19 أكتوبر، 2024

بغداد/المسلة: ظاهرة تسرب العمالة الأجنبية والعربية إلى العراق تشكل تحدياً متزايداً للسلطات العراقية، حيث تشير التقارير إلى غياب قوانين فعالة تنظم استقدام هذه العمالة بشكل منظم ومحكم.

وبالرغم من وجود تشريعات وقوانين تُعنى بتنظيم دخول وإقامة العمال الأجانب في البلاد، إلا أن ضعف العقوبات والغرامات المفروضة على المخالفين، إلى جانب عدم تطبيقها بجدية، أدى إلى انتشار واسع للعمالة غير الشرعية.

و حضَّت هيئة النزاهة على أهميَّة تعديل قوانين استقدام العمالة العربيَّة والأجنبيَّة، ووضع موادَّ قانونيَّةٍ صارمةٍ، وتشديد النصوص العقابيَّة للقضاء على الطرق غير الشرعيَّة لدخول وتسرُّب العمالة إلى داخل العراق.

وإحدى أكبر المشكلات المرتبطة بهذه الظاهرة هي تورط الشركات السياحية في استقدام العمال الأجانب تحت غطاء السياحة، ليقوم هؤلاء العمال بعد انتهاء فترة إقامتهم السياحية بالتسلل إلى سوق العمل المحلي.

وقال النائب حسين عرب إن تنظيم سوق العمل وتحديد السياسات المناسبة لاستقبال العمالة الوافدة بشكل يضمن عدم الإضرار بالاقتصاد الوطني وحقوق العمال المحليين يعد من الأمور الضرورية للحفاظ على توازن السوق وضمان العدالة الاجتماعية.

الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، إذ أن معظم هذه العمالة غير ماهرة، وهو ما يتناقض مع التوجهات الحكومية التي تدعو إلى استقطاب الكفاءات المهنية العالية لتعزيز الاقتصاد العراقي وتطوير بنيته التحتية.

وغياب قاعدة بيانات رصينة تستخدم أنظمة حديثة مثل البصمة الإلكترونية أدى إلى صعوبة تتبع هؤلاء العمال وضمان مغادرتهم البلاد في الوقت المحدد.

مكتب الإعلام والاتصال الحكومي أشار في بيان، إلى أنَّ “الفريق المُؤلَّف في دائرة الوقاية للاطلاع على الآثار الاقتصاديَّـة والاجتماعيَّة والأمنيَّة المُترتّبة على عدم تنظيم دخول العمالة العربيَّة والأجنبيَّة إلى العراق على المدى البعيد، قام بزياراتٍ إلى وزارتي العمل والشؤون الاجتماعيَّة والداخليَّة”، داعياً إلى”تفعيل النصوص العقابيَّة الواردة في قانون إقامة الأجانب رقم (٧٦ لسنة ٢٠١٧)، خصوصاً الغرامات المفروضة على العُمَّال المُستقدمين أو من يقوم باستقدامهم”، لافتاً إلى “ضعف الغرامات المفروضة على الأجانب الداخلين خلافاً لأحكام قانون الإقامة أو الذين لم يطيعوا أوامر الترحيل الصادرة بحقّهم؛ ممَّا يُكبِّد الدولة مبالغ ماليَّة كبيرةً لإبعاد العمالة الداخلة بطريقةٍ غير مشروعةٍ”.

المنافذ الحدودية، لا سيما تلك التي تقع في إقليم كردستان، تمثل إحدى النقاط الرئيسية التي يتم عبرها تسريب العمالة الأجنبية إلى داخل العراق.

وبسبب ضعف الرقابة والإجراءات المتبعة عند هذه المنافذ، يتمكن الكثير من العمال من الدخول بدون إجراءات قانونية أو إقامة مناسبة، مما يزيد من تعقيد المشكلة فيما الشركات المتعاقدة مع مؤسسات الدولة غالباً ما تتجاهل مسؤولياتها في متابعة العمال الأجانب لضمان مغادرتهم بعد انتهاء عقودهم، مما يترك المجال مفتوحاً لتفاقم الأزمة.

واشار مكتب الإعلام إلى أنَّ ” “أغلب العمالة الوافدة غير ماهرةٍ، خلافاً للتوجيهات الحكوميَّة باستقطاب العمالة الماهرة؛ لغرض تدريب الكوادر الوطنيَّـة، وحثّ الجهات المُختصَّة على إعداد قاعدة بياناتٍ رصينةٍ فيما يخصُّ مغادرة المجاميع السياحيَّة؛ لضمان عدم تسرُّبهم بعد انتهاء مُدَّة إقامتهم؛ وبخلافه تتمُّ محاسبة الشركات السياحيَّـة التي دخلوا عبرها إلى العراق”.

الإجراءات المتاحة حالياً تبدو غير كافية، وتفتقر إلى الصرامة المطلوبة للحد من هذه الظاهرة. إضافة إلى ذلك، فإن العقوبات المفروضة على من يخالف قانون الإقامة تعتبر ضعيفة ولا ترقى إلى مستوى الردع المطلوب، كما أن عدم وجود عقوبات فعلية على الجهات التي تتورط في استقدام العمالة بطرق غير قانونية يعزز من انتشار هذه الظاهرة، ويجعل العراق بيئة جاذبة للعمالة غير الشرعية.

وترى تحليلات ان من الضروري العمل على توفير قاعدة بيانات تعتمد على نظام البصمة الإلكتروني، مع ضرورة توجيه الوزارات والمؤسسات المتعاقدة مع الشركات الأجنبية إلى متابعة أوضاع العمال الأجانب وضمان مغادرتهم بعد انتهاء عقودهم.

وتطبيق هذه الإجراءات يمكن أن يساهم في تقليل تسرب العمالة الأجنبية والعربية غير القانونية، ويضع حداً لهذه الظاهرة التي تؤثر سلباً على سوق العمل العراقي، حيث يشكو الكثير من العراقيين من مزاحمة العمالة الوافدة لهم في الوظائف، خاصة في قطاعات البناء والخدمات.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: العمال الأجانب المفروضة على هذه الظاهرة بعد انتهاء

إقرأ أيضاً:

تقرير أمريكي: نفوذ إيران يقف وراء تراجع بغداد عن تصنيف الحوثيين إرهابيين

يشهد العراق حالة من الارتباك السياسي والأمني بعد القرار المفاجئ لتصنيف حزب الله اللبناني وحركة الحوثي اليمنية ضمن قائمة "تجميد الأصول الإرهابية"، قبل أن تتراجع الحكومة عن القرار بعد ساعات قليلة فقط. 

ويكشف تقرير موقع Media Line الأمريكي أن هذه الخطوة أظهرت هشاشة الحكومة العراقية في التعامل مع الضغوط الداخلية والخارجية، ووضعت رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في موقف حرج أمام الأطراف السياسية المختلفة، بما فيها القوى الموالية لإيران والمعارضة لها.

ووفق التقرير، صدر القرار في 4 ديسمبر/كانون الأول 2025 ونُشر في الجريدة الرسمية العراقية بتاريخ 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، ضمن القرار رقم 61 الصادر عن لجنة تجميد أموال الإرهابيين بتاريخ 28 أكتوبر/تشرين الأول 2025، ويهدف إلى تجميد أموال 24 كيانًا مصنفًا كمنظمات إرهابية، من بينها حزب الله والحوثيون.

وبحسب التقرير، اتخذ البنك المركزي العراقي إجراءات قانونية لتجميد أصول الحزبين داخل العراق، قبل أن يصدر بيان لاحق يوضح أن هذه الإجراءات كانت "خطأ غير مقصود" و"دون تحقق"، وأن الحكومة ستقوم بإلغاء كل الإجراءات قبل صدور قرار رسمي لتصحيح الخطأ.

ويشير تقرير Media Line إلى أن القرار المفاجئ أثار موجة من الجدل السياسي داخل العراق، خصوصًا مع القوى الشيعية الموالية لإيران، بما في ذلك رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وهيئة التنسيق، الذين اعتبروا الخطوة محاولة غير مدروسة قد تقوض نفوذهم.

وأوضح التقرير أن القرار قد يؤثر على عملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة واختيار رئيس الوزراء المقبل، حيث أن مواقف السوداني من هذه الخطوة يمكن أن تُضعف أو تقوي موقفه بين الكتل الشيعية والعربية والدولية.

وقال التقرير إن الحكومة العراقية أكدت، عبر بيان رسمي لرئيس الوزراء السوداني، أن ما حدث كان خطأ وأنه سيتم التحقيق لتحديد المسؤولية ومحاسبة الجهات المسؤولة، مشددًا على أن موقف العراق تجاه الصراعات في لبنان وفلسطين مبدئي وغير قابل للمساومة، ويعكس إرادة شعب العراق بمختلف أطيافه.

وأفاد التقرير بأن قناة العهد العراقية التابعة لعصائب أهل الحق نشرت أسماء مسؤولين حكوميين متورطين في نشر القرار، من بينهم نزار ناصر حسيو، مدير مكتب مكافحة غسل الأموال بالبنك المركزي، وطارق جاسم حسين، ممثل جهاز المخابرات الوطني، بالإضافة إلى مسؤولين في وزارات المالية والداخلية والعدل، وهو ما أثار مخاوف من تحريض على العنف ضدهم.

وحذر محللون سياسيون، وفق التقرير، من أن نشر هذه الأسماء يعكس أبعادًا خطيرة للتوتر السياسي الداخلي، ويزيد من صعوبة إدارة الحكومة الحالية لمواقفها القانونية والسياسية.

رأى المحلل موفق الخطاب أن الحكومة الحالية تواجه مأزقًا خطيرًا، وأن نشر القرار كان بمثابة اختبار لردود فعل الأطراف السياسية المختلفة. وأضاف أن القرار، رغم تراجعه، أظهر أن الحكومة العراقية غير قادرة على اتخاذ قرارات حساسة تتعلق بالعلاقات مع القوى الإقليمية دون مواجهة ضغوط كبيرة.

وأشار التقرير إلى أن الخطوة كانت فخًا سياسيًا نصبه المالكي وهيئة التنسيق، بهدف ضرب شعبية السوداني بين الناخبين الشيعة وتقويض فرصه في ولاية ثانية. وأكد المحلل عمر الجنابي أن هذه الضربة قد تقلل من الدعم الشعبي والسياسي للسوداني، وربما تعرضه لمخاطر على سلامته الشخصية في حال استمرار النزاع مع الميليشيات الشيعية.

ويشير التقرير إلى أن هذه الحادثة تلقي الضوء على حساسية القرارات المتعلقة بالإرهاب والعقوبات الدولية في العراق، وكيف يمكن أن تؤثر على علاقاته مع الولايات المتحدة والدول العربية. ويأتي القرار في وقت يتزايد فيه النفوذ الإيراني داخل العراق، ويضع رئيس الوزراء في موقف صعب بين الالتزام بالقانون الدولي وتحقيق مصالحه السياسية الداخلية.

وأكد التقرير أن أزمة القرار تعكس هشاشة المؤسسات العراقية في مواجهة الضغوط المتداخلة بين النفوذ الداخلي والإقليمي، وأن أي خطوة متسرعة قد تؤدي إلى توترات سياسية وأمنية كبيرة في البلاد، خصوصًا في ظل محاولات تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات الأخيرة.

مقالات مشابهة

  • استخراج 5326 شهادة قياس مستوى مهارة ومزاولة حرفة للعاملين بمترو الأنفاق والمونوريل
  • وزارة العمل تشن حملات تفتيشية لمتابعة تطبيق القانون الجديد
  • وزارة العمل تكثف جهودها للارتقاء بمهارات "العمالة غير المنتظمة" في المشاريع القومية
  • برلماني: الفترة القادمة ستشهد تغييرا في الأنماط السياحية لجذب أكبر عدد من الأجانب
  • %3.6 نسبة نمو العمالة الماهرة في الربع الثالث من العام
  • تقرير أمريكي: نفوذ إيران يقف وراء تراجع بغداد عن تصنيف الحوثيين إرهابيين
  • مؤسسة النفط تستعرض الشراكات التي تقيمها مع الشركات الأوروبية وسبل تطويرها
  • وزير العمل بحث مع مفوضية اللاجئين تسوية أوضاع العمالة الأجنبية
  • تشغيل العمال عن طريق متعهد.. ضوابط جديدة يقرها القانون
  • العمل في أسبوع.. فرص عمل بالداخل والخارج ولذوي الهمم ودعم العمالة غير المنتظمة