وكالة بغداد اليوم:
2025-05-14@21:12:33 GMT

حُكم ثانٍ على زيد الطالقاني

تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT

حُكم ثانٍ على زيد الطالقاني

بغداد اليوم -  


.

المصدر: وكالة بغداد اليوم

إقرأ أيضاً:

المقاومة ونظرية اختلال موازين القوة..

 

 

بعد إقدام الزعيم جمال عبدالناصر في 26 يوليو 1956م على تأميم الشركة العالمية لقناة السويس وتحويلها إلى شركة عربية مصرية، شن كل من الكيان الصهيوني وفرنسا وبريطانيا عدوانهم الثلاثي على مصر، كانت الكثير من القوى المناهضة للثورة داخل  مصر من بقايا الإقطاع وأعداء النظام الثوري، وأيضاً العديد من الأنظمة الرجعية العربية، ترى في قرار ناصر تأميم شركة القناة بأنه المصيدة الذي سينهي الثورة ونظامها لا محالة، وأن ناصر بعد أيام سوف يشنق في ميدان التحرير بأمر من بريطانيا وما إن بدأ العدوان حتى راح رموز الإقطاع وقادة حزب الوفد، يشكلون الحكومة البديلة للثورة، ويبعثون البرقيات للسفارات البريطانية والفرنسية، يطلبون منهم الفرصة لإقناع ناصر بتسليم نفسه للسفارة البريطانية، فيما راحت أنظمة عربية تتواصل مع الملك المخلوع (فاروق) في مقر اقامته في إيطاليا، وتهيئه للعودة إلى عرشه، فعل هذا ملك إيران الشاه” وملك السعودية ، وحين بدأت القاذفات البريطانية تقصف القاهرة، اجتمع أعضاء مجلس قيادة الثورة رفاق وزملاء (عبد الناصر) وطالبوا بضرورة الإسراع وتسليم نفسه للسفارة البريطانية في القاهرة حفاظا على دماء الشعب وعلى مكاسبه، مؤكدين له أن بريطانيا تريده هو وليس الشعب، وبما انه قد ضحى كثيرا من أجل مصر والشعب، فإن التضحية بتسليم نفسه هي من أجل مصر وشعب مصر وقدرات مصر..
ذات السيناريو حصل مع هوشي منه قائد الثورة والمقاومة الفيتنامية، وحدث مع ماوتسي تونج زعيم الثورة والمقاومة الصينية، وحدث مع فيدل كاسترو في كوبا، ومع صدام حسين في العراق، ومع ياسر عرفات في فلسطين، ومع معمر القذافي في ليبا، ومع العديد من قادة حركة التحرر العربية والدولية ومع قادة وزعماء عرب مع تفجر ما يسمى أحداث الربيع العربي..
هنا يمكن أن نتساءل: ماذا لو أن الرئيس ناصر استمع لنصيحة زملائه وجبناء المرحلة بتسليم نفسه للسفارة البريطانية.
ماذا لو استمع قادة حركات التحرير لمثل هذه النصائح بذريعة حقن دماء الشعوب وقدراتهم.
ماذا لو صمت واستكان الشعب الجزائري ومقاومته في مواجهة الاحتلال الفرنسي؟ أو سلمت الجبهة القومية وجبهة التحرير بتفوق بريطانيا في جنوب الوطن.
يقول الزعيم ناصر : اللهم اعطنا القوة لأن الجبناء لا يصنعون الحرية، والضعفاء لا يخلقون الكرامة، والمترددين لا تقوي أيديهم المرتعشة على البناء.
إن مقاومة الشعوب لأعدائها ليس خياراً بل قدر، وليس نافلة بل فرض عين وفيها لا يُكتفي بمن حضر، بل يجب حشد كل الشعب وطاقاته لمواجهة العدو، نعم كل الشعب بين من يحملون البنادق وبين من يحملون المفارس والمناجل، وبين من يحملون الأقلام ويحملون الميكرفونات أي يجب أن ينخرط كل الشعب في المعركة والمواجهة مع أعدائه.
نسمع اليوم أصوات نشاز تتحدث عن مغامرات المقاومة في فلسطين؟ وعن حزب الله الذي دمر لبنان؟ وعن حفرة أنصار الله في مطار بن غوريون، وعن غباء نظام بشار الأسد.
والمشهد يسحب نفسه، على ناصر وصدام والقذافي وآخرين وقفوا في مواجهة أعدائهم حتى الأخير دون أن يحنوا هاماتهم وان دفعوا حياتهم ثمنا لمواقفهم، لكنهم تركوا خلفهم بعضا من كرامة لأمة امتهنت ذاتها أكثر بكثير مما امتهنها أعداؤها..
نعم أمة امتهنت ذاتها ولاتزال من خلال هذه الأصوات النشاز التي يحاول البعض تكريسها وترسيخها في الوعي الجمعي العربي، ترى كل مقاومة مغامرة، وكل رد فعل ضد العدو انتحاراً وتدميراً للقدرات، مع أن هؤلاء المغامرين والمقامرين وحدهم من يصنعون كرامة الأمة وينسجون بيارق حريتها ويذودون عن شرفها الذي ينتهك باسم الحكمة والتعقل، وباسم (اختلال موازين القوة)..
يؤمن قادة حركات التحرر أن الخطورة ليست في إقدام المحتل أي محتل على احتلال الأرض، بل الخطورة تكمن في احتلال العقول، وان الهزيمة ليست عسكرية وأخطر أنواع الهزائم هي هزيمة العقل..
بعض النخب العربية لا تزل حتى اليوم تعيش هزيمة 1967م وجعلت منها ذريعة للانكسار والاستسلام لمنطق الأخر وثقافته، ورغم إننا عشنا حرب الاستنزاف وانتصار أكتوبر 1973م إلا أن هذه النخب ترفض التسليم بهذه الانتصارات وتتمسك بما حدث عام 1967م، ومصرّة على التوقف عند هذا الحادث غير معترفة بما حدث لاحقا..
هذه العقليات المستلبة والمدجنة ترى اليوم أن المقاومة هُزمت، وأن محورها تدمر، وان غزة تدمرت والشعب الفلسطيني فقد أكثر من مائتي الف شهيد وجريح، وتدمير حزب الله، وسقط النظام في سوريا، واليمن تدمرت، مع أن العدو لأول مرة في تاريخه يُهزم هزيمة عسكرية واستخبارية وحضارية وأخلاقية، نعم يعيش العدو اليوم مع رعاته هزيمة وجودية لا يراها أصحاب العقول المستلبة والنفوس المهزومة، ممن يقيسون الفعل المقاوم وفق جدلية الربح والخسارة وكأنهم تجار جملة..

مقالات مشابهة