جريدة زمان التركية:
2025-07-04@09:01:04 GMT

وجه الحرب

تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT

بقلم: دانيال حنفي
القاهرة (زمان التركية)- كيف يكون داعية الحرب وشريك المعتدي وسيلة أو هاديًا أو رسولًا إلى السلام؟ إذا، للسلام أكثر من مفهوم لدى البعض. وهذا البعض يخالف المجموع إلى ما يحب ويهوى من المفاهيم التي صاغها هو ومساعدوه خصيصًا ووفقًا لمقاسات ومعايير تلك المفاهيم الخاصة من حيث الشكل والقوام. وإذا، فمن المؤكد أن السلام المطلوب يحقق ويلبى أهداف اليد العليا التي تساعد بالسلاح والدعم السياسي والاقتصادي طرفًا تجاوز الحدود كلها قولًا وقتلًا -علانيةً وسرًّا- ولم يعبأ حتى بالأطفال والنساء ولا بالمرضى والعجزة وقتلهم جميعًا بالرصاص والجوع والحصار باسم الدفاع عن النفس.

ورغم فقد الرجل كثيرًا من صحته ومن قدرته على تمييز من وما حوله جهارًا نهارًا، إلا أنه يظل في مقعده كصنم عتيق، ويظل على تمسكه بدعم الاعتداء والقتل الآخذ في الاتساع بسرعة كبيرة ومتصلة.

أو بالأصح يظل الرجل وجه حرب لأولئك القابعين خلفه الطامعين في حصد المزيد من الثروات والأموال والمصالح والنفوذ ولو مات من مات ومسحت مدن كاملة بمن فيها. فلا التدين، أو نصرة دين ما، أو حتى مزاعم القومية الممجوجة تبرر التأييد العمى للمذابح التي يستهجنها العالم اليوم، تمامًا مثلما يرفضها العلم وبنكرها كل يوم في مواجهة دول أخرها ارتكبتها منذ عشرات السنين ضد دول معادية في ذلك الحين.

ولكن المصالح الجسام والمكاسب الهائلة تخلق كل الأسباب للإنسان الطماع الذي لا يمانع في أن يصبح وجها قبيحًا ملطخًا بالدماء وبكل عبارات الإدانة البالغة للأنانية الإنسانية والحزبية. كيف يمكن لوجه الحرب أن يظهر على الناس كل يوم داعيًا إلى السلام وإلى الحوار وإلى الدبلوماسية، بينما هو يغذى المعتدي بكل الأسلحة الفتاكة والمعلومات والخبراء والدعم -حتى المعنى منه- بينما يرشق الآخرين بتهم الإرهاب جميعًا؟ الموارد تحكم، والقوة تحكم، والاحتياج يكبل الأيدي والأرجل وحتى الألسنة قبل الأيدي والأرجل، ويترك أناسًا كثيرين كأنهم أعجاز نخل خاوية أو خيلات مآتة على رؤوس الغيطان حفظتها الطيور ولم تعد تأبه لوجودها. وقوة السلاح تعلن بطشها وقدرتها على محو القرى والمدن في ساعات قليلة والعودة بالمجتمعات الضعيفة خاصة الى حقب سابقة.

والشعوب التي لم ترب على الانضباط الذاتي وكثرة العمل واتقان العمل والمثابرة والتخطيط الجيد لكل شيء تجد نفسها في أرجوحة الظروف وغير مسلحة إلا ببعض الدعاء لعلها تنجو من الهم والغم إلى شاطئ ما لا يعرف كنهه أحد. تمامًا كما في أفلام المغامرات اللذيذة الإثارة في المقاعد الوثيرة.
إن انتصار سياسة الرجل “وجه الحرب” أو خليفته التي تدعمه في غيبوبته ربما يمثل كارثة كبيرة على العالم، لأن مساندة الظالمين ظلام يستدعى أشياء كثيرة ليس من بينها الحبور ولا السلام .

 

Tags: الانضباط الذاتيالحروب

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: الحروب

إقرأ أيضاً:

حين يلتقي الرجل العجوز المهووس بالرسم بأحفاده المعاصرين

في مشهد يعبُر الزمن والأنماط الفنية، افتُتح مساء الأربعاء في جمعية الفنون التشكيلية بغلا معرض "مانغا هوكوساي: منظور القصص المصورة المعاصرة"، الذي تنظمه مؤسسة اليابان ضمن برنامجها للتبادل الفني والثقافي وبالتعاون مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب والسفارة اليابانية، تحت رعاية سعادة الشيخ خالد بن هاشل المصلحي، وكيل وزارة الخارجية للشؤون الإدارية والمالية.

ولا يحتفي المعرض الدولي المتنقل فقط بأحد رموز الفن الياباني الكلاسيكي، بل يُعيد طرح سؤال ظل يتردّد لسنوات: هل تبدأ المانغا الحديثة حقّا من رسومات كاتسوشيكا هوكوساي؟ وموسعا إطار الرؤية حول ما إذا كانت "المانغا" الحديثة قد بدأت كلعبة تسلية، فإنها اليوم تُقرأ كبنية سردية مركّبة، وكفنّ له لغته، وجمهوره، وصنّاعه من كل الأجيال.

وهوكوساي (1760 - 1849)، الذي اشتهر عالميا بلوحته "الموجة العظيمة"، قدّم مجلدات من الرسوم المرتجلة أو العفوية التي عُرفت بـ"مانغا هوكوساي"، وهي كراسات تصوّر مشاهد يومية، لقطات ساخرة، ورؤى حيوية لمجتمع عصره، حيث لم تكن مانغا بالمعنى السردي الذي نعرفه اليوم، لكنها كانت نواة أسلوبية وروحية لما ستصبح عليه القصص المصورة اليابانية لاحقا. ولهذا يفترض دائما وجود صلة بين تلك الرسومات الأولى و"المانغا" التي يعرفها ملايين القراء اليوم حول العالم.

وما يُميز "مانغا هوكوساي" أنه لا يقدّم هوكوساي كأيقونة، بل كنقطة انطلاق لحوار مفتوح. حيث لا يبحث المعرض في التأثير التاريخي المباشر، بل يستدرج الزائر لطرح أسئلته الخاصة: هل ورث الجيل الجديد فعلاً شيئًا من هوكوساي؟ هل لا تزال المانغا تحتفظ بروح السخرية والخيال التي بدأ منها هذا الفن؟ ما الذي تغيّر؟ وما الذي بقي؟

وعبَّر سعادة كيوشي سيريزاوا، سفير اليابان المعتمد لدى سلطنة عمان عن سروره بالتقدير العميق للمانغا اليابانية لدى الشعب العُماني. وقال: "المانغا أكثر من مجرد شكل من أشكال الترفيه، بل هي وسيلة نابضة بالحياة للتعبير الثقافي وجسر قوي بين الأمم".

وأضاف: "من الأمثلة الرائعة على هذا التواصل الثقافي جناح عُمان في إكسبو 2025 أوساكا/ كانساي، حيث توزع أعمال المانغا التي أبدعها شباب عُمانيون موهوبون. وقد لمس صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد، وزير الثقافة والرياضة والشباب هذا الأمر بنفسه خلال زيارته للجناح في أبريل، والتي تضمنت أيضا لقاء مع جلالة الإمبراطور ناروهيتو في القصر الإمبراطوري بطوكيو. والآن، ومن خلال هذا المعرض، نأمل في تعزيز هذا التبادل الثقافي هنا في عُمان، وتشجيع المزيد من الحوار، والتقريب بين شعبينا".

ماض يلهم الحاضر

ويعرض المعرض أعمالا جديدة لسبعة من فناني المانغا المعاصرين، قدم كل منهم قراءة شخصية مستوحاة من أعمال هوكوساي، لا من حيث التشابه البصري فحسب، بل عبر التفاعل مع روحه التجريبية وجرأته في تصوير الحياة. حيث تعكس بعض هذه الأعمال افتتانا تقنيا بالجوانب الشكلية لمانغا هوكوساي، بينما ينشغل البعض الآخر بشخصية الفنان نفسه، ذلك "الرجل العجوز المهووس بالرسم"، الذي أصر على رسم كل شيء وكل أحد، وكأنه يطارده الزمن.

أكثر من متحف

وحرص المعرض على تقديم تجربة تتجاوز استعراض الأعمال، فيدعو الزائر إلى تأمل الفرق والتقاطع بين تقنيات السرد في المانغا الكلاسيكية والمعاصرة، بدءا من تصميم الشخصيات، مرورا بتوزيع البالونات، وحتى شكل القراءة من اليمين إلى اليسار ومن أعلى الصفحة لأسفلها، كما تُقرأ المانغا اليابانية عادة.

وكان من أبرز مفردات المعرض نموذج مصوّر لحكاية "حلم كانطان"، أسطورة صينية قديمة، يستيقظ فيها البطل من غفوته ليكتشف أن خمسين عاما من المجد لم تكن إلا حلما في وسادة. والحكاية رُويت بصيغة مرئية وبالونية، تلعب على حدود الواقع والوهم، وهي إحدى نقاط التماس القوية بين المانغا كفن بصري وبين الأدب التأملي.

المعجبون يصبحون صانعين

وفي جناح خاص، يسلط المعرض الضوء على ما يُعرف بـ"المانغا من صنع المعجبين" أو الـDōjinshi، التي انطلقت مع أول مؤتمر للمعجبين عام 1975، وسرعان ما تطورت إلى حركة ثقافية واقتصادية قائمة بذاتها. وتعرض نماذج حية من هذه الإنتاجات، من بينها أعمال تنشر على الإنترنت تتخيل حوارات صدامية ومصالحة بين هوكوساي وكتّاب وفنانين آخرين من عصره، في أسلوب كاريكاتيري طريف ومليء بالتعليقات الساخرة.

مقالات مشابهة

  • ظلال الإبادة في غزة تثير جدلا بشأن دور أميركا في صناعة السلام بأفريقيا
  • تحليل أقدم حمض نووي فرعوني يكشف مفاجأة
  • حين يلتقي الرجل العجوز المهووس بالرسم بأحفاده المعاصرين
  • تسجيل أول إصابة بشرية بفيروس الخفاش دون علاج
  • المبعوث الأممي يختتم زيارته لعدن بدعوة جريئة: "تخلّوا عن الحرب.. واستعدوا للسلام الشامل"
  • شدد على أهمية الانخراط في تسوية سياسية عادلة.. المبعوث الأممي يدعو اليمنيين لإنهاء الحرب
  • المصالح الأجنبية تعمّق الحرب في السودان ولا سبيل لإيقافها سوى الدبلوماسية الإقليمية
  • ما دها الرجل ليدخل في تحالف سياسي رئيسه حميدتى ومتحدثه الرسمي د. علاء نقد
  • تمساح ينهي حياة ثمانيني أثناء غسل قدميه في النهر
  • صدقيني.. أنا وزوجتي منفصلان