الجزيرة:
2025-05-23@21:13:26 GMT

تايوان القنبلة الجيوسياسية الموقوتة

تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT

تايوان القنبلة الجيوسياسية الموقوتة

تتعدّد المخاطر التي يشهدها العالم اليوم، وقد حصرها المنتدى الاقتصادي العالمي بالتعاون مع شركة مارش ماكلينان ومجموعة زيورخ للتأمين في تقريره الذي أصدره في 10 يناير/ كانون الثاني 2024 في مخاطر رئيسية أربعة تُعد محل اتفاق أكثر من ثُلثي الخبراء الذين ساهموا في إعداده، وتشمل هذه المخاطر التغير المناخي، التغيرات الديمغرافية، التقنيات التكنولوجية الناشئة، والصراعات والنزاعات الجيوسياسية، وتوظيف التكنولوجيا في إدارتها.

وما يهمنا في هذا المقال النوع الرابع من المخاطر وأخذ قضية تايوان كنموذج للتحليل، إذ تُمثل هذه القضية واحدة من النزاعات الجيوسياسية المحتملة التي يبدو فيها بشكل جلي تشابك التوترات الجيوسياسية والتكنولوجيا كواحدة من أهم المخاطر الأمنية التي تواجه العالم في إطار التنافس الإستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين.

فتايوان اليوم تُعدُ – حسب رأي كثير من المشتغلين في حقل العلاقات الدولية – المكان الأكثر خطورة على وجه الأرض منظورًا إليها من زاوية رغبة القيادة الصينية التي أعربت باستمرار عن عزمها تحقيق إعادة الوحدة مع تايوان، حتى لو تطلب ذلك استخدام القوة العسكرية وقابلية أن تقود تلك الخطوة إلى اندلاع حرب بينها وبين الولايات المتحدة، وبناءً على تلك الاحتمالية تبرز عدة تساؤلات منها إلى أي مدى تُعتبر الصين جادة في تهديداتها بغزو تايوان؟

وماذا يعني هذا بالنسبة لمعادلة الصراع الإستراتيجي بين القوتين العظميَين في العالم الآن؟ ولماذا تعد تايوان مهمة، ولماذا يجب على أميركا أن تهتم بمصيرها؟ وهل الولايات المتحدة مستعدة للدفاع عن تايوان والحفاظ على التزامها بالسلام والاستقرار في المنطقة؟ وما علاقة هذه المعركة المُحتملة بتحديد موازين القوى العالمية ومن ثم تحديد هوية القوة المسيطرة على النظام الدولي المتوقع تبلوره وتشكُله على خلفية تلك التداعيات؟

الأهمية التنافسية لتايوان

أضفى الموقع الجيوستراتيجي لتايوان بعدًا مُهمًا لهذا المضيق، فضلًا عن أنّ ارتباطها ببحر الصين لعب دورًا بارزًا في رفع قيمتها التنافسية التي تتميز بها. فخليج تايوان يربط بحر الصين الجنوبي في الجنوب ببحر الصين الشرقي في الشمال، والذي يُمثل – بحر الصين الجنوبي- واحدًا من أكثر الممرات المائية ازدحامًا في العالم، إذ يُقدر حجم التجارة البحرية التي تعبره سنويًا بما قيمته 3.4 تريليونات دولار، ويشمل ذلك إمدادات الطاقة لحلفاء الولايات المتحدة في الإقليم، وهما اليابان وكوريا الجنوبية، ووفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، يحتوي مضيق بحر الصين الجنوبي على نحو 11 مليار برميل من النفط المصنف كاحتياطيات "مؤكدة" أو "محتملة".

وتبدو ثمة علاقة واضحة بين السيطرة على تايوان والتحكم في بحر الصين الجنوبي، فالسيطرة على تايوان تمنح الصين الكثير من المزايا الإستراتيجية في إطار سعيها لتغيير معادلة القوة العالمية والتحول من خانة الدولة الكبرى إلى مربع الدولة العظمى، وذلك من قبيل حصولها على قاعدة عمليات متقدمة لمراقبة حركة الملاحة البحرية والسيطرة عليها، وفرض القوة الجوية والبحرية في عمق بحر الصين الجنوبي، بجانب استفادتها مما تمتلكه تايوان من قدرات عسكرية نوعية تحصل عليها من أميركا.

ولعل كبرى الميزات التنافسية التي ستتوفر للصين في حال ضمها تايوان، هي إثبات قوتها العسكرية ونفوذها الدولي الذي ربما قاد لتأسيس نظام دولي جديد قائم على تعدّد الأقطاب بدلًا عن النظام الأحادي الذي تديره الولايات المتحدة الآن.

أما بالنسبة لواشنطن فإنّ تايوان تُمثل أهمية إستراتيجية كبرى من الناحية الأمنية، إذ تتمتع بخليج يقع عند عقدة حاسمة داخل سلسلة الجزر الأولى، والذي يساعدها في ترسيخ شبكة من الحلفاء والشركاء الرئيسيين في منطقة تمتد من الأرخبيل الياباني إلى الفلبين وحتى بحر الصين الجنوبي، وهو أمر بالغ الأهمية لأمن المنطقة وحاسم للدفاع عن المصالح الحيوية للولايات المتحدة في منطقة المحيطين: الهندي والهادئ، وحاسم كذلك لجهة منع الصين من السيطرة على بحر الصين الجنوبي ومن ثم إعلان سيطرتها على آسيا كخطوة رئيسية في تنافسها الإستراتيجي مع الولايات المتحده وشركائها الإقليميين.

لذا فإنّ مصير تايوان سيحدد إلى حد كبير توازنَ القوى الإقليميَّ والدوليَّ، ولهذا فإنّ اهتمام واشنطن بتايوان ينبع من الرغبة في احتواء بكين ومنعها من إقامة بنية تحتية عسكرية تشمل أجهزة المراقبة تحت الماء والغواصات ووحدات الدفاع الجوي على الجزيرة بالشكل الذي يجعلها – الصين – قادرة على الحد من عمليات الجيش الأميركي في المنطقة، وبالتالي قدرته – الجيش الأميركي – على الدفاع عن حلفائه الآسيويين.

النوايا الصينية

لم يعُد خافيًا على المراقبين نية الصين ومساعيها الجادة في ضم تايوان للاعتبارات التي تمت الإشارة إليها، ومن بين أحد أقوى المؤشرات التي تصب في هذا الاتجاه هو ما تم الإعلان عنه في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، بأنّ الرئيس الصيني شي جين بينغ سيتولى فترة ولاية ثالثة غير مسبوقة في قيادة الحزب الشيوعي الصيني، ونشير هنا إلى الخطاب الذي ألقاه أمام المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني، والذي قال فيه إنّ "إعادة الوحدة الكاملة لبلدنا يجب أن تتحقق، ويمكن تحقيقها بلا شك"، مضيفًا بالقول إنّ جمهورية الصين الشعبية "تحتفظ بخيار اتخاذ جميع التدابير اللازمة".

ويبدو من تصريحات الرئيس الصيني العلنية أنّ الصين تنتظر اللحظة المواتية لضم تايوان، ويجب أن نقرأ تصريحات شي جين في سياقين: الأول يرتبط بحرصه الشديد على إنجاز هذه المهمة بكل الوسائل المتاحة في فترة ولايته الثالثة، والثاني من خلال العمل على أن يتم ذلك في سياق الرؤية الإستراتيجية للصين 2030، فهذا العام يُمثل منعطفًا حاسمًا بالنسبة للصين على صعيد التنمية الاقتصادية والتقدم التكنولوجي وبناء القدرات العسكرية، فضلًا عن الالتزامات البيئية، وسيكون لهذه التطورات آثار كبيرة ليس فقط على الصين بل وعلى العالم أجمع.

وفي ذات المنحى المرتبط بنية الصين ضم تايوان أفادت مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية أفريل هاينز إبان إحاطتها للجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ في مايو/ أيار 2022، بأن "الصين تراقب كيف تستجيب دول العالم لروسيا وتفكر في غزو محتمل لتايوان". وعضد هذا المعنى رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في المنتدى الأمني بمدينة شانغريلا بسنغافورة في يونيو/حزيران 2022 بالقول " أنا شخصيًا لدي شعور قوي بالإلحاح بأن أوكرانيا اليوم قد تصبح شرق آسيا غدًا".

الإستراتيجية الأميركية

تعتمد الولايات المتحدة على مبدأ تعزيز الردع في مضيق تايوان، وقد أكد إيلي راتنر، مساعد وزير الدفاع لشؤون الأمن في منطقة المحيطين: الهندي والهادئ، للجنة القوات المسلحة بمجلس النواب في 19 سبتمبر/أيلول 2023، أن وزارة الدفاع تعمل مع وكالات حكومية أخرى وحلفاء وأصدقاء؛ لتعزيز الردع عبر مضيق تايوان؛ لضمان السلام والازدهار في منطقة المحيطين: الهندي والهادئ، وترتكز إستراتيجية واشنطن على المبادئ الستة التي تم إقرارها في عام 1982، أثناء المفاوضات بشأن البيان المشترك الثالث بين الولايات المتحدة والصين بشأن مبيعات الأسلحة إلى تايوان، إذ تشمل هذه المبادئ الآتي:

عدم تحديد أميركا موعدًا لإنهاء مبيعات الأسلحة لتايوان. لن تغير الولايات المتحدة شروط قانون العلاقات مع تايوان. لن تتشاور الولايات المتحدة مع الصين مسبقًا قبل اتخاذ القرارات بشأن مبيعات الأسلحة الأميركية إلى تايوان. لن تتوسط الولايات المتحدة بين تايوان والصين. لن تغير الولايات المتحدة موقفها بشأن سيادة تايوان، ذلك أن المسألة هي مسألة يجب أن يقررها الصينيون أنفسهم سلميًا، ولن تضغط على تايوان للدخول في مفاوضات مع الصين. لن تعترف الولايات المتحدة رسميًا بالسيادة الصينية على تايوان.

في السادس عشر من مايو/أيار 2016، اتخذ مجلس النواب الأميركي قرارًا متزامنًا، أعطى فيه الصياغة الرسمية الأولى للضمانات الستة، ليترافق ذلك مع تطور تشريعي مهم، جاء مؤكدًا على الالتزام الأميركي الرسمي بضمان أمن تايوان والتعهد بحمايتها.

ففي أواخر عام 2022، أقر الكونغرس قانونًا حمل مُسمى تفويض الدفاع الوطني لعام 2023، الذي وقع عليه الرئيس الأميركي جو بايدن، وقد تضمن قسمًا بعنوان "قانون تعزيز مرونة تايوان". إذ يسمح هذا القسم بمنَح وقروض بقيمة 2 مليار دولار سنويًا لتايوان لمدة خمس سنوات، ويسمح بإرسال مليار دولار سنويًا للمخزونات العسكرية إلى تايوان في حالة الطوارئ.

التداعيات

ويبدو أحد أبرز التداعيات المتوقعة جراء احتلال الصين لتايوان هو هيمنتها على آسيا، وسوف يعني ذلك أن يكون لها نفوذ مسيطر على ما يقرب من نصف الاقتصاد العالمي. وبفضل هذه القوة، ستكون قادرة على أن تصبح الدولة الأغنى والأكثر أمنًا اقتصاديًا والأكثر نفوذًا في العالم، ونتيجة لذلك تستطيع أن تحول قوتها الاقتصادية المفترضة إلى تعزيز عناصر قوتها في القطاعات الأخرى، والتي يأتي على رأسها القطاع الأمني والعسكري.

أما بالنسبة للعالم فإن الشركات التايوانية تصنع ما يقرب من 70% من الرقائق الإلكترونية في العالم، ونحو 90% من أكثر الرقائق تقدمًا، وإذا فقد العالم القدرة الإنتاجية لتايوان، فلن يكون بمقدور أية جهة سدّ هذه الفجوة في الأمد القريب، الأمر الذي سيكون له انعكاسات خطيرة ومدمرة على الاقتصاد العالمي، خاصةً المنتجات التي تحتوي على التكنولوجيا تقريبًا، من الهواتف الذكية إلى أجهزة الكمبيوتر والسيارات والطائرات والكثير من الصناعات الدفاعية والطبية.

يُضاف لذلك إمكانية حدوث اضطراب عالمي فيما يتعلق بسلاسل التوريد، الأمر الذي قد يتسبّب في نقص السلع وارتفاع الأسعار عبر مجموعة واسعة من الصناعات. وقد يؤدي هذا إلى توقف الإنتاج وتدهوره، بل وفقدان نسبة كبيرة من الوظائف.

سيناريوهات:

السيناريو الأول: إعادة الوحدة سلميًا في إطار دولة واحدة بنظامين

يعتمد هذا السيناريو على نجاح الصين في إقناع تايوان بقبول إعادة الوحدة بموجب نموذج دولة واحدة ونظامَين، على غرار نموذج هونغ كونغ وماكاو. وقد يتضمن هذا إجراء مفاوضات، وحوافز اقتصادية، وضمانات بالحكم الذاتي لتايوان، ولكن هناك عقبات تجعل منه خيارًا غير محتمل؛ نظرًا لتصاعد الإحساس بالهوية الوطنية التايوانية، وعدم الثقة في الوعود الصينية على خلفية تآكل الحكم الذاتي في هونغ كونغ.

السيناريو الثاني: المحافظة على الوضع الراهن مع الردع والدبلوماسية

يقوم هذا السيناريو على استمرار الوضع الحالي، مع احتفاظ تايوان باستقلالها الفعلي، واستمرار الدعم العسكري الأميركي مع تصاعد حدة الضغط من الجانب الصيني على تايوان دون استخدام القوة، وذلك في إطار تفادي المخاطر المحتملة للصراع مع الولايات المتحدة. وهذا السيناريو يعد الأقرب من بين السيناريوهات المطروحة.

السيناريو الثالث: الصراع العسكري مع التدخل الأميركي المحدود

يعتمد هذا السيناريو على قيام الصين بشن عملية عسكرية محدودة ضد تايوان؛ بهدف الاستيلاء على الجزر النائية أو حصار الجزيرة الرئيسيّة، الأمر الذي سيدفع أميركا للتدخل عن طريق توجيه ضربات عسكرية محدودة، وتقديم المساعدة لتايوان، مع تجنّب الدخول في حرب شاملة مع الصين.

السيناريو الرابع: حرب شاملة بين الولايات المتحدة والصين

يعتمد هذا السيناريو على قيام الصين بغزو تايوان على نطاق واسع، مما يؤدي إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة. وقد يشمل هذا معارك جوية وبحرية ضخمة، وحربًا إلكترونية، وربما حتى أسلحة نووية.

الخلاصة

تُمثل تايوان منطقة حاكمة ولديها الكثير من الميزات التي تجعلها مؤهلة لحسم صراع النفوذ والقوة بين الشرق بقيادة الصين، والغرب بقيادة الولايات المتحدة على المديَين: المتوسط والبعيد.

ورغم مخاطر أي نوع من أنواع المواجهة بين القوتين، يظل احتمال المواجهة العسكرية الشاملة خيارًا لا مفرّ منه من منظور المدرسة الواقعية الهجومية في العلاقات الدولية ولو على المدى الطويل من واقع أنّ نشوء واضمحلال الإمبراطوريات يظلان محكومين بعوامل القوة وليس قوة القانون.

ويظل الباب مفتوحًا لاختبار صحة ما ذهب إليه إيان إيستون الأستاذ المشارك في معهد الدراسات البحرية الصينية التابع لكلية الحرب البحرية الأميركية في كتابه القيم: "التهديد بالغزو الصيني""The Chinese Invasion Threat" بأنّ الصين كانت تستعد بنشاط لمثل هذا الغزو لسنوات عديدة، وأنها الآن قادرة على شنّ هجوم ناجح.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات بین الولایات المتحدة هذا السیناریو على بحر الصین الجنوبی إعادة الوحدة على تایوان ا بالنسبة فی العالم فی منطقة فی إطار

إقرأ أيضاً:

التعدين في قاع البحار.. هل تستطيع الولايات المتحدة تحويله إلى واقع؟

في مخزن واسع بمصنع لمعدن النيكل في مدينة هاشينوهي شمال اليابان جلس رجال يرتدون سترات رسمية ويعتمرون خوذات على الأرض لتفحص أطباق تحتوي على مادة خام سوداء تتفتت في اليد ومكعبات معدنية لامعة.

وجهت شركة التعدين الكندية "تي أم سي" الدعوة لهؤلاء الرجال لعرض "بضاعتها" عليهم، وهم تجار من شركتي ميتسوبيشي كوربوريشن وجلينكور لتجارة السلع ومدراء لشركات معادن صينية وكورية وشركة إنتاج البطاريات اليابانية "باناسونك إنيرجي".

المواد المعدنية التي شاهدوها انتُشلت من قاع المحيط الهادي على بعد 4000 متر تقريبًا تحت سطح الماء قبل نقلها إلى المصنع لصهرها ومعالجتها، ويقول دايسوكي ساساكي ممثل شركة باسيفيك ميتالز التي تملك المصنع: "بنفس هذه الكمية من الطاقة يمكننا الحصول على المزيد من المواد كالنيكل والكوبالت والنحاس والمنجنيز وهذه الطريقة أرخص وأفضل للبيئة من التعدين في البر".

أمر تنفيذي

التعدين في أعماق البحار لم يبارح عالم الخيال وينتقل إلى أرض الواقع على مدى قرن أو يزيد، ولم ينقطع الرجاء في استخراج المعادن التي توجد في قاع البحر ورفعها إلى السطح وتحويلها إلى مواد مفيدة (وقَيِّمة) منذ اكتشاف ترسباتها هناك، ويأمل البعض أن يقلل تعدينها من النفايات السامَّة وانتهاكاتِ حقوق الإنسان المرتبطة بالتعدين في اليابسة.

لكن حتى وقت قريب ظل التعدين تحت البحر إلى حد بعيد من قصص الخيال العلمي؛ فالعمل في أعماق سحيقة وفي إحدى البيئات الأشد قسوة في كوكب الأرض معقَّد تقنيًا وباهظ التكلفة، كما تشكل المخاوف من أن يزعزع الحفر في قاع البحر استقرار الحياة البحرية التي تزدهر هناك تحديًا أعظم مع خضوع التعدين واسع النطاق في المياه الدولية لحظر "فعلي" منذ تسعينات القرن الماضي.

دشن المقاولون المقيمون في بلدان تشمل الولايات المتحدة والصين والهند واليابان والنرويج اختباراتِ للمعادن دون أن ينتقلوا إلى استخراجها على نطاق تجاري، والمفاوضات حول كيفية تحويل التعدين في المياه الدولية إلى واقع تجري منذ سنوات، لكنه دخل دائرة الاهتمام مع احتدام التنافس من أجل المعادن المستخدمة في البطاريات وشبكات الكهرباء وصناعة الصلب وتسليط حرب التجارة الضوء على قبضة الصين الخانقة على سلسلة التوريد.

في الشهر الماضي أوضح دونالد ترامب أنه يرغب في أن تقود الولايات المتحدة ما دعته حكومته "التدافع القادم نحو تعدين الذهب"، وبعد تعرض حكومته إلى ضغوط من شركة تي أم سي المدرجة في مؤشر ناسداك والتي يعتقد أنها تقود مجموعة من الشركات الخاصة وقَّع ترامب في الشهر الماضي أمرًا تنفيذيًا يؤكد أن الولايات المتحدة لها الحق في إصدار رخص التعدين في المياه الدولية. وأشار الأمر التنفيذي الذي دعا إلى التعجيل بإصدار مثل هذه الرخص إلى أن معادن قاع البحار يمكن تخزينها كأصول استراتيجية.

هذا التحرك واحد من سلسلة تحركات هدفها تأمين الوصول إلى معادن حساسة وشملت مساعٍ لعقد صفقات مع بلدان مثل أوكرانيا وجرينلاند وجمهورية الكونجو الديموقراطية.

هوجم الأمر التنفيذي على الفور بواسطة المفوضية الأوروبية والصين، ليس أقله لأنه يناقض إجماعًا انعقد منذ فترة طويلة بأن الرُّخَص الخاصة بالمياه الدولية يمكن إصدارها فقط بواسطة سلطة مفوضة بواسطة الأمم المتحدة هي الهيئة الدولية لقاع البحار، وفي الشهر الماضي حذرت وزارة خارجية الصين من "أن يتجاوز أي بلد الهيئة الدولية لقاع البحار أو القانون الدولي".

أعتبرت ماكسين ديكستر عضوة الكونجرس عن الحزب الديموقراطي التعدين في قاع البحر "مسعى ينطوي على مخاطرة عالية ومردود متدني"، وكانت ديكستر تتحدث في جلسة اجتماع لجنة تابعة للكونجرس عن الموارد الطبيعية في الشهر الماضي.

يخشى أنصار البيئة من أن ذلك قد يفتح المجال لكل من هبّ ودبّ ويتسبب في ضرر دائم لأحد الأنظمة البيئية الأقل تأثرًا بنشاط البشر ولا يُعرف عنه الكثير، ويشعر المحللون بالقلق من أن يبتدر نزاعاتٍ بحرية حول كل شيء من كوابل قاع البحر إلى حقوق صيد الأسماك ومن القطب الشمالي إلى بحر جنوب الصين.

تقول مونيكا ميدينا مساعدة وزير الخارجية لشؤون المحيطات في إدارة بايدن: "يستخدم المجرمون أعالي البحار في تجارة السلاح والمخدرات"، وتضيف: "أكرَه أن أرى التعدين وهو يصبح أحد هذه الأنشطة".

هنالك أيضًا عدم يقين حول ما إذا كان التعدين في أعماق البحار سينجح على الإطلاق بدون مشاركة الصين التي تسيطر على ثلاثة أرباع إنتاج العالم من البطاريات ولديها ميزة تنافسية في تقنيات البنية التحتية للنقل البحري واستخراج المعادن وصهرها.

ويتساءل العديدون عن الجدوى التجارية لهذا التعدين، وذكرت ديسكتر في جلسة الاستماع أن "النماذج المالية لصناعة التعدين البحري ترتكز على افتراضات شاطحة في تفاؤلها وتقلل من تقدير التحديات البالغة في العمل تحت ضغط عالٍ جدًا وفي درجات حرارة تحت الصفر وظروف تآكلية (تهدد بتآكل المكونات المعدنية)".

ويقول براديب سينغ وهو خبير قانوني لمؤسسة أوسيانو آزول ومقرها لشبونة: "إنها لفرصة طيبة أن تتوحد الدول في معارضة (هذا التعدين)، سيكون هنالك استقطاب لضمان ألا يتحول إلى مأساة فقط لأن بلدًا واحدًا يريد أن يمضي في هذا الاتجاه".

عُقَيْدَات متعددة المعادن

أثناء رحلة لترسيم قاع بحار العالم في سبعينيات القرن التاسع عشر دهش العلماء الذين أبحروا على متن السفينة البريطانية "أتش أم أس شالينجر" عندما انتشلوا أجسامًا سوداء غريبة وبيضاوية الشكل اتضح أنها مكونة من عناصر معدنية.

قبل ملايين السنين وفي قاع ما يسمى الآن المحيط الهادي بدأت ذرات ضئيلة من المعادن العالقة في الماء تتراكم حول أنقاض أو بقايا عضوية كأسنان سمك القرش وحبيبات الطمي وشكلت في نهاية المطاف ما يعرف بالعُقَيدات متعددة المعادن، وفي حين وُجِدت المعادن أيضًا في القشور الصخرية بالقرب من مواقع النشاط البركاني تحت الماء أو في النتوءات بين الصفائح التكتونية إلا أن أكداس العقيدات الكثيفة التي وجدت في قاع المحيط الهادي الشرقي هي التي جذبت معظم الاهتمام.

ولم تبدأ أولى المحاولات لاستغلال الخامات المعدنية في قاع البحر إلا بعد قرن من ذلك، ففي عام 1970 شرعت الشركة الأمريكية "ديب سي فينتشرز" في إجراء اختبارات قبالة ساحل كارولاينا الشمالية باستخدام تقنية تفريغ هيدروليكي بسيطة لاستخراج العقيدات المعدنية.

أعلنت الأمم المتحدة في ذلك العام أن قاع البحر "ميراث مشترك للبشرية"، وبعد ثلاثة أعوام لاحقًا كتبت الشركة إلى وزير الخارجية وقتها هنري كيسنجر مطالبة بحصانة دبلوماسية للتوسع في اختباراتها في المياه الدولية، وتكشف وثيقة لوكالة الاستخبارات المركزية رُفعَ عنها غطاء السرية أن الطلب رفض لأسباب قانونية.

وعندما أوجدت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 إطارًا قانونيًا أفقد انهيارٌ في أسعار المعادن الفكرةَ قدرًا كبيرًا من جاذبيتها، وفي عام 1994 بدأ أخيرًا سريان المعاهدة وتأسست جهة تنظيمية هي الهيئة الدولية لقاع البحار اتخذت مقرها في جامايكا، وقاد ذلك فعليًا إلى تعليق التعدين في المياه الدولية، ورفضت الولايات المتحدة التصديق على المعاهدة لكنها وقعت على اتفاقية تعترف ببنود المعاهدة المتعلقة بقاع البحار، وهي تحضر اجتماعات الهيئة بصفة غير رسمية.

ولدت صناعة تعدين قاع البحار الحديثة في العشرية الثانية من هذا القرن عندما بدأت الحاجة تشتد للمعادن مع التحول إلى الطاقة الخضراء، ومن بين الشركات الرائدة في هذا المجال الآن "تي أم سي" وشركة "جلوبال سي مينرال ريسورس" البلجيكية للتعدين البحري، وعلى الرغم من أن التقنية لم تختلف كثيرا عن السابق (وتتمثل في رفع أنظمة شفط ضخمة عُقيداتِ المعادن إلى سفن التجميع التي تنتظر عند سطح البحر) ألا أن كلتا الشركتين حاولتا إيجاد طرق جديدة للتقليل من الإضرار بالحياة البحرية.

أيدت حكومات عديدة من بينها سنغافورة وبلجيكا وبريطانيا والهند وروسيا إصدار عقود الاستكشاف التي منحتها الهيئة الدولية لقاع البحار في السنوات الأخيرة، ووفقًا للهيئة ساندت الصين منحَ المزيد من العقود أكثر من أي بلد آخر،

وورد في تقرير عن مسح جيولوجي أجرته الولايات المتحدة عام 2022 أن العقيدات والقشور الغنية بالمعادن "تشكل خزانًا معدنيًا كبيرًا"، وأبلغت شركة تي إم سي المستثمرين بأن النيكل والكوبالت والمنجنيز أكثر توافرًا في أعماق المحيط من اليابسة، لكن الخبراء يشككون في هذه المقارنة.

قرصان تعدين

يقول المحللون إن جمع المعادن وتحويلها إلى شيء مفيد (دع عنك التربح منها) يمكن أن يكون أشد صعوبة إلى حد بعيد من إيجادها.

يقول المستشار المستقل لايل تْرَتين: "لدينا أدلة كافية على أن (التعدين في البحار) ممكن فنيًا؛ (لكن) هل سيكون اقتصاديا؟ ومقبولا اجتماعيا؟ وهل ستنشأ سلسلة توريد؟ كل هذه علامات استفهام (مُعلَّقة)".

في الشهور السابقة لإصدار ترامب أمره التنفيذي اشتدت ضغوط مسؤولي شركة تي أم سي على الإدارة الأمريكية، ويقول رئيسها التنفيذي جيرارد بارون إنه قدم هدية شخصية للرئيس عبارة عن عُقَيدَة معدنية من قاع المحيط الهادي في الشهر الماضي (لم يستجب البيت الأبيض عندما طلب منه التعليق على ذلك).

في أبريل ذكرت الشركة أنها قدمت طلبًا للحصول على رخصة تعدين في المياه الدولية عبر إجراءات "الموافقة السريعة" التي تديرها الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي، وتقول إنها تتوقع الحصول على الرخصة في موعد لا يتعدى العام القادم مما يمهد الطريق لاستخراج المعادن على نطاق تجاري بحلول عام 2027.

قال هاوارد لوتنك وزير التجارة الأمريكي في جلسة الاستماع الخاصة بتأكيد توليه الوزارة في يناير: "كل ما ليس لدينا في اليابسة نحتاج إلى استخراجه"، وكانت شركة الوساطة "كانتور فيتزجيرالد" التي يقودها لوتنك وقتها تعمل كوسيط استثمار رئيسي لشركة تي إم سي للمعادن في ديسمبر، وفقًا لوثيقة نشرها جيرارد بارون على الإنترنت، وتقول كانتور فيتزجرالد أن رئيس مجلس إدارتها السابق "لم يعد لديه أي دور تشغيلي سواء رسميًا أو غير رسمي في شركتنا".

وفي محاولة لإقناع المشرعين الأمريكيين اقترحت شركة تي إم سي معالجة عقيداتها المعدنية في تكساس لتعزيز صناعة البطاريات المحلية، وزعمت أنها يمكنها المساعدة في الإبقاء على سلاسل التوريد محليًا.

اعتبر البعض حماسَ الإدارة الأمريكية للتعدين في البحار لعبة جيوسياسية، ففي السنوات الأخيرة تزايد قلق بعض المسؤولين الأمنيين والساسة في واشنطن من حيازة الصين قصب السبق في تطوير تقنيات التعدين البحري، وذكرت وسائل الإعلام الحكومية في الصين أن العلماء الصينيين أجروا تجربة في جمع العقيدات المعدنية على عمق يزيد عن 4000 متر تحت المحيط الهادي الغربي في يونيو الماضي، وذكرت شركة تشاينا مينْميتالز كوربوريشن وشركة بايونير هاي تك ديفيلوبمنت كوربوريشن وهما صينيتان أنهما تستعدان لإجراء اختبارات استكشافية في قاع البحر في وقت لاحق هذا العام.

كما تدفع الصين بقضيتها إلى الهيئة الدولية لقاع البحار، ويقول مستشار تعدين طلب عدم ذكر اسمه إن الصين سعت بوضوح إلى التأثير على الهيئة من خلال تعهدها بتمويلها هذا العام بمبلغ يفوق ما يقدمه أي بلد آخر.

وكما هو الحال مع تأمين صفقة المعادن الأوكرانية يأمل بعض المشرعين الأمريكيين في أن يُحَيِّد التفوقُ على الصين في تعدين قاع البحار قدرتَها على الرد في حرب تجارية أو صراع عسكري، وأوضحت شركتا تي إم سي والأمريكية "أمبوسيبل ميتالز" قدرة صناعة التعدين في تعزيز استغناء الولايات المتحدة عن سلاسل التوريد الصينية.

لكن الآثار البيئية للتعدين واسع النطاق في أعماق البحار لا تزال غير واضحة، لقد أنفق العلماء سنوات في مناقشة قضايا من شاكلة كيف يمكن أن تحدِث إثارةُ الرواسب اضطرابًا للكائنات الحية في أعماق البحار، ولا يزال من الممكن مشاهدة آثار الحفر في قاع المحيط والتي نتجت عن اختبارات أجرتها شركة جيبسي فينتشرز قبالة ساحل كارولاينا الشمالية عام 1970، حسب مسح أجري مؤخرًا.

يقول أنصار التعدين البحري إنه يمكن أن يساعد العلماء على اكتساب المزيد من المعرفة عن المناطق الأكثر غموضًا في كوكب الأرض وتمويل المزيد من الأبحاث، وتقول شركة "أمبوسيبل ميتالز" إنها صممت مركبة ذاتية القيادة تتحرك تحت الماء وتستخدم التصوير بالذكاء الاصطناعي لكي تضمن أنها تجمع فقط العقيدات التي ليست بها علامات مرئية تشير إلى وجود حياة بحرية كبيض الأخطبوط مثلًا.

لكن بالنسبة لدوجلاس مكولي أستاذ علم المحيطات بجامعة كاليفورنيا سانتا باربارا المضي قدمًا في هذا الاتجاه دون حل القضايا البيئية سيجعل من الولايات المتحدة "قرصان تعدين".

تقول الشركة الفرنسية لتعدين النيكل والمنجنيز "أيراميت" إنها لن تنفذ عمليات استكشافية تحت الماء "بدافع مبدئي"، كما ترى شركة التعدين الكبرى"ريو تنتو" عدم وجوب المضي في التعدين إذا كان من المرجح أن يحدث ضررًا بيئيًا.

حتى شركة تشغيل المصاهر المعدنية اليابانية (باسيفيك ميتالز) لا يمكنها أن تشرع في التعدين مهما كانت التكلفة، حسب رئيسها ماسايوكي أوياما، يقول "اعتقد علينا أن نتوصل إلى أحكامنا بعناية وبعد الانتباه إلى الكيفية التي يتحرك بها المجتمع ككل".

ضوابط تنظيمية

في يوليو سيجتمع الدبلوماسيون من أكثر من 150 بلدًا في جامايكا للمشاركة في آخر اجتماع للهيئة الدولية لقاع البحار هذا العام، يهدف الاجتماع إلى وضع اللمسات الأخيرة لإطار يغطي التعدين تحت البحر ويوضح القواعد المتعلقة بالضرائب والإتاوات (العوائد الحكومية) والأثر البيئي، كما سيشمل أيضًا العقوبات على عدم الامتثال.

وحذرت عالمة المحيطات ليتيسيا كارفاليو التي تقود الهيئة من أن اتجاه الولايات المتحدة لإصدار رخص تعدين بدون تصديق من الهيئة يمكن أن يشكل "انتهاكًا للقانون الدولي"، وذكرت في بيان في أبريل أن انفرادها بذلك يشكل مخاطر تمتد من "العلاقات بين الدول إلى أمن الاستثمارات".

تموضع الصين نفسها باعتبارها الأكثر تعقلًا في جانب التفاوض حول الحقوق في قاع البحار، لكنها لم تستبعد رفع الرهان كما ذكر مستشار مرتبط بالصين طلب عدم ذكر اسمه، يقول: "إذا مضت الأمور في الاتجاه الخاطئ سينظر (الصينيون) في خياراتهم المتاحة فيما يتعلق بالتجارة والعقوبات والرسوم الجمركية".

لا تبدي إدارة ترامب ما يشير إلى تراجعها، ويقول ستيفن جروفز الخبير في القانون الدولي بمؤسسة هيرتدج المحافظة إثارة المخاوف من احتمال أن يقود تحرك الولايات المتحدة لمنح رخص إلى مقاطعة المعادن المستخرجة من قاع البحار ليست أكثر من تهويل للأمور، ويقول: "لا اعتقد أن شيئًا مثل هذا سيتسبب فجأة في انهيار النظام البحري العالمي".

ويقول مساعد برلماني في الكونجرس طلب عدم ذكر اسمه: إذا اتُّهِمت الولايات المتحدة بانتهاك القانون الدولي ستشير ببساطة إلى انتهاكات الصين؛ فبكين ادعت ملكية معظم بحر جنوب الصين، ومن بين مخالفات مزعومة أخرى، تجاهلت حكمًا قضائيًا صدر في عام 2016 بوقوع الشعب المرجانية تحت مياه جزيرة سبراتلي ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة للفلبين.

يقول دنكان كوري المحامي والناشط بتحالف المحافظة على أعماق البحار إن الصين إذا تم تجاهلها "قد تقول: عظيم، سنأخذ بحر جنوب الصين إذن، شكرًا لكم".

هنالك أيضا شكوك حول مزاعم شركة تي أم سي بأنها ستساعد في تقديم بديل لسلاسل التوريد التي تهيمن عليها الصين لمعادن أعماق البحار، فقد زارت ثلاث شركات صينية من بينها "سي أن جي آر" وهي شركة رائدة في إنتاج المواد الكيماوية الخاصة بالبطاريات مدينة هاشينوهي اليابانية لاستكشاف إمكانية التعامل مع " تي أم سي" في الشهر الماضي (هاشينوهي هي موقع مصهر شركة تي أم سي لمعالجة العقيدات متعددة المعادن والتي يتم جمعها من منطقة كلاريون كليبرتون في قاع المحيط الهادي، كما ورد في بداية هذا التقرير - المترجم).

إلى ذلك، ذكر تاو وو، نائب رئيس مجلس إدارة سي أن جي آر، للفاينانشال تايمز أثناء زيارة المصهر أن شركته تتفاوض مع شركة تي أم سي منذ سنوات، وأضاف إنه نصح الشركة بالتعامل مع الموردين الصينيين، يقول: "المال يذهب إما إلى كندا وإفريقيا وأستراليا لتشييد مناجم على اليابسة أو دعم شركات مثل تي أم سي، ويضيف: "التنقيب عن المعادن في البرِّ له مشاكله".

في الأثناء تظل الرغبة في التعدين التجاري متدنية، فقد أيدت شركات جوجل وسامسونج أس دي آي لصناعة البطاريات وبي أم دبليو وفولفو "وقفًا تحوطيًا" أو تعليقًا للتعدين في أعماق البحار، وانضمت بذلك إلى بلدان من بينها البرازيل وبريطانيا وفيجي، كما ذكر بنك لويدز أنه لن يمول عملاء للتعدين في قاع البحار واستبعد ستاندارد تشارترد تمويل هذه المشروعات بشكل مباشر.

في الأثناء تحوطت شركة التعدين جلينكور ببيع حصتها من أسهم شركة تي أم سي في الشهر الماضي مع احتفاظها بحق تعاقدي لشراء النيكل والنحاس من الشركة.

ولم تفصح شركة لوكهيد مارتن التي عاونت في تطوير تقنيات التعدين في قاع البحار في الفترة بين سنوات السبعينيات والتسعينيات عن خططها بشأن رخصتين للاستكشاف في المحيط الهادي يُعتقد أنهما وُضِعتا جانبًا في السنوات الأخيرة، وتقول الشركة إنها "تقدِّر" الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب، لكنها لم تعلن عن خطواتها التالية.

يعتقد توم لاتوريت وهو عالم بمركز الأبحاث "راند كوربوريشن" أن جدوى صناعة التعدين في أعماق البحار "تعتمد تمامًا على من تتحدث معه"؛ لكنه يقول: "من الممكن ألا يبدو يبدو موقف الولايات المتحدة منها محمودًا".

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة غير مؤهلة أخلاقياً لتجريم الآخرين
  • بسبب غزة وأوكرانيا.. بريطانيا تبتعد عن مسار الولايات المتحدة
  • التعدين في قاع البحار.. هل تستطيع الولايات المتحدة تحويله إلى واقع؟
  • ترامب يهدد بفرض رسم جمركي 25% على آبل ما لم تصنع هواتف آيفون في الولايات المتحدة
  • الصين تطور قنبلة هوائية صُممت لاختراق المواقع المحصنة.. فيديو
  • ما الدولة التي تراهن عليها أميركا للتحرر من هيمنة الصين على المعادن النادرة؟
  • روبيو يعترف بأن الولايات المتحدة غير قادرة على التأثير على سياسة الصين
  • نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تقبل رسميا طائرة فاخرة أهدتها قطر لترمب
  • تحذير أميركي من صواريخ مدارية نووية صينية قد تضرب الولايات المتحدة من الفضاء
  • رئيس تايوان: مستعدون للحوار مع الصين لكننا ستواصل بناء دفاعاتنا