المسكوت عنه في حرب السودان .. جرائم العنف الجنسي صوت مكبوت في ولاية الجزيرة
تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT
يطلب هذا التقرير _ منذ البداية _ الإنتباه إلى أن الكتابة حول جرائم الاغتصاب والعنف الجنسي القائم على النوع تظل محفوفة بالحذر، والتوجس، والكتمان، وذلك للطبيعة الإجتماعية للسودانيين، والتي ترى في مثل هذا النوع من الجرائم “وصمة” تتخطى الضحية، أو الضحايا إلى الأسرة، والقبيلة، والمجتمع ككل، مما يشجّع المعتدين على ارتكاب جرائمهم.
التغيير _ محمد غلامابي
وقد وجد هذا التقرير أن جميع تقارير المنظمات الوطنية، والاقليمية تضع الطبيعة الاجتماعية للسكان المحليين سبباً في تغييب المعلومات الدقيقة عن عدد الضحايا الذين تعرضوا للإغتصاب، والعنف الجنسي سواء كان بولاية الجزيرة- كما يركّز هذا التقرير – أو على مستوى السودان.
ففي وقت مبكّر من دخول قوات الدعم السريع لولاية الجزيرة في 19 كانون الاول / ديسمبر من العام 2023م، وإحكام سيطرتها على عاصمة الولاية مدينة ودمدني تواترت تقارير عديدة عن حالات للعنف الجنسي بالمدينة، وتوسعت تلك الحالات مع الشهور والأسابيع التالية من دخول تلك القوة للولاية، وقد تحمّلت النساء العبء الأكبر من هذه الجرائم.
ورغم التقارير المتوالية عن العنف الجنسي التي ارتكبتها قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة تظل الحالات التي تمّ رصدها غير دقيقة، وذلك يعود إلى أسباب عديدة أولاها حالة الوصمة والحرج الاجتماعي، مضافا إلى ذلك إنهيار المؤسسات الصحية، أو مؤسسات إنفاذ القانون، في تسجيلها لحالات الإعتداءات، كما ساهم غياب شبكات الاتصالات، ونهب هواتف المواطنين من قبل الدعم السريع في الوصول للضحايا، أمر آخر لا يقل أهمية مما سبق وهو أن القيادات العليا، أو القيادات الميدانيه لقوات الدعم السريع لم تحرّك ساكنا لوقف هذه الجرائم، كما لم تعلن نتائج أي تحقيق في شكاوى المواطنين، فعلى سبيل المثال كانت قوات الدعم السريع قد أوفدت اللواء عصام صالح فضيل في الثاني من كانون الثاني/ يناير من العام 2024م في جولة إلى الجزيرة لحسم من سموهم ب(المتفلتين)، وفي لقاء مسجل للواء منشور على شبكة التواصل الاجتماعي “يوتيوب” مع مواطني قرية أم دقرسي نفى أن يكون مرتكبي الانتهاكات من قواته، و قال إنه لن يغادر المنطقة حتى توقف تلك الانتهاكات، لكنها تواصلت بعد ذلك.
ووثقت حملة (معا ضد الاغتصاب والعنف الجنسي) 51 حالة اغتصاب، منها 4 حالات لأطفال، في السودان، و كان نصيب ولاية الجزيرة منها 27 حالة، في الفترة من 29 شباط/ فبراير 2024 وحتى 30 نيسان/ أبريل من العام 2024م، وخلال الفترة من 15 نيسان / أبريل 2023م وحتى 29 شباط / فبراير 2024م وثّقت نفس الحملة ل 326 حالة اغتصاب، منها 137 حالة للأطفال، و 7 للرجال على مستوى السودان.
أما المبادرة الاستراتيجية لنساء القرن الإفريقي(صيحة) فقد أكدت انها تلقت تقارير تؤكد وقوع حوادث عنف جنسي طالت 29 إمرأة في أعمار مختلفة بمختلف أحياء مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، وفي مدينة الحصاحيصا ثاني أكبر المدن بالولاية، وعلى طول الطريق السريع الذي يربط الولاية بالعاصمة الخرطوم، كانت إحدى الضحايا حاملا في شهرها الثالث، قتلت ودفنت أمام منزلها، وأصيبت والدتها بجراح خطيرة، كما سجلت لجان مقاومة الحصاحيصا حادثة الاعتداء الجنسي الذي تعرضت له ممرضة بمستشفى المدينة عقب دخول قوات الدعم السريع إليها، حيث هاجم أفراد من قوة الدعم السريع إحدى المرافقات، فتصدت لهم الممرضة المذكورة، فكان نصيبها الضرب والإعتداء الجنسي.
من جهته حمّل الناطق الرسمي لمؤتمر الجزيرة المحامي هيثم الشريف قوات الدعم السريع كل الانتهاكات التي طالت مواطني/ات ولاية الجزيرة، وقال الشريف لـ «التغيير» : مع إنسحاب الجيش من الولاية لم تعد هناك حرب، بل (حرابة) وفقا للفقه القانوني، إذ وجّهت قوات الدعم السريع بنادقها لصدور المواطنين الأبرياء العزّل، فقتلتهم، ونهبتهم، وشردتهم، وهي المسؤولة عن كل تلك الجرائم والانتهاكات، والتي ترقى لأن تكون جرائم حرب، وجرائم ضد الانسانية، ولن تسقط بالتقادم).
و تابع الشريف: ولأن الحرب لم تضع أوزارها، ولا تزال قوات الدعم السريع تحكم من سيطرتها على أجزاء واسعة من ولاية الجزيرة فعليها التوقف الفوري عن مهاجمة المدن والقرى الآمنة، والاستهداف الممنهج للمدنيين/ات، والأعيان المدنية، وممتلكات المواطنين، وكل أشكال القتل، والنهب، والسلب، والتحقيق الفوري في كل الانتهاكات، والقتل خارج القانون، وتوقيف جميع الضباط والجنود المسؤولين عن تلك الجرائم، ومحاسبتهم، كما ينبغي على حكومة الأمر الواقع في بورتسودان أن تفسح المجال لإدخال المساعدات الانسانية إلى كل اقاليم السودان بما فيها ولاية الجزيرة، وأن تتعاون مع الجهات التي تحقق في مزاعم الانتهاكات، وعلى رأسها بعثة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس الإنسان التابع للأمم المتحدة، ومحكمة الجنايات الدولية، كما أن على الأمم المتحدة ممثلة في مجلس حقوق الإنسان إلى إيلاء الاهتمام الكافي للتقارير المتكررة عن خطورة الوضع في ولاية الجزيرة، واتخاذ ما يلزم لحماية المدنيين، والعمل على إجبار طرفي النزاع للجلوس على مائدة التفاوض من أجل الوصول إلى سلام شامل، وعادل، ومستدام.
الوسومإغتصاب الحصاحيصا الدعم السريع انتهاكات ود مدني ولاية الجزيرةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: إغتصاب الحصاحيصا الدعم السريع انتهاكات ود مدني ولاية الجزيرة
إقرأ أيضاً:
أعضاء مجلس الأمن يعربون عن قلق عميق إزاء تصاعد العنف في السودان
أعضاء مجلس الأمن جددوا الدعوة إلى إجراء تحقيق عاجل بشأن الهجوم على قافلة إنسانية لبرنامج الأغذية العالمي واليونيسف ومحاسبة الجناة.
التغيير: وكالات
أعرب أعضاء مجلس الأمن الدولي عن قلقهم العميق إزاء تصاعد العنف في أنحاء متفرقة من السودان، بما فيها مدينة الفاشر والمناطق المحيطة، في ولاية شمال دارفور.
واستذكروا القرار 2736 لعام 2024، الذي يطالب قوات الدعم السريع بوقف حصار الفاشر، ويدعو إلى وقف فوري للقتال وتهدئة الأوضاع في المدينة والمناطق المجاورة.
وأدان أعضاء المجلس بشدة الهجوم الذي وقع في 2 يونيو 2025 بالقرب من الكومة، شمال دارفور، على قافلة إنسانية مشتركة لبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة اليونيسف، والذي أسفر عن مقتل خمسة من العاملين في المجال الإنساني، وإصابة عدة أشخاص، وإتلاف إمدادات إنسانية منقذة للحياة، وإحراق عدة شاحنات.
وأعربوا عن خالص تعازيهم ومواساتهم لأسر الضحايا ولشعب السودان، وتمنوا الشفاء العاجل والتام للمصابين.
وجدد أعضاء مجلس الأمن دعوة الأمين العام إلى إجراء تحقيق عاجل ومحاسبة الجناة.
كما أدان أعضاء مجلس الأمن القصف المتكرر الذي شنته قوات الدعم السريع في 29 مايو 2025، والذي ألحق أضرارا بمنشأة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي في الفاشر.
التأثير على العمليات الإنسانيةوأعرب أعضاء المجلس عن قلقهم العميق إزاء تأثير النزاع، بما في ذلك الهجمات، على العمليات الإنسانية. ويشمل ذلك تقارير عن هجمات جوية شنتها قوات الدعم السريع مؤخرا، وألحقت أضرارا بالبنية التحتية المدنية الحيوية، لا سيما في بورتسودان وكسلا والخرطوم.
وذكّر أعضاء المجلس أطراف النزاع بضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية ومقارهم وأصولهم، وفقا للقانون الدولي، وتماشيا مع القرار 2730 لعام 2024.
وأكد أعضاء المجلس مجددا أن الهجمات المتعمدة على العاملين في المجال الإنساني ومقارهم وأصولهم قد تُشكل جرائم حرب.
ودعوا الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب إعلان جدة، وكذلك التزاماتهم بموجب القانون الدولي، لا سيما القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأكد أعضاء مجلس الأمن التزامهم القوي بسيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه.
مسؤول أممي بعد زيارة للخرطوم: رأيت مدينة مزقها الصراع“مرافق مدمرة، وأخرى نُهِبت، والخدمات الأساسية شبه غائبة، بما في ذلك الخدمات الصحية”، هكذا وصف الدكتور شبل صهباني، ممثل منظمة الصحة العالمية في السودان الوضع في مدينة الخرطوم.
وكان صهباني يتحدث للصحفيين في جنيف عبر الفيديو من بورتسودان بعد عودته من زيارة إلى العاصمة السودانية، حيث قال: “رأيت مدينة مزقها صراع مستمر منذ عامين”.
وأضاف أن العديد من مراكز الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات لا تعمل، “إما لأنها نهبت أو دُمرت، أو ببساطة لانعدام الكهرباء أو المياه النظيفة، أو لعدم وجود موارد بشرية، أو إمدادات طبية”.
وأوضح أن تلك الظروف في الخرطوم فضلا عن حركة النزوح، تساهم في انتشار وباء الكوليرا. وأفاد بتسجيل 20,000 حالة إصابة بالكوليرا في الخرطوم وحدها، و250 وفاة مرتبطة بالمرض، منذ يوليو 2024.
وأضاف: “حتى 11 من يونيو 2025، لدينا 78,500حالة إصابة بالكوليرا، وأكثر من 1800 حالة وفاة مسجلة في 14 ولاية و98 منطقة”.
أخبار جيدة في خضم الأزمةوشدد المسؤول الأممي على أن السيطرة على الكوليرا سهلة، كما علاجها، “لكن المشكلة هنا هي أننا بحاجة إلى معالجة مصدر انتشار الكوليرا، بما في ذلك توفير مرافق المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية وإشراك المجتمع المحلي”.
وقال صهباني إن المنظمة وشركاءها بدأوا حملة تطعيم فموي ضد الكوليرا لمدة عشرة أيام، تستهدف 2.6 مليون شخص، “أعتقد أن هذه أخبار جيدة في خضم هذه الأزمة”.
وأوضح أن هذا يضاف إلى الحملة السابقة التي تم فيها استخدام 115,000 جرعة كانت متاحة في البلاد، مشيرا إلى أن هذه التدخلات ساهمت في تقليل حالات الكوليرا الجديدة، والوفيات الناجمة عن الإصابة بالمرض. وأضاف: “إذا تحدثنا عن الخرطوم، انخفضت الحالات اليومية من 1,500 حالة يوميا إلى 400 حالة، وهو إنجاز جيد”.
ودعا صهباني إلى ضرورة زيادة الاستثمار في الممرات الإنسانية، وإلى وقف إطلاق نار مؤقت، “حتى نتمكن من إطلاق حملات لقاحات متعددة، لنتمكن من استهداف العديد من حالات تفشي الأمراض”. وأضاف أنه لتحقيق ذلك، “نحتاج إلى توفير إمكانية الوصول والتمويل الكافي، ونحتاج إلى توفير اللقاحات”. ودعا المسؤول الأممي كذلك إلى تحقيق السلام، “لأن أفضل دواء هو السلام”.
الوسومالأمين العام الخرطوم السودان الفاشر الكوليرا الكومة المساعدات الإنسانية برنامج الأغذية العالمي دارفور شبل صهباني مجلس الأمن الدولي منظمة الصحة العالمية منظمة اليونيسف