إفيه يكتبه روبير الفارس: "أكاليل الباذنجان"
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بعد فحص وتمحيص ودراسة غير متعمقة، يمكن القول إنه من أكثر الفئات التي تعيش في بحبوحة وراحة ورغد في مجتمعنا القاسي: العلماء والعوالم، والعلماء هنا هم من يُطلق عليهم رجال دين، لا ينتجون سوى "كلام وبس" أما العوالم فهم من يقومون بعملية الترفيه التي يتسبب فيها الواقع الصعب، والتي لا يغيرها "الكلام" ويخفف عنها "المرح" وهم بذلك يقدمون خدمة جليلة لجعل الحياة "تُطاق" أما الذي يغير الواقع بالفعل فهو "العلم" العلم يصنع المستحيل ويغير شكل الحياة والأيام.
في الأسبوع الماضي، حقدنا بكل دمائنا وخلجات قلوبنا على العدو التاريخي وهو يستخدم أدوات علمية لينتصر ويسيطر، وياليت هذا الحقد يتحول إلى غيرة حقيقية تخرجنا من قبور العصور الوسطى وتمزق قيود تكبل أحلامنا وتهزم أيامنا ومستقبلنا، فإذا كان "العلم لا يُكيل بالباذنجان" كما يقول عادل إمام في مسرحيته الشهيرة، فإننا غرقنا في الباذنجان وتكللت حياتنا بالسواد ولونت بالظلام، وهذا الباذنجان له علامات بارزة وبصمات محفورة في أرواحنا، وإذا تأملنا أكليله اللامع فوق رؤوسنا، لوجدنا:
العلامة الأولى: إنتاج الكلام بغزارة. تجد الصفوف الأولى محفوظة دائمًا للمتكلم الخطيب الواعظ، فتجد خط إنتاج "الهري" لاينقطع من الإفتاء في كل "الأشياء" للدعاء على كل “الأعداء”، ولا جديد في الأشياء ولا هزيمة للأعداء، فندخل الحرب بمنطق "الطبلة والربابة" كما قال وصدق “نزار قباني”، في حين أن أسلحة الأعداء "علم" يكسرنا ويعجزنا، فنهرُب للكلام عن "الحلال والحرام" والوعظ عن الأثر المميت لكلمات أغنية شيرين ومسميات أكلات محل حلويات!
العلامة الثانية: يتباهي أكليل الباذنجان فوق الرأس بكرامات ومعجزات أولياء وقديسين ودروايش، وبحث عن غيب نهرب به من واقعنا المرير، هذه البيئة الخرافية تقتل مجتمع العلم والعقلانية في مقتل. فالجري وراء الخرافة المكرمة يعمي العيون عن رؤية معجزات العلم الحقيقية، فمثلًا، إذا كنا ما زلنا نتشبث بقصص أولياء وقديسين كانوا يطيرون "يركبون السحاب"، فالعلم حول هذا إلى طائرة تسبق الصوت وتسابق السحاب بالفعل، وليست لخدمة فرد واحد بل ملايين البشر. وإذا كنا نتعجب من أصحاب الكرامة "الذين عدوا البحر وما تبلوش"، فالعلم قدم لنا "الغواصات" والذي يدخلها "لا يتبل".
وإذا كان البحث مستمرًا مع كل نفس عن "دجلا" يعرف الغيب ويشير إلى المستقبل، نجد العلم يضع قواعد الخطط الاستراتيجية ويستخدم الذكاء الاصطناعي، إننا نفتقد بيئة المجتمع العلمي لغرس عقولنا في آبار الخرافة لقرون طويلة، ورغم احتلالنا الاستهلاكي بأدوات علمية لا نستغني عنها، مثل "الموبايل"، إلا أننا نستخدمه لتعميق وخدمة خرافاتنا دون أن نهتم بفلسفة عمله أو فهم كيف يعمل وللأسف، لا نرى ضرورة في ذلك فالريموت كنترول في أيدينا ينقلنا بين مئات الفضائيات، لا يوجد بينها قناة علمية واحدة فالعلم الذي سخر الله علماء ليجعلوا حياتنا أفضل، أخذنا منه مزيدًا من الجهل لأننا لا ندرك فلسفته ولم نساهم في صنعه أو إنتاجه فقط نستلقي على ظهورنا ونستقبل المنتج، وندعي على "الكافر" الذي ابتكره.
العلامة الثالثة: في هذا الأكليل الأسود هو التغني بالماضي. كانت لنا حضارة عظيمة ونملك الإعجاز العلمي الكامن، فماذا نحن فاعلون؟ نكتفي بتضليل العلم الزائف الذي يناسب بيئة الخرافة. فلماذا لم نعجز من يعجزونا بهذا الإعجاز العلمي الذي يصلون هم إليه قبلنا بمئات السنين؟ نفرح بتضليل أنفسنا ونبرر بذلك تخلفنا، وننبهر ونفتح أفواهنا وأعيينا على آخرها ونحن نجد الأقوياء بعلمهم يمحوننا بالوجود بضغطة "زر" في ريموت كنترول يبعد آلاف الأميال. ونضغط نحن على "زر" مشابه لنرى قناة "المولد".
إفيه قبل الوداع
يا حضرة الناظر، أنت عارف إنت بتطلب مني إيه! أنت بتطلب مني ألحق ناس سابقانا بـ 100 سنة ضوئية، ولا مش واخد بالك؟ وبعدين، أجيالكم دي كانت فين؟ كانت فين والفرق ده عمال يوسع، ولا سايبنا إحنا نضيقه؟ بعد ما بقى في وسع المجرة الكونية، لحد ما وصلنا للمنظر الي حضرتك شايفه ده، ولا إنتوا مش مدركين أنكم مسلمينا الراية عاملة كده، عايزها بقدرة قادر نرفعها وتبقى كده يا سلام؟ يا أستاذ، إنتوا مسلمينا ليهم بدون ملابس داخلية، مسلمينا ملط، ملط يا حضرت الناظر يا بتاع التاريخ!
فيلم ليلة سقوط بغداد (2005)
على بعد 100 سنة ضوئية وأقرب من حبل الوريد
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: افيه
إقرأ أيضاً:
محافظ بني سويف أمام وفد تنفيذي يمني: نبني إدارة محلية تستند إلى رؤية علمية
في إطار الزيارة الرسمية التي تهدف إلى تبادل الخبرات الناجحة في مجال الإدارة المحلية والتنمية الاقتصادية،استضافت بني سويف "اليوم الثلاثاء "جلسة حوارية موسعة بديوان عام المحافظة، برئاسة الدكتور محمد هاني غنيم محافظ بني سويف، وحضور : السيد بلال حبش نائب المحافظ، وأعضاء المجلس الاستشاري الاقتصادي الاجتماعي، الدكتور محمد جبر معاون المحافظ، والدكتور علاء سعيد مدير الوحدة الاقتصادية، وعدد من القيادات التنفيذية ورؤساء المدن، وبمشاركة وفد رسمي ضم بعض التنفيذيين من الجمهورية اليمنية الشقيقة، إلى جانب ممثلين عن منظمات إقليمية ودولية داعمة.
تأتي الزيارة ضمن برنامج إقليمي لتبادل الخبرات، تنظمه وزارة الإدارة المحلية اليمنية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، والمنظمة العربية للتنمية الإدارية التابعة لجامعة الدول العربية،بهدف تعزيز قدرات الإدارات المحلية في الدول العربية، والإطلاع على التجارب الناجحة، وفي مقدمتها تجربة محافظة بني سويف.
وضم الوفد حضور كل من: السيد /عوض صالح، نائب وزير الإدارة المحلية ووكيل الوزارة لقطاع الموارد المالية بالجمهورية اليمنية/ الدكتورة رانيا عبد الرازق، المنسق العام للبرنامج ورئيس مجموعة الإدارة المحلية بالمنظمة العربية للتنمية الإدارية بجامعة الدول العربية، الأستاذ باسم محمد السقير، المنسق الوطني للمشروع وممثل مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) بالجمهورية اليمنية، الدكتورة شريفة ماهر، مدير مكون التنمية الاقتصادية وتطوير نظم العمل بمشروع الدعم الفني بوزارة التنمية المحلية، الأستاذ أحمد عادل، السكرتير التنفيذي للبرنامج بالمنظمة العربية للتنمية الإدارية.
استعرض محافظ بني سويف، أبرز محاور تجربة المحافظة في تطبيق الإدارة الاستراتيجية المحلية، مشيرًا إلى أن بني سويف كانت من أوائل المحافظات التي أطلقت استراتيجية محلية متكاملة للتنمية الاقتصادية، وأسسّت مجلسًا استشاريًا اقتصاديًا واجتماعيًا يضم ممثلين من الشباب والمجتمع المدني والقطاع الخاص.
وأكد المحافظ أن ما تحقق من إنجازات يعود إلى التوجه الرئاسي الداعم لتمكين الشباب من خلال البرنامج الرئاسي لتأهيل الكوادر وتنسيقية شباب الأحزاب، مما أفرز كوادر تنفيذية مؤمنة بالتغيير، وهو ما انعكس على أداء المحافظة
وأوضح المحافظ أن هذه الجهود تأتي في إطار الالتزام الكامل من محافظة بني سويف بالعمل تحت مظلة رؤية مصر 2030، التي تمثل الإطار العام للدولة المصرية نحو تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، من خلال تعزيز اللامركزية وتطوير منظومة الإدارة المحلية، وقد حرصت المحافظة على ترجمة تلك الرؤية إلى سياسات وخطط تنفيذية واقعية تنبع من طبيعة المحافظة وتخدم مواطنيها.
حيث أطلقت بني سويف استراتيجية تنموية محلية متكاملة تُعد الأولى من نوعها على مستوى محافظات الجمهورية،وتستند على تحليل علمي دقيق للموارد والفرص المتاحة،وتركّز على 6 قطاعات اقتصادية محورية: الصناعة، الزراعة، السياحة، المشروعات الصغيرة والمتوسطة، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، واللوجستيات والنقل، وتُعد هذه الاستراتيجية تجسيدًا مباشرًا لتوجيهات فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي،الذي يدعم ويتبني ويوجه بمواصلة الجود لتعظيم دور الإدارة المحلية في دعم مسارات التنمية من القاعدة إلى القمة.
من جانبهم، عبّر أعضاء الوفد عن إعجابهم بما شاهدوه من وضوح في الرؤية، ومؤسسية في الأداء، وشفافية في آليات صنع القرار المحلي.
وقال السيد عوض صالح:"نلمس في تجربة بني سويف مزيجًا متوازنًا بين التخطيط والعلم والمشاركة الشعبية، وهي تجربة تستحق أن تُنقل إلى السياقات اليمنية بما يتلاءم مع ظروفنا الراهنة."
وأكدت الدكتورة رانيا عبد الرازق أن"بني سويف تقدم نموذجًا عربيًا ناجحًا في الحوكمة المحلية،وقد تجاوزت المفهوم التقليدي للمحافظة إلى كيان استراتيجي منتج ومبادر."
وأضاف الأستاذ باسم السقير"ما شاهدناه اليوم في بني سويف يعبّر عن تجربة ناضجة في الإدارة المحلية، حيث تتكامل الرؤية مع الأدوات، ويتحقق التوازن بين التخطيط المركزي والاحتياجات المحلية،حيث إنها تجربة قابلة للنقل والتكييف في بيئات تنفيذية وحكومية مختلفة."
كما أعربت الدكتورة شريفة ماهر عن تقديرها لجدّية التجربة، قائلة"بني سويف برهنت على أن التنمية تبدأ من الإرادة المحلية، وأن تفعيل المجالس الاقتصادية وتشبيكها مع المواطنين والمؤسسات يخلق نموذجًا متكاملًا يُحتذى به."
وشهدت الجلسة عرض فيلم وثائقي قصير حول إنجازات المحافظة، أعقبه عرض تقديمي قام بعرضه الدكتور علاء سعيد، مدير الوحدة الاقتصادية، حول آليات عمل المجلس الاستشاري ونتائج تطبيق النهج التشاركي في التنمية.
واختتمت الجلسة بعقد حوار مفتوح بين الجانبين،تم خلاله تبادل التجارب والنقاش حول فرص التعاون المستقبلي،وسبل تعميم التجربة.