لجريدة عمان:
2025-07-29@20:19:26 GMT

المنظمات الحقوقية، ماذا بقي منها؟

تاريخ النشر: 10th, September 2024 GMT

الحرب العدوانية التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني وهي تقترب من إكمال عامها الأول تضع تساؤلات جوهرية حول دور منظمات حقوق الإنسان العالمية وكيف تتعامل قانونيا وأخلاقيا وإنسانيا مع جرائم الكيان الصهيوني التي تعد إبادة جماعية ترتكب يوميا علاوة على دور محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية.

لقد كشفت الحرب العدوانية التي يشنها الكيان الصهيوني على المدنيين في قطاع غزة عن خلل كبير على صعيد تلك المنظمات الدولية الحقوقية، والتي تمارس الضغوط الكبيرة على الدول لأهداف سياسية خاصة ضد الدول العربية وتفرض ضغوطا من خلال سن القوانين والتي تعد منافية للشريعة الإسلامية وضد الهوية الوطنية والعادات والتقاليد الأصيلة.

وكون تلك المنظمات قوى ناعمة تحركها القوى الكبرى خاصة الولايات المتحدة الأمريكية فإن الضغط الحقوقي وفي مجال الحريات يأتي كضغط غير مباشر لتحقيق أهداف سياسية كما هو الحال مع الدول التي تقف مع الحق الفلسطيني المشروع.

إن صوت تلك المنظمات الحقوقية خافت، رغم المجازر البشعة التي يشهدها العالم يوميا من خلال وسائل الإعلام والمنصات الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي. وعلى ضوء ذلك لم تتحرك تلك المنظمات الحقوقية بالمستوى الذي يعبر عن فداحة وخطورة الجرائم الإنسانية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني رئيس محكمة الجنايات الدولية يقول بأن هناك تهديدات تصل إليه من الكيان الصهيوني حول مسألة إصدار مذكرة اعتقال دولية ضد أحد أكبر مجرمي الحرب في العصر الحديث نتانياهو وحكومته المتطرفة. ومن هنا فإن هناك مؤشرات بأن المحاكم الدولية تتعرض لضغط شديد من الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الإسرائيلي وهو نفس الحالة مع المنظمات الحقوقية التي تتبع الأمم المتحدة كمجلس حقوق الإنسان أو المنظمات المستقلة.

إن المجتمع الدولي بكل مؤسساته القانونية والأخلاقية والإنسانية أصبح عاجزا وهشًّا أمام الضغوطات الكبيرة التي تمارسها الصهيونية العالمية من خلال أدواتها السرية في الغرب ولم يتبق لتلك المنظمات الحقوقية سواء البيانات التي لا تعبر عن حجم المأساة في قطاع غزه وعموم فلسطين.

إن الكيان الصهيوني لم يعد يعير تلك المنظمات الحقوقية أي اهتمام بل إن المندوب الصهيوني في الأمم المتحدة قام بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة أمام كل مندوبي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وأمام شاشات التلفزة وشبكات التواصل الاجتماعي من خلال سلوك يعبر عن قلة الاحترام وعدم المسؤولية، وبأن الكيان الصهيوني كيان لا يلتزم بالقانون الدولي ولا معايير الأمم المتحدة وهذا يعطي مؤشرا بأن الكيان الصهيوني أصبح كيانا فوق كل الاعتبارات ويقوم بعمل الإبادة اليومية دون أن يخشى قادته أي مساءلة قانونية؟

لقد كشفت الحرب العدوانية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني هشاشة المنظمات الحقوقية وعجزها الواضح عن القيام بدورها المنوط بها. ليس لدي شك أن عددا من تلك المنظمات مسيسة وفق أجندات خفية تقودها الدول الكبرى، بل إن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قال إن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعترف بتلك المنظمات إذا عملت ضد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها والكيان الصهيوني هو في مقدمة هؤلاء الحلفاء. وإذا كانت محكمة الجنايات الدولية تعجز حتى الآن عن إصدار مذكرة اعتقال ضد المجرم نتانياهو بل وتهدد إسرائيل رئيس المحكمة كما أشار هو شخصيا في تصريحات أخيرة فإن القواعد الدولية المنظمة لحالة الأمن والاستقرار في العالم قد سقطت وإن شريعة الغاب والقوة العسكرية والهيمنة هي التي يجب أن تسود، وإن مسألة حقوق الإنسان تعتمد على أجندات وضغوط ضد الدول النامية.

مراقبو حقوق الإنسان يسافرون إلى الدول العربية والإسلامية وينددون في تقاريرهم بالانتهاكات وبعدم وجود حرية التعبير والتمييز ضد النساء وغير ذلك من الأمور السلبية في حين أن الحرب العدوانية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة كشفت جرائم يندى لها جبين الإنسانية والسؤال: هل قامت تلك المنظمات الحقوقية بزيارة فلسطين المحتلة خاصة قطاع غزة؟ وهل تم اتخاذ إجراءات قانونية واقتصادية ضد الكيان الإسرائيلي المحتل؟ وهل بدأت حملة قانونية وحقوقية منظمة ضد مجرمي الحرب في حكومة نتانياهو المتطرفة؟.

في ظل الهيمنة الأمريكية عجزت الأمم المتحدة عن القيام بواجبها القانوني وحماية المدنيين خلال الحرب، بل إن واشنطن هي التي تحمي الكيان الإسرائيلي من إي عقوبات، والأسلحة الأمريكية تتدفق على الكيان الصهيوني وهذا يعني أن واشنطن مشاركة فعليا في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني. كما أن المحاكم الدولية أصبحت غير قادرة على تنفيذ قرارات الإدانة ضد الكيان الإسرائيلي.

إن المنظمات الحقوقية أصبحت في محل شك كبير والسؤال ماذا بقي لها من دور محوري في حماية حقوق الإنسان التي تتشدق بها في مؤتمراتها وبياناتها؟ إن الحرب الإسرائيلية العدوانية ضد المدنيين في قطاع غزة قد كشفت الخلل الكبير في دور منظمات حقوق الإنسان الدولية وأصبحت المحاكم الدولية تخشى من التهديدات الإسرائيلية، إذن ماهو مصير الملفات القانونية التي تقدمت بها دولة جنوب أفريقيا وعدد من الدول؟ هل تنضم تلك الملفات إلى قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بفلسطين منذ عام ١٩٤٨؟.

إن العالم يشهد ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا الإنسانية ومع قضايا الحروب، حيث يفقد عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين أرواحهم كل يوم دون أن تتحرك تلك المنظمات الحقوقية والمدنية وهذا يجعل الكيان الصهيوني أكثر استهتارا بالقوانين الدولية وغير مكترث بالبيانات السياسية وهو يواصل آلة القتل اليومية دون رادع. وأصبحت المنظمات الحقوقية والمدنية في محل تساؤل كبير كما هو الحال مع الأمم المتحدة التي عجزت عن إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزه بالشكل الصحيح علاوة على نقص الأدوات الطبية. وعلى ضوء ذلك فإن المقاومة الفلسطينية تبقى هي الرهان الوحيد مع خروج الملايين من الشعوب الحرة في الشرق والغرب التي تحركت وهي تشاهد تلك الجرائم البشعة التي يرتكبها مجرمو الحرب في الكيان الإسرائيلي، والذين يجب أن يقدموا إلى محكمة الجنايات الدولية. كما أن الولايات المتحدة الأمريكية تظل هي حامية تلك الجريمة الكبرى والإبادة الجماعية والتي تضاف إلى سلسلة سجلها التاريخي في الحروب والغزو العسكري للدول النامية طوال العقود الماضية.

عوض بن سعيد باقوير صحفي وكاتب سياسي وعضو مجلس الدولة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة محکمة الجنایات الدولیة الکیان الإسرائیلی الحرب العدوانیة الشعب الفلسطینی الکیان الصهیونی الأمم المتحدة حقوق الإنسان قطاع غزة فی قطاع من خلال

إقرأ أيضاً:

هولندا تدرج العدو الصهيوني ضمن قائمة الكيانات التي تهدد أمنها القومي

الثورة نت /..

أدرجت الوكالة الوطنية للأمن في هولندا، للمرة الأولى، الكيان الصهيوني ضمن قائمة الدول التي تُشكّل تهديداً للأمن القومي الهولندي، رغم البُعد الجغرافي بين البلدين الذي يُقدّر بنحو 3300 كيلومتر (تفصل بينهما 7 دول).

وجاء ذلك في تقرير صادر عن “المنسق الوطني للأمن ومكافحة الإرهاب” (NCTV)، نقلته وكالة “الأناضول”، بعنوان “تقييم التهديدات من الجهات الدولية الفاعلة”.

ويتناول التقرير محاولات الكيان الصهيوني التأثير على الرأي العام والسياسة الهولندية، عبر حملات تضليل إعلامي.

وأشار إلى وثيقة وزّعتها وزارة صهيونية العام الماضي على صحافيين وسياسيين هولنديين عبر قنوات غير رسمية، تضمنت معلومات شخصية “غير مرغوب بها” عن مواطنين هولنديين، عقب تظاهرات مناهضة للفلسطينيين في أمستردام.

كما حذّر التقرير من تهديدات صهيونية وأميركية متزايدة للمحكمة الجنائية الدولية، مقرها لاهاي، مؤكداً أن ذلك يعرّض عمل المحكمة للخطر، ويضع على هولندا مسؤولية حماية هذه المؤسسات.

وفي 2024، كشفت تحقيقات صحافية عن حملة صهيونية استمرت 9 سنوات، استخدمت فيها أدوات مراقبة وتهديد ضد مسؤولي المحكمة الجنائية.

ورغم هذه الضغوط، أصدرت المحكمة في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الصهيوني مجرم الحرب بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق المجرم يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة.

تأتي هذه الخطوة في سياق تصاعد التوترات السياسية والقانونية الدولية المتعلقة بالعدوان الصهيوني المستمر على الفلسطينيين، خصوصاً في قطاع غزة.

ويواجه الكيان اتهامات خطيرة أمام المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، تشمل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، إضافة إلى دعوى إبادة جماعية

مقالات مشابهة

  • لقاء إنساني موسع بصنعاء يؤكد الالتزام بالاتفاقية الموقعة مع المنظمات الدولية
  • أكاذيب الكيان الصهيوني التي لا تنتهي
  • مصدر عسكري يؤكد استمرار حظر الملاحة على الكيان الصهيوني​
  • مصدر عسكري يؤكد الاستمرار في تنفيذ قرار حظر الملاحة على الكيان الصهيوني​
  • اللقاء الإنساني الموسع بصنعاء يطالب المنظمات الدولية والأممية بإعادة تمويل البرامج المستدامة والتنموية
  • ترامب يعلّق على المجاعة في قطاع غزة المحاصر.. ماذا قال؟
  • ما المساعدات التي دخلت قطاع غزة؟ ومن المستفيد منها؟
  • من عدن إلى الضالع.. أدوات الاحتلال تفتح الجبهات أمام الكيان الصهيوني
  • غزة.. مفتاح عزل الكيان الصهيوني دوليًا        
  • هولندا تدرج العدو الصهيوني ضمن قائمة الكيانات التي تهدد أمنها القومي