جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-01@15:54:12 GMT

عُمان تعلن الحرب على الفساد (1)

تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT

عُمان تعلن الحرب على الفساد (1)

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

معركة الحرب على الفساد المالي والإداري في هذا البلد العزيز لم تعد من الأماني والطموحات الوطنية صعبة المنال أو من المستحيلات في رؤية "عُمان 2040" التي تهدف بالدرجة الأولى إلى تحقيق العديد من المعايير مثل: الحوكمة والنزاهة والعدالة الاجتماعية.

وبالفعل قد تحقق إلى حد كبير بعض من هذه المعايير، بفضل من الله وإخلاص أبناء هذا الوطن، للحفاظ على المال العام وحقوق المواطن في الحصول ثروات وطنه بطرق سليمة، تقوم على المساواة في توزيع الثروة والمناصب، من خلال ما يُعرف بمبدأ الشفافية الذي لم يعد ترفًا؛ بل مطلب وطني من جميع أفراد المجتمع العُماني بكل أطيافه وألوانه المختلفة.

لم لا وقد وأصبحت الحرب على الفساد والمفسدين جهودًا عالمية وإقليمية، وبدون هذه الاستحقاقات المتمثلة في الرقابة الشديدة على المسؤولين وأعضاء الحكومة دون مجاملة؛ تذهب حقوق المواطن مهب الريح، ويتولى المُتنفِّذون نهب الثروات للخارج؛ مما يترتب على ذلك إفلاس النظام المالي في البلد، وتصنيف الدولة باعتبارها من الدول الفاشلة، والخاسرة للوطن والمواطن معًا، كما هو الحال فيما يحدث من حولنا في بعض الدول الإقليمية والدولية، التي سمَّنت كبار المسؤولين فيها على حساب الأمن الاجتماعي للشعب، مما ترتب على ذلك الانهيار التام للدولة، وفشلها في إدارة احتياجات الأساسية لمواطنيها.

لقد تشرُّفت يوم الأحد الماضي بالحصول نسخة من تقرير جهاز الرقابة المالية والإدارية عند صدوره مباشرة من الزملاء في هذا الجهاز الوطني الرائع؛ والذي هو عبارة عن إيجاز مختصر بعنوان "ملخص المجتمع 2023". وكان أبرز ما لفت انتباهي في ذلك الملخص هو تحصيل واسترداد مبالغ مالية لصالح الخزانة العامة بلغت نحو 177.7 مليون ريال عُماني منها 95 مليون ريال عُماني عن عام 2023.

كما إن هناك إسناد مشاريع واتفاقيات تقدر بمئات الملايين وعلى مرور عقود دون تدخل الجهات الرقابية في السنوات الماضية، في هدر الأموال وذهابها بطرق غير قانونية لبعض الشركات. ولعل كشف "الملخص" عن تكلفة الأموال في شراء الأنابيب لشركة تنمية نفط عُمان ولمدة ربع قرن دون إعادة طرحها للتنافس يشكل منعطفًا خطيرًا؛ إذ بلغ المبالغ المالية أكثر من 4 مليارات دولار أمريكي. ورغم أن العقد مستمر حتى نهاية المدة في أكتوبر 2024، إلا أنه سيتم وقف التمديد الذي كان يُفترض أن تكون مدته سبع سنوات أخرى.

وعلى الرغم من اختصاص جهاز الرقابة في الرقابة الإدارية المتعلقة بالمناصب والتوظيف، إلّا أن جُل تركيز هذا الجهاز على المحافظة على المال العام، وذلك باعتقادي لأهمية هذه المرحلة التي تشهدها السلطنة في تنفيذ المشاريع التنموية، وكذلك التقليل من المديونية العامة للدولة باعتبار ذلك من أهم أهداف الحكومة.        

صحيح أن التقرير كشف عن أبرز التجاوزات في هذا المجال الإداري، وكانت الواقعة الأولى: تتعلق بقيام وزارة العمل بمنح صلاحيات لبعض الموظفين لأعمال غير مرتبطة بالدوائر التي يعملون فيها كأنظمة التوظيف الحكومي ونظام "إجادة" ونظام "مورد بلس"؛ الأمر الذي أدى إلى استغلال تلك الصلاحيات والقيام باعتماد المعاملات من قِبل موظفين غير معنيين بإجراءات تلك المعاملات. كما تبيّن وجود العديد من التجاوزات والأخطاء أثناء فحص وتجربة نظام التوظيف المركزي أدت بعضها إلى: التنافس للوظائف بالمخالفة لإعلان الشواغر، والسماح بإدخال متنافسين غير مؤهلين للدخول للاختبار، وتكرار رفض قبول المُتقدِّم للوظيفة على الرغم أنه مُتوافق وتنطبق عليه شروط الوظيفة.

أما الواقعة الثانية؛ فتتمثل في غياب "آلية موحدة تنظم إجراءات تعيين الرؤساء التنفيذين ومديرو العموم للشركات التابعة لجهاز الاستثمار العُماني بما يحقق أهداف برنامج روابط".

لا شك أنه يجب نشر ثقافة المحاسبة الذي يعتبر مبدأ "من أين لك هذا؟" واحدًا من أركانه الأساسية؛ فاختيار المسؤولين الذين يتمتعون بسمعة رفيعة وأخلاق حميدة وضمير حي لتقلُّد المناصب الكبيرة التي تشرف على الموازانات وتعتمد المناقصات والمشاريع والخطط التنموية في البلاد، ومن خلالها تقرر مصالح المواطنين ومصير المجتمع بشكل عام، خاصة قطاعات التعليم والاقتصاد والعمل. فالوظيفة العامة يجب أن تكون تكليفًا قبل أن تكون تشريفًا للمسؤول الذي أتى ليخدم الناس ويسهّل مصالحهم؛ وليس لكسب النفوذ وجمع المال بكل الطرق لتحقيق الثراء السريع قبل الرحيل من المنصب.

وفي الختام.. لا يمكن النجاح ومحاصرة الفساد في أي بلد دون الكشف عن المفسدين والإعلان عن تجاوزاتهم المالية والإدارية عبر وسائل الإعلام، ليكون ذلك رادعًا لهم ولغيرهم، مهما كبرت مناصبهم في الدولة؛ فسياسة المجاملات لبعض صُنَّاع القرار الذين يتولون التوقيع على الصفقات المليونية وحتى المليارية من الأموال العامة، يجب أن تتوقف فورًا إن وُجِدَتْ، وذلك من أجل أن تطالهم المحاسبة أيضًا، وليس فقط المدراء والموظفين الصغار الذين لا تتجاوز مسؤليتهم بضعة آلاف من الريالات، ذلك أن أفضل التجارب في محاربة الفساد أن تكون من أعلى القمة أو ما يعرف بكنس الدرج من الأعلى إلى الأدنى.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

فرنسا تعلن حظر التدخين في الأماكن العامة.. وغرامة على المخالفين

أعلنت الحكومة الفرنسية اليوم الخميس، حظر التدخين في الأماكن العامة التي يمكن للأطفال ارتيادها، مثل "الشواطئ والمتنزهات والحدائق العامة وعبر المدارس وعبر الحافلات والمعدات الرياضية".

وقالت وزيرة العمل الفرنسية كاثرين فوترين في مقابلة إن التبغ لا يفرق بين الأطفال والرضع، موضحة أن الحظر على التدخين يدخل الحظر حيز التنفيذ في الأول من يوليو المقبل.

وأوضحت وزيرة العمل الفرنسية في مقابلة نشرتها صحيفة "ويست فرانس" اليومية: "يجب أن يختفي التدخين حيث يوجد الأطفال"، مشيرة إلى أن "حرية التدخين يجب أن تنتهي حيث تبدأ حرية الأطفال في تنفس الهواء النقي".

وأضافت أن المناطق الخارجية للمقاهي والحانات - المعروفة بالتراسات - ستكون مستثناة من الحظر.

وأوضحت فوتران أن مخالفة القواعد ستؤدي إلى غرامة قدرها 135 يورو "113 جنيهًا استرلينيًا؛ 153 دولارًا أمريكيًا".

ورغم أن السجائر الإلكترونية معفاة من الضرائب، قالت فوتران إنها تعمل على فرض قيود على كميات النيكوتين التي تحتويها.

طباعة شارك فرنسا حظر التدخين الحكومة الفرنسية التدخين في الأماكن العامة وزيرة العمل الفرنسية حرية الأطفال الهواء النقي

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن بعد انطلاق صافرات الإنذار
  • ضبط مخبوزات غير صالحة للإستهلاك الآدمى خلال حملة بحى العرب ببورسعيد
  • ⛔ لاحظ التعابير التي استخدمها فيصل محمد صالح في هذا اللقاء
  • النيابة العامة تعلن مد العمل بالنظام الورقي للمحامين حتى 1 يوليو 2025
  • وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود “إماراتية”
  • هيئة الرقابة المالية تفتتح النسخة السادسة لماراثون اتحاد شركات التأمين
  • الرقابة المالية تجدد تحذيرها للمواطنين بعدم التعامل مع جهات غير مرخصة بما يعرضهم لمخاطر مالية جسيمة
  • الرقابة المالية تجدد تحذيرها للمواطنين من التعامل مع جهات غير مرخصة
  • الرقابة المالية تجدد تحذيرها للمواطنين بعدم التعامل مع جهات غير مرخصة
  • فرنسا تعلن حظر التدخين في الأماكن العامة.. وغرامة على المخالفين