هكذا يكافح التجار البسطاء تداعيات زلزال المغرب
تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT
الرحى – عندما تقطع الطريق من مدينة مراكش إلى حدود دوار إغيل -عين الزلزال- في أعماق جبال إقليم الحوز المغربي، يؤكد لك من تلتقيهم من القرويين أن وتيرة التعافي من الآثار المدمرة للزلزال بطيئة وتكلفهم الكثير من العنت، رغم الدعم الحكومي.
يخبرونك -على اختلاف دواويرهم وقراهم- أن "زلزال القرن" كان قد دمر منازلهم ومتاجرهم البسيطة، وأهلك ثروتهم الحيوانية، وعادوا لاستئناف حياتهم من الصفر مستعينين في ذلك بالدعم المالي الحكومي الشهري الذي يبلغ 2500 درهم (250 دولارا)، والذي ينتهي هذا الشهر.
كما يتلقى العديد منهم الدعم الحكومي المخصص لبناء منازل بديلة وفق شروط تقنية صارمة لمواجهة الزلازل، والذي يصرف على دفعات مع تقدم الأشغال، ويقدر بـ80 ألف درهم (8 آلاف دولار) لمن تضرر منزله جزئيا، و140 ألف درهم (14 ألف دولار) لمن هدم منزله بشكل كامل.
لكن هناك فئة من القرويين تضررت بشكل كبير وتعاني في صمت، وهي الفئة التي كانت لها متاجر بسيطة سواء في تلك الدواوير المنتشرة بجبال الأطلس، أو على جنبات الطريق المؤدية لإقليم الحوز.
وبحسب أرقام وزارة الصناعة والتجارة المغربية، فإن عدد المحلات التجارية المتضررة بلغ 2910 محلا، تتوزع بين 2323 بجهة مراكش وآسفي، و587 بإقليم تارودانت، 45% منها تهدمت بشكل كامل.
وتوضح الأرقام الرسمية أيضا أن الزلزال أتلف سلع 51% من التجار، وألحق أضرارا متفاوتة بباقي السلع، وتؤكد أن 36% من المحلات متخصصة في التغذية العامة، والبقية تتنوع ما بين المقاهي والمطاعم ومحلات الجزارة ومتاجر بيع ملابس وأوان خزفية وغيرها.
يؤكد لنا حسن، وهو من سكان دوار إغيل، أنه اضطر للنزول إلى قرية تلات نيعقوب (نحو 100 كيلومتر جنوبي مراكش) بحثا عن أي عمل يدر عليه دخلا يعيل به أسرته بعدما فقد ما يملكه بدواره.
وحتى المقاول البسيط إبراهيم، الذي التقيناه في تلات نيعقوب، أوضح لنا أن الحركة التجارية تعاني من تحديات كثيرة في هذه المناطق الجبلية النائية، مما يزيد من معاناة القرويين.
وغير بعيد عنهما، نصب الشاب رضوان "محلا" من الزنك على جنبات الطريق لتقديم خدمة إصلاح العجلات، وهي مهنته التي كان يمارسها في دواره هناك في أعلى الجبل.
لكن بعد تدهور الحركة التجارية إثر الزلزال، اضطر للنزول بالقرب من الطريق بحثا عن زبناء قد يحتاجون لخدمته، وقد كنا منهم بعدما تفننت حجارة صغيرة مسننة سقطت لتوها من الجبل بسبب الأمطار العاصفة في ثقب عجلة سيارتنا.
وكان النشاط الاقتصادي لهؤلاء القرويين يعتمد قبل الزلزال على السياحة وعلى الفلاحة المعيشية والثروة الحيوانية، إلى جانب تجارة خدمية بسيطة.
لكن كل شيء تغيّر بعد الزلزال الذي ضرب في الثامن من سبتمبر/أيلول الماضي عندما اهتزت الأرض بـ7.2 درجات على مقياس ريختر، حيث عاد مؤشر المداخيل إلى الصفر بالنسبة لفئات كثيرة من السكان.
ويعترف القرويون بأن الدعم الحكومي المباشر وكذلك الدعم المخصص لإعادة البناء، خفّفا كثيرا من الأحمال التي كانت سترهق كاهلهم خلال الشهور التي تلت الزلزال.
وإلى جانب الدعم المالي والتقني، قدمت الحكومة آلاف الرؤوس من الماشية للفلاحين ومربي الأغنام، إلى جانب أطنان من العلف والشعير، كما أنهت أشغال تأهيل أكثر من 42 مركزا صحيا ذا أولوية في تلك المناطق النائية.
لكن مخاوف القرويين جمة مما هو آت في ظل المشاكل التي صاحبت تقديم دفعات دعم البناء، وكذلك عندما يتوقف صرف الدعم المالي حيث من المقرر أن يكون الشهر الجاري آخر شهر تصرف فيه تلك القيمة المالية للمتضررين المقدرة بـ2500 درهم (250 دولارا).
في ظل هذه الظروف، يضطر شباب القرى والدواوير للنزول إلى المراكز الحضرية القريبة، وخاصة مدينة مراكش، للعمل في قطاعي البناء والفلاحة خاصة، كما يؤكد لنا عبد الرحيم من قرية تينزرت.
في حين ينتشر بعض الشباب المتعلم في مدن البلاد الأخرى للعمل في وظائف تدر عليهم دخلا أكبر يساعدون به أسرهم كحال الشاب إبراهيم من قرية تنسكت في الحوز.
وأخبرنا بعض القرويين في الدواوير المختلفة أن نسبة قليلة جدا من السكان هي التي استطاعت الانتقال للعيش في حواضر قريبة بعدما فقدوا كل ما يملكون وتوقفت حياتهم بشكل نهائي في أعلى الجبل.
وتعيش المتاجر التي تبيع منتجات محلية من الأواني الخزفية والفلاحية السيناريو نفسه، وهي التي اعتادت على تجارة نشطة مع السياح بشكل خاص.
ويحكي لنا التاجر عمر، صاحب محل لبيع الأواني الخزفية بالقرب من بلدة إسني (نحو 60 كيلومترا جنوبي مراكش)، أن حركة البيع لم تعد كما كانت قبل الزلزال، عندما كانت منطقة الحوز وأوكايمدن المجاورة لها تغص بالسياح الذين يقبلون بشغف على المصنوعات اليدوية من الخزف المحلي.
وأخبرنا أنه أعاد ترميم متجره بالكامل -حيث هدمه الزلزال ودمر كل البضاعة التي كانت بداخله- لكن حركة البيع ضعيفة، ولا تكفي لتحقيق الدخل المطلوب.
لكن عمر يعبر لنا عن أمله في أن يتحسن الوضع مع مرور الأيام، خاصة إذا أقدمت الحكومة على مبادرات قد تنعش هذا القطاع المرتبط بالسياحة أساسا.
وفي أغسطس/آب الماضي، بدأ عدد من التجار في مناطق متضررة من الزلزال بالتوصل بالدفعة الأولى من الدعم الحكومي المخصص لإعادة بناء وتجهيز متاجرهم، على أن تليها دفعتان أخريان.
وبالنسبة لبعض من دمرت تجهيزات محلاتهم فقط، فسيتوصلون بدفعة الدعم المالي كاملة مرة واحدة.
وبخصوص قطاع الصناعة التقليدية، أكدت السلطات المختصة قبل أيام أنها تدارست 1155 ملفا لدعم ورشات الصناعة التقليدية بميزانية إجمالية تناهز 78 مليون درهم (نحو 8 ملايين و50 ألف دولار).
وشمل الشطر الأول صرف 10 ملايين درهم (نحو مليون و32 ألف دولار) لفائدة 1047 صانعا تقليديا.
وغير بعيد عن متجر عمر، وبالضبط في منطقة "الرحى" التي تقع في منتصف الطريق بين بلدتي أسني وتحناوت بالحوز، تنتشر 9 مطاعم صغيرة حالاتها لا تنبئ بأن الأوضاع على ما يرام.
يحكي لنا صاحب أحد المحلات -لم يرد الكشف عن اسمه- أن هذه المحلات ونظيراتها في المنطقة تعاني معاناة كبيرة بعد الزلزال، وعبّر عن أمله في أن تتدخل السلطات لدعم هذا القطاع بما يضمن له الاستمرار.
ويضيف أن الحركة السياحية لا تزال أقل من المعتاد، سواء تعلق الأمر بالسياحة الداخلية أو الخارجية، مبرزا أن الحركة كانت لا تفتر بالمنطقة قبل الزلزال، وكانت المطاعم التسعة تغص بالزبناء الذين يتوقفون لتناول المأكولات اللذيذة هناك.
ويحظى طاجين اللحم المطبوخ على الطريقة التقليدية فوق الفحم بشعبية كبيرة في "الرحى"، وذلك لخصوصيته ورخص ثمنه بالمقارنة مع مناطق داخل بلدة تحناوت أو مراكش مثلا، حيث لا يتجاوز طاجين نصف كيلوغرام من اللحم 70 درهما (7 دولارات).
وعندما تتوقف بعين المكان يلفت انتباهك تنافس أصحاب المطاعم التسعة بشراسة على استقطاب الزبون الذي يوقف سيارته قبالة المطاعم، ويتفننون في عرض الخدمة سواء داخل المطعم نفسه أو وسط الوادي الجاف المجاور الذي نصبوا وسطه طاولات وكراسي تحت ظلال سقوف من قصب صنعوها بأيديهم.
وعندما تسألهم عن تلك المغامرة بتعريض الزبناء للخطر بوضع طاولات وسط الوادي وقد تأتي السيول في أي لحظة، يخبرك بعض أصحاب تلك المطاعم أن "الوضع تحت السيطرة" ولا داعي للقلق، وأن هناك وسائل للتحذير من أي سيل قادم.
وأخبرنا أحدهم أنه لم يحدث أي مشكل يعكر صفو المكان منذ عام 1995، وانتقد قيام السلطات المحلية مؤخرا بهدم تلك "الخيام القصبية" المنصوبة لإجبار أصحاب المطاعم على عدم المخاطرة بحياة الزبناء بوضع طاولات وكراس وسط الوادي الذي قد يمتلئ بالسيول في أي لحظة.
وتابع محدثنا أن العائلات والأفراد يفرحون بتلك الجلسة وسط واد جاف، بل إن هناك رغبة لدى البعض في حفر عيون مائية بالوادي تشكل نقطة جذب للسياح المحليين والأجانب، ومع مجيئهم لزيارة الحوز تتحرك هذه المطاعم التي تبدو شبه معطلة حاليا.
فبالنسبة لأرباب هذه المطاعم في منطقة "الرحى"، كل السبل مباحة لاستقطاب الزبناء ما دامت لا تضر بأحد، وما دامت تساعدهم على التفلت من بين شقي رحى الركود الذي تسبب فيه "زلزال القرن".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الدعم الحکومی الدعم المالی وسط الوادی
إقرأ أيضاً:
300 جنيه ارتفاعا في سعر الذهب.. وأصحاب المحلات ينصحون المواطنين بهذا الأمر| فيديو
عرض برنامج صباح البلد، المذاع عبر قناة صدى البلد، تقرير فيديو من أحد محلات الذهب لمعرفة الأسعار اليوم الثلاثاء 14-10-2025.
وقالت مراسلة القناة ماهيتاب مختار، إن هناك أحداث سياسية كثيرة خلال الفترة الأخيرة، والكثير يريد معرفة تأثير ذلك على أسعار الذهب.
وكشف صاحب محل ذهب، عن أن أسعار الذهب في تصاعد خلال الفترة الأخيرة، وأن الذهب من أكثر المنتجات الحساسة التي تتأثر بأي أحداث، وأن أسعار الذهب عالميا تشهد ارتفاعات كبيرة.
وأوضح أن سعر جرام الذهب عيار 21 الأكثر شيوعًا يسجل الآن 5480 جنيها، وسعر جرام الذهب عيار 18 إلى 4700 جنيها للجرام، أما جرام الذهب عيار 24 فسجّل 6250 جنيها للجرام.
300 جنيه ارتفاع بسعر الذهب
وأشار إلى أن سعر الذهب محليا ارتفع خلال الأسبوع الأخير مقارنة بالسابق له حوالي 300 جنيه، وخلال الشهر الأخير ارتفع حوالي 700 جنيه أو 800 جنيه.
ولفت إلى أن الفترة المقبلة سيكون هناك ارتفاعات كبيرة، وأنه ينصح المواطنين بشراء الذهب.
وكشف نادى نجيب، سكرتير شعبة الذهب باتحاد الغرف التجارية، الأسباب الرئيسية لـ الارتفاع المتواصل للذهب، وقال إن السبب في ذلك يرجع لارتفاع الأسعار عالميا وهو ما نتج عنه ارتفاع في الأسعار محليا.
ووجه نصيحة للمواطنين بشأن أسعار الذهب، قائلا : " أسعار الذهب الآن مرتفعة والمؤشرات تشير إلى أن الأسعار في الصاعد، وأن أي مواطن يمتلك أموالا فشراء الذهب مكسب له في هذه الفترة".
وأضاف سكرتير شعبة الذهب باتحاد الغرف التجارية، أن الفترة الحالية والمقبلة سيظل الذهب في الارتفاعات بسبب الأحداث العالمية، وأن سعر الذهب مرتبط بسعر الوقاية العالمية.
سعر الذهب عالميًا 2025
حققت أسعار الذهب قفزة عالمية جديدة لتتجاوز المكاسب الأسبوعية 0.1 % لتسجل الأونصة قيمة 3886.83 دولار.
سجّلت أسعار الذهب في السوق المحلية ارتفاعًا ملحوظًا خلال تعاملات الأسبوع الماضي بنسبة 2.9%، مدفوعة بصعود الأوقية عالميًا بنسبة 3.4%، وسط استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي وتزايد رهانات الأسواق على خفض أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بحسب تقرير صادر عن منصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات.