سلطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الضوء على اتجاه الصندوق السيادي السعودي نحو تركيز استثماراته محليا بعدما حقق نجاحا عالميًا من خلال استثمارات في "صندوق رؤية"، ذراع الاستثمار التكنولوجي لـ "سوفت بنك" الياباني، ونادي كرة القدم الإنجليزي "نيوكاسل يونايتد" ولعبة الجولف الأمريكية للمحترفين، مشيرة إلى أن رهان الصندوق على قطاعات التمور والقهوة والصحة والجمال.

وذكرت الصحيفة، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن الصندوق، الذي ضخ عشرات المليارات من الدولارات في استثمارات عالمية رفيعة المستوى، يعمل حاليا على تسريع الإنفاق في الداخل، ويركز استثماراته في الشركات الناشئة.

 وأضافت أن الصندوق أعلن، الشهر الماضي، أنه سيبدأ الاستثمار في حليب الإبل والتمور المزروعة في المنطقة المحيطة بالمدينة المنورة، وإطلاق شركة مصدرة للحوم الحلال، واستهداف جعل القهوة السعودية تحظى بشعبية عالمية.

وتأتي كل هذه الرهانات في إطار مساعي ولي العهد الأمير، محمد بن سلمان، لتنويع اقتصاد السعودية بعيدًا عن النفط من خلال خلق فرص عمل للمواطنين وتعزيز الاستهلاك المحلي وجذب الاستثمار الأجنبي.

لكن نفوذ ولي العهد السياسي واتخاذه للقرارات بالصندوق السيادي بأوامر عليا يثير تساؤلات حول ما إذا كان عاملا ضاغطا على القطاع الخاص، حسبما يرى روبرت موجيلنيكي، الباحث المقيم في معهد دول الخليج العربية بواشنطن، مشيرا إلى أن التحدي الذي يواجه الصندوق هو تسخير سمعته العالمية المتنامية لتوجيه اهتمام المستثمرين إلى السوق السعودية دون مزاحمة الأعمال الخاصة.

ومع تدفق السيولة بعد عام من الوفرة لأسعار النفط، تستخدم الحكومة السعودية صندوق الاستثمارات العامة لمضاعفة الاستثمارات المحلية، التي يغذيها ضخ رأس المال المخصص من الحكومة، وتوزيعات الأرباح من شركاتها، وتحويل الأصول من الدولة، كما أنها تقترض عشرات المليارات من الدولارات لتمويل مشروعات أكبر.

اقرأ أيضاً

صندوق الاستثمارات السعودي يتفاوض لشراء حصة في "طيران ناس".. ماذا يعني؟

القطاع الخاص

وتريد الحكومة السعودية من صندوق الاستثمارات العامة المساعدة في إطلاق القطاع الخاص الذي يتجنب المخاطر تقليديًا وتحسين حوكمة الشركات.

ولتعزيز مشاركة القطاع الخاص في مشروعاته، أنشأ الصندوق قسماً للتنمية الوطنية برئاسة مستشار ماكينزي السابق، جيري تود، كما تنفق الدولة عشرات المليارات من الدولارات لتحفيز استثمارات القطاع الخاص.

وذكر الصندوق، في بيان أصدره الأربعاء، أن يهدف إسى استثمار طويل الأجل "يخلق فرصًا كبيرة للقطاع الخاص من خلال فتح قطاعات جديدة، وتوطين المعرفة، وبناء شراكات اقتصادية استراتيجية".

وكتب تود، في وقت سابق من هذا العام في صحيفة سعودية: "من خلال العمل كمستثمر أساسي، فإن حجم صندوق الاستثمارات العامة وأفقه الاستثماري الطويل يعني أنه يمكننا التدخل في المراحل المبكرة، ووضع الأسس والحشد في القطاع الخاص"، مضيفا: "هذا مهم بشكل خاص في القطاعات غير الموجودة حاليًا، أو التي في المراحل الأولى من النمو بالمملكة".

وحتى عام 2015، عندما أصبح بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة، لم تكن قطاعات، مثل الترفيه ودور السينما والسياحة موجودة في الدولة المحافظة، واستفاد قطاع البناء من الاستثمار في المشاريع الضخمة والإسكان، كما نما قطاع التجزئة أيضًا بعد تمكين تدفق العاملات من خلال التغييرات الاجتماعية في المملكة.

وقال بنك جدوى للاستثمار السعودي، الشهر الماضي، إنه يتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي غير المرتبط بالنفط بنسبة 5.9% هذا العام، مقارنة بانكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7.5% المرتبط بالهيدروكربونات.

اقرأ أيضاً

أصول صندوق الاستثمارات السعودي في الشركات المحلية تبلغ 330 مليار دولار

وقال حسنين مالك، المحلل بشركة "تليمر" لأبحاث الأسهم، إن "ما قد يبدو كمجموعة انتقائية من الاستثمارات في صندوق الاستثمارات العامة أمر منطقي"، مضيفا: "إنشاء موزع لحبوب البن المزروعة في المملكة أو لبن الإبل التي يتم تربيتها هناك أبسط من المبادرات رفيعة المستوى التي يقوم بها صندوق الاستثمارات العامة".

فعلى سبيل المثال، بدأ صندوق الاستثمارات العامة، هذا العام، في استثمار مليارات الدولارات في فرق كرة القدم المحلية لدفع مقابل انتقال مجزي للنجوم العالميين، في محاولة لجعل المنافسة المحلية في السعودية بحجم الدوري الإنجليزي الممتاز.

ونوه مالك، في هذا الصدد، على أن حبوب البن وحليب الإبل والتمر "في نهاية المطاف هي موارد أصلية"، لكن "لاعبي كرة القدم العالميين ليسوا كذلك".

وقال صندوق الاستثمارات العامة إنه يركز على تطوير 13 قطاعا يعتبره استراتيجيا، بما في ذلك الطيران والدفاع والرعاية الصحية والترفيه والرياضة.

وأشار الصندوق، في بيانه، إلى أنه يعمل على تعزيز القطاع الخاص بعد توقيع عقود مع شركات خاصة بقيمة 50 مليار دولار في عام 2022.

وفي الوقت نفسه، منح مشروع مدينة نيوم عقودًا، تزيد قيمتها على 5 مليارات دولار، لشركات تساعد في تطوير البنية التحتية، حسبما أضاف بيان الصندوق.

ومن منظور المشتريات، أفاد الصندوق بإنه يعتزم تشجيع جميع الشركات التي يمتلكها ويديرها للحصول على السلع والخدمات من السعودية.

توسع الصندوق

والصندوق السيادي السعودي ليس أول من يركز على خلق الصناعات في الداخل والاستثمار في الشركات بالخارج لتشجيعها على تأسيس فرع محلية، فقد تأسست شركة "تيماسيك" السنغافورية في عام 1974 كصندوق استثماري، وكانت من أوائل المستثمرين في الشركات، وساعدت في تطوير اقتصاد البلد الآسيوين كما تمتلك صناديق الثروة السيادية في أبو ظبي اختصاصات مماثلة.

ومنذ عام 2015، توسع صندوق الاستثمارات العامة من أقل من 50 موظفًا إلى أكثر من 2200 موظفا، وذهب إلى أبعد من أفق الصناديق السيادية الأخرى في سعيه لتطوير الاقتصاد المحلي.

ويقول الصندوق إنه أنشأ، في السنوات الخمس الماضية، 84 شركة وساعد في خلق نصف مليون وظيفة في المملكة، محققًا عائدًا يقارب 8% سنويًا.

وعلى غرار العديد من صناديق الثروة السيادية الأخرى، أعلن الصندوق السعودي عن خسارة استثمارية قياسية بقيمة 11 مليار دولار لعام 2022، وهو العام الذي كان شهد أداء ضعيفا للأسهم والأسواق الأخرى.

وقال دييغو لوبيز، العضو المنتدب لشركة Global SWF، للأبحاث: "إن عمق واتساع نطاق صندوق الاستثمارات العامة في إنشاء شركات جديدة ومتابعة المشروعات الضخمة لا مثيل له"، لكنه استدرك قائلاك: "التحدي المتمثل في مثل هذا النهج هو أن تطوير المشروعات المحلية يختلف تمامًا عن الاستثمار في الأسهم الخارجية".

وتواجه استراتيجية الحكومة السعودية مخاطر إذا انخفضت أسعار النفط، إذ يقدر المحللون أن المملكة بحاجة إلى إبقاء الأسعار فوق 80 دولارًا للبرميل لتمويل خطط ولي العهد.

وبعد التداول عند مستويات منخفضة، في وقت سابق من العام الجاري، وسط مخاوف من تباطؤ الطلب العالمي، ارتفع خام برنت، معيار النفط الدولي، بقوة فوق 80 دولارًا للبرميل بعد قفزة بنسبة 13% في يوليو/تموز وانخفض 1.8% إلى 83.82 دولار يوم الثلاثاء.

وتتوقع شركة كابيتال إيكونوميكس أن تنخفض أسعار النفط العام المقبل، وفي حين أن المملكة لديها مجال للاقتراض بمعدل أكبر، فإنها قد تقلص الإنفاق.

وذكرت الشركة في مذكرة لها أنه: "من المرجح أن تتلاشى دفعة النمو الاقتصادي من الإنفاق الحكومي وقد يتراجع الإنفاق الرأسمالي على المشاريع العملاقة في المملكة".

وفي غضون ذلك، يستمر ضخ صندوق السيادي السعودي للثروة نقدًا لبدء شركة لخطوط الرحلات البحرية، ومشغل طائرات هليكوبتر، ومصنع للسيارات الكهربائية، وشركة طيران وطنية ثانية.

وأعلن الصندوق، الإثنين عن إطلاق "شركة لياقة بدنية ورفاهية متكاملة" تركز على النساء، برئاسة الأميرة ريما بنت بندر آل سعود، السفيرة السعودية في واشنطن.

كما أفاد الصندوق، في إعلان منفصل، بأنه يخطط لإطلاق شركة لإدارة المرافق الأسبوع الجاري.

اقرأ أيضاً

بلومبرج: صندوق الاستثمارات السعودي خسر 11 مليار دولار في 2022

المصدر | وول ستريت جورنال/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية صندوق الاستثمارات العامة محمد بن سلمان نيوم سوفت بنك صندوق الاستثمارات العامة صندوق السیادی الاستثمار فی القطاع الخاص ملیار دولار فی الشرکات فی المملکة من خلال

إقرأ أيضاً:

صندوق إنماء يمول 1409 مشروعات صغيرة ومتوسطة بقيمة 161 مليون ريال

مول صندوق تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة "إنماء" 1409 مشروعات صغيرة ومتوسطة بقيمة 161 مليون ريال عماني، منذ تأسيسه عام 2014 ولغاية أبريل العام الجاري. وأوضح الصندوق أن عدد المشاريع المدعومة حكوميا بلغت 732 مشروعا بقيمة بلغت 59 مليون ريال عماني.

ويركز الصندوق على تمويل 6 قطاعات اقتصادية في سلطنة عمان، حيث بلغت نسبة التمويل في قطاع الصناعة 20%، وبلغت نسبة التمويل في قطاع النقل واللوجستي 16%، و14% في قطاع الخدمات، بينما بلغت النسبة في قطاع البنية التحتية 14%، وبلغت في قطاع التجارة 11%، و10% في قطاع النفط والغاز والقطاع السياحي. وقد رصد الصندوق 25 مليون ريال عماني لتمويل المؤسسات الصغرة والمتوسطة خلال العام الحالي.

وصرح الشيخ صلاح بن هلال المعولي الرئيس التنفيذي لصندوق إنماء، قائلا: "إن الصندوق يثمن التوجيهات السامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- باعتماد الاستراتيجية الصناعية 2040؛ بهدف الدفع بالتنويع الاقتصادي وتعزيز الابتكار الصناعي والتوجيهات السامية حول إطلاق البرنامج التحفيزي لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وأكد أن الصندوق يسعى جاهدا لتقديم كافة التسهيلات لأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتوفير البيئة المحفزة لهم، والتي تمكنهم من المشاركة بفاعلية في تنمية الاقتصاد الوطني، إذ يستند الصندوق في تحقيق ذلك على أربعة محاور أساسية أهمها تنمية ريادة الأعمال، وتمويل المشاريع، والرصد والتوجيه، وتوفير البيئة المواتية.

الجدير بالذكر أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي مولها صندوق إنماء تمكنت في مختلف أنحاء سلطنة عمان من زيادة خطوط إنتاجها، وتوفير عدد من المنتجات والخدمات للسوق المحلي، مما ساهم بدوره في تنشيط الحركة الاقتصادية، وزيادة التدفقات النقدية؛ ونظرا لأهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتأثيرها على دفع عجلة التنمية، وتشجيع أصحابها على الاستمرارية ومواصلة أنشطتهم وعملياتهم التشغيلية.

وارتأى صندوق إنماء مؤخرا تمديد مدة سداد القرض لتصل إلى 8 سنوات لمعظم المنتجات التمويلية التي يقدمها الصندوق أهمها تمويل الأصول، وتمويل المشاريع، وخصم الفواتير، وتمويل رأس المال العامل، الذي يبلغ سقف التمويل فيه من 50 ألف ريال عماني ولغاية 500 ألف ريال عماني، وسقف تمويلي يصل إلى 3 ملايين ريال عماني للمشاريع الكبيرة.

ويحرص الصندوق على متابعة المشاريع الممولة من خلال عدد من البرامج، أهمها برنامج الزيارات الميدانية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ورصدها وتوجيه أصحابها لتطوير مشاريعهم، بالإضافة إلى ميزة متابعة الدفتر المحاسبي للمؤسسات والذي يعنى بكافة البيانات المحاسبية الخاصة بالمشروع ليتم تدقيقها، ومتابعة حركة التدفقات المالية شهريا من قبل شركات محاسبة متخصصة يقوم الصندوق بالتعاقد معها لتقديم خدماتها للزبائن.

مقالات مشابهة

  • توقفوا عن إضافة الحليب إلى الشاي أو القهوة.. أضرار صحية غير متوقعة
  • صندوق إنماء يمول 1409 مشروعات صغيرة ومتوسطة بقيمة 161 مليون ريال
  • طرح تاريخي واختبار لـإدمان النفط.. تهافت على أسهم أرامكو السعودية
  • توضيح وزاري بشأن تخصيصات البنك المركزي لقروض صندوق الإسكان
  • بـتريليون جنيه..موازنة النواب: القطاع الخاص شريك بنسبة 50% في الاستثمارات العامة للدولة
  • صندوق الاستثمارات يتصدر العلامات التجارية الأعلى قيمة
  • وزير التموين يكشف حقيقة طلب صندوق النقد لخفض الدعم على المواطن
  • رئيس "موازنة البرلمان" يكشف حجم الدين العام المحلي والأجنبي (فيديو)
  • لجنة الخطة والموازنة بالنواب: 2 تريليون جنيه حجم الاستثمارات العامة للدولة
  • جناح ضمك على أعتاب أحد أندية صندوق الاستثمار السعودي