لجريدة عمان:
2025-06-09@07:33:18 GMT

المنظمات الحقوقية، ماذا بقي منها؟

تاريخ النشر: 10th, September 2024 GMT

الحرب العدوانية التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني وهي تقترب من إكمال عامها الأول تضع تساؤلات جوهرية حول دور منظمات حقوق الإنسان العالمية وكيف تتعامل قانونيا وأخلاقيا وإنسانيا مع جرائم الكيان الصهيوني التي تعد إبادة جماعية ترتكب يوميا علاوة على دور محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية.

لقد كشفت الحرب العدوانية التي يشنها الكيان الصهيوني على المدنيين في قطاع غزة عن خلل كبير على صعيد تلك المنظمات الدولية الحقوقية، والتي تمارس الضغوط الكبيرة على الدول لأهداف سياسية خاصة ضد الدول العربية وتفرض ضغوطا من خلال سن القوانين والتي تعد منافية للشريعة الإسلامية وضد الهوية الوطنية والعادات والتقاليد الأصيلة.

وكون تلك المنظمات قوى ناعمة تحركها القوى الكبرى خاصة الولايات المتحدة الأمريكية فإن الضغط الحقوقي وفي مجال الحريات يأتي كضغط غير مباشر لتحقيق أهداف سياسية كما هو الحال مع الدول التي تقف مع الحق الفلسطيني المشروع.

إن صوت تلك المنظمات الحقوقية خافت، رغم المجازر البشعة التي يشهدها العالم يوميا من خلال وسائل الإعلام والمنصات الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي. وعلى ضوء ذلك لم تتحرك تلك المنظمات الحقوقية بالمستوى الذي يعبر عن فداحة وخطورة الجرائم الإنسانية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني رئيس محكمة الجنايات الدولية يقول بأن هناك تهديدات تصل إليه من الكيان الصهيوني حول مسألة إصدار مذكرة اعتقال دولية ضد أحد أكبر مجرمي الحرب في العصر الحديث نتانياهو وحكومته المتطرفة. ومن هنا فإن هناك مؤشرات بأن المحاكم الدولية تتعرض لضغط شديد من الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الإسرائيلي وهو نفس الحالة مع المنظمات الحقوقية التي تتبع الأمم المتحدة كمجلس حقوق الإنسان أو المنظمات المستقلة.

إن المجتمع الدولي بكل مؤسساته القانونية والأخلاقية والإنسانية أصبح عاجزا وهشًّا أمام الضغوطات الكبيرة التي تمارسها الصهيونية العالمية من خلال أدواتها السرية في الغرب ولم يتبق لتلك المنظمات الحقوقية سواء البيانات التي لا تعبر عن حجم المأساة في قطاع غزه وعموم فلسطين.

إن الكيان الصهيوني لم يعد يعير تلك المنظمات الحقوقية أي اهتمام بل إن المندوب الصهيوني في الأمم المتحدة قام بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة أمام كل مندوبي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وأمام شاشات التلفزة وشبكات التواصل الاجتماعي من خلال سلوك يعبر عن قلة الاحترام وعدم المسؤولية، وبأن الكيان الصهيوني كيان لا يلتزم بالقانون الدولي ولا معايير الأمم المتحدة وهذا يعطي مؤشرا بأن الكيان الصهيوني أصبح كيانا فوق كل الاعتبارات ويقوم بعمل الإبادة اليومية دون أن يخشى قادته أي مساءلة قانونية؟

لقد كشفت الحرب العدوانية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني هشاشة المنظمات الحقوقية وعجزها الواضح عن القيام بدورها المنوط بها. ليس لدي شك أن عددا من تلك المنظمات مسيسة وفق أجندات خفية تقودها الدول الكبرى، بل إن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قال إن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعترف بتلك المنظمات إذا عملت ضد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها والكيان الصهيوني هو في مقدمة هؤلاء الحلفاء. وإذا كانت محكمة الجنايات الدولية تعجز حتى الآن عن إصدار مذكرة اعتقال ضد المجرم نتانياهو بل وتهدد إسرائيل رئيس المحكمة كما أشار هو شخصيا في تصريحات أخيرة فإن القواعد الدولية المنظمة لحالة الأمن والاستقرار في العالم قد سقطت وإن شريعة الغاب والقوة العسكرية والهيمنة هي التي يجب أن تسود، وإن مسألة حقوق الإنسان تعتمد على أجندات وضغوط ضد الدول النامية.

مراقبو حقوق الإنسان يسافرون إلى الدول العربية والإسلامية وينددون في تقاريرهم بالانتهاكات وبعدم وجود حرية التعبير والتمييز ضد النساء وغير ذلك من الأمور السلبية في حين أن الحرب العدوانية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة كشفت جرائم يندى لها جبين الإنسانية والسؤال: هل قامت تلك المنظمات الحقوقية بزيارة فلسطين المحتلة خاصة قطاع غزة؟ وهل تم اتخاذ إجراءات قانونية واقتصادية ضد الكيان الإسرائيلي المحتل؟ وهل بدأت حملة قانونية وحقوقية منظمة ضد مجرمي الحرب في حكومة نتانياهو المتطرفة؟.

في ظل الهيمنة الأمريكية عجزت الأمم المتحدة عن القيام بواجبها القانوني وحماية المدنيين خلال الحرب، بل إن واشنطن هي التي تحمي الكيان الإسرائيلي من إي عقوبات، والأسلحة الأمريكية تتدفق على الكيان الصهيوني وهذا يعني أن واشنطن مشاركة فعليا في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني. كما أن المحاكم الدولية أصبحت غير قادرة على تنفيذ قرارات الإدانة ضد الكيان الإسرائيلي.

إن المنظمات الحقوقية أصبحت في محل شك كبير والسؤال ماذا بقي لها من دور محوري في حماية حقوق الإنسان التي تتشدق بها في مؤتمراتها وبياناتها؟ إن الحرب الإسرائيلية العدوانية ضد المدنيين في قطاع غزة قد كشفت الخلل الكبير في دور منظمات حقوق الإنسان الدولية وأصبحت المحاكم الدولية تخشى من التهديدات الإسرائيلية، إذن ماهو مصير الملفات القانونية التي تقدمت بها دولة جنوب أفريقيا وعدد من الدول؟ هل تنضم تلك الملفات إلى قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بفلسطين منذ عام ١٩٤٨؟.

إن العالم يشهد ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا الإنسانية ومع قضايا الحروب، حيث يفقد عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين أرواحهم كل يوم دون أن تتحرك تلك المنظمات الحقوقية والمدنية وهذا يجعل الكيان الصهيوني أكثر استهتارا بالقوانين الدولية وغير مكترث بالبيانات السياسية وهو يواصل آلة القتل اليومية دون رادع. وأصبحت المنظمات الحقوقية والمدنية في محل تساؤل كبير كما هو الحال مع الأمم المتحدة التي عجزت عن إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزه بالشكل الصحيح علاوة على نقص الأدوات الطبية. وعلى ضوء ذلك فإن المقاومة الفلسطينية تبقى هي الرهان الوحيد مع خروج الملايين من الشعوب الحرة في الشرق والغرب التي تحركت وهي تشاهد تلك الجرائم البشعة التي يرتكبها مجرمو الحرب في الكيان الإسرائيلي، والذين يجب أن يقدموا إلى محكمة الجنايات الدولية. كما أن الولايات المتحدة الأمريكية تظل هي حامية تلك الجريمة الكبرى والإبادة الجماعية والتي تضاف إلى سلسلة سجلها التاريخي في الحروب والغزو العسكري للدول النامية طوال العقود الماضية.

عوض بن سعيد باقوير صحفي وكاتب سياسي وعضو مجلس الدولة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة محکمة الجنایات الدولیة الکیان الإسرائیلی الحرب العدوانیة الشعب الفلسطینی الکیان الصهیونی الأمم المتحدة حقوق الإنسان قطاع غزة فی قطاع من خلال

إقرأ أيضاً:

فواجع غرق الأطفال بمراكش تثير قلق الجمعيات الحقوقية

عبّرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان – فرع المنارة مراكش عن حزنها العميق وقلقها البالغ إزاء ما وصفته بـ”الفشل المزمن في توفير بدائل آمنة للأطفال واليافعين لمواجهة موجات الحر المتزايدة”، محملة السلطات المحلية والمنتخبة مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع.

وفي بلاغ لها، توصلت « اليوم24 » بنسخة منه، أشارت الجمعية إلى أن عدد ضحايا الغرق في مناطق متفرقة قرب مراكش بلغ خمسة أطفال خلال أسبوع واحد، بسبب الارتماء في صهاريج مائية غير مخصصة للسباحة.

وسجّل الفرع المحلي للجمعية أن أولى الفواجع وقعت يوم 2 يونيو الجاري، حين لقي طفلان مصرعهما غرقاً داخل حوض مائي مخصص للسقي الفلاحي، قرب دوار المرادسة، على مشارف مدينة تامنصورت.

وفي ثاني أيام عيد الأضحى، عرفت جماعة سعادة فاجعة أخرى، حيث غرق ثلاثة قاصرين في صهريج مائي بدوار فورني بلوك 913، في مشهد وصف بـ”المروع والمؤلم”.

وأكدت الجمعية أن هذه المآسي ما كانت لتقع لولا غياب بنية تحتية ترفيهية آمنة، وعلى رأسها المسابح العمومية، معتبرة أن “الدولة تواصل تجاهلها لحق الشباب والأطفال في اللعب والترفيه والرياضة، وحقهم في الحياة قبل ذلك”.

وحذرت الجمعية من استمرار مثل هذه الحوادث في ظل غياب مقاربة وقائية، داعية إلى ضرورة مراقبة الصهاريج المائية الخاصة بالسقي، وتكثيف حملات التوعية بمخاطر السباحة فيها. كما شددت على ضرورة التحقيق الجدي في ملابسات الوفيات، للكشف عن الحقيقة ورفع كل لبس.

وسجل البلاغ أيضاً ضعف البنية التحتية الترفيهية بالمدينة، حتى على مستوى المسابح الموجودة، التي تعرف اكتظاظاً كبيراً يتجاوز طاقتها الاستيعابية، مما يدفع الأطفال إلى البحث عن بدائل خطرة، كالسياحة في النافورات أو الأحواض العشوائية.

وختمت الجمعية بلاغها بدعوة السلطات إلى مراجعة أولوياتها في صرف المال العام، داعية إلى استثمار حقيقي في مشاريع تلامس الاحتياجات اليومية للمواطنين، بدل الاستمرار في “هدر المال على مبادرات تفتقر للجدوى والنجاعة الاجتماعية”.

مقالات مشابهة

  • تأييد إسرائيلي لاتفاق يضمن الإفراج عن أسرى غزة مقابل إنهاء الحرب والانسحاب
  • فواجع غرق الأطفال بمراكش تثير قلق الجمعيات الحقوقية
  • وزير الحرب الصهيوني يهدد سفينة الحرية “مادلين”
  • وزير الحرب الصهيوني يهدد سفينة الحرية “مادلين”
  • الغلوسي يحذر من تكرار الأخطاء التي وقعت في الماضي على خلفية المس بالمكتسبات الحقوقية
  • وزير العمل يهنئ فلسطين باعتمادها «دولة مراقب» بمنظمة العمل الدولية
  • فرنسا تعلن تضامنها مع المحكمة الجنائية الدولية
  • إيلون ماسك يحذف تدويناته التي شن فيها هجوما لاذعا على ترامب وأشعل ضجة
  • تحذير إسرائيلي: مشاهد الجوع غير الأخلاقية في غزة أفقدتنا الشرعية الدولية التي نحتاجها
  • بيان أمريكي يدعو الحوثيين للإفراج الفوري عن موظفي المنظمات الدولية والأممية