عربي21:
2025-07-28@01:05:00 GMT

كيف ستؤدي الحرب الحالية إلى هزيمة إسرائيل

تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT

بعد أن أعربت في مقالي السابق عن مشاعر الألم والانزعاج من الاختراق الأمني الخطير الذي أدهشنا بتفجيرات أجهزة اللاسلكي و»البيجر» فقد استدركت منبهاً، ومحذراً في الحقيقة، من أن علينا جميعاً أن نتذكر أن الغرب ممثلاً في قلعته الأمامية إسرائيل، التي تمُت له وتتكامل معه ومع مشروعه عضوياً، بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ، لن يتركها تستباح بهذه البساطة والسهولة.



وذكرت في معرض ذلك أنه وإن شكّل هجوم حماس تطوراً نوعياً مبهراً في تخطيطه وكفاءته، إلا أن ذلك لا يعني أن إسرائيل، المدعومة دائماً وأبداً من الغرب، أصبحت خصماً تافهاً أو منعدم القدرات.

للأسف لم يطل الوقت ليؤكد الكيان الصهيوني المحتل ذلك، إذ أنه لم يلبث أن صعّد بما لم نكن نتصور أنه ليقدم عليه ويكسر ما حسبناه أحد آخر الخطوط الحمر باغتياله السيد حسن نصر الله الأمين العام السابق لحزب الله؛ كما أن وقتاً طويلاً لم يمر لتقصف إيران إسرائيل.

للوهلة الأولى، وبقراءةٍ سطحية، يبدو أن إسرائيل، ونتنياهو واليمين الصهيوني، كلٌ لأسبابه التي تصادف أن تلاقت، نال مراده من ناحيةٍ بإثبات التفوق والقدرة على الاختراق الاستخباراتي وتكبيل حزب الله، العدو المجاور الأخطر والأفضل تسليحاً، ذراع إيران الطولى من الناحية الفعلية وخنجرها في خاصرة إسرائيل، تكبيله خسارةً أثقل مما يتصور وما قد يحتمل.

من ناحيةٍ أخرى نجح نتنياهو أيضاً في جر إيران إلى المعركة، ومن يدري فقد ينجح في جر أمريكا أيضا في «سكة» ضرب، ومن ثم إجهاض مشروعها النووي، وهو ما كان يتحرق له منذ فترةٍ بعيدة، دون أن تؤاتيه الفرصة، في ظل تحولٍ أمريكي، عن الغوص في أوحال وصراعات هذه المنطقة.

يجوز أن الرشقة الإيرانية، المختلفة نوعياً هذه المرة، والمعارك التي خاضها جنود حزب الله مع محاولات الاجتياح الإسرائيلي، قد أثلجت الصدور إلى حدٍ ما، خاصةً وقد أثبتت أن قوات حزب الله لم تزل تحتفظ بقدرٍ ما من تماسكها، بعد قطع رأس قيادتها، وما بدا من التأثير والضرر الجزئي لشبكة اتصالاتها، إلا أنه من الأدق أن نقرر أن الخوف من المزيد من الإهانات لم يزُل تماماً، بالإضافة إلى القلق من المقبل في صورة رد الفعل الإسرائيلي الآتي لا محالة.

من الطبيعي أن يطرح تطور الأحداث العديد من التساؤلات، خاصةً في ضوء فداحة ما تبدى من ذلك «الثقب الأسود» الأمني ما مكن من الوصول إلى شخصٍ بقيمة وقامة ومكانة السيد حسن نصر الله، الذي أستطيع أن أقرر بثقة أنه حفر لنفسه مكاناً سيخلد فيه اسمه في خطط وحوليات منطقتنا.

كما أنه سيفتح المجال للتحليلات والتكهنات، المتخوفة في المجمل، معاني الانتصار والهزيمة وما الذي يحددها، ستحضر بشدة في تلك التساؤلات والنقاشات. من جهتي سأحاول هنا لا الإجابة على هذه الأسئلة، بل طرح تصورٍ، أو لنقل مجازاً التفكير بصوتٍ عالٍ. لا بد في رأيي من التفرقة بين أمرين: النتائج المباشرة التي ستسفر عنها المعارك، أو الخطوط التي ستقف عندها الأطراف المتحاربة والنتائج بعيدة الأمد.

في ما يخص النتائج المباشرة، فحتى كتابة هذا المقال لم نزل ننتظر الرد الإسرائيلي، الآتي لا محالة، على الهجوم الإيراني.

كثيرون منا يراهنون، متخوفين وحابسين أنفاسهم، على استمرار الأداء الجيد والمتماسك لقوات حزب الله على الأرض، وعلى مقدرتهم على الصمود ودحر التقدم الإسرائيلي، وتكبيد العدو المزيد من الخسائر في صورة قتلى وتدميرٍ للمنشآت، كما يراهنون أيضاً على أن تثبت إيران أنها قوةٌ كبيرةٌ قادرةٌ بالفعل، وليست مجرد «مسدس صوت» ليس في جعبتها سوى تحريك التشكيلات العسكرية «الميليشاوية» التي اصطنعتها ودعمتها.
تصميم الولايات المتحدة على ألا تخسر إسرائيل مهما كان
لكن لا شك أن الاختراقات الأمنية واغتيالات القادة، سواءً في لبنان أو في طهران، في عقر دار الجمهورية الإسلامية والحرم الرئاسي، قد أهبانا للنتائج المغايرة والإحباطات، خاصةً في ظل الحشد الأمريكي، الذي يكاد أن يعلن صراحةً ما نعلمه من تصميم الولايات المتحدة على ألا تخسر إسرائيل مهما كان.

لذا، ففي حين نأمل ونمارس «تفاؤل الإرادة» فإننا نتحسب للأسوأ، كأن تنجح إسرائيل في تدمير قدرٍ كبيرٍ من قدرات حزب الله العسكرية، وجعل إيران تدفع الثمن والإغارة على منصات إطلاق الصواريخ ومنشآتها النووية والعسكرية وإحراجها وربما إضعافها داخلياً، بما قد يهدد استقرار النظام.

إذن فالخيارات لم تزل مفتوحة، على الرغم من الانتكاسات التي مُني بها حزب الله وإيران: إما أن يظل طرفا الصراع يتبادلان اللطمات، وإما أن تنجح إسرائيل في إيجاع المقاومة اللبنانية وإيران كما أسلفنا.

بالطبع هناك نظرياً احتمال أن تُهزم إسرائيل عسكرياً، وإن كنت أستبعد ذلك في ظل المعطيات والظرف العالمي الراهن. لكن السؤال الأهم في رأيي هو: بفرض نجاح إسرائيل في تكبيد أعدائها خسائر موجعة ومدوية، أي خروجها «منتصرة» من هذه المعركة بتحجيم قدراتهم، فهل يعني هذا الانتصار في المدى البعيد؟ في رأيي أن الإجابة هي (لا) أكيدة.
كان من مكاسب السابع من أكتوبر كسر الجمود وتحريك الصراع
كان من مكاسب السابع من أكتوبر كسر الجمود وتحريك الصراع، لقد كان التطبيع والتصفية الفعلية للقضية الفلسطينية ماضيين بخطى حثيثة، ثم جاءت الحرب فتوقفت وانتكست هذه المشاريع. لقد جاءت تحركات التطبيع كجزءٍ من موجة الثورة المضادة مستغلةً إحباط الشعوب من جراء فشل التحركات الثورية في التمخض عن أي مكاسب. لقد استغلت الأنظمة العربية والغرب وإسرائيل كل ذلك في ترسيخ معاني الهزيمة واللاجدوى: لا جدوى المقاومة ولا جدوى محاولات التغيير.. لا جدوى الحلم والسعي للأفضل، وتم تكريس الأمر الواقع والمماهاة بينه وبين ما هو أفضل في معادلة بسيطة وكاذبة خادعة: ما هو كائن هو ما يجب أن يكون، والقائم هو الطبيعي وما يجب أن يقوم، وليس مجرد نتيجة ظروف وقوى قد تكون جميعاً ظالمة ومتعسفة.

لقد جاء السابع من أكتوبر ليعدل الدفة ويصحح المسار ويكسر هذه الأكاذيب التي رُوج لها من قبل الأنظمة.

لقد فرضت أيضاً على نتنياهو «الحركة» وهو يريد أن يستغل الظرف والضربة «ليتحرك» فيغير الواقع على الأرض لمصلحته. ما لا يدركه نتنياهو أن الحركة، أي حركة، ليست في مصلحته، ليست بركة، بل نقمة عليه، لأنها تحرك أعداءه وتخضهم خضاً وتجبرهم على الرد. حليف نتنياهو والصهاينة كان الجمود، الترهل والركود والتعفن البطيء وصفة مبارك السحرية، تجميد الصراع وكسب الأرض بيد التآكل والتردي، حيث يتكفل الزمن بثلم وإضعاف عزيمة الخصم الذي سيألف الدعة والخمول.

لكن هذه الحالة كُسرت وأوقظت الشعوب العربية والإسلامية (بل العالم أجمع)، وصار الشعور بالغضب والإهانة والألم يسيطر عليها. إن إهانة إيران وهزيمتها الآنية، إن حدثت، لن تمر هكذا، فقد علمنا التاريخ أن لهذا النظام صفتين: عدم نسيان الإهانة، الصبر والنفس الطويل.ركما أن تغول إسرائيل وإن دعم الأنظمة العربية الواهنة المنهزمة حالياً، فسوف يؤدى إلى المزيد من التصدعات الاجتماعية بما يؤذن بموجةٍ ثوريةٍ جديدة، خاصةً في ظل تردي الأوضاع المعيشية. ناهيك بالطبع عن انعكاس صراعٍ ساخنٍ ممتد على الداخل الإسرائيلي.

لكل ذلك فإنني أزعم بثقة، بعيداً عن الحكم بالأماني، أن الحرب التي استمرت قرابة العام، والتي تتسع الآن، لن يكتب آخر فصولها الآن كما أنها بدايةٌ لهزيمةٌ أكيدة واندحار للمشروع التوسعي الصهيوني.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إيران حزب الله لبنان إيران لبنان غزة حزب الله الاحتلال مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب الله کما أن

إقرأ أيضاً:

عراقجي يكشف كواليس الحرب مع إسرائيل و"محاولة اغتياله"

كشف وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، كواليس جديدة بشأن الحرب التي وقعت الشهر الماضي بين إيران وإسرائيل، وكيفية التوصل لوقف إطلاق النار، فضلا عن محاولة اغتياله.

ونقلت وكالة تسنيم الإيرانية عن عراقجي قوله إنه "أثناء الحرب، تم زرع قنبلة مقابل منزلي، واستُهدف المنزل المقابل، وقد تم القبض على المنفذين".

وتابع: "عدة مرات، حلقت طائرات مسيرة فوقنا خلال رحلاتنا إلى تركيا".

وبشأن وقف إطلاق النار مع إسرائيل، أوضح عراقجي: "في اليوم الثامن أو التاسع من الحرب، اتخذ المجلس الأعلى للأمن القومي قرارا استراتيجيا ينص على قبول وقف إطلاق النار غير المشروط في حال تقدم العدو بطلب رسمي بذلك. هذا القرار جاء من موقع قوة".

وتابع: "في الساعة الواحدة فجرا، تلقينا اتصالات تفيد بأن إسرائيل مستعدة لوقف إطلاق النار، وبعد تلقي هذا الطلب من عدة دول، أجريت بصفتي وزير الخارجية مشاورات مع سائر المؤسسات المعنية للتأكد من توافق الوضع مع القرار المذكور".

وأوضح: "بعد التأكد النهائي، تم الإعلان أن إيران مستعدة لوقف الحرب بشرط أن يوقف الطرف الآخر هجماته".

وقف إطلاق النار وسوء الفهم

وتطرق عراقجي إلى حادثة سوء الفهم بشأن توقيت وقف إطلاق النار، قائلا: "حدث لبس بيني وبين القوات المسلحة، إذ اعتقد الأصدقاء أن التوقيت المحدد هو الساعة الرابعة بتوقيت غرينتش، لذا استمر الهجوم حتى الساعة 7:30 بتوقيت طهران. وبعد الظهر، تم حل هذا اللبس عبر اتصال هاتفي".

وأضاف: "في مساء اليوم الأول من وقف إطلاق النار، زعمت إسرائيل أن إيران أطلقت صواريخ، وخرقت الاتفاق، فأرسلوا طائراتهم لشن غارات، على الفور، أرسلت رسالة إلى ويتكوف (المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف) مفادها أن إسرائيل تختلق الذرائع وتتهم إيران زيفا، ولم يحصل أي خرق، وإذا أقدمت على أي عمل، فسوف نرد فورا وبشدة أكبر من السابق".

وأوضح عراقجي: "بعدها رأيتم أن ترامب (الرئيس الأميركي دونالد ترامب) غرد وطلب من الطيارين العودة، وأوقف الهجوم الإسرائيلي، ما أظهر أن كل الأمور منذ البداية كانت منسقة مع الأميركيين".

وأضاف: "ظنت إسرائيل أن إيران ستنهار خلال أسبوع، لكن هذا لم يحدث. وفي غضون ساعات تم تعيين قادة ميدانيين".

اغتيال هنية

وبشأن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، قال عراقجي: "اغتيل هنية في وقت كان الرئيس مسعود بزشكيان قد أدى قسمه للتو، ولم تكن التشكيلة الوزارية قد اكتملت وعقد اجتماع ضم أعضاء المجلس الأعلى للأمن القومي والرئيس".

وتابع: "اتفق الجميع على ضرورة الرد، لكن كان هناك خلاف بين السياسيين والعسكريين بشأن توقيت وطريقة الهجوم. وتقرر في الاجتماع أن يتم الاستعداد للدفاع جيدا قبل تنفيذ أي عملية هجومية".

وأشار إلى أنه: "بعد اغتيال هنية، وعملية الوعد الصادق2، وسقوط نظام الحكم في سوريا، وانتخاب ترامب، اقتربنا 3 مرات من حافة الحرب لكن نجحت الدبلوماسية في منع اندلاع حرب شاملة".

وحول خداع إيران من خلال المفاوضات مع أميركا قبل الحرب مع إسرائيل، قال وزير الخارجية الإيراني: "لم نخسر شيئا من المفاوضات، بل ربحنا كثيرا، أهمها إثبات أحقيتنا أمام الشعب والمجتمع الدولي. من يقول إنه لولا التفاوض لما كانت هناك حرب؟ ربما الحرب كانت لتندلع أسرع".

مقالات مشابهة

  • إدارة ترامب: الظروف الحالية فرصة لاتمام صفقة كبرى في غزة
  • الحوثيون يعلنون تصعيدا جديدا واستهداف جميع السفن التي تتعامل مع إسرائيل
  • عراقجي يكشف كواليس الحرب مع إسرائيل و"محاولة اغتياله"
  • إسرائيل تُصعّد ضد إيران: خامنئي هدف مباشر في أي ضربة قادمة
  • عاجل | الوكالة الوطنية للأمن في هولندا: إدراج إسرائيل لأول مرة على قائمة الدول التي تشكل تهديدا للبلاد
  • هولندا تدرج إسرائيل لأول مرة على قائمة الدول التي تشكل تهديدا للبلاد
  • طوال العامين الماضيين ظللت أعتذر عن دعوات الزواج التي قدمت لي من الأهل والمعارف
  • لماذا تكره القبائل التي تشكل الحاضنة العسكرية والسياسية للجنجويد دولة 56؟
  • تداعيات هزيمة إيران النووية على شبكة أذرعها في المنطقة من العراق إلى اليمن (تحليل)
  • نائب بولندي ينتقد موقف بلاده من جريمة الابادة التي ترتكبها “إسرائيل” في غزة