اعتزال نادال يترك فجوة في ملاعب التنس
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
لا يهم عدد المرات التي تمكن فيها لاعب التنس الإسباني رافاييل نادال من لعب الضربة الأمامية بقوة لتنطلق وتسقط على الخط وإلى الزاوية، وكان يبدو دائماً أنه حقق شيئاً مستحيلاً.
كان بإمكان نادال، الذي قرر اعتزال التنس بعمر 38 عاماً الخميس الماضي، أن ينفذ الضربة، التي تميز بها، من أي مكان، حيث يقفز حول الملعب ليطلق ما يمكن أن يكون أقوى سلاح في تاريخ التنس.
Clay court King ????
Rafael Nadal has announced he will retire from tennis at the end of the year. pic.twitter.com/RY4vtjo2vD
وبينما تمكن الصربي نوفاك ديوكوفيتش من تخطي نادال من حيث الأرقام، فإن غرفة الجوائز في الأكاديمية التي تحمل اسمه هي شهادة على مسيرته الاستثنائية.
ولكن بالطبع، أكثر ما يدعو للفخر هو حصوله على 14 لقباً في بطولة فرنسا المفتوحة للتنس. كان نادال مهيمناً للغاية في رولان جاروس.
بداية من الفوز بأول ألقابه، عندما كان شاباً لديه شعر طويل وكان يرتدي قميصاً بدون أكمام وشورت يصل إلى الركبة، خسر نادال ثلاث مباريات فقط على مدار الـ17 عاماً التالية.
ومع ذلك، أظهر سريعاً أن أي شخص يضعه في صندوق مكتوب عليه "متخصص في الملاعب الرملية" كان مخطئاً بشدة.
ولم يفز أي رجل ببطولتي فرنسا المفتوحة وويمبلدون على التوالي منذ أن فعل هذا بيورن يورج، ولكن بعد الخسارة في نهائيات متتالية أمام السويسري روجيه فيدرر في بطولة ويمبلدون، حقق نادال نفس الإنجاز في 2008 في أعظم مباراة بينهما.
وتلخص عظمة نادال القوة العقلية التي أظهرها اللاعب الإسباني بعد أن فقد تقدمه بمجموعتين ليفوز بالمجموعة الخامسة 9-7 في لندن.
Rafael Nadal - Mr. F*cking Grand Slam. pic.twitter.com/KvZelKfxW2
— ً (@nadalprop_) October 11, 2024لم يظهر نادال أبدا اهتمامه بنقطة الفوز أو الخسارة، بل لعب كل كرة بجدارة ولعب في كل مباراة بنفس الشراسة والشدة.
ولكن نادال المحارب كان مبنياً على أسس متينة، وكان مختلفاً تماماً عن الرجل العصبي الذي لا يحب شيئاً أكثر من قضاء أيام هادئة مع عائلته وأصدقائه في منزل بمانكور، مايوركا.
وكانت طقوسه قبل المباراة، والتوتر الواضح في الطريقة التي يرتب بها زجاجات المياه واختياره للشورت، وشكل وجهه قبل كل نقطة، طريقة لتحويل نادال الشخص إلى نادال اللاعب.
لم تكن هناك مفاجأة في اختيار نادال لمسيرة رياضية بالنظر لخلفيته. عمه، ميجيل أنخل، كان لاعباً مشهوراً في كرة القدم مع برشلونة، ولكن عمه الآخر توني، هو الذي شكل مستقبله.
كان توني يدرب الأطفال في نادي التنس المحلي وعندما أتم نادال عامه الرابع التحق بالحصص التدريبية. لم يكن هناك أفضلية.
بل على العكس تماماً، نادال تذكر أن توني كان يقسو عليه عن أي طفل آخر، وبالتأكيد، تصميم المدرب على بناء القدرة على التحمل لدى قريبه الصغير أتى بثماره.
كان الانضباط هو حجر الأساس لدى عائلة نادال، ولم يقم اللاعب الإسباني من قبل بإلقاء مضربه بغضب خلال مسيرته، بعد أن توني غرس فيه أهمية تقدير ما لديه.
ظلت الأمور كما هي حتى بعدما أصبح نادال هو المصنف الأول على العالم وكان يحقق أشياء لم يسبق لأي لاعب آخر تحقيقها.
الحديث مع توني بشأن أحدث أرقام نادال القياسية كان دائماً ما يسفر عن نفس الإجابة: "ابن أخي ليس مميزاً. إذا كان بإمكانه فعل هذا، يمكن للآخرين فعله أيضاً".
التواضع الدائم كان أحد السمات التي ميزت نادال، حتى لو ظهر في بعض الأحيان منزعجاً من التقليل المستمر من نجاحه.
وانضم كارلوس مويا، المصنف الأول على العالم سابقاً- أشهر لاعب تنس في مايوركا- للفريق التدريبي لنادال في 2016 وفي فبراير (شباط) التالي أعلن توني أنه لن يصبح مدرباً لإبن إخيه، وبدلاً من ذلك سيركز على إدارة أكاديمية نادال في مسقط رأس العائلة.
في ذلك الوقت، كان يبدو أن أفضل سنوات نادال انتهت. وكان لمعاركه المستمرة مع جسده تأثير كبير على إيمانه بذاته، ولم يفز بأي بطولة من البطولات الأربع الكبرى منذ تتويجه ببطولة فرنسا المفتوحة في 2014.
ولكن اتضح أن مويا هو الرجل المناسب في التوقيت المناسب، حيث شجع نادال على دخول الملعب والثقة بنفسه كقوة هجومية، وساعده على استعادة الثقة في ذاته.
وتمكن نادال من الفوز بثمانية ألقاب في البطولات الأربع الكبرى، وأكد على هيمنته في بطولة رولان جاروس، وفاز بلقبين إضافيين لبطولة أمريكا المفتوحة ليرفع رصيد ألقابه في البطولة إلى أربعة ألقاب.
وبفوزه ببطولة فرنسا المفتوحة في 2020، عادل نادال ألقاب غريمه التقليدي فيدرر في البطولات الأربع الكبرى، حيث توج بلقبه الـ20 في بطولات الجراند سلام، قبل أن ينضم لهما ديوكوفيتش.
وبينما بدأت معاناة نادال، ليس بسبب ركبتيه ولكن بسبب مشكلة مزمنة في القدم كان قادراً على التعايش معها طوال مسيرته، وكان يبدو أن النهاية اقتربت في عام 2021.
وظهر نادال في بطولة أستراليا المفتوحة في يناير (كانون الثاني) 2022 ولم يكن يعلم كيف سيتحمل جسدياً، ولكنه حقق أروع انتصار في مسيرته، حيث توج بلقب البطولة في ملبورن للمرة الأولى في 13 عاماً.
تبعها فوز نادال ببطولة فرنسا المفتوحة رغم أن قدمه تسببت له بألم كبير حتى أنه غادر باريس على عكازين. كما فاز أيضاً ببطولة ويمبلدون مرتين. ويعد نادال يعد واحداً من أربعة رجال فازوا بالبطولات الأربع الكبرى على الأقل مرتين- بالإضافة أيضاً لحصوله على الميدالية الذهبية الأولمبية في منافستي الفردي والزوجي كما توج خمس مرات ببطولة كأس ديفيز مع إسبانيا.
امتداد مسيرته حتى أواخر الثلاثينات من عمره تعد أحد أهم إنجازات نادال الملحوظة بالنظر للإصابات العديدة والضغط الواقع على جسده بسبب طبيعة اللعبة المرهقة.
بالطبع، لن تستمر مسيرته للأبد، ولا يوجد شك أن اعتزال نادل يترك فجوة في الرياضة وفي حياة ملايين الجماهير حول العالم.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية نادال نوفاك ديوكوفيتش فيدرر رافاييل نادال نوفاك ديوكوفيتش فيدرر بطولة فرنسا المفتوحة الأربع الکبرى فی بطولة
إقرأ أيضاً:
مصر تحت صدمة جرائم قتل ست الحبايب وسط فجوة حماية مخيفة
تشتعل قضية قتل الام - ست الحبايب - في مصر وسط واقع اجتماعي مأزوم يرفع منسوب الغضب الشعبي ويكشف مسارا متصاعدا من العنف داخل البيوت بعدما انفجرت خلال الشهور الاخيرة سلسلة وقائع دامية حطمت حدود الصدمة.
وفتحت باب الاسئلة الكبرى حول غياب الردع وتراجع مظلات الحماية وتخبط منظومة الامان الاسري في مواجهة جرائم تتجاوز حدود الاحتمال
حيث يشعل تصاعد حوادث قتل الام في مصر موجة غضب اجتماعي عارمة وسط أرقام مفزعة تكشف اتساع نطاق العنف الأسري وتراكم ثغرات قانونية وثقافية تهدد أمن النساء وتمس استقرار الأسرة المصرية
فيما تتوالى تقارير رسمية ترصد تطورا خطيرا في معدلات الجرائم خلال عامي 2024 و2025 على نحو يعيد فتح ملف الحماية القانونية والاجتماعية على مصراعيه ويضع المجتمع أمام مسؤوليات غير قابلة للتأجيل في مواجهة ظاهرة تتفاقم بصورة غير مسبوقة
يفتح اتساع حوادث قتل الام خلال عامي 2024 و2025 بابا واسعا لتحليل ظاهرة تتغلغل في المجتمع المصري وتتعمق جذورها داخل البيوت وسط مؤشرات رسمية تؤكد أن وتيرة جرائم العنف الأسري وصلت إلى مستويات خطيرة دفعت خبراء قانونيين واجتماعيين إلى التحذير من تداعياتها على الأمن الاجتماعي بعد تسجيل أعلى الأرقام وتحول عدة وقائع إلى جرائم بشعة تورط فيها أزواج وأقارب في محافظات مختلفة
عنف يتفاقم داخل الأسرة المصريةيرصد النصف الأول من 2025 تسجيل 120 جريمة قتل نساء على يد الزوج أو أحد أفراد الأسرة وفقا لبيانات مؤسسة إدراك للتنمية والمساواة وهو رقم يندرج ضمن موجة متصاعدة بدأت في 2023 بتوثيق 140 جريمة وقفزت في 2024 إلى 261 حالة قتل
ويشير هذا الصعود إلى ارتباط وثيق بين ضغوط الحياة اليومية وتكرار مشاهد قتل الام داخل الأسرة المصرية بعد أن تحولت الخلافات المالية إلى شرارة أولى لجرائم دامية لا تتوقف عند جيل أو فئة عمرية محددة
ثغرات قانونية تضعف الردعتكشف الوقائع أن غياب الردع الصارم يسهم في تكرار جرائم قتل الام رغم صدور أحكام إعدام في بعض القضايا إذ يرى حقوقيون أن الإجراءات القانونية الحالية لا تمنح النساء حماية كافية حيث يجري تقييد بلاغات التهديد أو الاعتداء باعتبارها إثبات حالة دون إجراءات رادعة
كما تبرز مواد قانونية مثل المادة 60 التي تستثني أفعالا ترتكب بنية حسنة عملا بحق مقرر والمادة 17 التي تمنح القاضي سلطة تخفيف العقوبة الأمر الذي يضعف التعامل مع جرائم العنف الأسري ويترك الضحايا دون حماية حقيقية
تحليل لأسباب اتساع الظاهرةتشير شهادات متخصصين اجتماعيين إلى أن التوتر الاقتصادي المتزايد داخل البيوت المصرية أطلق موجة كبيرة من العنف الأسري كان ضحيتها في الأغلب الأمهات
إذ تؤكد بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2021 أن نحو ثلث النساء تعرضن لعنف منزلي على يد الزوج ويقود هذا الواقع إلى تفجير خلافات بسيطة تتحول سريعا إلى جرائم قتل الام في ظل غياب آليات تدخل مبكر قادرة على وقف العنف قبل تطوره إلى مرحلة الخطر
جرائم صادمة تكشف عمق الأزمةتتوالى حوادث بشعة أبرزها قتل الزوجة طعنا أمام طفلتيها في الإسكندرية عقب خلاف حول النفقة وهي واقعة تعكس هشاشة الحماية الاجتماعية
كما شهدت مصر خلال الأشهر نفسها جرائم قتل لنساء وفتيات في القاهرة والإسكندرية والجيزة والشرقية والعياط وأبو النمرس تضمنت إطلاق نار وطعنا وخنقا وضربا مبرحا وصولا إلى إجبار فتاة قاصر على تناول أقراص سامة ودفنها دون تصريح في محاولة لإخفاء الجريمة وتوثق الإحصاءات تسجيل 1195 جريمة عنف ضد النساء منها 363 جريمة قتل و261 ارتكبها الزوج أو أحد الأقارب بما يشمل عددا ليس قليلا من حوادث قتل الام
سياسات حكومية ومبادرات غير مكتملةتنفذ الدولة منذ 2015 عدة استراتيجيات لمواجهة العنف ضد المرأة من بينها الاستراتيجية القومية للقضاء على العنف ضد المرأة ثم الاستراتيجية القومية لتمكين المرأة 2030
كما أطلقت شراكات دولية لتمويل برامج حماية ورغم هذه الخطوات تبقى الفجوات القانونية وتنفيذ القوانين أكبر التحديات في ظل زيادة عدد الجرائم وغياب قانون موحد لمناهضة العنف الأسري رغم طرح أكثر من مسودة في أعوام 2018 و2022 ومايو 2025 دون إقرار نهائي
جدل حول الإصلاح القانوني والوعي المجتمعيتتناول آراء متخصصين قانونيين أزمات التشريع التي تمنح هامشا لتخفيف العقوبات في جرائم العنف الأسري إضافة إلى ثقافة تبرر سيطرة الزوج أو الأب على قرارات النساء
وتعتبر العنف وسيلة تأديب وهي رؤية تفسر أحكام عقابية مخففة في بعض القضايا وتعزز مناخا معاديا للنساء على منصات التواصل الاجتماعي ما يسهم في استمرار الجرائم وتكرار سيناريوهات قتل الام
التحديات المتراكمة أمام الحماية الاجتماعيةتؤكد تقارير مؤسسات الرصد أن القاهرة سجلت أعلى نسب العنف بنسبة 32.7 تلتها الجيزة ب23.3 ثم القليوبية ب6 بينما وصلت النسبة في المنيا وسوهاج إلى 3.9 لكل منهما وتسجل الإسماعيلية أدنى نسبة 0.7%
ويكشف هذا التوزيع أن العنف بنية ممتدة داخل المجتمع وليس حوادث فردية مما يجعل مواجهة قتل الام مسؤولية قانونية ومجتمعية تتطلب تشريعات صارمة وآليات دعم فعالة ووحدات شرطة متخصصة لاستقبال البلاغات بشكل جاد
وتختتم الحقائق المتدفقة حول جرائم قتل الام المشهد المصري بإنذار حاد يكشف حجم الفجوة بين الواقع وتشريعات الحماية القائمة إذ يفرض هذا التصاعد الدامي إعادة تقييم جذرية لمنظومة الردع والدعم داخل الأسرة المصرية قبل أن تتسع دائرة الخطر وتتحول الظاهرة إلى نمط اجتماعي مستقر لا يمكن احتواؤه ما لم تتحرك مؤسسات الدولة والمجتمع بخطوات عاجلة لتأمين النساء وإعادة بناء الثقة في منظومة العدالة ومظلة الأمان الأسري.