بوابة الوفد:
2025-12-01@02:07:41 GMT

العبادات والعادات

تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT

من الخطأ الفادح الخلط بين العبادات والعادات، والأخطر هو إلباس بعض العادات ثوب العبادات أو إنزالها منزلتها والإصرار غير المبرر على ذلك.
ففى مجال العبادات ينبغى التفرقة أولا بين أداء الفرائض وأداء السنن، فقد سأل رجل النبى (صلى الله عليه وسلم) عن الإسلام، فَقَالَ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : «خَمْسُ صَلَواتٍ فى اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» قَالَ : هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ ؟ قَالَ : «لاَ، إِلاَّ أنْ تَطَّوَّعَ»، فَقَالَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) : «وَصِيامُ شَهْرِ رَمَضَانَ»، قَالَ : هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ ؟ قَالَ : «لاَ، إِلاَّ أنْ تَطَّوَّعَ«  قَالَ : وَذَكَرَ لَهُ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الزَّكَاةَ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا ؟ قَالَ : «لاَ، إِلاَّ أنْ تَطَّوَّعَ» فَأدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ : وَاللهِ لاَ أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ أنْقُصُ، فَقَالَ رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «أفْلَحَ إنْ صَدَقَ».


ثم يجب أن نفرق بوضوح  بين ما هو من سنن العبادات وما هو من   العادات، فحثه (صلى الله عليه وسلم) على صيام عرفة أو عاشوراء أمر تعبدى يدخل فى سنن العبادات، أما ما يتصل باللباس ووسائل السفر ونحو ذلك، فمن باب العادات.
وكما لا يمكن لعاقل أن يقول : لن أركب السيارة أو الطائرة اليوم وسأسافر بالجمل كما كان النبى (صلى الله عليه وسلم) يفعل، فإنه ليس من المعقول أيضًا أن يقول أحد: لا تلبسوا هذا اللباس لأن النبى صلى الله عليه وسلم لم يلبسه، فقد لبس النبى صلى الله عليه وسلم من جنس ما لبس منه قومه وما كان متاحا فى عهده صلى الله عليه وسلم.
فمرجع الأمور الحياتية العصرية المستجدة إلى العرف والعادة وما يراه أصحاب الذوق السليم ملائمًا لعصرهم وبيئاتهم، ما لم يخالف ثابت الشرع الشريف.
ويجب أن نفهم ما ورد من آراء بعض العلماء فى ضوء عادات قومهم  وزمانهم ومكانهم، فإذا كان الإمام الشافعى (رحمه الله) قد عدَّ غطاء الرأس من لوازم المروءة فإنه راعى ظروف بيئته وعصره، وقد رأينا فى بعض البيئات من يعُد عدم غطاء الرأس مخلاًّ بالمروءة، لأن عادة القوم جرت به، أما أن نجعل ذلك دينًا وعلامة من علامات الصلاح والتقوى ومن يخالف ذلك يتهم فى دينه، أو أن نلزم به الناس باعتباره دينًا أو سنة أو كلام فقيه واجب الاتباع فهذا عين الجمود وعدم الفهم.

الأستاذ بجامعة الأزهر

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أ د محمد مختار جمعة الأستاذ بجامعة الأزهر النبي صلى الله عليه وسلم الإمام الشافعي صلى الله علیه وسلم

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: المسلم يتعامل مع الكون كله برِقة ولِينٍ وانسجام

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عبر صفحته الرسمية على فيس بوك إن المسلم رحيم بالكون كلِّه، يتعامل معه برِقَّةٍ ولِينٍ وانسجام، لأنه يراه قائمًا بالوظيفة التي أمره الله بها، وهي "العبادة"؛ فيشعر أنه يشترك مع الكون في أخوَّة العبودية لله وحده. 

علي جمعة: "الحوقلة" أساس العلاقة بيننا وبين اللههل بر الوالدين وصلة الأرحام تزيد في الرزق والعمر؟.. علي جمعة يجيبماذا يفعل من شك في وضوئه؟.. علي جمعة يحسم الأمر بقاعدة فقهيةمفتاح كل خير ومغلاق الشرور.. علي جمعة يوصي بهذا العمل

التعامل مع مخلوقات الله

فنهى النبي ﷺ عن سبِّ الريح، فقال: «لا تسبُّوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أُمِرَتْ به، ونعوذ بك من شرِّ هذه الريح وشرِّ ما فيها وشرِّ ما أُمِرَتْ به» [رواه الترمذي].

والمسلم يخاطب مخلوقات الله بهذا المشترك، وهو يتأسَّى في ذلك بنبيه ﷺ؛ إذ يخاطب الهلال فيقول: «اللهم أهِلَّه علينا باليُمن والسلامة والإسلام، ربي وربك الله» [رواه الترمذي].

وتجلَّت تلك الرحمة في التعامل مع الحيوان؛ فنهى ﷺ عن قتل العصفور، فقال: «ما من إنسان يقتل عصفورًا فما فوقها بغير حق إلا سأله الله عز وجل عنها» [رواه النسائي].

 وبيَّن أن الإساءة للحيوان وتعذيبه والقسوة معه تُدخِل الإنسانَ في عذاب الله ونار جهنم والعياذ بالله؛ فيقول النبي ﷺ: «دخلت امرأةٌ النارَ في هرَّةٍ حبستها، لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض» [رواه البخاري ومسلم].

وبيَّن رسول الله ﷺ – في المقابل – أن الله قد يتجاوز عن السيئات، وإن كانت من الكبائر، بسبب رحمة الإنسان بحيوان لا حول له ولا قوة؛ فقال: «دخلت امرأةٌ بَغيٌّ من بني إسرائيل الجنةَ في كلبٍ وجدته عطشان فسقته»، قالوا: ألَنا في البهائم أجر يا رسول الله؟ قال: «في كلِّ كبدٍ رطبة أجر» [رواه البخاري ومسلم].

وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: «كنا مع رسول الله ﷺ في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حُمَّرةً - طائر صغير كالعصفور- معها فرخان، فأخذنا فرخَيْها، فجاءت الحُمَّرة فجعلت تفرش - تفرش جناحها وترفرف في الأرض-، فجاء النبي ﷺ فقال: من فجع هذه بولدها؟ رُدُّوا ولدها إليها» [رواه أبو داود].

وقد طبَّق المسلمون الرحمة في حضارتهم بصورة عملية في كثير من مؤسساتهِم الخيرية؛ ليس فقط في المستشفيات ودور الإيواء للإنسان، بل امتدَّت رحمتهم إلى الحيوان كما أمرهم بذلك شرعهم الحنيف؛ فأنشؤوا مساقي الكلاب رأفةً بها، لقول النبي ﷺ: «في كلِّ ذاتِ كبدٍ رطبة أجر»، ولما علموا أنه قد دخلت امرأةٌ النارَ في هرَّةٍ حبستها، ودخلت أخرى الجنةَ في كلبٍ سَقَتْه.

وفي العصر المملوكي، وبالتحديد في تكية محمد بك أبو الذهب، بُنِيَت صوامعُ للغلال لتأكل منها الطير. وهكذا كان المسلمون يحوِّلون إرشادات رسول الله ﷺ إلى واقعٍ عمليٍّ يعيشون فيه؛ فحازوا الشرفَ والعِزَّ وخيرَ الدنيا والآخرة. رزقنا الله الأخلاقَ الفاضلة، وجعلنا من الرحماء.

طباعة شارك التعامل مع مخلوقات الله المسلم الرحمة الكون اللين

مقالات مشابهة

  • تعرف على الأحاديث التي تبيّن فضل الصدق وثماره
  • أوقات يستحب فيها الصلاة على الرسول الكريم
  • دعاء لمن تراكمت عليه ديون.. 7 كلمات تقضي عنك ولو كانت مثل جبل
  • الاحتلال يغلق بوابة عطارة وينصب حاجزا قرب النبى صالح شمال رام الله
  • من هم ورثة الأنبياء؟
  • علي جمعة: المسلم يتعامل مع الكون كله برِقة ولِينٍ وانسجام
  • آداب اتباع الجنائز وحكم الظهور فيها بمظاهر السعادة
  • فضل الأذان وثواب المؤذن للصلاة بالشرع
  • نصائح رسول الله ﷺ للوصول إلى طريق الله تعالى
  • ننشر.. نص خطبة الجمعة اليوم بعنوان توقير كبار السن وإكرامهم