ماذا يعني التصعيد بين حزب الله وإسرائيل وقرار إعادة مستوطني الشمال؟
تاريخ النشر: 14th, September 2024 GMT
بيروت- تصاعدت المواجهات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل على جبهة الجنوب اللبناني المفتوحة على مصراعيها منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ويتبادل الطرفان القصف والاستهداف، مما يطرح التساؤلات حول احتمال اندلاع حرب شاملة أو إمكانية احتواء التصعيد، وسط تزايد المخاوف من تداعيات إقليمية محتملة.
في الأسابيع الماضية وحتى اليوم، تشهد الحدود اللبنانية – الفلسطينية المحتلة عمليات عسكرية متبادلة مع تهديدات إسرائيلية بشن حرب برية على لبنان لتغيير الوضع في الشمال وإعادة المستوطنين النازحين من المستعمرات، والذين يفوق عددهم 130 ألفا، رغم التحذيرات الإقليمية والدولية من انفجار الموقف وخروجه عن السيطرة.
وقد جاءت تصريحات الطاقمين السياسي والعسكري الإسرائيليين في هذا الاتجاه، إذ أكد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أنه "أعطى الجيش أوامر للاستعداد لتغيير الوضع في الشمال". بينما قال وزير الحرب يوآف غالانت إن "الجيش بدأ نقل ثقله نحو الشمال، مع اقتراب تحقيق الأهداف في الجنوب".
الطريقة الوحيدة
وأعلن العضو السابق في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس، خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أن "الوقت حان كي تتعامل إسرائيل مع الوضع في شمال البلاد في مواجهة حزب الله".
واللافت في تصريحات الطاقمين ليس فقط أنها جاءت موحدة ونقطة تلاقٍ بين الموالاة والمعارضة الإسرائيلية، بل أنها تزامنت مع تعثر جهود التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة، بوساطة أميركية وقطرية ومصرية، والتي يراها حزب الله الطريقة الوحيدة -حال نجاحها- لتحقيق الاستقرار على جبهة الجنوب، التي يعتبرها "جبهة إسناد".
في سياق متصل، أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن الحكومة تعتزم إقرار المصادقة على إعادة سكان البلدات الحدودية في شمال إسرائيل إلى منازلهم كأحد أهداف الحرب الحالية، على أن يُتخذ القرار في الجلسة المقبلة للمجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية.
ومع خطورة الوضع في المرحلة المقبلة، نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين أن آموس هوكشتاين كبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن سيصل إلى إسرائيل الاثنين المقبل لمناقشة التوترات مع لبنان، معربين عن قلقهم من تصاعد لهجة إسرائيل تجاه احتمالات نشوب حرب.
في المقابل، رفع حزب الله من وتيرة عملياته العسكرية كمًّا ونوعًا، وأضاف عددا جديدا من المستوطنات إلى بنك أهدافه ردا على الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين. كما زاد من عدد الصواريخ المستخدمة، في إشارة واضحة إلى استعداده لأي عدوان والانتقال من مرحلة الإسناد إلى المواجهة المفتوحة والهجوم.
ويقول الخبير العسكري والإستراتيجي العميد منير شحادة -للجزيرة نت- إن عدد النازحين الإسرائيليين من المستعمرات الشمالية تجاوز 130 ألفا، مما يشكل ضغوطا كبيرة على الحكومة الإسرائيلية.
وأضاف أنه في الفترات الماضية، عقد رؤساء المستوطنات سلسلة من الاجتماعات ووجهوا رسائل للحكومة طالبوا فيها بالانفصال، وهو ما يُعتبر "تحركات رمزية تعكس عمق المأزق الإسرائيلي وسخط المستوطنين الذين يشعرون بالتجاهل الكامل لأوضاعهم، بعد مرور نحو 11 شهرا على مغادرتهم منازلهم وسط خسائر بشرية ومادية".
وبرأيه، يتزايد الضغط الناتج عن النزوح مع اقتراب موسم المدارس، في ظل غياب تعليمات واضحة حول كيفية التعامل مع هذا الوضع. وأشار إلى تقارير تفيد بأن 40% من المستوطنين قد لا يعودون إلى مستوطناتهم حتى إذا توقفت الحرب، وأن بعضهم غادر إلى خارج إسرائيل.
زيارة تهويل
وأكد العميد شحادة أن الهدف الرئيسي لإسرائيل هو إعادة المستوطنين إلى المستعمرات الشمالية بشرط إبعاد المقاومة عن الحدود الجنوبية لمسافة 10 كيلومترات، وهو شرط غير قابل للتنفيذ منطقيا وعسكريا لأن المقاومة تتكون أساسا من أبناء القرى الحدودية في الجنوب الذين لديهم روابط قوية عقائدية وإستراتيجية بالمنطقة، لذا "فإن إبعادهم عن جنوب نهر الليطاني غير ممكن".
ووفق الخبير العسكري، جاءت زيارة هوكشتاين إلى المنطقة نتيجة التصريحات الإسرائيلية الكثيرة بشأن الجبهة الشمالية، التي تثير احتمالات حرب واسعة لا ترغب الولايات المتحدة في حدوثها. لذلك تهدف إلى ممارسة الضغط على إسرائيل وعلى لبنان لقبول شروطها، والتي تشمل إبعاد المقاومة، و"هو ما يبدو غير قابل للتحقيق".
وأشار شحادة إلى أن حركة المبعوثين الدوليين إلى بيروت لم تتوقف منذ بداية الحرب على غزة ولبنان، محملين برسائل ترغيب وترهيب، إلا أنه "لم يحدث شيء ملموس"، خاصة بعد الهجمات التي شنتها المقاومة على قاعدة عسكرية ومبنى الوحدة 8200 على بعد كيلومتر ونصف من تل أبيب وعلى عمق 110 كيلومترات من لبنان، وقد أصابتها بـ6 طائرات انقضاضية، مما أدى إلى استقالة قيادات هذه الوحدة منذ أيام.
وأضاف أن المقاومة استخدمت بعض صواريخ الكاتيوشا، وأطلقت 340 صاروخا، وأرسلت أسرابا من الطائرات الانقضاضية من شمال الليطاني والبقاع، وتمكنت من إصابة الهدف المحدد. وهذه الضربة -حسب شحادة- شكلت ضربة معنوية وكسرا لقواعد الردع، وجعلت إسرائيل ترتدع عن القيام بأي عمل عسكري. لذلك، "توجهت صوب الضفة الغربية تعويضا عن جبهة لبنان".
وتوقع أن يستمر الوضع في غزة والضفة وجنوب لبنان كما هو حتى موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، موضحا أن نتنياهو يتوقع فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب، مما قد يعزز دعمه لخطواته المقبلة.
ووفقا له، يواجه نتنياهو خلافات مع المؤسسة العسكرية بشأن إستراتيجياته، واستخدم وثائق مزورة، مما دفع هذه المؤسسة لفتح تحقيق تحت عنوان "أنت كذاب". وقال إن جيش الاحتلال "غير جاهز للقيام بأي عمل عسكري في لبنان".
سياسة العصا والجزرةمن جانبه، أوضح مدير مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير هادي قبيسي أن نتنياهو يتعرض لضغوط متزايدة من نازحي الجليل. وأضاف -للجزيرة نت- أن بعض قيادات المعارضة الإسرائيلية استغلت هذه الضغوط، مما أدى إلى تلاقي مطالبها مع خطاب "اليمين المتطرف" الذي يدعو إلى التصعيد ضد لبنان، مما زاد من الضغوط على نتنياهو من جميع الأطراف.
وبرأي قبيسي، فإن نتنياهو، وفي ظل الجمود والإخفاقات في غزة، بحاجة إلى فتح ملف جديد لاستعادة المبادرة السياسية وتنشيط الزخم. ولذلك، بدأ في الاستجابة لمطالب متنوعة تشمل إدراج إعادة سكان الشمال ضمن أهداف الحرب.
ورغم سعيه لتحقيق هذا الهدف، يضيف، لا يزال قرار إعادة السكان بالقوة قيد النقاش مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وقيادة الأركان، بالإضافة إلى التنسيق مع الجانب الأميركي بسبب تعقيدات المواجهة المحتملة مع حزب الله.
وأوضح الباحث قبيسي أن نتائج العمليات العسكرية المستمرة منذ أكثر من 10 أشهر في غزة أظهرت صعوبة القضاء على المقاومة أو الحصول على موقف واضح من سكان القطاع، "رغم ضعف قدرة المقاومة على استهداف الجبهة الداخلية الإسرائيلية وافتقارها للأسلحة الفعالة في المواجهات البرية المباشرة"، حسب تقديره.
وتوقع أن المرحلة المقبلة ستشهد تصعيدا عسكريا وسياسيا من قبل "الكيان المؤقت"، ومحاولات دبلوماسية أميركية تتبع السياسة التقليدية المتمثلة في "العصا الإسرائيلية والجزرة الأميركية"، بهدف تحقيق تراجع أو تليين الموقف اللبناني ضمن المسار التصاعدي نحو الحرب.
وأضاف قبيسي أن هناك محاولة لتحقيق نتائج دون الانزلاق إلى مغامرة عسكرية في لبنان، كما تسرَّب من تصريحات غالانت في الأسابيع الأخيرة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حزب الله الوضع فی فی غزة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تكثف قصف غزة بعد تهديد نتنياهو بتوسيع الهجوم
غزة - الوكالات
أفاد فلسطينيون بتعرض مناطق شرق مدينة غزة اليوم الاثنين لأعنف قصف منذ أسابيع، بعد ساعات فقط من تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه يتوقع استكمال هجوم موسع جديد في القطاع "بسرعة معقولة".
وأدت غارة جوية على خيمة بمجمع مستشفى الشفاء إلى مقتل ستة صحفيين من بينهم المراسل البارز لقناة الجزيرة أنس الشريف.
وقال شهود إن دبابات وطائرات إسرائيلية قصفت أحياء الصبرة والزيتون والشجاعية شرق مدينة غزة شمال القطاع اليوم الاثنين، مما دفع عددا من العائلات إلى النزوح غربا.
ووصف بعض سكان مدينة غزة الليلة الماضية بأنها كانت إحدى أسوأ الليالي منذ أسابيع، مما أثار مخاوف من استعدادات عسكرية لشن هجوم أعمق على مدينتهم التي تقول حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إنها تؤوي حاليا نحو مليون شخص بعد نزوح السكان من الأطراف الشمالية للقطاع.
وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته أطلقت نيران المدفعية على مسلحين من حماس في المنطقة. ولم تظهر على الأرض أي مؤشرات على توغل القوات في عمق مدينة غزة ضمن الهجوم الإسرائيلي الذي تمت الموافقة عليه في الآونة الأخيرة والذي من غير المتوقع أن يبدأ خلال الأسابيع المقبلة.
وقال عمرو صلاح (25 عاما) "الوضع كان وكأنه الحرب بتبلش من جديد". وأضاف لرويترز عبر تطبيق دردشة " قذايف من الدبابات على الدور، كذا دار انضربت والطيارات كمان عملت أحزمة نارية، صواريخ كتيرة على أماكن وطرق شرق غزة".
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته قامت أمس الأحد بتفكيك موقع إطلاق صواريخ شرق مدينة غزة استخدمته حماس لإطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية عبر الحدود.
وقال نتنياهو أمس الأحد إنه أصدر تعليماته للجيش الإسرائيلي بتسريع خططه للهجوم الجديد.
وأضاف "أريد أن أنهي الحرب في أسرع وقت ممكن، ولهذا السبب أصدرت تعليماتي لقوات الدفاع الإسرائيلية باختصار الجدول الزمني للسيطرة على مدينة غزة".
وذكر أمس الأحد أن الهجوم الجديد سيركز على مدينة غزة، التي وصفها بأنها "عاصمة إرهاب حماس". وأشار إلى خريطة ملوحا إلى أن المنطقة الساحلية في وسط غزة قد تكون الهدف التالي، قائلا إن مسلحي حماس قد تم دفعهم إلى هناك أيضا.
وأثارت الخطط الجديدة القلق في الخارج. وأعلنت ألمانيا يوم الجمعة أنها ستوقف صادرات العتاد العسكري لإسرائيل الذي يمكن استخدامه في قطاع غزة، رغم أنها حليف أوروبي أساسي لإسرائيل. وحثت بريطانيا ودول أوروبية حليفة أخرى إسرائيل على إعادة النظر في قرارها الخاص بتصعيد الحملة العسكرية على القطاع.
وقال مايك هاكابي سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل لرويترز إن بعض الدول تضغط فيما يبدو على إسرائيل بدلا من أن تضغط على حماس. واندلعت الحرب بعد هجوم قادته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023.
* مقتل صحفيين
كان الهجوم الذي أودى بحياة أنس الشريف الصحفي بقناة الجزيرة وأربعة من زملائه عند مستشفى الشفاء، الأكثر دمية بالنسبة للصحفيين منذ بدء الحرب وأثار تنديدا من صحفيين ومنظمات حقوقية.
وقال مسعفون في المستشفى اليوم الاثنين إن الهجوم تسبب أيضا في مقتل الصحفي المحلي المستقل محمد الخالدي، مما يرفع عدد القتلى من الصحفيين في ضربة واحدة إلى ستة.
وتلقى الشريف في السابق تهديدات من إسرائيل التي أكدت أنها استهدفته وقتلته، قائلة إنه كان يقود خلية من حماس وشارك في هجمات صاروخية على إسرائيل.
ورفضت الجزيرة هذا الاتهام كما رفض الشريف قبل مقتله أيضا الاتهامات الإسرائيلية بأن له صلات بحركة حماس.
وربطت حركة حماس، التي تدير قطاع غزة، بين قتل الصحفيين وخطط الهجوم الموسع الجديد.
وقالت حماس إن عملية القتل قد تكون مؤشرا على بدء الهجوم الإسرائيلي الجديد. وأضافت في بيان "اغتيال الصحفيين وترهيب من تبقى منهم يمهد لجريمة كبرى يخطط الاحتلال لارتكابها في مدينة غزة".
وقال مكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة الذي تديره حماس إن 238 صحفيا قتلوا منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023. وقالت لجنة حماية الصحفيين إن 186 صحفيا على الأقل قتلوا خلال الحرب الدائرة في غزة.
وأدى هجوم قادته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 إلى إشعال فتيل الحرب. وتشير إحصاءات إسرائيلية إلى أن هجوم حماس أسفر عن مقتل 1200 واقتياد 251 رهينة إلى غزة.
ولا يزال هناك نحو 50 رهينة رهن الاحتجاز في قطاع غزة لكن يعتقد أن نحو 20 فقط منهم لا يزالون على قيد الحياة.
وتقول السلطات الصحية في قطاع غزة إن أكثر من 61 ألف فلسطيني قتلوا منذ بدء الحملة العسكرية الإسرائيلية على القطاع. ونزح أغلب السكان عدة مرات وسط أزمة إنسانية متفاقمة بعد تحول مساحات شاسعة من القطاع إلى أنقاض.