري المعتدي بتكرار فعله. ومع أن القوانين تكفل الحماية، فإن الضحية في كثير من الأحيان يختار التواري بدلًا من المواجهة، مما يُكرّس ثقافة الإفلات من العقاب.
عزيزي القارئ، إذا كنت أنت الضحية، تذكّر أن الصمت على مثل هذه الجرائم مشاركة فيها، وأن التفريط في الحق يبدأ حين لا تطالب به.
أما حين تتفاعل مع منشور مسيء، أو تعيد نشر معلومات مُضللة، فإنك تسهم في جرائم الاغتيال المعنوي، حتى لو كنت تظن أنك مجرد "ناقل".