جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-03@12:13:58 GMT

السنوار.. الفارس الذي رفع رأس العرب!

تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT

السنوار.. الفارس الذي رفع رأس العرب!

 

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

 

مرت الأمة العربية من المحيط إلى الخليج بخيبات أمل متعددة منذ نكسة يونيو 1967، عندما تعرضت الجيوش العربية لهزيمة شديدة في حربها مع إسرائيل، هذا الكيان السرطاني الخبيث الذي جمع يهود الشتات من الشرق والغرب، وخاصة أولئك الذين يعتنقون العقيدة الصهيونية المتطرفة؛ بهدف إبادة الشعب الفلسطيني وإقامة دولة عنصرية على أرضه، وبالطبع من خلفها الدول الغربية وعلى وجه الخصوص الثنائي الاستعماري بريطانيا وحليفتها أمريكا التي أحكمت سيطرتها على بلاد العرب؛ بهدف حماية إسرائيل والدفاع عنها من الشعوب؛ إذا ما تطلب الأمر ذلك.

لكن طوفان الأقصى المبارك قلب كل الموازين رأسًا على عقب، فقد كان اول ضحايا هذا الطوفان قذف أول سلاسل العار المعروفة بـ"صفقة القرن" في مزبلة التاريخ، فهذه فلسطين تعود من جديد إلى الصدارة والاعتراف بها من أكثر من 145 دولة من دول أعضاء المنظمة الدولية، بينما ينضم رئيس وزراء إسرائيل ووزير دفاعة إلى قائمة مجرمي الحرب في محكمة الجنائيات الدولية وهما الآن في قائمة الانتظار لصدور مذاكرات الاعتقال. وهكذا الأيام دول بين الناس؛ فالأمم القوية لا بد لها أن تنهض من النكسات والهزائم التي لحقت بها في الماضي بسبب التردي الذي كان نتيجة لأخطاء بعض الأنظمة العربية الرسمية.

وبالفعل، مثّل السابع من أكتوبر 2023، علامة فارقة في تاريخ الأمة الإسلامية قاطبة، وذلك عند ما تحقق النصر المبين على الصهاينة المحتلين في ذلك اليوم التاريخي، على الرغم من القصف الغاشم من دولة الاحتلال للقطاع وتدميره بالكامل تقريبًا لاحقًا في حرب إبادة ما تزال مستمرة؛ لكن كان لصقور حماس الأبطال الدور الأبرز في التخطيط والتنفيذ لتلك الملحمة الفلسطنية غير المسبوقة وهي ملحمة "طوفان الأقصى"، والتي يمكن أن نعتبرها البداية الحقيقية لحرب تحرير فلسطين المحتلة من النهر إلى البحر وتطهير المسجد الأقصى من رجس المتطرفين اليهود الذين عاثوا فسادا في أرض الرباط.

يجب التأكيد هنا أن الانتصار الساحق للمقاومة الفلسطينية كان اسثنائياً بكل المقاييس فقد زلزلَ أركان الدولة الصهيونية مما ترتب على تلك الصدمة، هجرة عكسية لآلاف الإسرائيليين للخارج، وقبل ذلك كله نهاية وَهْم ما يُسمى بـ"الجيش الذي لا يُقهر"، الذي ظهر أمام العالم "نمرًا من ورق"، بما تحمله هذه الكلمة من معنى؛ إذ تم اقتياد وأسر جنرلاته بفضل شجاعة رجال المقاومة الفلسطينية عبر السياج الفاصل إلى غزة باستخدام عربات وناقلات الجيش الإسرائيلي المدحور الذي ظهر على حقيقته في ذلك اليوم الذي يعد من أيام النصر المبين للشعوب العربية والإسلامية في الشرق والغرب.

لا شك أن المجاهد الأكبر يحيى السنور ومحمد الضيف ورفاقهما، قد كتبوا فصلا مشرقا ومضئيا في تاريخ النضال الفلسطيني، مفاده لا وجود ولا مكان للخوف من العدو بعد اليوم؛ مهما كانت التحديات والإمكانيات المتقدمة في العدة والعتاد؛ فالإرادة الصلبة والإيمان بالله وعدالة القضية هما المحركان الأساسيان لهؤلاء القادة البواسل الذين لا يهابون الموت ويرفعون شعار نابع من قلوبهم "النصر أو الشهادة". وما أجمل هاتين الكلمتين اللتين تعبران عن مواقف الشرفاء في كل زمان ومكان. وعلى الجانب الآخر من هذا الصراع الوجودي تتخاذل عدة أنظمة عن نصرة غزة، بل هناك من يمتنع عن إرسال الأدوية والطعام لأطفال غزة ونسائها، إرضاءً لأعداء الأمة المارقين والمجرمين الثالوث: نتنياهو وبن غفير وسموتريش، وذلك خوفا منهم .

أين نحن اليوم من القائد خالد بن الوليد الذي لم ينهزم في أي معركة من معارك الفتوحات الإسلامية وهي أكثر من مائة والذي قال قبل وفاته "لا نامت عيون الجبناء" إذ تمنى هذا الصحابي الجليل أن يموت شهيدا في إحدى تلك الوقائع التي قادها بنفسه ولكن شاءت الأقدار الإلهية أن يموت على فراشه.

وفي الختام.. من حق الأمة أن تفتخر بيحيى السنوار وأمثاله من الشرفاء الذين أعادوا إليها هيبتها وشرفها، لم لا وقد استطاع هذا القائد الفذ أن يجهز ثم  يقود هذا الزلزال الكبير الذي جعل أصدقاء إسرائيل من الدول الاستعمارية يتسابقون للاطمئنان على الكيان العنصري ومؤازرته بعد النكسة التي لحقت بهذا الكيان اللقيط وغير الشرعي، والتي كادت تقضي على مجتمع المستعمرين بأكمله، فقد كان خروج السنوار خلال صفقة "وفاء الأحرار" بعد أن قضى 23 سنة في سجون الاحتلال فاتحة خير ونصرا للأمة، فمن السجن إلى قيادة كتائب عز الدين القسام، بعد نجاحه في القضاء على جواسيس إسرائيل في القطاع، وهذا هو السبب وراء عدم تمكن الشاباك والموساد من الوصول إليه.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ميدان.. عودة إلى الميدان

حلت بالأمس ذكرى نازلة 30 يونيو الثانية عشرة، وبعد يوم ستحل الذكرى الثانية عشرة لانقلاب 3 يوليو المشؤوم.. تلك النازلة التي وصفها الراحل الدكتور محمد الجوادي بـ"الهزيمة"، واعتبر -وهو المؤرخ- أنها ألحقت بمصر أضرارا تساوي في فداحتها ستة أضعاف هزيمة يونيو 1967، ناهيك عن أن وصف "الهزيمة" يعني بالضرورة، أنها وقعت على يد عدو خارجي!

يقول الدكتور الجوادي في تغريدته (2019):

"هزيمة 30 يونيو ستة أضعاف هزيمة 5 يونيو.. في 5 يونيو خسرنا الحرب، لكننا في 30 يونيو، خسرنا استقلال الوطن، والسلام الاجتماعي، والوحدة الوطنية، ومهابة مصر، والهوية الأخلاقية، والتحول الديمقراطي".

بعد اثني عشر عاما من "هزيمة" 30 يونيو، لم يعد هناك مجال للشك بأنها هزيمة نكراء، ألحقها بمصر الرباعي النَّكِد (الإمارات، السعودية، الكيان الصهيوني، أمريكا) بالتواطؤ مع قيادة الجيش المصري، ممثلة في وزير الدفاع المنوط به الحفاظ على سلامة الوطن أرضا وشعبا، من أي عدوان خارجي!

اثنا عشر عاما من الظلم والاضطهاد والقهر والإذلال والإفقار لكل مصري، راضٍ أو ساخط، معارض أو موالٍ! فما بالك بمن ينادون بإسقاط هذا النظام المستبد الفاسد المفسد الموالي لأعداء مصر وشانئيها جميعا، القريب منهم والبعيد؟

اثنا عشر عاما من التفريط، في كل شيء، بغير حساب.. نيل، غاز، سواحل، موانئ، مصانع، شركات، أصول ثمينة، آثار نادرة، أحياء تاريخية.. باختصار وفي جملة واحدة، تفريط في مصر، التاريخ والجغرافيا، الحاضر والمستقبل!

مقابل ماذا؟

مقابل سداد ديون ذلك الحلم المسعور بالساعة الأوميجا، والسيف المخضب بالدماء، والقفز على كرسي الحكم بأي ثمن، "إنتا رئيس، وأنا كمان هبقى رئيس".. هذا ما قاله الجنرال المنقلب للرئيس السادات في حلمه، حسب روايته للصحفي ياسر رزق، التي تم تسريبها.. مسخرة!

لله وللتاريخ

بكل تجرد وشفافية وصدق، أقول:

ما كان ليزعجني مطلقا، ولا يغضبني أبدا، أن تكون 30 يونيو ثورة حقيقية، غير مصطنعة ولا مزيفة!

فإذا ما تأكد لي أنها ثورة حقيقية، فإن ميزان الحق بداخلي سيجعلني أتفهم أن الشعب أحس بخطئه عندما اختار الدكتور محمد مرسي رئيسا للجمهورية، وقرر أن يسحب منه الثقة مبكرا، قبل نهاية مدته الدستورية.. فهذا الوطن مِلكُ الشعب، وليس مِلك السلطة.. والشعب قال كلمته بكل مسؤولية، وقرر أن ينقضها بكل مسؤولية أيضا، وهو حر.

ساعتها، كنت سأطلب من الرئيس مرسي التنحي نزولا على إرادة الشعب، والشروع في إجراءات تسليم السلطة إلى قيادة جديدة يختارها الشعب، كما اختاره في 2012. وإذا رفض الرئيس التنحي -وما كان ليرفض- فلن أتردد في وضع استقالتي على مكتبه، ومن ثم أعود إلى قريتي التي لا تبعد كثيرا عن قرية باقة الزهور التي حصدها منجل الإهمال، وفرمتها مجنزرة الإفقار والعوَز التي يقودها هذا المنقلب!

أنا هنا لا أتخلى عن الرئيس، وإنما أحترم إرادة الشعب الذي لا يريد الرئيس.. هكذا بكل تجرد وموضوعية.

أما أن يفتش محمد بن زايد في الغُرَز والحانات القذرة، وتحت الكباري، وفي الشوارع الجانبية المظلمة، وفي الخرابات المهجورة، عن مدمني المخدرات؛ ليشكل منهم تنظيما عصابيا اسمه "تمرد"، ويصنع منهم ثوارا على أول نظام منتخب في تاريخ مصر، منذ أن كان لها تاريخ، فهذا ما لا يمكن التعاطي معه، ولا السكوت عنه، ولا القبول به، بأي صورة من الصور.

لم يكتف ابن زايد بتنصيب هؤلاء اللصوص والسفهاء والمرضى النفسيين حكاما لمصر، بل شرع في الاستحواذ على مقدرات البلاد، حتى باتت مصر -فعليا- الإمارة الثامنة في دولة الإمارات المتحدة قسرا.

ولعله من المفيد أن يعرف الجيل الجديد، الذي كان عمره عشر سنوات يوم قام هذا الانقلاب المشؤوم، بعض الشعارات التي رفعتها عصابة "تمرد" التي لا تملك -بعد قراءتها- إلا أن تضرب كفا بكف من شدة الذهول! إنَّ أيّا من هذه الشعارات لم يتحقق، بل تضخمت المشكلة التي صدَّرَها أضعافا مضاعفة، وبات الحال على نحو من البؤس لم يتخيله أشد المصريين تشاؤما:

- علشان الأمن لسه مرجعش! (لقد أصبح خطف الأطفال في الشوارع طقسا يوميّا في حياة المصريين، وهُدِّمت البيوت على رؤوس أصحابها بلا رحمة ولا تعويض، وشاع تعاطي المخدرات بين الشباب في الشوارع، في عز الضُّهر).

- علشان الفقير ملوش [ليس له] مكان! (هل أصبح للفقير مكان في مصر، بعد الانقلاب المشؤوم؟ أم أنه بات خارج المكان والزمان، بل وخارج حياة الآدميين؟ تقول الإحصاءات الأممية إن 66 في المئة من المصريين باتوا تحت خط الفقر، نسبة لم تشهدها مصر حتى أيام الاحتلال البريطاني).

- علشان لسه بنشحت [نتسوَّل] من بره! (هل توقفت السلطة عن الشحاتة من بره؟ أم زادت وتيرة الشحاتة؟ وهل الرئيس مرسي شحت من أحد؟ أم أن مصر تحولت -في عهد الجنرال المِسَهْوِك- إلى أكبر متسول بين العرب؟).

- علشان حق الشهدا مجاش [لم يرجع]! (يا ترى حق الشهدا جِهْ؟ وللا عدد الشهدا زاد؟ بل زاد بصورة مُرعبة).

- علشان الاقتصاد انهار! (هل تعافى الاقتصاد؟ أم وصل إلى انهيار لم تشهد مصر له مثيلا؟ إلى حد عرض كل شيء في مصر للبيع.. كل شيء حرفيا).

هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، ولا يمكن أن نغادر هذه الدنيا ولم نفعل شيئا لتغييره، ولا نامت أعيينا إذا سلمنا به، وانشغلنا عن تحرير مصر وشعبها من هذا الاحتلال الظبياني الصهيوني..

حركة ميدان

في ظل هذا الوضع شديد القتامة، حالك السواد، وبعد خفوت الأصوات، أو انقطاعها إلا قليلا، وبعد اليأس الذي تمكن من كثير من النفوس، نهضت ثلة من الشباب الجسور المثقف المستنير، فأزاحوا الرماد عن تلك الجذوة التي خلفتها انتفاضة 25 يناير (2011)، فأضرموها من جديد.

"حركة ميدان"، تقود اليوم ثورة راشدة بلسان إسلامي مبين، وعقلية شابة منفتحة. إن هذه الحركة تحمل طموحات الذين لم تنكسر إرادتهم، ولم يستسلموا لواقع كل ما فيه يغذي اليأس والإحباط.

أبرز ما تتميز به "ميدان" هو أن جُلَّ مؤسسيها وقيادتها من جيل انتفاضة 25 يناير (2011)، شاركوا فيها، وعاشوا مراحل إجهاضها والانقلاب على القليل الذي تمكنت من إنجازه. شباب شغوف مبصر لا تخيفه أخطاء الماضي، ويقبض بإصرار على بوصلة الإيمان بقضيته.

أرى في "حركة ميدان" بعثا جديدا للثورة التي يجب أن تمضي إلى غايتها، بروح شابة، ومشروع سياسي ناضج متوازن، يسع الجميع، على أسس واضحة لا تقبل المساومة، ويفسح المجال أمام كل مصري شريف، يسعى -بجد وإخلاص- لانتشال مصر من هذه الهوة السحيقة التي تتردى فيها، منذ اثني عشر عاما.

تقول حركة "ميدان" في مقدمة وثيقتها الفكرية:

"في هذه الوثيقة، نؤكد أنَّ الإسلام هو سبيل الأمة الوحيد للتحرر والنهوض، وأننا جزء من حركة ثورية تسعى لتحرير الأمة من الظلم والاستبداد.

نُبين في الوثيقة أن الأمة الإسلامية لا تفنى، وأن عزتها مستمدة من دينها، وأن الثورة هي حق وواجب شرعي لمواجهة الظلم.

نشير إلى أن نظام الحكم في الإسلام يقوم على الشريعة، وأن الأمة هي صاحبة الحق في اختيار حكامها وعزلهم.

نشدد على رفضنا لمفهوم "الدولة الحديثة" الذي نراه أداة استعمارية لتفتيت الأمة والتحكم فيها، وعلى أن معركة القدس هي قضية الأمة المركزية.

أهدافنا الكلية تتلخص في نشر الوعي بمبادئ الإسلام التحريرية، ورد الحقوق ورفع المظالم، وتمكين الشعب ليحكم نفسه.

نوضح مسارات عملنا في المجالات السياسية والجماهيرية والإعلامية، ونؤكد على أهمية التخصص والشورى والانفتاح والتعاون بين قوى الأمة المخلصة.

كما نُفَصِّل موقفنا من مفاهيم مثل "الديمقراطية" و"تطبيق الشريعة" و"الوطنية"، ونبين سعينا للتعاون مع كل من يخدم خير الأمة.

حان الوقت لتفهموا عمق رسالتنا ومنهجنا وتشاركوا في جهود تحرير أمتنا على علم وفهم. لتحقيق هذا، ندعوكم لتحميل "الوثيقة الفكرية" وقراءتها بالكامل".

خالص الدعوات بأن يكلل الله مسعى هذه الطليعة المباركة بالنجاح، وأن يجري على أيديهم ما فيه خير البلاد والعباد.

x.com/AAAzizMisr
aaaziz.com

مقالات مشابهة

  • غزّة .. كربلاء العصر
  • مشروع إبراهام !!؟
  • الإمارات تطلق عملية الفارس الشهم 3 لإيصال المساعدات لغزة عبر البحر
  • وصول سفينة إماراتية جديدة تحمل 2500 طن من المساعدات إلى غزة
  • وصول سفينة إماراتية جديدة تحمل 2500 طن من المساعدات لدعم سكان غزة
  • الإمارات تغيث غزة بسفينة تحمل 2500 طن مساعدات
  • ٣٠/ يونيو، ليلة القبض علی جَمْرَة!!
  • محمد الموجي.. مهندس الألحان الذي غيّر وجه الموسيقى العربية
  • ميدان.. عودة إلى الميدان
  • سباق مواهب الذكاء الاصطناعي يشتعل.. إسرائيل في المقدمة وغياب العرب