صيدا– بعيون يغمرها القلق وصوت يشوبه الخوف، تروي أم علاء تجربتها المؤلمة في التكيّف مع قسوة النزوح في لبنان ورعاية الأطفال، وتقول للجزيرة نت "نحاول التأقلم، لكن الوضع صعب جدًا، خصوصًا على طفلي الوحيد، ابني علاء، الذي يبلغ من العمر سبع سنوات. كان يعيش حياة هادئة وآمنة، لكن فجأة، تغير كل شيء معه وحوله".

بعد قيام إسرائيل بتوسيع غاراتها الجوية بقصف واستهداف القرى، غادرت العائلة منزلها في مرجعيون، ومنذ ذلك الحين لم يعد علاء كما كان، كما تقول الأم بصوت متقطع، وهي تحاول كبح دموعها، وتضيف "علاء أصبح أكثر انطواء. في البداية كان يسألني كل ليلة متى سنعود إلى المنزل، لكن مع مرور الوقت توقف عن السؤال، وكأنه فقد الأمل".

تستعيد الأم بحسرة ذكريات علاء قبل الحرب، حين كان يلعب بلا قلق مع أصدقائه أمام منزلهم، أما اليوم، فحتى الأصوات البسيطة، كصوت إغلاق الأبواب، تثير في داخله خوفا عميقا. وتتابع متنهدة "أحاول دائما طمأنته وأخبره أن الأمور ستتحسن، لكن الخوف ما زال يملأ عينيه كل ليلة، لم يعد ينام جيدا، ويستيقظ أحيانا باكيا من الكوابيس".

يقدم متطوعون أنشطة ترفيهية للأطفال داخل مراكز إيواء النازحين بهدف تخفيف مشاعر الذعر لديهم (الجزيرة) حلم بسيط

الآن، تعيش العائلة في مركز الإيواء الرسمي المختلط في صيدا، وتقول أم علاء بأسًى "حتى في اللحظات التي يحاول فيها اللعب، ألاحظ أنه يظل يراقب بحذر، وكأنه ينتظر وقوع شيء سيئ".

ورغم كل الصعاب، ترتسم على وجهها ابتسامة خفيفة وهي تقول "هنا، يقدمون له بعض الأنشطة التي تساعده قليلا على تخفيف القلق واستعادة جزء من فرحته، كل ما أتمناه هو أن يشعر علاء بالأمان مرة أخرى، أن ينام دون خوف، وأن يستعيد طفولته التي سلبتها الحرب، حلمي بسيط.. أن نعود إلى بيتنا".

مع تصاعد رقعة العدوان المستمر وتأثيره المباشر على البلدات الحدودية في جنوب لبنان، شهدت مدينة صيدا موجة نزوح كبيرة، مما أدى إلى تحويل العديد من مدارسها إلى مراكز إيواء مؤقتة.

ولا تقتصر الجهود في هذه المراكز على توفير الاحتياجات الأساسية من غذاء ومأوى، بل تمتد لتشمل تقديم الدعم النفسي، خاصة للأطفال الذين يعانون من آثار الصدمات العميقة جراء الظروف القاسية التي يمرون بها في ظل الحرب الضروس.

وفي المركز ذاته، يعمل فريق من المتطوعين على تنظيم أنشطة يومية موجهة للأطفال بهدف مساعدتهم على التكيف مع الوضع الحالي والتخفيف من التوتر الذي يرافقهم.

ويشير رئيس جمعية ناشط الثقافية الاجتماعية الدكتور ظافر الخطيب للجزيرة نت، إلى وجود أطفال من العائلات النازحة تعرضوا لصدمات نتيجة الحرب والنزوح السريع.

وأوضح الخطيب أن من واجبهم العمل على تهيئة الأطفال وتحسين أوضاعهم النفسية، لمساعدتهم في التكيف مع الواقع الحالي، بعدما ابتعدوا عن بيوتهم وانتقلوا إلى أماكن تفتقر إلى احتياجاتهم الأساسية.

ويضيف أنه من المهم أيضا تخفيف الضغوط عن العائلات، التي تعيش ظروفا صعبة وتتعرض لضغوط نفسية نتيجة المعاناة اليومية، وأشار إلى أن هدفهم كان تقليل معاناة هذه العائلات من خلال تنظيم أنشطة يقوم بها متخصصون في الدعم النفسي والاجتماعي والترفيهي للأطفال في الجمعية، مبينا أن هذا العمل يتم يوميا، بدءًا من الصباح وحتى بعد الظهر.

يعيش أطفال النازحين من الجنوب اللبناني في حالة من الذعر والخوف نتيجة النزوح تحت القصف (الجزيرة) تحسن كبير

وتوضح مسؤولة الأنشطة في مركز الإيواء، نبال عبد السلام أنه "منذ اليوم الأول كنا إلى جانب الأطفال، ونعمل على تخفيف الضغط النفسي عنهم من خلال أنشطة ترفيهية متنوعة، لقد لاحظنا تحسّنا كبيرا في حالتهم النفسية، فقد بدؤوا يشعرون بالسعادة تدريجيا وبدأت آثار الضغوط تنحسر".

وتقول جنى، إحدى المتطوعات في الدعم النفسي "هدفنا هو إبعاد الأطفال عن أجواء الحرب والعنف، ومنحهم مساحة للتعبير عن أنفسهم". وتضيف أن الأنشطة تشمل وُرشا تعليمية وترفيهية مثل الرسم والغناء والألعاب الجماعية، وهي وسائل فعالة لتخفيف التوتر وتحسين الحالة النفسية للأطفال.

ومن جهتها، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من أن التصعيد الخطير للصراع في لبنان قد أدى إلى تدهور حاد في أوضاع الأطفال واحتياجاتهم، حيث تفوق سرعة التدهور قدرة الوكالات الإنسانية على الاستجابة الفورية عبر التدخلات المنقذة للحياة.

وتقدر يونيسيف أن أكثر من 300 ألف طفل قد نزحوا من منازلهم، بينما تعاني الأسر النازحة من نقص حاد في الوصول إلى المياه والغذاء، بالإضافة إلى الأغطية واللوازم الطبية الأساسية. ويعيش هؤلاء الأطفال في ظروف مروعة، يواجهون مشاعر الخوف والقلق وسط الدمار والموت، مما يعرضهم لصدمات نفسية قد تؤثر عليهم مدى الحياة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الدعم النفسی

إقرأ أيضاً:

«أمهات مصر»: 93% من أولياء الأمور يؤيدون منع السوشيال ميديا للأطفال أقل من 16 عامًا

قالت عبير أحمد، مؤسس اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم وائتلاف أولياء الأمور، إن نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه الاتحاد بشأن قرار أستراليا بمنع الأطفال دون 16 عامًا من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أظهرت اهتمامًا كبيرًا من الأسر المصرية بقضية حماية الأبناء من التأثيرات السلبية للسوشيال ميديا.

وأوضحت عبير، في تصريحات صحفية، أنها طرحت سؤالًا مباشرًا على أولياء الأمور عبر صفحة الاتحاد على فيسبوك، نصّه: بعد ما أستراليا قررت تمنع الأطفال اللي أقل من 16 سنة من استخدام السوشيال ميديا، هل تتفق مع إن القرار ده يتطبق عندنا كمان؟

وقالت إن العشرات من أولياء الأمور تفاعلوا مع السؤال، مقدمين آراء متنوعة تعكس حجم القلق المتزايد من الاستخدام غير المنضبط للتكنولوجيا بين الأطفال والمراهقين.

وأضافت عبير أن نتائج التصويت أظهرت تأييد 93% لتطبيق قرار مماثل في مصر، معتبرين أن المنع يحمي الأطفال ويحد من آثار السوشيال ميديا السلبية، بينما فضّل 7% الاكتفاء بالرقابة والتنظيم بدلًا من المنع الكامل.

وأشارت إلى أن التعليقات التي وردت حملت دلالات مهمة، حيث قالت إحدى الأمهات: ياريت طبعًا، وياريت كمان يتحجب المواقع الإباحية والتيك توك للولاد من 16 لـ21 سنة"، في إشارة إلى التخوف من المحتويات الضارة المنتشرة عبر الإنترنت.

فيما علّقت أخرى: الممنوع مرغوب واللي هنمنعه بإرادتنا هيتشاف من ورانا، أؤيد الرقابة، مؤكدة ضرورة التوعية جنبًا إلى جنب مع أي إجراءات جديدة.

كما قالت ولية أمر أخرى: ياريت بس للأسف المنظومة بقت مربوطة بكل حاجة على التليفون الواجب على جروب الواتس والتقييم على التليفون، طول عمرنا بنتعلم بالورقة والقلم".

فيما دعت أخرى إلى منع استخدام التابلت والموبايل في المدارس والجامعات" اعتراضًا على الإفراط في الاعتماد على الأجهزة الإلكترونية داخل العملية التعليمية.

وأضافت ولية أمر: أؤيد طبعًا وبشدة بس إزاي والتعليم أصلاً بقى مرتبط بالنت والسوشيال ميديا؟"، مشددة على ضرورة توفير بدائل قبل تنفيذ أي قرار.

وأكدت عبير أحمد أن هذه الآراء تعكس واقعًا متنوعًا تعيشه الأسر المصرية في التعامل مع التكنولوجيا، مشيرة إلى أن الاتحاد سيستمر في طرح مثل هذه القضايا والعمل على رفع الوعي الرقمي داخل المجتمع.

وشددت على أن متابعة استخدام الأبناء للتكنولوجيا أصبحت ضرورة ملحّة في ظل التطور السريع للعالم الرقمي، مؤكدة أهمية التوعية المستمرة بطرق الاستخدام الآمن وكيفية حماية الأطفال والمراهقين من المحتويات الضارة، حتى تبقى التكنولوجيا وسيلة للتعلم والتطور، لا مصدرًا للتأثيرات السلبية.

اقرأ أيضاًخطر يهدد أبنائنا.. «أمهات مصر للنهوض بالتعليم» يحذر من لعبة «الجولة»

أمهات مصر: التعليم الفني يدخل مرحلة دولية جديدة بشراكة قوية مع إيطاليا

مقالات مشابهة

  • فوائد غير متوقعة للأنظمة الغذائية النباتية للأطفال
  • دراسة: 6 فوائد مشروطة للأنظمة الغذائية النباتية للأطفال
  • المنخفض الجوي يحوّل مراكز الإيواء في غزة إلى كارثة إنسانية
  • مئات آلاف النازحين في غزة مهددون بالغرق وسط نقص مواد الإيواء
  • المرور يكشف الحالات التي تتطلب تخفيف السرعة أو إيقاف المركبة 
  • النيابة تواجه مدرب المنصورة المعتدى على الأطفال بـ200 فيديو صورها
  • أفضل طرق لتدفئة الأطفال في برد الشتاء
  • القبض على مدرب بمحاولة الاعتداء على الأطفال بأكاديمية كرة قدم
  • «أمهات مصر»: 93% من أولياء الأمور يؤيدون منع السوشيال ميديا للأطفال أقل من 16 عامًا
  • المجلس النرويجي: لابد من تجهيز مناطق الإيواء لإنقاذ حياة 1.29مليون غزاوي