سواليف:
2025-11-03@04:24:15 GMT

القفز بالزانة

تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT

سعيد ذياب سليم

ماذا حمل العائدون معهم من باريس هذا الصيف؟ ربما كانوا قلة، لكنهم من نخبة الذوّاقة في عالم السياحة والفرح… وربما الثقافة أيضًا. لم يتوقف الشعراء يومًا، ولا الكتاب ولا الإعلاميون عن زيارة باريس والتسكع في طرقاتها وأزقتها وساحاتها وحدائقها. وبعد أن أتعبهم السير والتحديق في نساء باريس، جلسوا يكتبون شعرا تسهر معه أحلامنا، ونثرا يسفّ به الألم قلوبنا كما تسفّ الريح التراب في مدن الملح.

ربما سار البعض في جادة “الشانزليزيه” بين ساحة “الكونكورد” وقوس النصر، ومشوا تحت ظلال أشجارها يحدثون أنفسهم: هل مرّ من هنا “جان بول سارتر” يتأمل مفكرًا؟ وربما “همينجواي” أو درويش؟ ربما بهرتهم السلع في واجهات العرض في الأسواق والمتاحف على جانبي الجادة، وشاهدوا ما تعرضه دور الموضة والأزياء العريقة، وتأملوا في الأبعاد والمقاييس التي تسمح بها الموضة الدارجة من سفور، وفي الأقمشة ألوانها وتركيبتها وملمسها ونزعاتها الحديثة. من منهم لم توقفه عطور باريس بروائحها التي مزجت الأسرار والنور والموسيقى، فرقصت القلوب مع النفحة الأولى وحلقت معها الأرواح. وماذا لو شاركوا الليل سهره الموصول حتى صباحه، وتجرعوا الوقت كأسًا بعد كأس؟ ماذا حملوا معهم يوم عادوا؟ لا تقل لي أجود أنواع الشوكولا الفرنسية! هل ناقش أحدهم نتائج الانتخابات الأوروبية وفوز اليمين المتطرف فيها وحصوله على أكثر من 31% من الأصوات؟ وكيف دفع ذلك “إيمانويل ماكرون” لحل الجمعية الوطنية والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة؟ وبعد دورتين في 30 حزيران و7 تموز، أسفر الاقتراع عن تقدم اليسار وحصوله على 182 مقعدًا، ثم التحالف الرئاسي “معًا” وحصوله على 168 مقعدًا، ثم التجمع الوطني اليميني المتطرف وحصوله على 143 مقعدًا وتأخره بعد تقدمه في الجولة الأولى.

كيف تحالفت الأحزاب بمختلف أطيافها لتحول دون فوز اليمين المتطرف بأغلبية مطلقة في الجمعية الوطنية! أليست ظاهرة تستحق الدراسة؟ لماذا التقت آمال الشعوب الأوروبية حول يمينهم المتطرف؟ بعد الانتخابات، أعلنت هدنة أولمبية لقيام الألعاب الأولمبية الصيفية 2024 في باريس التي أقيمت بين 24 تموز و11 آب.

مقالات ذات صلة أنقذوا أرواح ما تبقى من غزّة 2024/08/27

وبعد انتهاء هذه الألعاب، ستستمر المعركة السياسية لتشكيل الحكومة واختيار رئيس الوزراء؛ حكومة تصمد أمام سلطة النواب الذين يلوحون بورقة حجب الثقة.

كانت أضواء باريس هذا الصيف مبهرة بأحداثها السياسية والرياضية أيضًا! تضمن برنامج الألعاب الأولمبية 329 حدثًا في 32 رياضة أقيمت في باريس و16 مدينة أخرى. أنفقت بلدية باريس مبالغ طائلة لإعداد نهر السين وتجهيزه للرياضات المائية، وشاهدنا عمدة بلدية باريس “آن هيدالغو” تسبح في النهر لإقناع المتشككين، وهي التي دعت العام الماضي لتشكيل لجنة “للتعايش” مع جرذان باريس! هذه الجهود لم تمنع إصابة اللاعبة البلجيكية “كلير ميشيل” بعدوى بكتيرية إثر مشاركتها في سباق التتابع المختلط والسباحة في نهر السين، مما دفعها للانسحاب منه في اليوم التالي. أقيمت على نهر السين حفلة الافتتاح التي تضمنت عددًا من اللوحات، أثارت إحداها الانتقاد لمنظميه بسبب محاكاتها للعشاء الأخير بمشاركة راقصين يرتدون ملابس نسائية إشارة لمجتمع الميم. من جانب آخر، تعرضت المغنية الفرنسية من أصل إفريقي “آية ناكامورا” التي شاركت في حفل الافتتاح لحملة كراهية عنصرية من قبل بعض الجماعات اليمينية المتطرفة التي اعتبرت اختيارها إهانة للهوية الفرنسية. قضايا عنصرية أخرى أثارت جدلًا واسعًا، منها منع ارتداء الحجاب للّاعبات المسلمات ومنع مشاركة اللاعبين الروس والبيلاروس على خلفية الحرب الأوكرانية، ومشاركة اللاعبين الإسرائيليين رغم الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة.

كما فضحت الهتافات التمييز العنصري ضد اللاعبين من أصول إفريقية وعربية وعدم المساواة. وما تعرضت له الملاكمة الجزائرية إيمان خليف بعد فوزها على منافستها الإيطالية “أنجيلا كاريني” من انتقادات بأنها “ربما تكون رجلًا في شكل امرأة” خير مثال على ذلك.

لن نترك الأولمبياد دون أن نعرّج على الكارثة التي واجهت لاعب القفز بالزانة الفرنسي “أنتوني أميراتي”، والتي أخرجته من السباق بعد أن اصطدم عضوه الذكري بالعارضة، مما تسبب في حرمانه من منصة التتويج، ليضع اللوم على ذكورته المفرطة! هل كانت كارثة حقًا؟ ألم يزد عدد متابعيه على “إنستغرام” الذين يطمعون في تعلم هذه الرياضة؟! ربما تدق هذه الحادثة جرس الإنذار في وجه اللاعبين، وتنبههم للسيطرة على كافة العضلات، المطيعة منها والمشاكسة، سواء أكان اللاعب قافزًا بالزانة أو لاعبًا سياسيًا! والآن قل لي ماذا أحضر معهم العائدون من باريس؟ زجاجة عطر أم قطعة جبن فرنسي؟ هل أحضروا معهم شيئًا غير الخيبة؟

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: وحصوله على

إقرأ أيضاً:

تراجع اليمين المتطرف في هولندا.. ماذا تعني نتائج الانتخابات للمهاجرين واللاجئين؟

شهدت هولندا تحولا سياسيا بارزا في انتخابات البرلمان التي أقيمت الأربعاء، حيث تراجع نفوذ اليمين المتطرف لصالح قوى وسطية ويسارية، ما يمهد الطريق أمام روب يتين ليصبح أصغر رئيس وزراء في تاريخ البلاد.

النتائج أظهرت منافسة محتدمة بين حزب الحرية بقيادة خيرت فيلدرز وحزب "دي 66" بقيادة يتين، وسط رفض أغلب الأحزاب التحالف مع فيلدرز، ما منح الوسط واليسار فرصة لتشكيل حكومة جديدة تؤكد على قيم الانفتاح الأوروبية والتعددية السياسية، حيث اعتبرت الانتخابات اختبارًا حاسمًا لقوة الشعبوية في أوروبا، في وقت تشهد فيه القارة موجات من صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة.

ومن المتوقع أن يحصل حزب فيلدرز على 26 مقعداً من أصل 150، بانخفاض قدره 11 مقعداً مقارنة بالانتخابات السابقة، بينما يحقق "دي 66" مكاسب كبيرة تؤهله لتشكيل ائتلاف حكومي ، ما يعني أن إعلان الحكومة الجديدة سيستغرق أياماً قبل أن يتم حسم الأمر بالكامل.

هزيمة للشعبوية
وقد عبّر أنصار حزب "دي 66" عن فرحتهم الغامرة في مراكز الانتخابات، مؤكدين أن نتائج هذا الاقتراع تمثل هزيمة لشعبوية اليمين المتطرف، ورسالة واضحة عن قدرة الناخب الهولندي على توجيه السياسة نحو الانفتاح والاعتدال.

وأعرب فيلدرز عن خيبة أمله، مؤكداً تمسكه بمبادئه، وأنه سيواصل العمل على مواجهة أي تحالفات قد تمنع حزبه من الوصول إلى السلطة، مؤكداً على استمرار المنافسة السياسية حتى إعلان النتائج النهائية.


عودة الوسطية إلى الناخب الهولندي
أكد المحلل السياسي المقيم في هولندا، عزت نمر، أن انتخابات 2025 لم تعد الصدمة التي شهدها المشهد السياسي في 2023، حين صعد اليمين المتطرف بشكل مفاجئ.

وأضاف نمر أن الناخب الهولندي عاد هذه المرة إلى يمين الوسط، ولم يمنح الأحزاب الشعبوية تفويضًا كاملاً أو أغلبية نسبية مريحة، وهو ما يعكس طبيعة التفكير العقلاني للناخب في التعامل مع القضايا الداخلية.

وأوضح أن التساوي النسبي بين حزب الديمقراطيين D66 بقيادة روب يتين وحزب الحرية PVV بقيادة خيرت فيلدرز، مع أفضلية بسيطة لصالح الديمقراطيين، يوضح أن المفاجأة الكبرى كانت بالفعل في 2023، بينما انتخابات 2025 جاءت أكثر استقرارًا وأقل مفاجآت.

وأضاف المحلل السياسي أن هذا التوجه يشير إلى ميل الناخب الهولندي نحو الوسطية المعتدلة، بعيدًا عن المزاج الشعبوي الذي سيطر على الانتخابات السابقة، وبيّن أن تصويت الناخبين كان رسالة واضحة بأن التوجهات المتطرفة لم تعد تلقى الدعم الكافي، وأن غالبية الشعب الهولندي تسعى إلى حكومة تستطيع الحكم بطريقة متوازنة ومستقرة، بعيدًا عن الانفعالات السياسية والفزاعة الإعلامية.

وأشار نمر إلى أن هذه العودة للوسطية ليست انعكاسا مؤقتا، بل تعكس مزاجًا عامًا لدى الناخب الهولندي يرفض التفويض الكامل للأحزاب المتطرفة، ويؤكد أهمية الحفاظ على توازن القوى السياسية، مع تمكين الحوار والتفاهم بين مختلف الأطياف لضمان استقرار الدولة واستمرار النهج الأوروبي المعتدل في السياسة الداخلية والخارجية.

الهجرة واللجوء.. ملفات حسمت الرأي العام
وأوضح عزت نمر أن القضايا التي شكلت محور اهتمام الناخبين كانت الهجرة واللجوء ونقص المساكن، مؤكداً أنها لعبت الدور الأكبر في تحديد توزيع الأصوات وحشد الأنصار.

وقال نمر إن المواطن الهولندي أصبح أكثر وعيًا بكيفية تأثير هذه الملفات على حياته اليومية، ولم يعد ينجرف وراء الوعود الشعبوية، كما حدث في انتخابات 2023، بل يختار الأحزاب التي تقدم حلولاً واقعية للمشاكل اليومية.

وأضاف أن الناخبين أرادوا ضمان أن الحكومة المقبلة ستكون ائتلافية، حتى لو كان ذلك يعني توزيع الأصوات على أكثر من حزب وعدم منح أي طرف أغلبية مريحة، وهذا التوزيع الذكي يضمن أن الحكومة لن تكون مسيطرة من طرف واحد، وأن القرارات ستتم عبر التوافق والحوار بين مختلف الأطياف، وهو ما يعكس عقلانية المواطنين وإدراكهم لتعقيدات السياسة الحديثة، خاصة في بلد متعدد الأطياف مثل هولندا.


وأشار نمر أيضًا إلى أن هذه الملفات ساعدت في تحقيق نوع من التوازن بين القوى السياسية، حيث لم يسمح الناخب بتفوق مطلق للأحزاب الشعبوية أو اليمينية المتطرفة، بل حرص على إبقاء الوسطية كعنصر أساسي لضمان قدرة الحكومة الجديدة على العمل بفاعلية، دون الانجراف وراء السياسات الأحادية أو القرارات المتطرفة التي قد تهدد الاستقرار الداخلي.

تحديات تشكيل الائتلاف القادم
توقع عزت نمر أن عملية تشكيل الحكومة المقبلة لن تكون سهلة، على الرغم من الحماسة الكبيرة التي يبديها بعض الأحزاب، وقال إن الأغلبية المطلوبة تبلغ 76 مقعداً من أصل 150، ما يجعل تشكيل التحالف مسألة معقدة وحساسة للغاية. وأضاف أن جميع الاحتمالات تواجه صعوبات متعددة، سواء بسبب التعارض الأيديولوجي بين الأحزاب أو رفض بعض الرموز السياسية التحالف مع أطراف معينة خوفًا من فقدان قواعدهم الشعبية.

وأوضح نمر الاحتمالات الثلاثة الرئيسية لتشكيل الحكومة: الاحتمال الأول يشمل تحالف D66، VVD، CDA، وGroenLinks-PvdA، وهو الأسهل نظرياً، لكنه يواجه تحديات تتعلق بتوازن المصالح وتقديم بعض الأحزاب تنازلات صعبة للآخرين.

والاحتمال الثاني يتمثل في تحالف D66، VVD، CDA، وJA21، لكنه يواجه خلافات عميقة بين أطرافه تجعل الوصول إلى اتفاق مستقر أمراً صعباً. أما الاحتمال الثالث فهو حكومة أقلية تضم D66، VVD، وCDA، مع إمكانية اللجوء عند الضرورة إلى أحزاب اليسار أو اليمين لتأمين أغلبية مؤقتة، وهو خيار محفوف بالمخاطر ويحتاج لتنسيق متقن ومفاوضات دقيقة.

وأشار نمر إلى أن هذه التحديات تجعل تشكيل الحكومة تجربة دقيقة للغاية، ويجب على الأحزاب أن تتحلى بالمرونة والقدرة على تقديم التنازلات الكبيرة، مع الحفاظ على مصالح قواعدهم الانتخابية، لضمان نجاح التحالف واستقراره على المدى الطويل.

مصير اليمين المتطرف وخسائر فيلدرز
أكد نمر أن حزب الحرية بقيادة خيرت فيلدرز لم يختف من المشهد السياسي، لكنه فقد 11 مقعداً مقارنة بانتخابات 2023، بسبب رفض الأحزاب الأخرى التعاون معه وسلوكه الذي أدى إلى إسقاط الحكومة السابقة، ما جعله غير موثوق بالنسبة لباقي الأطراف.

وأضاف أن نتائج 2025 لا تعني انهيار اليمين المتطرف، لكنها تعكس عودة الوسطية بعد السياق الاستثنائي الذي ساعد صعوده في 2023، والذي ارتبط بشكل مباشر بأحداث 7 أكتوبر والتغطية الإعلامية التي عززت فزاعة الهجرة واللاجئين.

وأوضح نمر أن الناخب الهولندي كان واعياً بشكل أكبر لتأثير الحملات الإعلامية والتهويل السياسي، وفضل التركيز على السياسات الواقعية والملفات الداخلية، بدلاً من الانجراف وراء الخطاب الشعبوي المتطرف، وهو ما أدى إلى فقدان الحزب لجزء من قوته السياسية، ولكنه لا يزال لاعبًا رئيسيًا في البرلمان ويحتفظ بحضور قوي ضمن المشهد السياسي الهولندي.

تأثير القضية الفلسطينية على الانتخابات
أشار نمر إلى أن تأثير القضية الفلسطينية على الانتخابات كان محدوداً هذه المرة بعد الاتفاق الأخير، وأن الناخب الهولندي ركز اهتمامه على القضايا الداخلية مثل الهجرة والإسكان والاندماج الأوروبي.

وأضاف أن الانتخابات الأخيرة أعادت توزيع الأدوار والأوزان السياسية، ومنحت الجميع فرصة التواجد سواء من اليمين أو الوسط أو اليسار، مع إبراز أهمية الحوار السياسي والتنازلات لتشكيل حكومة مستقرة.

وأكد نمر أن الانتخابات لم تشهد صعوداً لليمين أو اليسار بشكل حاسم، بل أعادت توازن القوى السياسية، وأن التركيز سيكون على الملفات المحلية التي تهم الناخب الهولندي، بعيداً عن النزاعات الدولية، بما فيها القضية الفلسطينية، والتي لم تعد تمثل محور اهتمام الناخب الحالي بنفس القوة التي كانت عليها في 2023.

توجهات الحكومة المقبلة
أكد نمر أن توجهات الحكومة القادمة في مسائل الهجرة واللاجئين والقضية الفلسطينية ستعتمد بشكل رئيسي على طبيعة التحالف الذي سيتم تشكيله لتجاوز الأغلبية المطلوبة، وأضاف أن المفاوضات ستكون صعبة ومعقدة، وستتطلب تنازلات كبيرة من جميع الأطراف، لكن السياسة الهولندية ستظل عقلانية، ولن تسمح للفكر المتطرف بالسيطرة على القرارات، وستبحث عن حلول تصب في مصلحة الناخب وتضمن استقرار الدولة، بعيداً عن المزايدات الشعبوية أو الفزاعة الإعلامية التي كانت تمارسها بعض الأطراف في الماضي.

مقالات مشابهة

  • شاهد بالصورة.. موهبة برشلونة يهدي فوز فريقه الهام في الدوري الإسباني للشعب السوداني ويعلن وقفته معهم: (أبق قوياً نحن نقف معك)
  • تراجع اليمين المتطرف في هولندا.. ماذا تعني نتائج الانتخابات للمهاجرين واللاجئين؟
  • 35 صورة.. 1350 قفزة على سفح الاهرامات في مهرجان القفز الحر بالمظلات
  • لويس إنريكي قبل مواجهة نيس: راحة اللاعبين ضرورة.. ولا قلق بشأن مستوى باريس سان جيرمان
  • الأسبوع الخامس لدوري القفز ينطلق في العين غداً
  • حزب وسطي يفوز على اليمين المتطرف في انتخابات هولندا
  • كيف يغير القفز جسمك؟
  • تحذير من كارثة بقطاع الطيران الأميركي إذا لم ينته الإغلاق الحكومي
  • فانس يحذر: الإغلاق الحكومي قد يشل موسم السفر في عيد الشكر
  • تقرير سري: إسرائيل ربما ارتكبت مئات الانتهاكات