آثار نادرة تسرق من المتحف الوطني في السودان والجماعات المسلحة في دائرة الاتهام
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
تعرّضت آثار نادرة من المتحف الوطني السوداني، إلى عمليات نهب واسعة، وفق ما أفاد مسؤولون، ويشتبه في أنّ الجماعات المسلحة المشاركة في الحرب الأهلية في السودان قد تورطت في ذلك، بعد أن نقل مقاتلون صناديق تحتوي على تماثيل قديمة، وأوانٍ فخارية، وأشياء أخرى من المتحف الوطني في العاصمة الخرطوم.
وقد عبرت منظمة اليونسكو عن "قلقها العميق" إزاء التقارير المتعلقة بالنهب والأضرار التي لحقت بعدة متاحف في السودان، وفي بيان لها يوم الخميس، قالت المنظمة: "في الأسابيع الأخيرة، يبدو أن هذا التهديد للثقافة قد بلغ مستوى غير مسبوق، مع تقارير عن نهب المتاحف والمواقع التراثية والأثرية والمجموعات الخاصة".
ودعت المنظمة المجتمع الدولي إلى بذل قصارى جهده لحماية التراث السوداني من التدمير والاتجار غير المشروع.
تشهد السودان صراعًا مستمرًا منذ أبريل الماضي، وقد قُتل ما يصل إلى 150 ألف شخص وفقًا لتقديرات أمريكية.
كما تم تهجير أكثر من 10 ملايين شخص، حيث فرّ العديد منهم إلى تشاد وجنوب السودان ومصر.
هناك خطر من أن يتم سحب جيران السودان إلى الصراع، سواء بشكل مباشر أو من خلال دعم قوات بالوكالة، مما قد يكون له تداعيات خطيرة على الأمن الإقليمي.
فشل الوساطات لوقف الحربوقد فشلت عدة محاولات للتوسط من أجل وقف إطلاق النار بين الجيش ومجموعة الدعم السريع شبه العسكرية.
وقد اتُهم المقاتلون بمهاجمة الموارد الطبيعية الواسعة في البلاد، من الذهب إلى صمغ الأكاسيا، الذي يعد مكونًا أساسيًا في المشروبات الغازية ومستحضرات التجميل، لتمويل حملاتهم.
في حادثة حديثة، أفاد كل من إقبال عبد اللطيف وشادية عبد ربه، مديرة المتحف وكبيرة القيمين عليه، بأن أعضاء من قوات الدعم السريع المسلحة قاموا بإزالة ثلاث شاحنات محملة بالآثار، ووفقًا لعبد اللطيف، فإن الإنتربول واليونسكو يقدمان الدعم للتحقيق في الجرائم وتوثيقها.
وقد ظهرت قوات الدعم السريع من ميليشيات الجنجويد التي ارتكبت إبادة جماعية في دارفور قبل عقدين من الزمن.
فيما ونفى نزار سيد أحمد، عضو فريق التفاوض التابع للمجموعة، تورطها في عمليات النهب، قائلًا: "أي شخص يريد التأكد من بقاء ممتلكات المتحف يمكنه ذلك. نحن مستعدون لأخذهم لرؤيتها على الأرض".
وأكد أيمن بدري، موظف في مكتب اليونسكو في السودان، أن الوكالة تعمل بشكل وثيق مع المتحف والشركاء المحليين لمحاولة تحديد موقع العناصر المفقودة.
وأشار إلى أن الادعاءات بأن الآثار قد تم أخذها وعرضها للبيع عبر الإنترنت وفي الدول المجاورة هي "موثوقة".
Relatedوكالات أممية تحذر من الوضع المأساوي الذي يهدد أرواح أطفال السودانتفشي وباء الكوليرا في السودان يودي بحياة 22 شخصًا ويصيب أكثر من 300منظمة أطباء بلا حدود: السودان يشهد أسوأ الأزمات الإنسانية منذ عقودكان المتحف في مرحلة تجديد قبل اندلاع الحرب، لذا تم تعبئة العديد من العناصر التي كانت عادةً معروضة في صناديق، وفقًا لعبد ربه، التي فرّت من السودان إلى فرنسا عند اندلاع القتال.
وأفادت بأنها تلقت شهادات ومقاطع فيديو وصور من جهات اتصال في السودان تظهر أن تماثيل جنائزية تعود إلى الفترة النبتية بين 700 و300 قبل الميلاد قد تم نهبها.
آثار لا تقدّر بثمنتضم مجموعة المتحف الواسعة تمثالًا مذهبًا لملك كوشي، وأوانٍ تعود إلى القرن الثالث الميلادي، بالإضافة إلى لوحات من فترة النوبة الوسطى التي عُثر عليها في كاتدرائية فاراس.
يحتوي المتحف على آثار تمتد من عصور ما قبل التاريخ إلى أوائل القرن التاسع عشر.
ومع ذلك، لم يُعرف بعد عدد القطع التي تم نهبها، بحسب تومومي فوحيا، أستاذة مساعدة في المركز البولندي لعلم الآثار المتوسطية بجامعة وارسو وعضوة في مبادرة حماية التراث السوداني بجامعة برمنغهام، التي قالت: "ثقافيًا، هذه هي أفضل مجموعة أثرية في السودان".
أفادت عبد ربه بأن متحف دارفور في مدينة نيالا الجنوبية ومتحف شيكان في الأبيض تعرضا أيضًا لسرقة آثار، بالإضافة إلى فقدان أرشيفات تحتوي على آلاف الوثائق من جامعة أم درمان الأهلية، فيما دُمرت أخرى في حريق العام الماضي.
من جهتها، دعت منظمة "التراث من أجل السلام"، المعنية بحماية التراث الوطني خلال النزاعات، الأطراف المتحاربة في السودان إلى حماية التراث الثقافي، منع التصدير غير المشروع للملكية الثقافية، ووقف الحفريات غير القانونية في المواقع الأثرية.
وأفادت وسائل الإعلام السودانية الرسمية بأن أكثر من 200 باحث قد قدموا التماسًا لرئيس جنوب السودان سلفا كير لاستعادة الآثار السودانية التي تم نقلها إلى بلاده بغرض البيع.
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الجيش السوداني يتكبد 5 آلاف قتيل وخسائر تتجاوز 10 مليارات دولار والصحة العالمية تتحدث عن 20 الف قتيل قتل واغتصاب واضطهاد.. تقرير للأمم المتحدة يدعو إلى توسيع حظر الأسلحة وإنشاء قوة محايدة في السودان السودان: انهيار سد أربعات بولاية البحر الأحمر يسفر عن مقتل العشرات وتدمير 20 قرية بالكامل جمهورية السودان قوات الدعم السريع - السودان آثارالمصدر: euronews
كلمات دلالية: الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قصف وسائل التواصل الاجتماعي اعتداء إسرائيل دونالد ترامب إسبانيا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قصف وسائل التواصل الاجتماعي اعتداء إسرائيل دونالد ترامب إسبانيا جمهورية السودان قوات الدعم السريع السودان آثار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قصف وسائل التواصل الاجتماعي اعتداء إسرائيل دونالد ترامب إسبانيا فيتنام الاتحاد الأوروبي فرنسا قطاع غزة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا مراهقون السياسة الأوروبية الدعم السریع یعرض الآن Next فی السودان
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: حفتر وحسابات السودان الجديدة
لم يكن صباح العاشر من يونيو يوماً عاديًا في سياق الحرب السودانية المستمرة منذ أكثر من عامين، إذ حمل تطورًا نوعيًا وخطيرًا، بإعلان القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية عن تعرّض نقاط حدودية داخل المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا لهجوم مشترك شنّته مليشيا الدعم السريع، بدعم مباشر من قوات الجنرال الليبي خليفة حفتر، وتحديدًا “كتيبة السلفية” التابعة له.
هذا الحدث يمثّل نقلة نوعية، تُنذر باحتمال انتقال الصراع السوداني من إطار الاحتراب الداخلي إلى مشارف التدويل الإقليمي، حيث تتشابك المصالح والأطماع والنفوذ في مشهد متجدد .
الدعم العسكري الذي قدمته قوات حفتر للمليشيا المتمردة – وفقًا لمنصة “أخبار السودان” – لم يقتصر على الإسناد الميداني، بل شمل عمليات نقل للأسلحة والمعدات عبر الكفرة، واستخدام طائرات مسيّرة إماراتية ، إلى جانب رصد طائرات شحن من طراز IL-76TD في محيط العمليات. هذه المؤشرات تؤكد أن الهجوم جاء ضمن خطة أوسع ، أُعدت بعناية في مراكز قرار إقليمية داعمة للمليشيا، بهدف إعادة ضبط موازين القوة على الأرض، بعد تكبّدها خسائر كبيرة في جبهات شمال دارفور، وغرب كردفان، والنيل الأبيض، والخرطوم.
المثلث الحدودي، الذي أصبح ساحة اشتباك، لطالما كان نقطة تماس حساسة تتقاطع عندها حسابات الخرطوم والقاهرة وطرابلس. ورغم أن الهجوم نُفّذ بأيادٍ ليبية وسودانية متمردة، إلا أن خلفيته تُشير بوضوح إلى دور فاعلين إقليميين، وعلى رأسهم حكومة أبوظبي، التي تُتهم مرارًا “تقارير اممية” بإدارة وتفعيل شبكة الدعم اللوجستي والمالي للمليشيا، انطلاقًا من جنوب ليبيا، بعد تعثّر خطوط الإمداد القادمة من تشاد في الأشهر الأخيرة.
وفي هذا السياق، برز تطوّر تشادي لافت، تمثّل في برقية تهنئة أرسلها الرئيس محمد إدريس ديبي إلى الرئيس السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بمناسبة عيد الأضحى. هذه البرقية ، تحمل دلالات سياسية مهمة، إذ تُعد أول تواصل رسمي بين البلدين بعد أشهر من الفتور، على خلفية اتهامات سودانية لتشاد بإيواء عناصر الدعم السريع والتغاضي عن عبور إمدادات عسكرية عبر أراضيها.
يمكن قراءة هذه الخطوة كمحاولة تشادية لفتح نافذة تهدئة، أو كإشارة إلى تراجع تدريجي عن الانخراط في الصراع، مدفوعة بهواجس أمنية متزايدة ترتبط بامتداد قبيلة الزغاوة في البلدين، وبمخاوف من امتداد نيران الحرب إلى الداخل التشادي، خاصةً في ظل تململ داخل المؤسسة العسكرية، وضغوط غربية متزايدة، وتغير المزاج الدولي إزاء الحرب في السودان.
هذا التراجع التشادي، وإن لم يُعلن رسميًا، يفسَّر – وفق مراقبين – بأنه دفعٌ إضافي لأبوظبي للبحث عن بدائل لوجستية، فوجدت ضالتها في محور حفتر، الذي يمثّل بوابة مثالية جغرافيًا وسياسيًا، تتيح استمرار الدعم للمليشيا دون تكاليف سياسية باهظة، على الأقل في الوقت الراهن. وعليه، فإن التحوّل الليبي يبدو تأسيسًا فعليًا لخط دعم بديل، قد يتجاوز في طاقته وأثره الخط التشادي المتراجع.
أما مصر، الحاضرة بالاسم والموقع في بيانات الجيش السوداني، فتجد نفسها أمام معضلة مركّبة. فقوات حفتر، التي نفّذت الهجوم، لا تتحرّك عادة دون تنسيق مع القاهرة، بل تُعد ذراعًا استراتيجية لها في شرق ليبيا. ومع ذلك، تزامن هذا الهجوم مع زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أبوظبي، وفي ظل أحاديث عن ضغوط إماراتية تتعلق بملف معبر رفح وغزة، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان هذا التحرك رسالة ضغط مبطّنة لمصر، مفادها أن “الجنوب قابل للاشتعال إذا لم تُقدَّم تنازلات في الشرق”.
وإذا صحّت هذه التقديرات، فإن الصراع يتجاوز كونه نزاعًا على خطوط إمداد أو نفوذ، ليُصبح صراع إرادات داخل المحور ذاته، بين دولة مانحة للمال (الإمارات)، وأخرى ضامنة للجغرافيا (مصر)، حيث يدرك الطرفان أن استمرار تضارب الأجندات قد يقود إلى انفجار محتمل.
في هذا السياق، تبقى المرحلة المقبلة مفتوحة على عدد من السيناريوهات: أولها، أن يواصل الجيش السوداني التعامل مع الموقف بحزم، كما بدأ خلال الأيام الماضية من خلال الطلعات الجوية التي ألحقت خسائر فادحة بالمليشيا وداعميها.
أو أن يتم تثبيت خط الإمداد الليبي الجديد كأمر واقع تتعامل معه جميع الأطراف. أو ربما تشهد المرحلة تدخلًا مصريًا مباشرًا للحد من تحركات حفتر بما يضمن المصالح المصرية ولا يُحرج شراكتها مع السودان.
كما لا يُستبعد تدخل أطراف أخرى، مثل تركيا، لترتيب المشهد بما يخدم مصالحها وأجنداتها في المنطقة.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، تبدو أمام الخرطوم فرصة دبلوماسية ثمينة، ينبغي عدم التفريط فيها، عبر تحويل الرسالة التشادية إلى مسار تفاوضي أمني يُسهم في إغلاق الجبهة الغربية مع تشاد. هذه الخطوة من شأنها أن تُشكّل تحولًا مهمًا في تقليص فرص تمدد المليشيا، خاصة في ظل الضغوط العسكرية المتزايدة عليها في دارفور.
هذا وبحسب ما نراه من #وجه_الحقيقة إذا نجحت الخرطوم في احتواء الموقف التشادي، وتفعيل أدوات الضغط الدبلوماسي على الأطراف الإقليمية الداعمة للتمرد، فإن الطريق سيكون ممهّدًا لعزل مليشيا الدعم السريع إقليميًا، وفتح نافذة جديدة أمام تفاهمات سلام محتملة بدأت تتبلور بين أنقرة والدوحة خلال الأيام الأخيرة. غدا بإذن الله نتناول تأثيرات الحرب الايرانية الاسرائيلية علي السودان في ظل التطورات الأخيرة.
دمتم بخير وعافية.
إبراهيم شقلاوي
السبت 14 يونيو 2025م Shglawi55@gmail.com
إنضم لقناة النيلين على واتساب