فيضانات ليبيا.. سبب فضائي منحها هذه القدرة التدميرية الكبيرة
تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT
لم تشهد ليبيا في تاريخها فيضانات مثل تلك التي وقعت في سبتمبر/أيلول من العام الماضي وتسببت في انهيار سدين مائيين، الأمر الذي دفع خبراء حول العالم إلى الاهتمام بمحاولة استكشاف الأسباب التي أدت إلى هذا المشهد المدمر، وكانت المفاجأة في الدور المهم الذي لعبته قوة فضائية في هذا الحدث المتطرف، وهي "الأشعة الكونية المجرية".
وهذه الأشعة هي جسيمات عالية الطاقة تنشأ من خارج نظامنا الشمسي، ومعظمها من بقايا انفجارات المستعرات الأعظمية وغيرها من الأحداث النشطة في المجرات البعيدة، وتتكون في المقام الأول من البروتونات والإلكترونات والنوى الذرية التي تنتقل عبر الفضاء بسرعة الضوء تقريبا، وعندما تصل إلى الأرض تتفاعل مع الغلاف الجوي، مما يتسبب في التأين والتفاعلات الثانوية المختلفة.
وبحثت الدراسة المنشورة في دورية "جورنال أوف أتموسفيرك آند سولار- ترستريال فيزيكس" -والتي أجراها فريق بحثي من قسم العلوم البيئية بمعهد الغابات في الجامعة الريفية الفدرالية بالبرازيل- العلاقة بين تدفق هذه الأشعة ودرجة حرارة سطح البحر وهطول الأمطار أثناء العاصفة المتوسطية "دانيال" في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، والتي بدأت فوق اليونان، مما أدى إلى أضرار واسعة النطاق، واشتدت مع تحركها نحو ليبيا، إذ تسببت في فيضانات كارثية، خاصة في مدينة درنة.
ومن المعروف منذ فترة طويلة أن الأشعة الكونية المجرية تتفاعل مع الغلاف الجوي للأرض، وتؤدي هذه التفاعلات إلى تكوين نوى التكثيف، وهي جزيئات صغيرة تعزز تكوين السحب من خلال السماح لبخار الماء بالتكاثف إلى بلورات جليدية على ارتفاعات عالية.
ويقول الباحث في معهد الغابات بالجامعة الريفية الفدرالية في البرازيل رونابسون كاردوسو فرنانديز والمشارك بالدراسة في تصريحات خاصة للجزيرة نت "بينما لا تنتج الأشعة الكونية المطر بشكل مباشر فإنها تزيد عدد نوى التكثيف، مما يسمح لسحب العاصفة بتخزين المزيد من المياه وتكثيف هطول الأمطار".
ومن خلال تحليل بيانات السلاسل الزمنية للأشعة الكونية المجرية وتقديرات هطول الأمطار ودرجة حرارة سطح البحر للفترة بين الأول من سبتمبر/أيلول 2023 والـ11 من الشهر نفسه وجد فرنانديز ورفاقه ارتباطا قويا بين تدفق الأشعة الكونية المجرية وهطول الأمطار الشديدة خلال الفترة المذكورة، مما يشير إلى أن الطقس الفضائي ربما لعب دورا رئيسيا في حجم العاصفة "دانيال".
ورصد الباحثون أيضا في دراستهم كيف كان للأشعة الكونية تأثير على درجة حرارة البحر وانعكاس ذلك على حجم العاصفة وشدتها، إذ تتفاعل الأشعة الكونية المجرية التي تأتي من الفضاء الخارجي مع الغلاف الجوي، مما يزيد تكوين السحب، وتعكس هذه السحب الإضافية ضوء الشمس بعيدا عن مياه البحر، مما يتسبب في تبريد سطح البحر قليلا.
وقبل العاصفة كان البحر دافئا بالفعل، وتوفر المياه الدافئة الطاقة للعواصف من خلال التسبب في تبخر المزيد من المياه، ويضيف هذا التبخر الكثير من الرطوبة إلى الغلاف الجوي، مما يساعد العواصف على إنتاج المزيد من الأمطار.
ويقول فرنانديز إنه "على الرغم من أن الأشعة الكونية بردت البحر قليلا فإن الماء كان لا يزال دافئا بما يكفي لتغذية العاصفة بالرطوبة، وساعد الجمع بين الغطاء السحابي الإضافي (الناجم عن الأشعة الكونية) والمياه الدافئة في تكوين سحب عاصفة أقوى، مما أدى إلى هطول أمطار غزيرة".
ولتقريب الأمر، يمكن التفكير في الغلاف الجوي كمطبخ، إذ يتم "طهي" المطر، وتكون الأشعة الكونية المجرية هي الطهاة الذين يساعدون في تحضير المكونات (جسيمات صغيرة في الهواء)، في حين أن درجة حرارة سطح البحر تشبه حرارة الموقد، وعندما يكون الموقد دافئا جدا يمكنه "طهي" الكثير من المطر، خاصة عندما يعمل الطهاة أيضا بجد لإضافة المزيد من المكونات، وأدى هذا المزيج إلى هطول أمطار غزيرة تسببت في فيضانات هائلة بكل من اليونان وليبيا.
وأوضحت الدراسة مسؤولية كل عنصر من العناصر عن هذا الحدث المدمر في اليونان وليبيا، إذ كان للأشعة الكونية المجرية تأثير بنسبة 60.52% على هطول الأمطار، وكان لدرجات حرارة سطح البحر تأثير بنسبة 34.53% في اليونان، أما في ليبيا فكان تأثير الأشعة الكونية المجرية 33.71% ودرجة حرارة سطح البحر 65.96%.
ويحذر فرنانديز من أنه "مع ميل الأحداث المتطرفة إلى الزيادة في المستقبل يميل عمل الأشعة الكونية المجرية إلى تكثيف هذه الأحداث بشكل أكبر، ليس في ليبيا واليونان وحدهما، ولكن في مناطق متعددة من العالم".
ويقول "على عكس تغير المناخ -الذي يرتبط بالأنشطة البشرية- تأتي الأشعة الكونية من الفضاء، لذلك فإنها تضيف عاملا إضافيا يكثف الطقس المتطرف منفصلا عن تغير المناخ، فعلى سبيل المثال أظهر بحث جديد لفريقنا البحثي لا يزال قيد التقييم أن تأين الهيدروجين بواسطة الأشعة الكونية المجرية ساهم في تحمض هطول الأمطار في تايوان، ومع زيادة تلوث الهواء ستكون الأمطار الحمضية أكثر تواترا".
ويضيف فرنانديز "دراستنا تسلط الضوء على الحاجة إلى تضمين بيانات الأشعة الكونية في نماذج التنبؤ بالطقس والمناخ المستقبلية، إذ لا تأخذ النماذج الحالية في الاعتبار تدفق الأشعة الكونية، فنحن نبني معادلة يمكن استخدامها عالميا لتحسين التنبؤات بالأحداث الجوية المتطرفة مثل تلك التي شهدناها في اليونان وليبيا".
أكثر أهمية من أي وقت مضىوتدعم هذه الدعوة دراسات سابقة، مثل تحليل أجري عام 1998 لهطول الأمطار الشديدة في شمال شرق البرازيل، والذي وجد أيضا علاقة قوية بين تدفق الأشعة الكونية ودرجة حرارة سطح البحر وهطول الأمطار، كما يوضح فرنانديز.
ومع زيادة تغير المناخ بالفعل وتسببه في الأحداث الجوية المتطرفة فإن فهم كيفية تفاعل الطقس الفضائي -مثل تدفق الأشعة الكونية المجرية- مع الغلاف الجوي للأرض أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى.
ويؤكد فريق البحث أن الأشعة الكونية المجرية -التي تتأثر بالنشاط الشمسي، وليس تغير المناخ- يمكن أن تزيد شدة العواصف المستقبلية.
ويقول فرنانديز "هذه الظاهرة لا تقتصر على البحر الأبيض المتوسط، إذ تؤثر الأشعة الكونية المجرية على الطقس في جميع أنحاء العالم، ويجب اعتبارها عاملا رئيسيا في التنبؤ بالأحداث المتطرفة والوقاية من الفيضانات وإدارة موارد المياه".
من جانبه، يشيد كارم عبد المحسن الباحث في العلوم الجيولوجية والبيئية بجامعة غرب ميشيغان وجامعة ولاية أريزونا بهذه الدراسة، والتي تقدم -برأيه- إساهما مهما في دراسة تأثير الأشعة الكونية على تكوين نوى التكثيف والأحداث الجوية المتطرفة.
ويقول عبد المحسن للجزيرة نت "تظهر الدراسة ارتباطا قويا بين تدفق الأشعة الكونية ودرجة حرارة سطح البحر، مما يعزز الفهم العلمي لأنماط الطقس ويبرز الآليات الفيزيائية المعقدة وراء هذه الظاهرة".
ويؤكد على أن هذا البحث يشير إلى احتمالات تأثير الأشعة الكونية على الطقس المستقبلي في ظل التغيرات المناخية، إذ لا تأخذ نماذج المناخ في الاعتبار تدفق الأشعة الكونية المجرية كسبب في أحداث هطول الأمطار المتطرفة.
ويضيف "في تقديري، هذا البحث يمثل دعوة علمية لإدراج الأشعة الكونية المجرية كمتنبئات بالطقس والمناخ في الماضي والحاضر والمستقبل، كونها مهمة في فهم هذه الأحداث التي قد يكون لها تأثير سلبي على توليد الطاقة المتجددة وحدوث الفيضانات المدمرة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات هطول الأمطار تغیر المناخ المزید من بین تدفق
إقرأ أيضاً:
الإفتاء توضح كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر
كتب- حسن مرسي:
أجاب الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال حبيبة من القليوبية، والتي سألت عن جديها الذي تملكه مع أخيها، وهل يجوز أن يكون الجدي نذرًا.
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامية زينب سعد الدين، ببرنامج "فتاوى الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس: "إذا نذرتِ لله تعالى أن تذبح هذا الجدي الصغير، فهذا جائز ويجزئ، لكن إذا نذرتِ أن تذبح بقرة أو جمل، فلا يجوز أن تنزل إلى أقل من ذلك مثل الجدي أو الماعز الصغير، بل يجب الوفاء بالنذر كما نذرتِه".
وأضاف الشيخ محمد كمال أن النذر عبادة شرعية مرتبطة بالوفاء، لكن الشريعة تعطي تسهيلات لمن لا يستطيع الوفاء به، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه"، وأوضح أنه إذا لم يستطع الشخص الوفاء بالنذر، فعليه كفارة النذر وهي إطعام عشرة مساكين، وإن لم يستطع إطعامهم يصوم ثلاثة أيام، وهذا الصوم بديل تتابعي للكفارة.
وشدد على أن النذر يجب أن يكون بصدق ووعي، ولا يُستحب أن يطلق الإنسان نذرًا على سبيل التهديد أو التمنّي، لأن الفقهاء وصفوا النذر بأنه "فعل البخيل"، أي أن الإنسان يطلب شيئًا مقابل شيء، وهذا غير محبذ.
وأكد الشيخ محمد كمال أن الأصل في الشكر أن يشكر الإنسان ربه بطرق مختلفة متاحة له، مثل الذبح أو الصيام أو الصدقة، ولا يلزم أن يقيد نفسه بالنذر حتى لا يوقع نفسه في مشكلة عدم القدرة على الوفاء.
وتابع: "لذا من الأفضل أن يكون الشكر لله بدون نذر، وأن يلتزم الإنسان بما يقدر عليه من طاعة وعبادة، لأن الله يحب العبد التقي الحكيم".
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
الشيخ محمد كمال دار الإفتاء المصرية فتاوى الناس النذر كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذرتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
أخبار
المزيدالثانوية العامة
المزيدإعلان
الإفتاء توضح كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
37 26 الرطوبة: 25% الرياح: شمال غرب المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب الثانوية العامة فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك