في تشريح ديسمبر
1
كانت ديسمبر خريف للدولة السودانية وربيع للجنجويد؛ لحظة غفلة تجلت فيها كل معالم الثورة الملونة التي كانت تُحضَّر في الظلال لسنوات عديدة، مستغلة أوضاع البلاد الهشة وغياب الرؤية لدى ضباط الإنقلاب على البشير .

ديسمبر كشفت عن وجه جديد للمعركة، معركة لا تكتفي بإسقاط الأنظمة بل تستهدف النيل من أسس الدولة وطمس هويتها.

من يعجز عن فهم هذا السياق التاريخي العميق ومآلاته الخطيرة، فلا خير يُرتجى منه، ولا مكان له في معترك الوعي الذي يتطلب إدراكًا شاملاً لتشابك المصالح الدولية والإقليمية .
ديسمبر كانت جزءًا لا يتجزأ من مشروع “قريش 1 و 2 و 3″، المشروع الذي لم يكن يهدف فقط إلى إسقاط النظام، بل إلى تفكيك البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للسودان، ودفعه نحو الفوضى المدمرة.

ديسمبر كانت مشهدًا لحضور السفراء الأجانب بعرباتهم الفارهة لتركن في قلب العملية السياسية ، (تسابيح) الجنجويد التي تتحرك بلا رقيب ولا حسيب، تصول و تجول كأنها صاحبة الأرض والقرار. في تلك اللحظة، انهارت السردية الوطنية، وتلاشت هيبة الدولة تحت أقدام قوى لا تعترف بسيادة ولا تاريخ .

ديسمبر لم تكن ثورة للشعب كما تم تصويرها، بل كانت شرًا محضًا، مغلف بسذاجة صافية، يتقدم على طريق معبّد إلى الجحيم؛ طريق يزخر بآمال زائفة وشعارات جوفاء لا تحمل أي مضمون سوى الوهم.

ديسمبر كانت هفوة الحرس النهري القديم ، والدرجة الأخيرة في مخطط “العطاوة” لإقامة دولتهم الموعودة على حساب شعوب النيل .

كانت ديسمبر نقطة تحول لم تُستوعب أبعادها بالكامل إلا بعد فوات الأوان، تبين أن الأمل كان مجرد طعمٍ لمرحلة جديدة من الصراع، صراع تجلت فيه أطماع المليشيات الإرهابية العنصرية في بيوتنا و اموالنا و اعراضنا ، بل و حتى حقنا في الوجود.
2
يبدو أن عامًا ونصف من الحرب لم يكونا كافيين لعلاج هذا “المرض الديسمبري”، وكأننا أمام متلازمة نقص المناعة الفكرية المزمنة، متلازمة أدت بهؤلاء “الديسمبريين” إلى فقدان البصيرة والمناعة ضد أكاذيب قحت والقدرة على التساؤل وإعادة النظر في كل ما فات، رغم كل ما حصل من دمار ودماء.

أنهم غير قادرين على إدراك الواقع ، ولم يتعلموا من أخطاء الماضي، بل هم مستمرين في غيّهم وعنادهم، و لكن هذه المرة ليس من باشدار و القندول و الحرية ، بل من فيصل و المهندسين و الهرم .. و من صفوف المفوضية في أكتوبر .

عبد الرحمن عمسيب

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

تحضيرات لإعداد الموازنة العامة للدولة للأشهر المتبقية من السنة المالية 2025

دمشق-سانا

عقدت اللجنة الاستشارية في وزارة المالية اليوم اجتماعاً في مبنى الوزارة، استعرضت خلاله أرقام النفقات والإيرادات المقدرة، بما يتماشى مع أولويات السياسة المالية للمرحلة المقبلة، وذلك في إطار التحضيرات لإعداد الموازنة العامة للدولة، للأشهر المتبقية من السنة المالية 2025.

وتناول الاجتماع الذي ترأسه نائب وزير المالية محمد أبازيد، مراجعة التصنيفات الإدارية والاقتصادية للموازنة، بهدف تحسين كفاءة توزيع الموارد، وتعزيز الشفافية في الهيكل المالي، بما يسهم في تحقيق التوازن المالي، وضمان استدامة النمو الاقتصادي.

حضر الاجتماع معاون وزير المالية لشؤون الموازنات والسياسات المالية صالح العبد، ومدير هيئة التخطيط والتعاون الدولي محمد الأتاسي، ومديرة الموازنة رانيا التغلبي، ومدير المؤسسات الاقتصادية محمد البكور.

تابعوا أخبار سانا على 

مقالات مشابهة

  • تحضيرات لإعداد الموازنة العامة للدولة للأشهر المتبقية من السنة المالية 2025
  • فينيسيوس يودع لوكا مودريتش: كانت كرة القدم التي تقدمها فنا
  • ما الدولة التي تراهن عليها أميركا للتحرر من هيمنة الصين على المعادن النادرة؟
  • الخزي والخذلان للجنجويد والقحّاطة ومن مشى في ضلالهم
  • الحشيمي من دار الفتوى: لبنان يحتاج إلى قرار سياسي سيادي يعيد للدولة هيبتها
  • الرئيس السيسي: نتيح المشروعات للقطاع للقطاع الخاص بعد تجهيز البنية التحتية للدولة
  • منصور بن زايد: دعم القطاع الصناعي الوطني أولوية إستراتيجية للدولة
  • وزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد الشيباني في تغريدة عبر X: ما جرى في الثامن من ديسمبر هو إنجاز سوري بامتياز، جاء ثمرة لصمود شعب دفع ثمناً باهظاً في سبيل حريته وكرامته، رغم حجم الخذلان الذي تعرض له
  • أحمد موسى: الدولة تركز على الصناعات وخاصة في مجالات السيارات
  • خبير اقتصادي: معدلات البطالة أصبحت فى حدود ما بين 6.5 إلى 6.7%