تواصل دولة الإمارات، قيادة التحول الرقمي والشمول المالي في المنطقة، بدعم القوة التحويلية للذكاء الاصطناعي، التي باتت واضحة عبر مجموعة واسعة من القطاعات الاقتصادية، وعلى رأسها القطاع المالي والمصرفي، بما يسهم في تعزيز نموها وازدهارها الاقتصادي، وترسيخ مكانتها الرائدة في القطاع المالي العالمي.

وتشير البيانات الرسمية، إلى أن دولة الإمارات أصبحت من الدول الفاعلة والسباقة، في ابتكار الحلول القائمة على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وتطوير بيئة حاضنة، ومحفزة، وداعمة، لجهود تسريع التحول الرقمي، الذي تعمل من خلاله على زيادة نسبة مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 20% بحلول عام 2031.


وقال رؤساء ومدراء شركات عالمية متخصصة في القطاع المالي، إن دولة الإمارات تعد من الدول الرائدة، في مجال تطبيق التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في القطاع المالي وأسواقها المالية، إضافة إلى جهودها الحثيثة والمستمرة لتعزيز الثقة في النظام المالي، وتوفير بيئة استثمارية آمنة ومواتية من خلال تكامل المبادرات والمشاريع الوطنية، ووضع أطر حوكمة قوية لضمان استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل آمن وفعال.
وأضافوا أن الإمارات نجحت في مواكبة التطور الكبير الذي يشهده قطاع التكنولوجيا المالية العالمي، مشيرين إلى أن ثقافة الابتكار الراسخة في الإمارات، عززت ريادتها كمركز عالمي للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، موضحين أن أسواق الإمارات ومراكزها المالية نجحت في لعب دور محوري، في قيادة العديد من المبادرات التي أسهمت بشكل كبير في دعم الاقتصاد العالمي.

تطوير الأسواق المالية

وقال داميان هيتشين، الرئيس التنفيذي لـ"ساكسو بنك" في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن دولة الإمارات حققت نجاحاً كبيراً في تسخير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، لتطوير أسواقها المالية بهدف تعزيز كفاءتها، وزيادة الشفافية وسهولة وصول المستثمرين.
وأضاف أن الإمارات تطمح، من خلال أتمتة العمليات، إلى الحد بشكل كبير من مخاطر الخطأ البشري، وتحسين سيولة الأسواق، باستخدام الخوارزميات المتقدمة والأنظمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن هذه التقنيات تساعد على تطوير إستراتيجيات تداول متطورة، يمكنها الاستفادة من الفرص السوقية وتخفيف المخاطر.
وأشار إلى نجاح الإمارات في تطبيق النماذج التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، لتحليل مجموعات بيانات ضخمة بهدف تحديد المخاطر المحتملة، وتطوير إستراتيجيات فعالة لمواجهتها، وبالتالي حماية رأس مال المستثمرين والحفاظ على استقرار السوق.

خدمات مبتكرة

من جانبه، قال محمد غوشة، الرئيس التنفيذي لمجموعة "نور كابيتال"، إن القطاع المالي في دولة الإمارات، نجح في تسخير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، لتقديم خدمات متطورة ومبتكرة للمستثمرين، مشيراً إلى أن هذه الجهود تعتمد على إستراتيجية وطنية شاملة لتطوير الذكاء الاصطناعي حتى عام 2031، تهدف إلى ترسيخ مكانة الإمارات كرائدة عالمياً في هذا المجال.
وأضاف أن الإمارات تتعاون في هذا المجال مع كبريات الشركات العالمية، مثل "مايكروسوفت"، "غوغل"، و"أوبن أيه آي"، إضافة إلى وجود شركات وطنية عملاقة مثل "جي 42"، ما يسهم في تعزيز ريادة الدولة، في تطوير تقنيات متقدمة في الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن البنوك الإماراتية تستخدم حالياً روبوتات الدردشة والمساعدات الافتراضية، لتوفير دعم على مدار الساعة بسرعة ودقة، إضافة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي أيضا في تحليل البيانات اللحظية لمكافحة الاحتيال وإدارة المخاطر، ما يزيد ثقة العملاء في البنوك الرقمية.
وتوقع غوشة أن يشهد القطاع المالي في دولة الإمارات، استثمارات أكبر في أمن البيانات باستخدام تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين، لتعزيز الخصوصية والأمان، مشيراً إلى أن عام 2025 سيشهد أيضاً المزيد من التطورات التكنولوجية المتقدمة في سوق العملات، مثل الاعتماد الواسع النطاق للحوسبة الكمومية، وظهور منصات التمويل اللامركزي، حيث تسهم هذه الابتكارات في تعزيز كفاءة تداول العملات في الإمارات.

مركز مالي رئيسي

وقال مارك بوسارد، رئيس قسم المخاطر في "أيه بي إم كابيتال"، إن الإمارات رسخت مكانتها كمركز مالي رئيسي، لا سيما في مجال التداول، وإن من المتوقع أن يشهد القطاع المالي في الدولة معدل نمو سنوي مركب يبلغ 5.5%، بفضل الإجراءات التنظيمية وتسريع التحول الرقمي.
وأضاف أن التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين، أحدثت تحولاً جذرياً في القطاع المالي بدولة الإمارات، وذلك من خلال تبسيط عمليات وزيادة الشفافية، مشيراً إلى أن الخوارزميات المدعومة بالذكاء الاصطناعي تشكل حالياً 80% من صفقات تداول العملات العالمية، ما يسمح بتحليل سريع للبيانات المعقدة لاتخاذ قرارات سريعة وحاسمة.

دور رائد

من جهتها، قالت رزان هلال، محلل الأسواق لدى "فوركس" العالمية، إن التزام الإمارات بالابتكار في التكنولوجيا المالية، واعتماد أنظمة تنظيمية متقدمة، وضعها في طليعة التحولات التكنولوجية التي يشهدها العالم، وعزز دورها الرائد في مستقبل الأسواق المالية العالمية.
وأشارت إلى أن هذه التقنيات تسهم بشكل كبير في تعزيز الكفاءة والشفافية والأمان في الأسواق المالية، ما يغير بشكل جذري، طريقة إدارة المتداولين للمخاطر وتنفيذ الصفقات، وتدعمهم في تأسيس نهج مرن للتعامل مع الديناميكيات الجديدة في الأسواق المقبلة.
وأضافت أن دولة الإمارات تعتبر في موقع مثالي، للتطورات السريعة في الذكاء الاصطناعي وتقنية البلوك تشين، وابتكارات التكنولوجيا المالية، ما يؤهلها لقيادة هذا التحول العالمي، مشيرة إلى أن إمارة دبي تلعب دورا رئيسا في هذا الصدد بفضل توافق أجندتها الاقتصادية "D33" وإستراتيجيتها للذكاء الاصطناعي 2031.
وأوضحت أنه مع استثماراتها الكبيرة في مبادرات المدن الذكية والإطار التنظيمي المتقدم، ستواصل دبي تطورها لتصبح مركزاً عالمياً للتقنيات المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي، والتمويل اللامركزي، والعملات الرقمية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الإمارات الإمارات الذكاء الاصطناعي والذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی فی القطاع المالی دولة الإمارات المالی فی فی تعزیز إلى أن

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي ولصوصية الإبداع

  

قيل إن المخترع الأمريكي صموئيل كولت (1814-1862) عندما حصل على براءة الاختراع للمسدس الذي يحمل اسمه، والذي يعد أول مسدس يطلق النار بشكل متكرر، قال: «اعتبارا من اليوم، يستوي الشجاع والجبان». بعيدا عن كون الأسلحة النارية لم تكن بدايتها مسدس كولت، وبعيدا عن تقييم العبارة ومدى صحتها، فإنها كانت ماثلة أمامي عندما عندما تفكرت في شأن الذكاء الاصطناعي، وذلك العبث الذي ضرب مجال التأليف والكتابة، فلنا أن نستعير عبارة كولت مع التعديل: «اليوم يستوي المبدع وفاقد الإبداع، يستوي المثقف وضئيل المعرفة». يكفي أن تحسن إدارة برامج الذكاء الاصطناعي والتعامل معها، لكي تخرج منه بكتاب يملأ الآفاق ولو لم تكن من أهل الصنعة.

إلى عهد قريب، كان المؤلف والباحث يعتمد على المخطوطات والكتب المطبوعة، التي يقضي في مطالعتها والبحث عنها في المكتبات وقتا طويلا، ويقوم بالعزو إلى المصادر، برقم الصفحة واسم دار النشر ونحوه، وربما كان الكتاب نادرا، أو نفدت طبعته، فيلتمسه لدى الآخرين، ثم يكتب بخط يده، مع كثير من الشطب والتعديل، إلى أن يخرج الشكل النهائي للكتاب، ثم يحمل الأوراق إلى دار النشر لصفّها وطباعتها، فما إن ينتهي من هذه العملية المرهقة حتى يتنفس الصعداء منتظرا ثمرة جهده وكدّه وإبداعه.

 

مع طفرة التحول التكنولوجي، وربط العالم من أطرافه، وربط القديم بالجديد، من خلال الشبكة العنكبوتية، حصل الكاتب على امتيازات مذهلة في الأدوات التي يتمكن بها من التأليف، فأصبحت هناك مكتبات للكتب المصورة كبديل عن المطبوعة، ويمكنه الحصول عليها خلال ثوان معدودات، ويكفي أن يكتب كلمة، أو بضع كلمات على محرك البحث، حتى يبرز أمام ناظريه كل ما كتب في الموضوع الذي يريد البحث فيها، من كتب ومقالات ودراسات وأبحاث، تختصر وقته وجهده بشكل مدهش.

ومع ذلك، احتفظ كل كاتب بنقاط تميّزه وإبداعه عن المفلسين، إذ أنه ليس عسيرا أن يتم كشف النسخ والنقل والسرقة في الكتاب أو البحث.

لكن مع عهد تطبيقات الذكاء الاصطناعي، اختلط الحابل بالنابل، واستوى المبدع بفاقد الإبداع، وأصبحت مهمة التأليف مشاعا لكل مبتغٍ، ولو كان قليل البضاعة، وفتح الباب على مصراعيه أمام اللصوصية وسرقة إبداع الآخرين، والاختلاس من جهودهم دون الإشارة إليهم.

يكفي أن يكون ملما بكيفية التعامل مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ويكفي أن يكون حاذقا في خطابه، وطرح أسئلته ومراده مع البرنامج، ويكفي أن تكون له القدرة على إعادة صياغة المنتج الفكري، فيصبح لديه كتاب جاهز للنشر، لم يبذل فيه مجهودا يُذكر، ولا تستطيع عموم الجماهير اكتشاف هذا الكذب والتدليس، إلا إذا كان الكتاب قد وضع لتقييم دقيق من قبل المراكز البحثية.

ذات يوم فاجأني أحد الأقارب بقصة قصيرة أرسلها إليّ، وأثارت انتباهي بشدة، نظرا لأنه ليس له باع في التأليف، ولم يُعهد به أي محاولة لأن يفعل، فلما سألته عنها، أجابني بأنها نتاج الذكاء الاصطناعي. هذا بدوره ربما يفسر امتلاء معارض الكتاب بأعمال روائية لا حصر لها، فالروايات تبوأت الصدارة في اهتمامات الناس الشباب منهم خاصة، وأصبح حلم كثير من الشباب أن تكون لهم روايات مطبوعة يقتنيها الناس من المعارض والمكتبات. لا أقول بأنه يأخذ المنتج من الذكاء الاصطناعي ساخنا، ثم يحيله إلى دار النشر، لكن القدرة على التعامل مع البرنامج تمكنه من توفيق المقاطع وتنسيقها وتوظيفها، فيكفي أن يعطيه البرنامج بنْية الرواية وسياقها وأفكارها الأساسية والفرعية، وإذا أضيف إلى ذلك قدرة المؤلف المزعوم على إعادة الصياغة، كان أبعد عن كشف السرقة. يرى البعض أنه يجدر أن نسميها استفادة، لكن يجب أن لا ننسى أن الذكاء الاصطناعي مجرد وعاء تتجمع فيه الإبداعات البشرية، والأخذ منه على هذا النحو إنما هو سرقة لإبداعات الآخرين، لذلك وصف اللصوصية في هذا المقام ليس قاسيا.

الاستمرار في امتلاء المكتبات العربية بمؤلفات كان بطلها الأساسي هو الآلة، التي صنعها الإنسان، تخلق حالة من الثقافة الفارغة، لأننا سوف نجد أنفسنا أمام إبداعات وهمية، تشبه رأس المال الوهمي الذي يقوم على القروض والفوائد وقابل للتداول كرأس مال بلا قاعدة مادية منتجة، بمعنى إنه ادعاء ورقي بالثروة، والحال كذلك مع هذه الثقافة الفارغة، التي أنتجتها لصوصية الإبداع، تصبح المكتبة قائمة على إعادة تدوير المنتج نفسه، وليس على الإبداعات المتجددة.

وأرى أن مهمتي تنتهي عند طرق القضية والإسهام مع الآخرين في قرع جرس الإنذار، إزاء لصوصية الإبداع، لكنها مهمة الهيئات الثقافية الرسمية وغير الرسمية في العمل على إيجاد آليات جادة للحد من هذه الظاهرة، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

 

مقالات مشابهة

  • “سدايا”: حجم الإنفاق على الذكاء الاصطناعي التوليدي يصل إلى 202 مليار دولار بحلول 2028م وسيحدث تحولًا كبيرًا على مستوى الأعمال والاقتصاد العالمي
  • الذكاء الاصطناعي ينضم رسميًا لمجالس الحكومة في الإمارات
  • وزيرة المالية: 70 مؤسسة ومقاولة عمومية تخضع لإعادة هيكلة متقدمة
  • الإمارات.. منظومة «الذكاء الاصطناعي» تدخل قلب صناعة القرار الحكومي
  • الإمارات تقود التحالف العالمي لكفاءة الطاقة لثلاث سنوات
  • تدريب طلاب للمشاركة بأولمبياد الذكاء الاصطناعي العالمي
  • التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي يعيدان تشكيل مستقبل التعليم
  • وزيرة الأسرة: عازمون على بناء مستقبل ركيزته دمج أصحاب الهمم
  • الذكاء الاصطناعي ولصوصية الإبداع
  • منتدى عُمان للموارد البشرية يستشرف مستقبل تمكين الكفاءات وزيادة الإنتاجية في عصر الذكاء الاصطناعي