العلاقات الخليجية الأمريكية.. شراكة استراتيجية متنامية
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
تأتي زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الرسمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وسط ظروف دولية وإقليمية معقدة، أضفت أهمية كبيرة على الزيارة التي تعد الأولى لسموه منذ توليه رئاسة الدولة.
وبرغم أن الزيارة تؤكد قوة العلاقات الاستراتيجية ومتانتها بين دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، فإنها تعكس من جانب آخر تطور العلاقات الخليجية الأمريكية عمومًا، وتنامي الروابط التي تربط بين الجانبين، الأمر الذي رفع هذه العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية المتعددة الأبعاد والجوانب.
إن العلاقات الخليجية الأمريكية، التي تضرب بجذورها في عقود طويلة مضت، شهدت محطات عديدة ظل خلالها الطرفان يعملان على تحقيق الاستقرار الإقليمي والدولي وفق مجموعة من الركائز التي تستند إلى قاعدة تعظيم المصالح المشتركة وتبادل المنافع، تلك القاعدة التي أسست أرضية صلبة انطلق منها الجانبان إلى أفق أرحب في علاقاتهما.
وقد تمكَّن الجانبان الخليجي والأمريكي وفق هذه القاعدة، من التعاون لتحقيق الأمن الإقليمي والدولي على مدى عقود مضت، كما نجحا في تعظيم روابطهما الاقتصادية والتجارية في اتجاه الشراكة الاقتصادية، إذ يتمتع الجانبان بعلاقات تجارية واستثمارية طويلة الأمد تشهد تقدمًا واضحًا ومتناميًا، وتؤدي دورًا محوريًّا في تعزيز النمو والابتكار، وفي دلالة واضحة على ذلك بلغت قيمة التبادل التجاري بينهما عام 2023 نحو 180 مليار دولار، بحسب معالي جاسم البديوي، أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وقد أدت دولة الإمارات العربية المتحدة دورًا محوريًّا في تعميق العلاقات الخليجية الأمريكية؛ وخاصة في شقها التجاري والاقتصادي والتكنولوجي، إذ إن الإمارات هي الشريك التجاري الأول عربيًّا للولايات المتحدة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، فيما جاءت الولايات المتحدة كثالث أكبر شريك تجاري للإمارات عالميًّا. وبحسب الأرقام الرسمية، بلغ حجم التجارة النفطية بين البلدين عام 2023 أكثر من 40 مليار دولار، بنسبة نمو بلغت 20% مقارنة بعام 2022، وأكثر من 50% مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة عام 2019. كما بلغ إجمالي الاستثمارات الإماراتية في الولايات المتحدة 38 مليار دولار، فيما بلغ حجم الاستثمارات الأمريكية في الإمارات أكثر من 4.3 مليارات دولار، مع وجود كثر من 16 ألف مواطن أمريكي يسهمون في رخص تجارية رسمية داخل الدولة، كما أن 60% من الشركات في مركز دبي المالي هي شركات أمريكية.
إلى جانب ذلك، فإن تركيز دولة الإمارات في علاقاتها مع الولايات المتحدة على البعد التكنولوجي من شأنه أن يساعد في نقل التعاون الخليجي الأمريكي في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي إلى مستويات أعلى، إذ ستحظى قضايا التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بحيز كبير خلال لقاءات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، بالمسؤولين الأمريكيين، سعيًا إلى تحقيق تعاون مثمر في هذا المجال الذي بات يمثّل أولوية استراتيجية في الدولة لتحقيق التنمية المستدامة.
وتبدو العلاقات الخليجية الأمريكية مقبلة على مرحلة جديدة تشهد مزيدًا من التعاون القائم على قاعدة تعظيم المصالح المشتركة وتبادل المنافع؛ خاصة في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وهو المجال الذي ستساعد زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، على تعزيز التعاون الخليجي الأمريكي فيه، وخاصة أن دولة الإمارات أخذت زمام المبادرة فيه مبكرًا، وسارعت إلى إقامة شراكات مع كبريات الشركات الأمريكية من أجل توظيف التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي وأحدث التقنيات العالمية في مسيرة البناء والتنمية المستدامة، وهو هدف طالما سعت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى تحقيقه.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
لقاء عبدالله بن زايد ووزير خارجية الصين.. شراكة بين البلدين
تلبية لدعوة من الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتية، قام وانغ يي، عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وزير الخارجية الصيني، بزيارة إلى دولة الإمارات يومي 12 و13 ديسمبر الجاري، وتم تبادل وجهات النظر وعلى نحو معمق حول مجمل العلاقات الثنائية التي تربط البلدين والشعبين الصديقين والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
أشار الجانبان إلى أن علاقات الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين شهدت تطورات إيجابية في كافة المجالات وبما يلبي تطلعات قيادتي وشعبي البلدين في التقدم والازدهار، واتفق الجانبان على تنفيذ التوافقات المهمة التي تم التوصل إليها خلال زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، إلى جمهورية الصين ولقائه شي جين بينغ، رئيس جمهورية الصين الشعبية، في مايو 2024 في إطار السعي المشترك للارتقاء بالعلاقات الثنائية نحو آفاق أرحب على كافة الأصعدة والمستويات الثنائية ومتعددة الأطراف.
وأعرب الجانب الصيني عن دعمه الثابت لدولة الإمارات العربية المتحدة في الحفاظ على سيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها.
وأكد الجانب الإماراتي التزامه الراسخ بمبدأ الصين الواحدة، وبأن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، وعلى دعمه الثابت لجهود الحكومة الصينية لتحقيق إعادة توحيد البلاد، ورفضه تدخل القوى الخارجية في الشؤون الداخلية للصين.
كما عبر الجانب الصيني عن دعمه لمساعي دولة الإمارات العربية المتحدة للتوصل إلى حل سلمي للنزاع حول الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وذلك من خلال المفاوضات الثنائية وفقا لقواعد القانون الدولي، بما فيه ميثاق الأمم المتحدة.
وأثنى الجانب الصيني على الإنجازات التنموية التي حققتها دولة الإمارات في كافة المجالات، معربا عن استعداده لتعميق المواءمة بين مبادرة " الحزام والطريق" ورؤية "نحن الإمارات 2031" وخطة " الاستعداد للخمسين"، والعمل سويا على دفع عجلة التنمية إلى أعلى المستويات.
وأشاد الجانب الإماراتي بالانعقاد الناجح للدورة الكاملة الرابعة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني، معتبرا أن هذه الدورة المهمة ستعزز التنمية العالية الجودة في الصين والتعاون القائم على المنفعة المتبادلة والمصالح المشتركة للمجتمع الدولي.
وأعرب الجانب الإماراتي عن تقديره لما طرحه شي جين بينغ، رئيس الصين، من مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمية ومبادرة الحضارة العالمية ومبادرة الحوكمة العالمية، ودعا الجانب الصيني الجانب الإماراتي للمشاركة والتعاون في إطار المبادرات العالمية الأربع.
كما أعرب الجانبان عن تقديرهما الكبير لما تم تحقيقه من نتائج إيجابية في إطار التعاون العملي بين البلدين في كافة المجالات، مؤكدين على استعدادهما لتعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والنفط والغاز الطبيعي والطاقة المتجددة والمياه والبنية التحتية والتكنولوجيا، والبحوث والعلوم، وتعزيز التعاون في المجالات العسكرية وإنفاذ القانون ومكافحة التطرف والإرهاب، وتكثيف التبادل في مجالات تعليم اللغة الصينية والسياحة والطيران المدني، بما يثري مقومات علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين باستمرار.
وأعرب الجانب الإماراتي عن دعمه لاستضافة الجانب الصيني القمة الصينية العربية الثانية في عام 2026، ودعمه لعقد القمة الثانية بين الصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية بالتوازي، مؤكدا استعداده لبذل الجهود المشتركة مع الجانب الصيني لإنجاح القمتين على أكمل وجه، وأكد الجانب الصيني على استعداده للعمل مع الجانب الإماراتي لإنجاز المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة الصينية الخليجية في أقرب فرصة ممكنة.
وجدد الجانبان التزامهما المشترك بتحقيق سلام شامل وعادل ودائم قائم على حل الدولتين، يفضي إلى تأسيس دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وقابلة للحياة، تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل بأمن وسلام، وفقا لحدود 4 يونيو 1967، والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
كما أعربا عن تقديرهما للجهود الدولية في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وشددا على ضرورة التزام جميع الأطراف بالاتفاق لتخفيف المعاناة الإنسانية وتهيئة الظروف الرامية إلى تحقيق سلام دائم.
وأثنى الجانب الصيني على أهمية الدور الإيجابي المؤثر لدولة الإمارات في المنطقة، وثمن الجانب الإماراتي الجهود الإيجابية والمساهمات المهمة التي قدمها الجانب الصيني لتعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط والعالم.
كما أبدى الجانبان حرصهما على تعزيز التواصل والتنسيق في الأمم المتحدة ومجموعة البريكس ومنظمة شانغهاي للتعاون وغيرها من المنصات المتعددة الأطراف، وبذل جهود مشتركة من أجل تحقيق مزيد من الازدهار والتقدم للعالم أجمع.