???? (الدعامي) أضاء تلفونه فرأى أخاه (..) حكاية الخنساء السودانية وما فعلته بذلك الوغد
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
كان الوقت مساء .. اللحظات تمر ببطء والهدوء قاتل بعد أن ترك أغلب الجيران بيوتهم بأمتعتها وخرجوا نحو المجهول. ومن بقي منهم يصارع رغبة الخروج ويتعلل لنفسه بأشياء ربما لم يدرك خطورتها بعد.
*مع تطور الأحداث أصبحت الحياة ضربا من الخيال المختلط بالواقع.
*تردد لا يمكن حسمه، حياة كأنها في قاع الجب.
* في هذا البيت المعني أب مشلول وأم وبنتان، كانت حياتهم مما يتمناه الأهل الأحبة.
كانوا محل حفاوة الجيرة والأصحاب. الكل يتمنى أن يحرك عجلة الأب فتاريخه حافل بالعطاء ولكنها الحياة وابتلاءاتها.
* جاءت الحرب وجاء معها الخوف والنزوح وقساوة المعتدين.
* انتظارهم في البيت كان قطعة من نار ولكنه انتظار لم يطل.
*ذات مساء وقد تعودوا أن يختموا يومهم باكرا خوفا من أن يسترق إليهم الأوغاد السمع..
وبينما الصمت الرهيب يلف المكان سمعوا جلبة غريبة.
*للوهلة الأولى ظنوا أن أحدا ممن تبقى في الحي جاء لإنقاذهم ولكن ما هي إلا ثوان حتى تكشف الأمر… يا الله لقد حدث ما يخشونه.
إنهم الأعداء بقبحهم وقساوتهم.
*كان المشهد عجيبا .. الأم والبنات كلهن في جانب، والأب المقعد في الجانب الآخر من الغرفة والكل يرتجف.
*في منتصف الغرفة كان اثنان يحملان على كتفيهما سلاحا مخيفا، زيهما عسكري يبدو أكبر منهما .
* إنهما في عمر الشباب ولكن الوجوه غريبة
كل ذلك تبينته الأسرة بعد أن أشهرا إضاءة هاتفيهما في الغرفة، ركز أحدهما الإضاءة على البنتين بعد جولة خاطفة في المشهد..
* البنتان كفلقتي قمر.. نظر الوغد إلى صاحبه نظرة خبيثة وأشار إليه أن هيت لك.
*أدمعت عينا الأب وهو المعذور، الأم تسمرت في مكانها.
*واحدة من البنتين تسللت سريعا ثم عادت من اتجاه الأب ثم سمع الجميع صرخة اهتزت لها أرجاء الغرفة الفسيحة.
*أضاء (الدعامي) تلفونه فرأى أخاه مضرجا في دمائه، لم ينتظر لحظة أو يتريث.. هرول خارجا تتبعه عيون لا ترى، فالظلام حالك.
*ثوان وقد تجمدت الدماء وتيبست الحركة والحياة ولكن كل شيء قد انكشف.. فقد قتلت هذه الخنساء هذا الوغد… ثم ماذا؟.. نسوي شنو؟ قالتها الأم سريعا.
*الإنسان في لحظات الفزع يفعل كل شيء بغريزة البقاء الطبيعية ثم لا يعجزه المخرج.
*خلال لحظات كان الخروج.. الخروج المجهول ومن أي الأبواب لا أحد يعلم.
*حملت البنتان والدهما كأنه طفل صغير واخذن مع والدتهما يسابقن الريح ليجدن مخرجا.
*في أحد الازقة أضاءت عربة كاشفة وسطع نورها الطويل فيهن فتجمدن مكانهن…وصلت العربة الصالون وفي همس مرتجف تبين لهن أنه ود بلد.
*يا الله يا للفرج والرحمة.. ركبوا جميعهم ولكن لم يجرؤ أحد على الحديث، ثم بعد المخارجة عبر الأزقة قلن لصاحب العربة نحن في عرضك.
*أخذ الشاب يناور يمينا وشمالا ويجتاز الخطر هنا وهناك حتى أوصلهم شارعا رئيسيا.
كان الوقت أقرب لمنتصف الليل قالها الشاب “ارتاحوا سأرتب لكم الخروج”.
*في الصباح أخذهم إلى صاحب البص السفري الذي أسلمهم إلى أهل تلك القرية فكانوا نعم الأهل والعشيرة..
* عام وبضعة أشهر من الحرب مرت وذكرى ذلك اليوم محفورة في أعماق الأسرة، لا يدرون ماذا حل بالبيت والجاني ويتمنون أن لا تمر تلك اللحظات بخواطرهم الكسيرة.
*رغم فقدان البيت وكل ما تركوه إلا إنهم يشكرون الله كثيرا على نعمة الستر والأمن والأمان فكل شيء غيرها يهون، وقد أصبحوا معافين آمنين في سربهم الجديد ينتظرون سحائب الرحمة ووعد النصر.
بقلم: د. سلوى حسن صديق
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
محمد أبو الحسن.. حكاية فنان أحبّه الجميع وغاب دون ضجيج
تمر اليوم ذكرى وفاة أحد أبرز نجوم الكوميديا المصرية في القرن العشرين، الفنان محمد أبو الحسن، الذي ترك بصمة مميزة في قلوب الجماهير بأدائه البسيط وصوته الفريد وملامحه الطيبة، ورغم أن رحيله جاء هادئًا وبعيدًا عن الأضواء، إلا أن إرثه الفني ما زال حاضرًا في وجدان محبيه من كل الأجيال.
في السطور التالية نُلقي الضوء على نشأته، ومحطاته الفنية، وأبرز أعماله، وحياته الشخصية، وصولًا إلى لحظة الوداع.
النشأة والبدايات
ولد محمد أبو الحسن عبد الله في 19 يوليو عام 1937 بمحافظة القاهرة، تميز منذ صغره بخفة ظل لافتة جعلته محبوبًا في محيطه، إلا أن دراسته لم تكن في مجال الفن، بل في الزراعة، التحق بكلية الزراعة وتخرج منها عام 1960، وبدأ حياته المهنية كمهندس زراعي في مديرية التحرير.
ولكن ميوله الفنية ظلت حاضرة، ووجد طريقه إلى التلفزيون المصري حيث شارك في إخراج بعض البرامج، ثم بدأ بالتمثيل تدريجيًا، لا سيما في برامج الأطفال.
انطلاقته الفنية من التلفزيون إلى خشبة المسرح
بدايته الحقيقية في مجال التمثيل كانت من خلال مسرحية "حاجة تلخبط" عام 1971، بدعم من الفنانة نجوى سالم، ومن هناك شق طريقه في المسرح الكوميدي، حتى جاءت انطلاقته الكبرى بدور "حنفي" في مسرحية "سك على بناتك" مع العملاق فؤاد المهندس.
هذا الدور كان بمثابة تأشيرة عبور إلى قلوب المصريين، حيث أبدع في تقديم شخصية الموظف البسيط المخلص، صاحب الأداء الهادئ والكوميديا التي تنبع من الموقف لا من المبالغة.
التنوع في الأدوار الفنية
لم يقتصر إبداع محمد أبو الحسن على المسرح فقط، بل امتد ليشمل السينما والتلفزيون والإذاعة، شارك في أكثر من 150 عملًا متنوعًا، جسد خلالها أدوارًا مختلفة بين الكوميديا والدراما.
من أبرز أعماله المسرحية:
سك على بناتك، المتزوجون، دبابيس، على قشر موز، أزمة حمزة.
وفي السينما قدم:
مجانين على الطريق، شاويش نص الليل، المجرم رغم أنفه، في محطة مصر، الديكتاتور، صرخة نملة (كضيف شرف).
أما في التلفزيون، فشارك في مسلسلات:
المال والبنون، عيون،الظاهر بيبرس، ابن النظام، نعم ما زلت آنسة، الفاضي يعمل إيه.
أسلوبه الفني وصوته المميز
كان يتمتع بصوت خاص ونبرة مميزة جعلته محبوبًا على الفور، وساهم ذلك في مشاركته في عدد من الفوازير والإعلانات، كما أحب الجمهور أداءه الهادئ الذي لا يعتمد على الصراخ أو التهريج، بل على الموقف والصدق الفني.
الحياة الشخصية
رغم حضوره اللافت على الشاشة، فإن محمد أبو الحسن كان شخصًا شديد الخصوصية في حياته الخاصة، لم تتوفر معلومات كثيرة عن زوجاته أو تفاصيل زواجه، إلا أن المعروف عنه أنه كان أبًا لأربعة أبناء (ولدان وبنتان)، ولديه ثمانية أحفاد.
المرض والابتعاد عن الأضواء
في عام 1986، بدأت حالته الصحية في التدهور بسبب مشاكل في القلب، واضطر للسفر إلى باريس لإجراء عملية جراحية دقيقة لتغيير سبعة شرايين تاجية، ورغم تعافيه النسبي، فإن حالته الصحية أثرت على وتيرة أعماله لاحقًا، وابتعد شيئًا فشيئًا عن الشاشة والمسرح.
الرحيل الهادئ
في صباح يوم 8 يونيو عام 2014، غيّب الموت الفنان محمد أبو الحسن بعد تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة داخل منزله في القاهرة، عن عمر ناهز 76 عامًا، رحل في صمت، كما عاش بعيدًا عن الضجيج، لكن ذكراه لا تزال باقية في قلوب من أحبوه.