أصدرت وزارة الثقافة، من خلال الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين كتاب «الجولة العربية الإسرائيلية الرابعة عام 1973» رصد ودراسة، الإعداد والتحضير ومعالم إدارة الحرب، الكتاب من إعداد اللواء أركان حرب متقاعد محمود محمد طلحة، وجاء الكتاب ضمن احتفالات وزارة الثقافة بذكرى انتصار حرب أكتوبر المجيدة.


تم إعداد هذا الكتاب ليكون شارحًا لأهم مجريات حرب أكتوبر (رمضان) 1973م للتعرف على جزء من التاريخ الوطنى لجيش وشعب عظيمين خاضا حربًا لتحرير أرض مغتصبة بقوة السلاح من دولة ذات أهداف توسعية وطبيعة عدوانيه، تلك الحرب هدفت إلى استرداد كرامة أمة شاء القدر أن تفقد جزءًا عزيزًا من ترابها فى 1967م التى لم تقاتل فيها القوات المسلحة - كما يجب أن يكون القتال -ولكنها دُفعت لتلقى هزيمة عسكرية قبل أن تبدأ الحرب، حيث دول تُظهر غير ما تبطن ودول متربصة وغيرها متآمرة وبعضها متخاذلة ويشترك الجميع فى مناصبة العداء لمصر التى لعبت دورًا رآه الكثيرون إنه أكبر مما يجب أو على الأقل ما كان يجب أن تلعبه فى ظل هذه الظروف لم يتم موازنة القدرات المتاحة مع الظروف السياسية المحيطة والقدرات العسكرية لدولة تعلن صراحة عن رغبتها التوسعية والعدوانية، وتتمحور كل سياستها وتركز كل قدراتها لاستغلال فرصة سانحة عندما لم يتم من جانب مصر تبنى السبل الأكثر مناسبة للحفاظ على المصلحة القومية فى ظروف لم تكن مواتية بأى حال للمخاطرة بدخول حرب 1967 م وسط تربص إسرائيل وتحفز قُوى أخرى.

 أسباب النجاح 

 

ويقول اللواء محمود محمد طلحة في مقدمة الكتاب: «عندما تلمست مصر أسباب النجاح وتغلبت على نواحى القصور معتمدة على عزيمة أمة وتصميم جيش لا يقبل الهوان، وتوفرت الإرادة السياسية لتحقيق النصر وتحرير الأرض مهما كان الثمن، وشحذت الهمم للتغلب على التحديات التى قد تعرض مستقبل الوطن وسلامة أراضيه لخطر أكبر من مجرد ضياع جزء من الوطن فى 1967م، تم التغلب على غطرسة إسرائيل وتحدى نظريتها للأمن وسياستها التوسعيه، وقامت مصر غير عابئة بأخطر مانع مائى وأقوى خط حصين وجيش معادى يدعى أنه لا يُهزم ومدعومًا بسياسات وقدرات وانحياز الولايات المتحدة، وشنت حرب 1973م وبالقتال وبالسياسة معًا تم تحرير الأرض واستعادت كرامة اهتزت فى وقت مضى.. إنها حرب 1973م موضوع هذا المرجع».
ويضيف: «اشتمل عنوان المرجع على (رصد ودراسة) ونقصد بالرصد تسجيل أهم المجريات السياسية على المستوى الدولى، وعلى الصعيد السياسى والعسكرى المصرى والتسجيل هنا ليس تأريخًا بمفهومه العلمى حيث للتاريخ أساتذته وعلومه فضلًا عن أن سعة المجال التاريخى، وتعدد الأحداث السياسية والعسكرية، وما صدر عن حرب 1973م من العديد من المراجع والإصدارات يجعل من الصعب تجميع كل ذلك فى مرجع واحد - ولكن القصد هنا من الرصد هو تقديم نظرة شاملة بقدر الإمكان على أهم الأحداث الفاعلة التى نعتقد أنها تقدم صورة عامة وأمينة لأهم الأحداث بما يعود بالنفع على القارئ الذى لم يعاصر تلك الأحداث».
ويتابع: «أما الدراسة فالغرض منها أبعد من مجرد الإلمام بتطور وتصاعد الأحداث - إنها تهدف إلى تعظيم الفائدة للقارئ العسكرى -بالدرجة الأولى- من خلال الإشارة أو التحليل لأهم الأحداث من وجهة نظر العلم العسكرى وأحيانًا بالربط مع بعض الأحداث المماثلة فى التاريخ العسكرى، ومن الضرورى التأكيد على أن الدراسة ليست تقييمًا لقرارات الجانبين المتقاتلين بقدر ما هى توسيع للمدارك الفكرية ويقين، ومن وجهة نظر موضوعية بحتة لا يمكن الادعاء بتبنى أو تقديم حلول نموذجية على صفحات كتاب لما كان يجب أن يكون على أرض القتال - كما لا يمكن ادعاء الفطنة الآن بعد أن وقع الحدث فى ظروفه المحيطة ووقته الفائت، حيث اتخذت آنذاك القرارات فى لحظة تحت ضغط الوقت ووطأة النيران وعنف المعركة -وندرك أن القرارات اتخذت معظمها - كما هى طبيعة القتال- فى ظل ضباب المعركة وحالة عدم التيقن بما هو قائم، وأيضًا وبالأساس عما هو قادم ولكن كان يحذو متخذو القرارات الأمل فى النجاح والنصر وتجنب الخسائر والتعرض لهزائم».
تناول المرجع بنظرة موجزة نشأة الصراع العربى الإسرائيلى بدءًا من حرب 1948م، ثم حرب 1956م، ثم حرب 1967م، واختار من كل جولة معركة محددة تناولها بالشرح لأساليب أفكار القادة الإسرائيليين بهدف تعميق المعرفة للقارئ الذى سيجد أنها أفكار تدور فى نسق راسخ فى الذهنية العسكرية الإسرائيلية، وقد تم تناول مجريات كل معركة بالتفصيل المناسب فى النسخة الصادرة للقارئ العسكرى.
ولا يقتصر المرجع فى تناوله لوقائع الحرب على ما حدث فقط، بل اعتمد على وقائع مسندة بوثائق وإصدارات من الجانبين لتوضيح الدوافع والأفكار التى دارت فى ذهن القيادة السياسية والعسكرية بخاصة على الجانب الإسرائيلى بهدف تقديم (إطلالة على الفكر الإسرائيلى) باعتبار إن ما تم سيلقى بظلاله على ما هو قادم اعترافا بأن (التاريخ يُعلم كل شيء حتى المستقبل)، وهذا أحد أهم أهداف وجوهر الدراسة ليكون فى ذلك إضافة علمية مرجوة لشباب العسكريين - قادة المستقبل - آملين أن يعوا ما قام به قادة وجنود - زملاء سلاح - هم الآن (الآباء المحاربين) شاء القدر أن يخوضوا غمار - حرب الشرف والكرامة - منهم من نال شرف الاستشهاد ومنهم من أصبح جريح حرب والبعض قعيدًا أو كان مفقودًا - ومنهم من شاء قدره ألا يحصل على إحدى الحسنيين ليكون ناقلًا لخبراته إلى جيل سيكون يومًا هو المقاتل والمدافع عن شرف وطنه ومصير أمته طالما استمر الصلف الإسرائيلى والفهم الصهيونى التوسعى متمسكًا بمعتقداته العدوانية.
واعتمد المرجع على العديد من المصادر الرسمية للقوات المسلحة وشهادات القادة، وعلى الجانب الإسرائيلى، واعتمد على العديد من الإصدارات لقادة اشتركوا فى الحرب فى وظائف قيادية فى مسرح العمليات، وتم الغوص فى مكنونها لتكون قرينة وبينة ليس فقط عما تم (وهو محتوى التاريخ العسكرى)، ولكن أيضًا لاستشراف أبعاد الفكر العسكرى (وهو جوهر دراسة التاريخ العسكرى) للوقوف على الدوافع الفكرية للقيادات السياسة والعسكرية تحسبًا ليوم قادم.
وكذلك تعرض المرجع (فى نسخته الصادرة للقارئ العسكرى) لعدد من الدراسات العسكرية من وجهة النظر الإسرائيلية إعمالًا لمقولة المفكر العسكرى الصينى صن تزو (أن تعرف نفسك وتعرف عدوك فى مائة معركة أبدًا لن تخسر) - لقد اتسع مجال الدراسة للتعرف على آراء بعض المحللين العسكريين الدوليين للوقوف على رؤية من هم غير المنغمسين فى تلك الحرب لاستيضاح ما يراه الآخرون.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الجولة العربية الإسرائيلية الرابعة الهيئة المصرية العامة للكتاب الدكتور أحمد بهي الدين الثقافة ذكرى انتصار حرب أكتوبر

إقرأ أيضاً:

جسور «السيابي».. حكاية وطن

دأب الدكتور سعيد السيابي على كتابة روايات ترتبط بالتاريخ العماني والبيئة العمانية، ولو راجعنا روايته (جبرين وشاء الهوى) الصادرة عام 2016م لوجدنا التاريخ حاضرا، رغم أنه ينفي انتصارها للتاريخ، كونها ليست أكثر من «رسم لخيال تعلّق بمكان»، وتتحدّث الرواية عن حصن جبرين الذي بناه الإمام بلعرب بن سلطان اليعربي (بويع إماما سنة 1679م)، ليكون سكنه الخاص، ويتطرّق إلى أحداث تاريخية دارت في القصر، وإذا انتقلنا إلى روايته الثانية (الصيرة تحكي) سنرى أنّها تتحدّث عن الاحتلال البرتغالي لعُمان في الفترة التاريخيّة الممتدّة بين 1506 و1648م، وهي الفترة التي شهدت الاحتلال وقتال العمانيين للبرتغاليين وطردهم من أرضهم. فيما تناولت رواية (جابر: الوصيّة الأخيرة) حياة التابعي والفقيه جابر بن زيد (642ــ712م)، مبتدئا من مشهد وفاته، ليعيد سرد أحداث تاريخية شهدها في رحلة حياته.

وفي روايته الجديدة (جسور متداعية) التي صدرت عن مؤسسة شرفات الدولية - دار لبان للطباعة والنشر بالتعاون مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب، لم يبتعد السيّابي عن التاريخ العماني، لكنه لم يتطرّق إليه بشكل مباشر، خصوصًا أنّ معظم الأحداث تجري خارج عُمان.

فقد ترك السيّابي لبطل روايته أن يروي صفحة مضيئة من هذا التاريخ من خلال طوافه في عدّة بلدان. وفي هذا الطواف يسرد حكاية من تاريخ عمان الحديث من خلال رحلة شاب عماني إلى الخارج، هربًا من واقع لم يكن مؤهّلًا لتلبية طموحاته.

فالبطل يعلم أنّ قريته الصغيرة، التي تحمل اسمًا لا وجود له على الخارطة (جبل الأفق الشرقي)، كانت في يوم من الأيام مركزًا لصراع قوى النور والظلام. وهو خلال توغّله في أحداث الحياة اكتشف «أنّ الأحداث الغامضة ليست سوى نتاج صراع قديم بين قوى النور والظلام، وأنّ كلّ ما يحدث هو ذروة ما كان مشتركًا بينها في الماضي».

ولذا فهو يجدها تقف عائقًا بينه وبين أحلامه، كونها لم تعد تلبّي طموحات «شاب في مقتبل العمر، وهو يسمع عن فرص الحياة خارجها».

لذا غادرها إلى مسقط حاملًا بيده حقيبة صغيرة بدشداشة واحدة، ثم ركب سفينة خشبيّة توقّفت في دبي والبحرين والكويت وصولًا إلى القاهرة.

ويواجه ظروفًا صعبة في الأماكن التي يقيم فيها، فيجد نفسه قد زُجّ في صراعات داخليّة تجري في تلك العواصم، خلال أحداث الرواية التي تجري في حقبة الستينيات، حيث كانت الحركات الوطنية في المدن التي زارها في قمّة نشاطها. واعتاد، حين تتأزّم الأمور، أن ينتقل إلى عاصمة أخرى، وهكذا يحطّ الرحال في دمشق، ثم ينتقل إلى بيروت، ومنها إلى باريس وإسطنبول.

ورغم كلّ ذلك يظلّ مشدودًا إلى قريته وبلاده بحبال سرّيّة، فالجسور التي أوصلته إلى هذه المدن ستتداعى وتختفي، ومن هنا يأتي عنوان الرواية، فـ«جسور متداعية» يشير إلى أنّ تلك الجسور التي عبر من خلالها إلى العالم الخارجي كانت هشّة وضعيفة البناء.

ورغم دخول بطل الرواية في علاقات نسائيّة حاولت إخراجه من عزلته وفراغه الوجداني، وخوضه للعديد من التجارب، وانخراطه في الدراسة والعمل، يبقى ينقصه شيء كشف عنه في الصفحة الأخيرة من الرواية.

إذ يقول الراوي، الذي هو البطل: «كنتُ بحاجةٍ ماسةٍ لأن أتحرّك، لأن أستعيد تواصلي بالحياة، أن أفتح صدري للهواء الطلق من جديد، أستنشق عبق تاريخ عُمان». وهنا يتسارع الحدث، ويلقي الكاتب مفاتيح الحلّ بين يدي بطله المأزوم، ليُخرجه من ضياعه.

فيقول على لسان البطل: «وصل لمسامعي بأن عُمان دخلت في أعتاب يومٍ جديد بتفاؤلٍ أنه سيغيّر مجرى مصائر أهلها، وأن رياح الحرية التي بدأت تتنفّسها اندفعت بطمأنينةٍ وهدوء.. ووصل صداها للعالم». ليعيدنا إلى يوم النهضة في 23 يوليو 1970م، فيقرّر العودة إلى قريته، من حيث انطلق، لتتداعى كلّ الفواصل التي جعلته بعيدًا عن أرض الوطن، ليبدأ حكاية جديدة ينسج خيوطها على تراب الواقع الجديد.

لقد وضع الكاتب في أولى عتبات الرواية جملة يقول فيها: «شخصيات هذه الرواية ليست واقعية، إنما هي انعكاس لخيال تدثّر بحكمة الواقع».

وقد أراد بهذه الجملة أن يعمّم الحكاية، ولا يحصرها ضمن نطاق ضيّق، فحكاية بطل رواية (جسور متداعية) هي حكاية كلّ شاب عماني تفتّح وعيه في الستينيات، وعاش تلك الأحداث التي انتهت بإشراقة فجر جديد أطلّ على عُمان.

رواية مكتوبة بلغة فيها الكثير من السلاسة والجمل الشاعرية المبنيّة بإحكام، فتشدّ القارئ، وتجعله يتابع الأحداث حتى نهاية الرواية. فالسيّابي يحرص على مدّ جسور مع القارئ، ذات أسس متينة، وهو يروي لهم حكاية وطن.

مقالات مشابهة

  • وفاة المرجع الديني الشيخ محمد مهدي الخالصي
  • افرام: ما يجري اليوم يعيدني إلى مشهد عام 1973
  • معرض جديد في اللوفر يكشف ملامح "اليمن المنسي" ويعيد إحياء أسطورة العربية السعيدة (ترجمة خاصة)
  • رئيس حي شمال الغردقة يتفقد شارع الحجاز استجابة لشكاوى الأهالي
  • لجنة الحكام تعلن أطقم الجولة الرابعة عشرة من الدوري الممتاز
  • هيئة الكتاب تصدر ديوان مرآتان لوجه واحد للشاعر عدنان الصائغ
  • انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب بشعار عاصمة الثقافة.. وطن الكتاب
  • جهاد حرب: الحكومة الإسرائيلية تعيش على الحرب وتواصل الاغتيالات والتدمير في لبنان
  • بحضور اللواء طارق نصير.. حماة الوطن ينظم مؤتمرا لدعم مرشحه بالقليوبية |صور
  • جسور «السيابي».. حكاية وطن