سوق الهرج ببغداد.. ذاكرة العراقيين السياسية والاجتماعية
تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT
بغداد – يُعد سوق الهرج القائم منذ العهد العثماني بالعاصمة العراقية بغداد مكانا يحفظ الذاكرة الاجتماعية والسياسية للبلد، ويسلط الضوء على تاريخه القديم والحديث.
وهذا السوق التاريخي الواقع بمنطقة “الميدان” وسط العاصمة من أهم أسواق بغداد القديمة المليئة بمحلات بيع التحف والأغراض القديمة.
ويعود تاريخ بناء السوق إلى العهد العثماني، إذ بناه الوالي ناظم باشا، ويقع في شارع خليل باشا، واسمه “الهرج” يدل على الحركة والضوضاء.
ويُباع في السوق سبحات وخواتم نادرة مصنوعة من الخرز والأحجار الكريمة المتنوعة، وهو من الأماكن الأكثر زيارة لا سيما في أيام الجمعة.
وفي السوق دكان يحتوي على قصاصات من الصحف القديمة وصور فوتوغرافية لشخصيات وأحداث مهمة لعبت دورا في تاريخ العراق الحديث.
في حديثه للأناضول لفت كريم حسن، أحد بائعي السبحات إلى تاريخ السوق بقوله: “هذا المكان يعود إلى العهد العثماني، وكانت الحكومة العراقية في تلك الفترة موجودة هنا أيضا”.
وأضاف: “كانت الثكنات (العثمانية) موجودة هنا في ذلك الوقت، كان الملك يقيم العروض العسكرية هنا”.
من جانبه أشار صاحب مقهى “المدلل” التاريخي حسين ظاهر إلى أن السوق كان مكانا للتدريب على ركوب الخيل.
وقال ظاهر: “سمي سوق الهرج بهذا الاسم بسبب وجود القطع الأثرية فيه. كان هناك العديد من الباعة المتجولين هنا، وسمي الهرج بسبب الازدحام والضجيج”.
وكالات
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
عُمان وإيران .. ذاكرة الجغرافيا وشراكة المستقبل
لا يخفى على مراقب أن الشرق الأوسط يعيش لحظة إعادة تشكّل كبرى، تهدد بانزلاقه إلى فوضى غير مسبوقة. وفي مثل هذه المنعطفات، تحتاج المنطقة إلى «قيادة» تدرك خرائط التاريخ ومتطلبات المستقبل، وتؤمن بأهمية الحوار والتمسك بقيم ومبادئ السياسة لا إلى مجرد شعارات لحظية، التي لا تملك منع الفوضى وما تجره وراءه من خراب كبير.
وإذا كانت المنطقة منذ قرن من الزمن تعيش في معزل عن الاستقرار، فإن الأمر خلال العامين الماضيين أصبح أكثر سوءا وأقرب من أي وقت مضى إلى اشتعال كبير لن تصبح المنطقة من بعده كما كانت عليه.
وتقوم سلطنة عُمان بدور كبير في هذا الصدد لمحاولة منع المنطقة من خطر الذهاب نحو تفجر لحظة «اللانظام» التي لا تهدد الشرق الأوسط فقط ولكن تهدد العالم أجمع.. تفعل عُمان، سليلة الحضارة العريقة والأمجاد العظيمة، ذلك عبر دعم الحوار المثمر والبناء الذي يحترم كرامة الإنسان وحقوقه وحق الدول والشعوب في تقرير مصيرها.
وتأتي القمة التي احتضنتها سلطنة عمان اليوم بين حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه، وفخامة الرئيس الدكتور مسعود بزشكيان رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، الذي يقوم بزيارة رسمية لسلطنة عمان، في هذا السياق الحضاري الذي يحترم خيارات الدول ويحترم ثقافتها. وتعرف عُمان مساهمات إيران في الحضارة الإنسانية عبر التاريخ الطويل، وما يمكن أن تضيفه في المشهد الإنساني والتقني والعلمي في اللحظة التي تسعى فيها لأن تكون فاعلة في كل اشتغالات المجتمع الدولي، مشاركة ومساهمة لا متفرجة.
ولذلك، لا تقتصر زيارة الرئيس الإيراني على تعميق علاقات الجوار التاريخية، بل تُجسد امتدادا عمليا للجهود العمانية الحثيثة في تجنيب المنطقة شرور الانفجار القادم.
وتمضي العلاقات العُمانية الإيرانية، الراسخة تاريخيا وسياسيا، اليوم نحو مستوى جديد من التفعيل المؤسسي والتكامل العملي. ولعل توقيع 5 اتفاقيات تعاون، و10 مذكرات تفاهم، و3 برامج تنفيذية يعكس هذا التوجه بوضوح، ويرسم معالم شراكة تتوسع في مجالات تمتد من الاقتصاد والطاقة إلى الثقافة والتعليم.
إن توقيع اتفاقية تشجيع الاستثمارات، واتفاقية الأفضليات التجارية، ومذكرة التفاهم في الربط الكهربائي، كلها إشارات على تحوّل العلاقة إلى مستوى أكثر رسوخا، نحو بناء بنية تحتية للتعاون المستدام. كما أن توقيع مذكرات تفاهم في مجالات الإعلام، والمتاحف، وريادة الأعمال، يحمل في طياته إيمانا مشتركا بأن العلاقات بين الدول تبنى على المعرفة، والذاكرة، والرغبة في بناء جسور إنسانية أعمق.
تفتح الزيارة أيضا نافذة مهمة على احتمالات جديدة في العلاقات الإيرانية الخليجية، وتُعيد التأكيد على الدور العُماني كجسر حوار لا غنى عنه، خصوصا في ظل تزايد الحاجة إلى ترتيبات إقليمية جديدة تُوازن بين المصالح، وتُجنّب الخليج دوامة التصعيد المتكرر.
وإذا كانت الجغرافيا قد فرضت الجوار بين عُمان وإيران، فإن التاريخ منح الثقة، والحكمة السياسية أرست التفاهم. وهنا، من مسقط، تُفتح نافذة أمل تُذكر العالم أن بناء السلام ليس خيارا نخبويا، بل ضرورة حضارية، وأن الحلم بمستقبل أقل صخبا لا يزال ممكنا، إذا وُجدت الإرادة وشُيدت الجسور.