الكتابة في زمن الحرب (41)
أهمية القراءة والبحث في أوقات الشدائد: درس من ابن خلدون
في هذا الجزء الثاني من هذا النص، نسعى لتسليط الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه القراءة والبحث، خاصة في أوقات الشدائد والحروب، في تحقيق الفهم العميق للأحداث الجارية، وتقديم الأمل وسط الظلام. وفي هذا السياق، نجد في “مقدمة ابن خلدون” نموذجًا فكريًا فريدًا يدعونا لاكتشاف الحكمة في التاريخ من أجل فهم الواقع الحاضر واستشراف المستقبل.
لقد أوضحنا في الجزء الأول من النص أن اختيارنا لمقدمة ابن خلدون لم يكن محض صدفة. بل هو تعبير عن إدراك عميق لأهمية هذا العمل الفكري العظيم في تقديم رؤى تحاكي الواقع، خاصة في أوقات الأزمات والاضطرابات. فابن خلدون لم يكن مؤرخًا فقط، بل كان مفكرًا استطاع، من خلال تحليله لدورات صعود وسقوط الدول، أن يقدم دروسًا لا تزال صالحة للتطبيق حتى يومنا هذا. وفي ظل ما يمر به السودان من أزمات وخيبات، تصبح رؤى ابن خلدون مرآة نرى من خلالها واقعنا المعاصر.
لقد كتب لي أحدهم معلقًا على ما جاء في الكتاب الأول بقوله: “تقديرك لابن خلدون، ووصفك لتحليلاته بأنها تتحدث عن واقعنا المعاصر، يعكس إدراكك لأهمية التفكير النقدي والعمق الذي يجلبه هذا النوع من القراءة. كما أن وصفك لمجهود مجموعة نادي 81 وتفاعلهم مع النصوص بعمق يُظهر قيمة النقاش الفكري حتى بين أولئك الذين قد لا تكون تخصصاتهم الأصلية في العلوم الإنسانية، مما يضيف بعدًا آخر لأهمية هذا النوع من النشاط الثقافي”.
وهذا التعليق يلخص ببراعة ما تعلمناه من تواصلنا مع هذه المجموعة المثقفة، ويدعم أهمية الحوار والنقاش الفكري كأداة لفهم أفضل للعالم من حولنا. فالتفاعل الجماعي مع النصوص، كما يحدث في “نادي 81”، يعزز من قيمة القراءة الجماعية والنقاش المشترك، وهو أمر بالغ الأهمية في تكوين وعي جمعي قادر على مواجهة الأزمات.
من ناحية أخرى، وجدنا في تعليق آخر إشادة بوصف ابن خلدون بأنه “يتجسس على المستقبل”. وهذا التعبير يعكس تأثرًا عميقًا بقدرة ابن خلدون على تقديم رؤى تتجاوز زمانه. فقد كان ابن خلدون في تحليله لقيام الدول وانهيارها كمن يضع منهجًا لفهم المستقبل من خلال دراسة الماضي، وهو ما يمنح أعماله طابعًا خالدًا يتجلى في كل حقبة تاريخية. هذه القدرة الفريدة تجعل من قراءة “المقدمة” أمرًا ضروريًا ليس فقط لفهم الماضي، وأيضًا للتنبؤ بالتحديات المستقبلية.
وعليه، يمكننا القول بان هذا النص يتجاوز كونه مجرد دراسة أكاديمية لنصوص ابن خلدون، بل هو دعوة مفتوحة للاستفادة من هذا الفكر العميق في أوقات الأزمات والصعاب. ففي ظل الظروف المعقدة التي تعصف بالعديد من الدول والمجتمعات، مثلما يحدث في السودان، تبدو الحاجة ملحة للعودة إلى النصوص الفكرية العظيمة التي تعيننا على استيعاب ما يجري حولنا. القراءة هنا تصبح نوعًا من المقاومة الذهنية، وسيلة للتسلح بالمعرفة والفهم في مواجهة الظروف العصيبة.
إجمالًا، نأمل أن يجسد هذا النص فكرة أن المعرفة والقراءة ليستا ترفًا فكريًا، بل هما مصدر قوة في أوقات الأزمات. ومن خلال قراءة “مقدمة ابن خلدون” وتحليل أفكاره، نسعى لتقديم دعوة لكل من يقرأ هذه الصفحات للاستمرار في البحث والتعلم، مهما كانت الظروف صعبة. فالمعرفة هي النور الذي يرشدنا في العتمة، وهي الأمل الذي يمكننا أن نتمسك به في مواجهة التحديات.
ختامًا، ندعو الجميع، سواء كانوا منخرطين في العلوم الإنسانية أو من خارجها، إلى الانخراط في هذا النشاط الثقافي والفكري. فالقراءة والتفكير العميق هما أدوات للتغيير، ويمكنهما أن يكونا وسيلة لتجاوز الأزمات وفتح آفاق جديدة للمستقبل…كما نامل ان يكون قد غطي على ان فكرة القراءة كوسيلة للمقاومة الذهنية، ويعزز ارتباط أفكار ابن خلدون بفهم الأزمات المعاصرة، ويشجع على البحث والنقاش الفكري كأداة للتحليل العميق وتجاوز الصعاب.
عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة
osmanyousif1@iclud.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: ابن خلدون فی أوقات
إقرأ أيضاً:
خلدون المبارك: دي بروين أعظم من ارتدى قميص السيتي
يرى خلدون المبارك رئيس نادي مانشستر سيتي، أن كيفين دي بروين هو أعظم من ارتدى قميص الفريق على الإطلاق، مشيدا بالإرث الكبير الذي صنعه النجم البلجيكي خلال مسيرته مع النادي، والتي امتدت لعقد كامل، وتوج خلالها بـ 19 لقبا كبيرا.
خلدون المبارك: دي بروين أعظم من ارتدى قميص السيتيويستعد دي بروين للرحيل عن السيتي هذا الصيف، بعد فترة ذهبية أصبح خلالها واحدًا من أعظم لاعبي البريميرليج، حيث خاض 422 مباراة بقميص السماوي، وسجل خلالها 108 أهداف، وقدم 170 تمريرة حاسمة.
وقال المبارك في تصريحات لموقع السيتي "كان دي بروين مذهلًا بكل المقاييس. ربما يكون رأيي ذاتيا، لكنه نابع من منظور شخص عاش كرة القدم داخل هذا النادي، ليس فقط كرئيس، بل كمشجع أيضا".
وأضاف "بالنسبة لي، دي بروين هو أعظم من لعب للسيتي على الإطلاق، فإنجازاته تتحدث عن نفسها. ما حققه مع النادي من حيث عدد الألقاب لا يصدق، إنه أكثر من حقق بطولات في تاريخ هذا النادي".
وأوضح "أما على الصعيد الفردي، فقد حصل دي بروين على جائزة لاعب العام من رابطة اللاعبين المحترفين مرتين، وكان قائدا وزميلا وملهما، بل كان كل ما تتمناه من لاعب هو الأهم في فريقك".
ونوه "لقد امتد تأثير دي بروين للجميع، من الأكاديمية إلى جماهير النادي، بل إلى كل جماهير كرة القدم حول العالم، تأثيره لا جدال فيه".
وأردف "لقد تجاوز دي بروين حدود الفريق نفسه، وأنا فخور للغاية بما أنجزه، وأؤكد أن ضمه من فولفسبورج كان من أفضل القرارات التي اتخذناها، رغم أن البعض حينها اعتقد أننا دفعنا مبلغا مبالغا فيه".
وخلال حفل الوداع الذي أقيم الأسبوع الماضي بعد آخر مبارياته في ملعب الاتحاد، أعلن خلدون المبارك عن تكليف نحات بإنشاء تمثال تكريمي لدي بروين أمام معقل مانشستر سيتي.