عربي21:
2025-08-12@16:02:21 GMT

عن أولويات العهدة الثانية للرئيس عبد المجيد تبون

تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT

كما كان متوقعا فاز الرئيس / المترشح عبد المجيد تبون بعهدة ثانية لرئاسة الجزائر في الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم ٧ أيلول / سبتمبر٢٠٢٤، الانتخابات التي أقر المجلس الدستوري نتائجها يوم السبت ١٤ سبتمبر ٢٠٢٤ بعد مد و جزر. فما هي أهم الدروس التي يمكن استخلاصها من رئاسيات سبتمبر ٢٠٢٤؟ وما هي أولويات العهدة الثانية لرئاسة السيد عبد المجيد تبون؟

تعد الانتخابات الرئاسية من بين أهم المحطات في المسيرة السياسية للدول، لذا تنتهز الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات والمثقفون ومختلف مكونات المجتمع المدني لحظة الانتخابات لتكثيف أنشطتها للتعبيرعن مواقفها السياسية ومساءلة المترشحين عن برامجهم وتصوراتهم المستقبلية.



في الجزائر الأمر يختلف كليا فباستثناء بعض اللافتات أو التجمعات او تجمهر بعضهم عند التمثيليات الولائية للمترشحين  فلاشيء كان يوحي بإقامة انتخابات رئاسية، إذ لم يسبق رئاسيات ٢٠٢٤ أي حوار أو نقاش سياسي حر بل إن جل الأحزاب السياسية التزمت الصم بما في ذلك الأحزاب الداعمة  للمترشح عبد المجيد تبون، فالنقابات كانت بدورها شبه غائة، أما المثقفون فلا صوت ولا وجود لهم، أما وسائل الإعلام العمومية فانفردت بإنتاج خطاب أحادي لا يعبر عن الواقع الجزائري وتحدياته. فالانتخابات الرئاسية بدلا من أن تكون فرصة لخلق حوار جزائري ـ جزائري حول مستقبل البلاد أنتجت الصمت. لتفتقر بذلك الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٢٤ إلى العامل الأساسي الذي أوجدها والمتمثل في المنافسة والنقاش السياسي.

رغم حرص الدولة ومؤسساتها وبعض الأحزاب على إقناع الجزائريين بأهمية المشاركة في رئاسيات ٢٠٢٤، إلا أن الجزائريين قاطعوا مجددا هذه الانتخابات: مهما تضاربت الأرقام حول مستويات مشاركة الجزائريين في الرئاسيات الأخير، إلا أن الملايين من الجزائريين قاطعوا رئاسيات ٧ سبتمبر.في ظل هذا التصحر السياسي برز أثناء الحملة الانتخابية فاعلان: الفاعل الأول مؤسساتي وبرز من خلال وجود السيد عبد القادر بن قرينية (رئيس حركة البناء الوطني) كداعم للمترشح عبد المجيد تبون.. أما الفاعل الثاني فقد تمثل في آراء الشارع الجزائري التي تم التعبير عنها من خلال بث العديد من المقاطع العفوية والساخرة للجزائريين عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، وشملت هذه المقاطع مواضع متعددة تشكل الانتخابات الرئاسية واحدة منها.

ورغم حرص الدولة ومؤسساتها وبعض الأحزاب على إقناع الجزائريين بأهمية المشاركة في رئاسيات ٢٠٢٤، إلا أن الجزائريين قاطعوا مجددا هذه الانتخابات: مهما تضاربت الأرقام حول مستويات مشاركة الجزائريين في الرئاسيات الأخير، إلا أن  الملايين من الجزائريين قاطعوا رئاسيات ٧ سبتمبر.

مما لاشك فيه أن المشاركة الشعبية الواسعة هي أحد مؤشرات نجاح كل الانتخابات ولاسيما الرئاسية منها، مما يعطي شرعية وشعبية أكبر للفائزين، لكن جلب المواطنين للمشاركة في الانتخابات لا يرتبط بقرار إداري فوقي بل إنه خيار إرادي يجمع بين خيارات المواطنين وقناعاتهم السياسية بجدوى أصواتهم. يضاف إلى ذلك فإن إنجاح الانتخابات لا يتوقف على توفير الإمكانيات المادية وتكثيف النداءات قبيل الانتخابات فحسب بل إنه يرتبط أكثر بتوفير الظروف السياسية المناسبة التي تسبق الانتخابات.

ولعل ما ساهم كذلك في عدم مشاركة الجزائريين في رئاسيات ٢٠٢٤ هو بؤس المشهد السياسي الذي قدمه بن قرينة الذي أوكلت له مهام تنشيط الحملة الانتخابية للمترشح عبد المجيد تبون: بن قرينية الذي افتقرت حملة مساندته لأساسيات الحملات الانتخابية عجز في معظم الحالات على امتصاص غضب الجزائريين، بل زاد من حدة غضبهم ليزيد أداؤه من تذمر الجزائريين تجاه كل ما هو سياسي بل ورسمي كذلك. 

بعد أداء الرئيس عبد المجيد تبون اليمين الدستورية هذا الأسبوع فما هي أولويات عهدته  الثانية التي تمتد لغاية ٢٠٢٩؟

يتبع تقليديا انتخاب الرئيس أو إعادة انتخابه بالدعوة إلى إعادة تشكيل الجهاز التنفيذي إيذانا بانطلاق مرحلة جديدة.. في الحالة الجزائرية لا يمكن اعتبار تكليف رئيس الوزراء الحالي أو تكليف رئيس وزراء جديد بتشكيل حكومة جديدة بأولوية العهدة الثانية، بل إن أولويات المرحلة المقبلة تشمل شقين أساسين السياسي والاجتماعي.

تعد ضرورة مراجعة طبيعة العمل السياسي أولى أولويات المرحلة المقبلة، لأن المرحلة المقبلة لا يمكنها أن تتحمل تداعيات الاستمرار على منهج المرحلة التي مضت.. ولعل من بين أهم مرتكزات هذه المراجعة ضرورة الابتعاد عن إنكار وتجاهل الحقيقة في الخطاب السياسي لأن إنكار الحقيقة لا يمثل الحل بل إن الحل يكمن في مواجهة الواقع وتحدياته لأن إنكار الأزمة لا يزيدها إلا تعقيدا.

ويشترط في الشق السياسي على المستوى الداخلي ضرورة إحداث قطيعة في طبيعة الممارسات المؤسساتية والفردية التي تحكم العلاقة بين مؤسسات الدولة والمواطنين لا يمكن إنجاح أي سياسة تنموية أو عمل مؤسساتي في ظل العلاقات الراهنة التي تربط الجزائريين بمختلف مؤسساته، هذه العلاقة غير السوية التي أضرت بمصداقية ونزاهة مؤسسات الدولة تعيق دون شك المسيرة التنموية للجزائر. ومن أجل التوجه نحو بناء علاقات  سليمة بين المواطنين ومؤسسات الدولة لا بد من إرادة سياسية تعمل على تطهير مؤسسات الدولة في كل القطاعات الحكومية ولاسيما في القطاعات الحيوية كالعدالة والسكن والعمل والصحة... من مختلف الممارسات الضارة.

ولا تقتصر الأولويات السياسية على البعد المحلي بل تشمل كذلك البعد الخارجي من خلال الدعوة إلى إحداث مراجعات في السياسة الخارجية للجزائر، سواء على الصعيد المغاربي / العربي الإفريقي أوالدولي، دون التركيز على محور واحد أو علاقات ثنائية معينة. المراجعات التي من شأنها أن تخفف من حدة التوترات مع الجوار القريب والبعيد وتساهم في فتح صفحات جديدة في العلاقات الخارجية للجزائر.

إن الموقع الاستراتيجي للجزائر يفرض عليها أكثر من جيرانها أن تبادر من أجل بناء علاقات خارجية جديدة بغية التحكم في المخاطر والتحديات الخارجية التي تحيط بدول المنطقة (المغرب العربي / العالم العربي والجوار الإفريقي) وذلك لوجود تحديات إقليمية متعددة، هذه التحديات تتطلب حلولا إقليمية التي لا يمكن إيجادها دوما من خلال الاستعانة بالبعيد بل إنها تولد من رحم مجتمعات المنطقة حصرا.إن الموقع الاستراتيجي للجزائر يفرض عليها أكثر من جيرانها أن تبادر من أجل بناء علاقات خارجية جديدة بغية التحكم في المخاطر والتحديات الخارجية التي تحيط بدول المنطقة (المغرب العربي / العالم العربي والجوار الإفريقي) وذلك لوجود تحديات إقليمية متعددة، هذه التحديات تتطلب حلولا إقليمية التي لا يمكن إيجادها دوما من خلال الاستعانة بالبعيد بل إنها تولد من رحم مجتمعات المنطقة حصرا.

أما الشق الثاني من أولويات العهدة الثانية والذي لا يقل أهمية عن الشق السياسي فإنه يتعلق بالجانب الاجتماعي/الاقتصادي والمرتبط بتحسين الظروف المعيشية اليومية للجزائريين ولا سيما العمل على رفع قدراتهم الشرائية من أجل تحقيق العيش الكريم واللائق لغالبية الجزائريين.

إن ارتفاع الأسعار يوما بعد يوم أنهك الأسر الجزائرية ذات الدخل المحدود والمتوسط خاصة مع صعوبة تحقيقها لمداخيل تؤهلها لتلبية احتياجاته، أوضاع اقتصادية دفعت الأسر الجزائرية إلى التورط في الديون مما أفضى إلى تكريس الفقر بالمجتمع.

مما لا شك فيه أن الدولة حاولت من خلال تدابير مختلفة مثل منحة البطالة التي استفاد منها مئات الآلاف من الجزائريين تخفيف الأعباء الاقتصادية عن الأسر لكن هذا يبدو غير كاف لتامين مداخيل شهرية للأسر والتي تسمح لها بحفظ ماء الوجه.

ولا يمكن فصل رفع القدرة الشرائية عن توفير فرص عمل جديدة للباحثين عن العمل من مختلف الفئات لأن آليات الدعم وإن تنوعت لا يمكنها أن تكون البديل عن خلق فرص عمل دائمة توفر رواتب تغطي احتياجات الجزائريين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الجزائر الانتخابات أولويات سياسة الجزائر انتخابات سياسة رأي أولويات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات الرئاسیة عبد المجید تبون رئاسیات ٢٠٢٤ لا یمکن من خلال من أجل إلا أن

إقرأ أيضاً:

دولة حزب الله في لبنان التي انتهى زمنها

آخر تحديث: 12 غشت 2025 - 10:01 صبقلم: فاروق يوسف انزعجت إيران من قرار سيادي لبناني. هل كان على الرئيس اللبناني جوزيف عون أن يعرض قرار حصر السلاح بيد الدولة على الولي الفقيه قبل أن يصدره؟ المسألة لبنانية وليست إيرانية. كما أن لبنان دولة ذات سيادة ولا تتمتع إيران بحق الوصاية عليه. من حق دولته أن تفرض القوانين التي تؤكد من خلالها سيادتها على أراضيه. أما إذا كان لإيران رأي آخر فتلك مشكلتها التي يجب ألاّ يدفع لبنان ثمنها. وفي حال اعترفت إيران بأن لها جيشا في لبنان لا يحق للحكومة اللبنانية أن تمسّه فإن المسألة تأخذ حجما آخر يدخل في إطار، سيكون على لبنان باعتباره دولة مستقلة أن يكسره بالطرق التي تناسبه. في مقدمة تلك الطرق العمل على إنهاء ذلك الاحتلال بدءا من نزع السلاح الذي يمثله. كان الأمين العام الأسبق لحزب الله حسن نصرالله يصف نفسه بأنه واحد من جنود الولي الفقيه. بمعنى أنه كان جنديا إيرانيا. يصح ذلك الوصف على كل أفراد الميليشيا التي كان نصرالله يقودها. وبالعودة إلى تصريحات نصرالله فإن إيران كانت (ولا تزال) تمول تلك الميليشيا بالمال والسلاح. الآن بعد أن تغير كل شيء في لبنان صار بإمكان حكومته أن تعيد الأمور إلى سويّتها وبالطرق القانونية. فليس صحيحا على سبيل المثال أن تلاحق العدالة عملاء إسرائيل فيما يُترك عملاء إيران طلقاء، يتجولون بسلاحهم ويهددون أمن وسلامة الشعب اللبناني الذي دفع باهظا ثمن مغامراتهم حين جروه عبر السنتين الماضيتين إلى حرب هي ليست حربه، ضاربين عرض الحائط مصالح لبنان وشعبه.

لم تصل الدولة اللبنانية إلى مرحلة مطاردة أعضاء ميليشيا حزب الله بتهم الخيانة والعمالة والتخابر مع دولة أجنبية. لا أحد في لبنان يتمنى أن تصل الأمور إلى تلك الدرجة الحرجة التي لا تخون الواقع لأن الواقع اللبناني كان دائما ملغوما ولم يكن السلم الأهلي إلا مناسبة لتمرير الكثير من الأخطاء التي أفقدت القانون هيبته. اليوم تسعى الدولة اللبنانية إلى كسر ذلك الخطاب الطائفي القائم على الاستقواء بالسلاح الذي لا يقع تحت سيطرتها. بالنسبة إلى حملة ذلك السلاح فإن ذلك القرار يعني إنهاء دولتهم. ومن الطبيعي أن يكون ما يحدث صعبا عليهم. ذلك ما يجب التعامل معه بحذر. وكما أتوقع فإن زعيم الحزب الحالي نعيم قاسم الذي رفض الاستجابة الفورية لقرار الدولة هو الأكثر دراية بأن دولة حزبه قد انتهى زمنها ومَن يقرأ خطاباته التي لا تزال خاضعة للرقيب الإيراني لا بد أن يكتشف بين سطورها رغبة في التفاهم عند الحدود الدنيا. ذلك ما يُشير إلى بدء مرحلة جديدة.

وللإنصاف فإن موافقة الدولة اللبنانية على الورقة الأميركية لم تكن خضوعا لمطالب إسرائيلية. كانت هناك قرارات دولية، كلها لمصلحة لبنان تضمنتها تلك الورقة. ليس من المقبول أن تكون هناك دولة داخل الدولة. كان حزب الله دولة همشت الدولة اللبنانية. وليس من المقبول أيضا أن يتم استبعاد الجيش اللبناني عن حدود الدولة ليحل محله جيش إيراني بحجة المقاومة. كما أنه لم يكن من حق أيّ جهة أن تسلب الدولة حقها في إعلان الحرب كما حدث غير مرة مع حزب الله الذي تبين في الحرب الأخيرة أن هلاكه ما كان ليحدث لولا أنه خضع لأوامر إيرانية كانت قد احتكمت إلى أخطاء في التقديرات التي سببت سيلا من الكوارث. أخطاء الحزب في حربه الأخيرة هي أخطاء إيرانية. وعلى العموم فقد آن الأوان أن يتخلص لبنان من العبء الإيراني. لتذهب إيران بأخطائها إلى جحيمها. فلكي يستمر لبنان في حياته صار عليه أن يتحرر من إملاءات المقاومة الإيرانية. ما من شيء في بيان الدولة اللبنانية الداعي إلى حصر السلاح بيد الدولة يشير إلى إيران. من حق الدولة اللبنانية أن تبسط سيطرتها على أراضيها. من حقها أن تطلب ممَّن يملكون سلاحا غير مرخص أن يسلموه لها. كما أن من حقها أن تنشر جيشها على حدودها. وعلى الجانب الآخر فقد صار على حزب الله أن يفهم أن زمنه انتهى. زمن الوصاية الإيرانية انتهى. لقد انتهى زمن دولته التي همشت الدولة اللبنانية المعترف بها دوليا. لبنان اليوم ليس جبهة إيرانية. وإذا ما كانت إيران قد انتحرت بالقيادات التاريخية لحزب الله فإن القيادة الحالية للحزب لن تنتحر كما أتوقع من أجل عيني إيران.

مقالات مشابهة

  • النزاهة النيابية تحذر من استغلال موارد الدولة في الدعاية الانتخابية
  • نهيان بن مبارك: تمكين ورعاية الشباب على رأس أولويات رئيس الدولة
  • أحمد سامي: القيادة السياسية وضعت تمكين الشباب على رأس أولوياتها
  • تصاعد التوترات السياسية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في ساحل العاج
  • رئيس الوزراء: الشباب والرياضة في صدارة أولويات الدولة لبناء المستقبل
  • دولة حزب الله في لبنان التي انتهى زمنها
  • واشنطن توفر الغطاء السياسي والأمني للحكومة لاتخافوا
  • رئيس الوزراء: التعليم في مقدمة أولويات الدولة لبناء الفرد والنهوض بالمجتمع
  • محافظ المنيا: المعلم سيظل رمزًا للعطاء وصانعًا للأجيال… والتعليم على رأس أولويات الدولة المصرية
  • مباحثات مصرية تركية في العلمين حول مستقبل العملية السياسية في ليبيا