عطوان: إذا لم تكن مجازر جباليا وغزة وحرق الأطفال “هولوكوست”، فما هي إذًا؟
تاريخ النشر: 18th, October 2024 GMT
عبد الباري عطوان
يتعرّض أهلنا في شمال قطاع غزة المُحتل إلى حرب إبادة بكُل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى حيث يقوم الجيش الإسرائيلي بحرق السكّان أحياء داخل بُيوتهم وفي الشّوارع، والمُستشفيات وكُل شيء يتحرّك، خاصَّةً في مدينة جباليا العملاقة المعروف أهلها بالشّراسة في المُقاومة، والتصدّي لقوّات الاحتلال، والقتال حتى الشّهادة، بحيث أصبحت نسخة أخرى لمدينة جنين، ومخيّم نور شمس في طولكرم بالضفّة الغربيّة، والحديدة في اليمن والنبطيّة في جنوب لبنان.
اليوم أقدم هذا الجيش النّازي على قصف مدرسة “أبو حسين” في المدينة (جباليا) وقتل أكثر من 25 من النّازحين الذين لجأوا إليها مُعظمهم من الأطفال والنّساء والمُسنّين علاوةً على عشرات الإصابات مُعظمها خطيرة جدًّا، تطبيقًا لخطّة “الجنرالات” الإباديّة، وخطوة على طريق تهجير أبناء الشّمال كمُقدّمة لتهجير أهل الجنوب.
أهلنا في شمال غزة المُحاصرين المُجوّعين يُواجهون الموت جُوعًا وعطشًا وبالصّواريخ الإسرائيليّة من الأرض والجو، فلا ماء، ولا طعام، ولا أدوية، فحتّى هذه اللّحظة استشهد أكثر من 400 من أبناء المدينة في الأيّام العشرة الماضية فقط، حيث تتسلّل قوّات الجيش في اللّيل وتُلغّم المنازل، وتضع البراميل المُتفجّرة في الشّارع، ثم تلجأ إلى تدميرها عن بُعد، وتقتل وتحرق من فيها، ويتباهى الجيش الإسرائيلي الأكثر “أخلاقيّة” و”إنسانيّة” في العالم مثلما تقول حُكومته، ويُصدّقها الغرب ويدعمها، ومعه بعض العرب للأسف.
***
إذا لم تكن هذه الإبادة هي الهولوكوست فما هي؟ نسأل ولا ننتظر الإجابة من هذا العالم الغربيّ المُنافق الذي أشبعنا مُحاضرات على مدى أكثر من مئة عام حول حُقوق الإنسان والديمقراطيّة، وحُريّات الفِكر والتّعبير، وتوفير العيش الكريم للبشر.
والمُؤلم أنّ هذه المحارق الحيّة المُوثّقة بالصّوت والصّورة لا تقتصر على جباليا، بل تشمل جميع مُدُن وقُرى ومخيّمات القطاع، فقبل أيّام شاهدنا محرقة مُستشفى شهداء الأقصى في دير البلح التي استُشهد فيها العشرات حرقًا وهُم أحياء، ومُعظمهم من الأطفال أيضًا، حيث لجأوا إليها على أمل أنّ المُستشفيات وجِوارها مناطق آمنة.
قرأت الكثير من كُتب تاريخ الحُروب بحُكم الدّراسة العُليا والمهنة، ولم أجد أيّ إشارة فيها لإقدام المُقاتلين فيها على حرق الجرحى والمُصابين أحياء وتدمير وحرق المُستشفيات إلّا في حرب الإبادة الإسرائيليّة هذه المُستمرّة مُنذ 12 شهرًا، ليس في القطاع فقط، وإنّما الآن في جنوب لبنان أيضًا الذي نقلها بنيامين نتنياهو إليه.
أكبر صادرات إسرائيل، إذا بقيت على قيد الوجود، ستتمثّل في تصدير أدوات وخُبراء قتل الأطفال والخدّج، وإعداد وتنفيذ حُروب الإبادة للمدنيين، وإثبات هذه الخبرات بفيديوهات حيّة.
فعندما تقف وزيرة خارجيّة ألمانيا النازيّة التي تتزعّم حزب الخضر المُفترض أنه حريص على البيئة وحياة النبات والأشجار والمناخ، عندما تقف وتُؤيّد، بل وتُشجّع، دولة الاحتلال على المزيد من قتل الأطفال والنساء في قطاع غزة والضفّة ولبنان، أليس هذا قمّة النازيّة؟
مِن المُؤسف أنّ قادة ووزراء خارجيّة عرب جلسوا جنبًا إلى جنب مع هذه المرأة في قمّة ما يُسمّى بالقمّة الأوروبيّة الخليجيّة، ولم يُطالبوا بطردها على الأقل من الاجتماع، ومِثل هذا الصّمت المُريب هو الذي يُشجّع على استِمرار حرب الإبادة هذه لعرب ومُسلمين في فِلسطين ولبنان، واليمن، وربّما قريبًا جدًّا في العِراق واليمن.
***
لن نُطالب هؤلاء وغيرهم الذين يدّعون أنهم عرب ومُسلمون بالتدخّل لوقف حرب الإبادة هذه والانتصار لأشقّائهم في القطاع، لأنّنا لا نُريد أن نهبط إلى مُستواهم، فنحنُ نعرف طبيعة مشاعرهم الميّتة من أيّ إحساس بالعدالة والكرامة، ونكتفي بالقول إنّ دماء الشّهداء وأرواحهم ستُطاردهم وأنظمتهم لعُقود، إن لم يكن لقُرونٍ قادمة، أمّا أبناء القطاع الأحياء منهم أو الشّهداء، فننْحني لهم احترامًا، لأنّهم أطلقوا الصّاروخ الأوّل لطُوفان الأقصى الذي جاء إعلانًا لبداية النهاية للمشروع الصّهيوني السّرطاني في مِنطقتنا العربيّة، ودمّر كُل أساطيره المُزوّرة، وفضح حقيقته النازيّة والدمويّة.
هذا القطاع الذي نقل الحرب إلى قلب الاحتلال، وحقّق ما عجزت عنه جُيوش 22 دولة عربيّة جرى إنفاق مِئات المِليارات على تسليحها، هذا القطاع الذي صمد 12 شهرًا في مُواجهة هذا الجيش النّازي، ولم يبخل بالشّهداء، وما زال على العهد سينتصر حتمًا مدعومًا بالرّجال الرّجال في اليمن ولبنان والعِراق وسورية، وكُل أذرع محور المُقاومة.. والأيّام بيننا يا عرب التّخاذل والاستِسلام والرّكوع تحت أقدام النازيّة الجديدة وإلهها الأمريكي.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: النازی ة
إقرأ أيضاً:
بينما نفذ مبعوث ترامب زيارة دعائية لمركز مساعدات برفح: مجازر جديدة بغزة وحصيلة شهداء رغيف الخبز ترتفع إلى أكثر من ألف شهيد و9 آلاف جريح
الثورة /متابعة/ ابراهيم الاشموري
غير بعيد من مكان الزيارة الاستعراضية الدعائية التي نفذها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف أمس الجمعة، لاحد مراكز ما يسمى «مؤسسة غزة الإنسانية» التي تديرها سلطات الاحتلال بالشراكة مع واشنطن كان عشرات المجوعين الفلسطينيين في كمائن الموت الإسرائيلية الأمريكية يتساقطون شهداء وجرحى برصاص جيش العدو، فيما تواصل المجاعة المفتعلة من قبل نتنياهو وترامب حصد أرواح المزيد من أهل غزة .
واستشهد عشرات المدنيين الفلسطينيين بينهم عدد من منتظري المساعدات وأصيب آخرون، أمس، بنيران جيش العدو الصهيوني في مناطق متفرقة بقطاع غزة.
ففي مدينة غزة، استشهد 5 فلسطينيين بقصف لجيش العدو، استهدف حي الشجاعية شرق المدينة، حيث وصلت جثامين الشهداء إلى مستشفى المعمداني.
وفي مدينة خان يونس جنوبي القطاع، استشهد 4 فلسطينيين وأصيب 4 آخرون، بقصف طائرة مسيّرة صهيونية خيمة تؤوي نازحين بمنطقة المواصي، فيما استشهدت امرأة فلسطينية وأصيب آخرون، إثر قصف صهيوني استهدف خيمة قرب محطة طبريا غربي خان يونس.
كما استشهد 3 فلسطينيين وأصيب 73 آخرون من منتظري المساعدات، جراء إطلاق الجيش الإسرائيلي الرصاص تجاههم جنوب خان يونس.
وفي وسط القطاع، استشهد 4 فلسطينيين وأصيب آخرون، عندما قصفت طائرة مسيرة صهيونية مركبة مدنية وسط مدينة دير البلح.
وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، أمس الجمعة، إلى 60,332 شهيدًا و147,643 إصابة منذ السابع من أكتوبر للعام 2023م.
وأوضحت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، في التقرير الإحصائي اليومي لعدد الشهداء والجرحى جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع، أن مستشفيات القطاع استقبلت خلال الـ24 ساعة الماضية، 83 شهيداً (منهم 1شهيد انتشال) و554 إصابة.
وذكرت أن حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 مارس 2025 بلغت 9,163 شهيدًا و35,602 إصابة.
وأفادت بأن عدد ما وصل إلى المستشفيات خلال الـ24 ساعة الماضية من شهداء المساعدات بلغ 53 شهيداً وأكثر من 400 إصابة، ليرتفع إجمالي شهداء لقمة العيش ممن وصلوا المستشفيات إلى 1,383 شهيدًا وأكثر من 9,218 إصابة.
ولفتت وزارة الصحة إلى أنه لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم حتى اللحظة
واعتبرت حركة المقاومة الإسلامية حماس، زيارة ويتكوف لقطاع غزة “استعراضا دعائيا” بهدف احتواء الغضب المتصاعد إزاء الشراكة الأمريكية الصهيونية في قتل وتجويع فلسطينيي القطاع.
وأعرب الفلسطينيون في قطاع غزة عن غضبهم من الزيارة التي قام بها، المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، أمس لمركز توزيع مساعدات في رفح جنوبي القطاع.
واعتبر الفلسطينيون، ويتكوف، شاهد زور لإنقاذ مجرم الحرب المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية، رئيس حكومة الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، طبقاً لوكالة “معا” الفلسطينية.
وأكدوا أن هذه الزيارة، مجرد محاولة للتغطية على جرائم العدو الصهيوني في مراكز توزيع المساعدات ومحاولة تجميل وجه المؤسسة التي كانت سبباً مباشراً في استشهاد أكثر من 1,383 فلسطينياً وإصابة أكثر من 9,218 آخرين.
وتجمع العشرات من الفلسطينيين في مدينة غزة تنديداً بالزيارة، وقال عضو التجمع الوطني للعشائر في قطاع غزة، أبو بلال العكلوك، إن ويتكوف غير مرحب به في غزة وإن الزيارة هي لتجميل الصورة القبيحة لمراكز المساعدات.
وطالبوا ان يكون هناك آلية مساعدات تضمن كرامة الفلسطينيين ويكون فيها عدالة بالتوزيع.
زيارة ويتكوف تأتي وسط تفاقم كارثة المجاعة وسوء التغذية في غزة، والتي أدت منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى الأربعاء، إلى وفاة 154 فلسطينيا، بينهم 89 طفلا، وفق أحدث إحصائية صادرة عن وزارة الصحة بالقطاع.
ويؤكد الفلسطينيون أن آلية توزيع مساعدات عبر “مؤسسة غزة الإنسانية”، المستمرة منذ 27 مايو الماضي بدعم صهيوني أمريكي، تهدف إلى تجميعهم وإجبارهم على التهجير من أراضيهم، تمهيدا لإعادة احتلال غزة.