يستعد الناخبون في مدن عدة في ليبيا للإدلاء بأصواتهم في المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية، وذلك بعد أن أجريت الانتخابات في عدد من المدن والقرى في المرحلة الأولى بلغت نحو 60 مجلسا بلديا، وكانت نسبة المشاركة حسب ما أوردته المفوضية الوطنية العليا للانتخابات نحو 74 في المئة من الناخبين المؤهلين.

وتواجه المرحلة الثانية من الانتخابات تحديات؛ منها ما هو متعلق بموقف القاعدة الانتخابية، ومنها ما هو راجع إلى الصراع الذي قسم البلاد إلى سلطتين، إحداهما ترفض الانتخابات البلدية وحالت دون تنفيذها في عدد من المدن الخاضعة لها في الشرق والجنوب.



الانتخابات البلدية كانت بمثابة دليل قاطع على تناقض التوجهات والاتجاهات السياسية، فالمعارضة كانت علنية لهذا المسار، ويظهر على المسرح أنصار المشروع العسكري الذين يرون أن أي وسيلة لفرض لاعبين على الساحة، حتى لو كانوا تنفيذيين على مستوى المحليات، غير مقبول
يبلغ عدد المجالس البلدية الخاضعة للانتخابات 52 بلدية، حيث كان من المفترض أن تجرى الانتخابات في 63 بلدية: 41 منها في الغرب الليبي، و13 في الشرق، 9 في الجنوب، إلا أن قرارا للمفوضية قضى بتعليق الانتخابات في 11 مجلسا بلديا لأسباب إدارية وسياسية وأمنية، وأجلت المفوضية انتخابات بعض بلديات مدينة الزاوية التي شهدت اعتداءات على مراكز اقتراع في الأيام الماضية.

وبرغم تفاؤل المفوضية، وجهودها الجبارة لإنجاح الانتخابات، إلا أن المزاج الشعبي العام لا يماهي آمال ومساعي المفوضية. فعلى سبيل المثال فإن القاعدة الانتخابية لبلديات طرابلس تبلغ نحو 130 ألفا، إلا أن سجل الناخبين بلغ 13 ألف، أي 10 في المئة فقط، وبالقطع لن يذهب إلى مراكز الاقتراع هذا العدد، الأمر الذي يعكس عزوفا ملحوظا من المواطنين.

العزوف يعزى إلى حالة الإحباط التي تنتاب جموعا غفيرة من الليبيين بسبب الوضع السياسي والاقتصادي والأمني المضطرب، تضاف إلى ذلك محدودية الوعي لدى شريحة ليست صغيرة بأهمية الانتخابات ومكانتها في التحول السياسي والاجتماعي والتطور الاقتصادي الذي ينشده كل الليبيين، أيضا غياب الفاعلية المجتمعية التنظيمية من منظمات وأحزاب، والتي من المفترض أن يكون لها حضورها للتعبئة العامة لصالح الاستحقاق الانتخابي.

ومما لا شك فيه أن الانتخابات البلدية تشكل باعثا ومحفزا للتقدم خطوات نحو الانتقال الديمقراطي الرصين والاستقرار السياسي والأمني، وهذا ما يعتقده كثير من النشطاء والمكونات السياسية والاجتماعية، وتتابعهم في ذلك البعثة الأممية والأطراف الدولية، خاصة الأوروبية، من أن نجاح الانتخابات البلدية مؤشر قوي على إمكان إجراء الانتخابات على المستوى التشريعي والتنفيذي المركزي، وهذا دافع رئيس لدى مكونات ترفض هذا التحول لعرقلتها.

الانتخابات البلدية كانت بمثابة دليل قاطع على تناقض التوجهات والاتجاهات السياسية، فالمعارضة كانت علنية لهذا المسار، ويظهر على المسرح أنصار المشروع العسكري الذين يرون أن أي وسيلة لفرض لاعبين على الساحة، حتى لو كانوا تنفيذيين على مستوى المحليات، غير مقبول، والمنطلق عندهم أن الانتخابات يمكن أن تؤثر على سلطة المتفردين بالقرار هناك، المشهد يكشف أن الانتخابات البلدية ليست مجرد مقاربة لتفعيل دور المحليات في تقديم الخدمات، بل هي اليوم ساحة شد وجذب على مستوى كبير تزدحم فيها أطراف عدة لهم محركات ودوافع تتجاوز محركات ودوافع الكثير من الوطنيين الذي ترشحوا بل تسهم هذه الانتخابات، في حال القبول بها، في تقويض نفوذهم. والمقلق جدا أن يكون خلف هذا الصد والرفض والعرقلة من يُحسبون على أهل العلم والمعرفة وحتى الفكر، الذين تفنن بعضهم في التقليل من عرقلة الانتخابات البلدية وتبرير هذا المنزع.

المشهد يكشف أن الانتخابات البلدية ليست مجرد مقاربة لتفعيل دور المحليات في تقديم الخدمات، بل هي اليوم ساحة شد وجذب على مستوى كبير تزدحم فيها أطراف عدة لهم محركات ودوافع تتجاوز محركات ودوافع الكثير من الوطنيين الذي ترشحوا رغبة في خدمة مجتمعاتهم المحلية، والمساهمة في تقديم نماذج يمكن أن تراكم متطلبات الاستقرار على المستوى الوطني.

والحقيقة أن الاستحقاق الانتخابي البلدي أو المحلي واجه عوائق كبيرة تتداخل فيما بينها لتشكل ذريعة لإفشاله من قبل المتربصين بها، فهناك المجتمع القبلي الذي كان في القديم والحديث ذا تأثير سلبي على الانتخابات، وهناك التخلف وتدني الوعي لدى شرائح واسعة في المجتمع، ومن خلف هؤلاء الطبقة الحاكمة التي ترى في أي وسيلة لمشاركة المجتمع في صناعة القرار تهديد مباشر لمصالحهم بل وجودهم. وتأتي الحلقة الأكبر في سلسلة العوائق وهي التدخل الخارجي الذي يتحرك عبر الطبقة المتنفذة التي تمثل الأداءة الأهم في تمرير أجنداته، وتجد تلك الأطراف الخارجية، الإقليمية تحديدا، في أي تطور في المسار السياسي والاجتماعي عبر الانتخابات سحب للبساط من تحت أقدامهم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه ليبيا الانتخابات بلديات المجتمعية ليبيا انتخابات مجتمع بلديات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة صحافة سياسة سياسة مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات البلدیة أن الانتخابات على مستوى

إقرأ أيضاً:

«إدارة إنفاذ القانون» تبدأ خطة تأمين الانتخابات البلدية في «طرابلس الكبرى»

أطلقت إدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية، فجر اليوم السبت، خطة تأمين شاملة لتأمين العملية الانتخابية داخل نطاق طرابلس الكبرى، مع انطلاق انتخابات المجالس البلدية.

وباشرت الإدارة تسيير دوريات أمنية مكثفة منذ الساعات الأولى من الصباح، شملت مختلف مناطق العاصمة، لضمان حماية مراكز الاقتراع الموزعة على نطاق واسع.

وتتضمن الخطة الأمنية تعزيز التواجد الميداني حول المراكز الانتخابية، وتكثيف نقاط التمركز، إلى جانب تسيير دوريات راجلة ومتحركة، بما يضمن حماية الناخبين والعاملين في العملية الانتخابية، وضمان انسياب سير الاستحقاق الديمقراطي دون أي خروقات أمنية.

مقالات مشابهة

  • الانتخابات البلدية تنطلق في ليبيا وسط توترات
  • حفتر يأمر بتعليق الانتخابات البلدية في 11 بلدية شرق وجنوب البلاد
  • المفوضية العليا تُعلن انطلاق انتخابات المجالس البلدية بمشاركة أممية
  • «إدارة إنفاذ القانون» تبدأ خطة تأمين الانتخابات البلدية في «طرابلس الكبرى»
  • الدبيبة يشيد بانطلاق الانتخابات البلدية في 26 بلدية ويؤكد تمسكه بالمسار الديمقراطي
  • انطلاق الانتخابات البلدية في طرابلس وسط إجراءات أمنية مشددة
  • أورلاندو يدعو لضمان نزاهة «الانتخابات البلدية» ويعبّر عن قلقه من الهجمات على المفوضية
  • الداخلية تُؤكد جاهزيتها الكاملة لتأمين الانتخابات البلدية
  • بريطانيا وإيطاليا تدعمان الانتخابات البلدية وتدينان “محاولات العرقلة”