«وثيقة الحوار الوطنى».. فرصة ذهبية هل تضيع؟
تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT
ما زال التفاؤل ونسائم الأمل تعم الأجواء السياسية والشعبية والاقتصادية، والانتظار والشغف بعد حالة الحراك الدائرة حاليا على طاولة مفاوضات وثيقة الحوار الوطنى والتى تم الإعلان عنها منذ أكثر من عام، ليشمل الجميع دون تمييز أو استثناء بل يضم كافة التيارات والقوى الشعبية والحزبية والمدنية، مبعث هذا التفاؤل هو رغبة «الرئيس» فى طرح رؤى جديدة تتناسب مع قواعد وأسس «الجمهورية الجديدة» ووضع حلول لكافة القضايا الشائكة والأزمات وبحث جاد لمنظومة حوار تبدأ بعملية الإصلاح السياسى والاجتماعى والاقتصادى والاقتصادى تشارك فيه شخصيات بارزة تتمتع بالثقة والحيادية، مثقفة قوية واعية محايدة تضع الخطط والسياسات دون قيود أو شروط تحت غطاء شعبى يحكمها ووطنية خالصة فى حب مصر بعيداً عن مبدأ تضارب المصالح والصفات الدنيوية التى تفسد أى عمل وطنى.
هذا وقد تناولنا فى المقال السابق أهمية الإصلاح السياسى أولًا وثانياً سبل إنجاح فكرة الحوار، ونتناول فى هذه السطور مظاهر الإصلاح السياسى والاقتصادى، والتى تبدأ بالقضاء على كافة أشكال الفساد ومكافحة الفساد المالى والإدارى والحد من نزيف إهدار المال العام، وتفعيل ولقد أيقن العالم أجمع ووقر فى عقيدته بأن آفة الفساد على اختلاف أشكاله ومظاهره تُعد المعوَّق الأكبر بل وإفساد كافة محاولات التنمية والتقدم والتطور والمقوَّض الرئيسى لكافة دعائم التنمية بل يحرق الأخضر واليابس.. مما يجعل آثار الفساد ومخاطره أشد فتكاً وتأثيراً من أى خلل آخر، لأنه لا يقتصر دوره المخرب على بعض نواحى الحياة دون البعض الآخر بل يمتد إلى شتى نواحى الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.. وإعاقة عجلة النمو الاقتصادى مما يقوض كل مستهدفات خطط التنمية الاجتماعية طويلة وقصيرة الأجل.. كذلك إهدار موارد الدولة وسوء استغلالها بما يعدم الفائدة المرجوة من الاستغلال الأمثل.. وهروب الاستثمارات سواء الوطنية أو الأجنبية بسبب الفساد والأخطر من ذلك كله هو أنه يؤدى إلى خلل فى ميزان العدالة الاجتماعي ليزداد الغنى غنى والفقير فقرا والمحسوبية وتفشى ظاهرة الظلم الاجتماعي.. هكذا نؤكد أهمية وجود إصلاح سياسى حقيقى بإرادة قوية لتطهير المجتمع من كافة مظاهر الفساد.
ولكى نجنى ثمار الإصلاح السياسى لابد أن ننتقل أو نبحث عن خيارات الإصلاح المتاحة أمام الحكومة للحد من الفساد أو بصورة أكثر واقعية التخفيف من آثاره فى ظل ظروف معيشية غاية السوء وتضخم اقتصادى «منفلت» ليس فقط يضرب المجتمع المصرى بل تؤثر على العالم كله بسبب الحرب الأوكرانية الروسية التى أشعلت الأزمات حول قضية الغذاء ونقص المستلزمات والسلع الغذائية حقيقى ظروف غاية الصعوبة والأصعب حال أهل مصر بطبقاته المطحونة.
ويجب أن تدعم هذه الخطوات الجهود التى تبذلها أجهزة الدولة المصرية التى اتخذت خطوات هامة نحو التنمية فى كافة المجالات والقضاء على أشكال الفساد فى ظل الجمهورية الجديدة والتى تتطلع نحو مظاهر التطور والتحضر بدأت بعد أن قام «السيسي» منذ أن تولى مقاليد البلاد بوضع خارطة الطريق كانت من أولوياتها تأسيس الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد التى كانت أهم أهدافها القضاء على الفساد الداخلى والخارجى، والابتزاز، والتدابير الوقائية وأحكام مكافحة غسيل الأموال وقوانين تضارب المصالح وتفعيل وسائل استرداد الأموال غير المشروعة المودعة من قبل المسئولين خلال حكم الحزب الوطنى والإخوان فى بنوك خارجية، وذلك على سبيل المثال لا الحصر وأهمية وضع قوانين رادعة للتصدى لمحاربة تفشى ظاهرة الفساد فى المجتمع.
وقد تمثلت الفلسفة الكامنة وراء العديد من التدابير التى من المفترض أن تتم مناقشتها على أجندة الحوار الوطنى، فى سد الثغرات والقضاء على القواعد التى تنطوى على مفاهيم خاطئة، تشجع على السلوك الفاسد مصحوباً بعقوبة مشددة على نحو كاف فى حالة خرق هذه القواعد والقوانين واللوائح التى تنظم مكافحة جذور الفساد لتكون أكثر فعالية خاصة، إذا كان مصدر الضجيج ذلك مدعوماً أيضا بجهود لدعم الأساس الأخلاقى للسلوك الإنسانى.
كل المؤشرات الرسمية وغير الرسمية، تؤكد أن مازال هناك فساد في بعض المصالح الحكومية أكبر بكثير من كل إجراءات قادة الحوار الوطني.. فالقوانين الصارمة وحدها كفيلة في كبح هذا السرطان الذي ينهش قلب المجتمع ويقضي كل مظاهر التنمية والنهضة وتكاليفه الباهظة التي تكلف الدولة المليارات، وتقضى بل تلتهم كل مظاهر التنمية بكافة أشكالها وأنواعها، وفي النهاية يواجه مجتمع الحوار الوطني تحديات، ولا بد أن يكون هناك إرادة قوية وعزيمة وطنية في القضاء على كافة أشكال الفساد بداية من القاع إلى القمة، وتطهير مؤسسات الدولة من «حيتان» نهب المال العام، وتفعيل ترسانة القوانين بل وتطهيرها من كافة أشكال الفساد الذي تمتد جذوره في الدولة العميقة أبان حكم الحزب الوطني، وحفظ الله مصر وشعبها وجعلها منجما للأيادي البيضاء.
رئيس لجنة المرأة بالقليوبية وسكرتير عام اتحاد المرأة الوفدية
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ماجدة صالح الإصلاح السیاسى أشکال الفساد کافة أشکال
إقرأ أيضاً:
حتى لا تضيع بوصلتنا بالحكم والأمثال
صاحب السمو السيد/ نمير بن سالم آل سعيد
الحكم والأمثال إرث معرفي ونتاج خبرة الأولين وخلاصة تجاربهم الحياتية الإنسانية، سطروها لنا على صفحاتهم الخالدة ثم غادروا راحلين.. فآمنّا بكلماتهم وفرشنا لها السجاد الفاخر لتعبر إلى عقولنا وتتربع على فكرنا وتوجناها نبراسًا يضيء طريقنا.
صمدت هذه الحكم والأمثال آلاف السنين، مقاومة الاندثار والزوال، متحدية مسافات الزمن، وأتت إلينا لتستوطن عقولنا وأفئدتنا لنقتات منها عوناً في مسيرة حياتنا .
ولأنها حكم وأمثال مأثورة وكنز من التراث المعرفي، نعتنقها ونستشهد بها، توجهنا ونتبعها سائرين على نهجها وهداها، فهذه الحكم والأمثال منحة مرسلة من الحكماء والقادة والزعماء والفلاسفة والمفكرين من الكتاب والشعراء والصفوة من الناس الذين مروا عبر الزمان وأعطونا تجاربهم وخبراتهم في متناولنا، ثم طواهم الزمن غائبين .
وللجميع حكمهم وأمثلتهم التي تسكن فكرهم ويسيرون خلفها ويتصرفون وفقها لا يتجاوزونها، إلا أنه ليست كل الحكم حكيمة وليست كل الأمثال مثالية، فهناك حكم وأمثال تنجي وهناك حكم وأمثال تهلك وهناك حكم وأمثال تبني وهناك حكم وأمثال تُدمر، وهناك حكم وأمثال تصنع الفرص وهناك حكم وأمثال تضيع الفرص، وقد تلتبس على النَّاس بعضها أحيانا حيث يظنونها العسل المصفى وتكون السم الزعاف، وحيث يظنونها مآل سعادتهم فيجدونها العذاب.
وقد ضيع البعض حياتهم تقيدا بمبادئ وأصول بعض الحكم والأمثال يأتمرون بأمرها، وقد أصابتهم الغواية منها، ثم أدركوا أنَّ هذه الحكم والأمثال التي اتبعوها لا تنفعهم بل تضرهم، ولا ترفعهم بل تنزلهم، ولا تبنيهم بل تهدمهم، وهي الوهم بعينه الذي يعمى العيون وهم يعتقدونها الحقيقة، وهم عنها غافلون فيطلبون الإرشاد منها فتضلهم في ضلالها، يسعون للراحة بها فتشقيهم وينشدون السلام فتشن عليهم العدوان جراء تمسكهم بمبادئها، تسيرهم في طريق غير طريقهم وحياة غير حياتهم، وقد يضيع الطريق ويتوه المسار في دوامة لا تنتهي، ولا يتم إدراك ذلك إلا بعد فوات الأوان حين لا ينفع الندم .
لذلك، علينا أن نكون نحن الحكماء ونتفكر في بعض الحكم والأمثال قبل أن نتخذها مرشدا ومعينا ووليا ونصيرا. فبعض الحكم والأمثال مرفوضة لا يجب القبول بها ومنها التي تحض بالإقبال على اللذات الدنيوية دون حدود وممارستها دون ضوابط الوازع الديني والأخلاقي، بحجة أن الله غفور رحيم والعمر قصير لا يحتمل القيود .
وهناك الحكم والأمثال التي تشجع على الكذب والخديعة والنصب والاحتيال والخبث والخيانة من أجل مآرب شتى، ويغلفونها بمسميات براقة جذابة معتبرين ذلك ذكاء وفطنة وقدرات عالية من التصرف الاجتماعي .
وأيضًا تجد الحكم والأمثال التي تدعو ضمنيا إلى التطرف وإجازة قتل الأبرياء أو إيذائهم من أجل نصرة قضية مُعينة أو هدف محدد، وغيرها من الحكم والأمثال غير المناسبة التي لا يجب أن ننساق وراءها أو نميل إليها أو نتبع هواها مهما منحتنا من إغراءات.
وعلينا أن نتزود بالحكم والأمثال التي تناسبنا في مسار حياتنا المفيدة لنا التي تخدم حياتنا، فالتوازن والاستقامة هما المنهج الصحيح في المعادلة .