الكويت تدعو إلى تضافر الجهود الدولية لمساءلة الاحتلال الإسرائيلي عن جرائمه في فلسطين ولبنان
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
دعت الكويت اليوم الثلاثاء المجتمع الدولي إلى تضافر الجهود من أجل مساءلة الاحتلال الإسرائيلي وفق القانون الدولي عن جرائمه البشعة التي اقترفها في فلسطين ولبنان.
جاء ذلك في كلمة وفد الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة التي ألقتها الملحقة الديبلوماسية زينة الدلوم أمام اللجنة السادسة للشؤون القانونية تحت بند سيادة القانون على الصعيدين المحلي والدولي، وشددت على أن الجرائم الإسرائيلية ما هي إلا إبادة جماعية وجرائم حرب ضد الإنسانية تمارس ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني الشقيقين.
وقالت الدلوم “لا يزال المجتمع الدولي بأكمله مكبل اليدين لما يزيد عن عام شهد خلاله جريمة كبرى ضد الإنسانية ترتكب في قطاع غزة وألقت بظلالها على لبنان الشقيق حيث تزهق أرواح آلاف المدنيين العزل جراء ممارسات قوات الاحتلال العدوانية الشرسة”.
وأعربت الدلوم عن استنكار البلاد لاستمرار قوات الاحتلال في تجاهل القرارات الشرعية الدولية التي تطالب بانسحابهم الكامل من الأرض الفلسطينية وخرقها لسيادة لبنان وتهديد أمنها من خلال هجماتها الوحشية التي أدت إلى قتل المدنيين العزل.
وأكدت على ضرورة ضمان حق الشعب الفلسطيني الأصيل في تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية “كخطوة أساسية للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين”.
وفي السياق لفتت الدلوم إلى دأب الكويت على تعزيز ثقافة العدل والالتزام به ومحاربة أشكال الظلم والعنف والفساد كافة إيمانا منها بسيادة القانون الذي يعد كل من السلم والعدالة أساسه وجوهره.
واستشهدت بأن الكويت قدمت مرافعة خطية وشفهية أمام محكمة العدل الدولية في إطار إجراءات الرأي الاستشاري بشأن “الآثار القانونية الناشئة عن سياسات قوات الاحتلال وممارساتها في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية” نصرة للمبادئ الأساسية الدولية ودفاعا عنها.
وأكدت الدلوم يقين الكويت بأن النهوض بسيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي هو أمر جوهري لتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة والقضاء على الفقر والجوع وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
وعلى الصعيد الوطني قالت الدلوم: إن “الدساتير والقوانين هي المعيار الذي يقاس من خلالها التزام الدول بسيادة القانون على الصعيد الدولي”.
ولفتت إلى “أن بلادي تتميز بدستور تشكل بصورة تقوم على احترام سيادة القانون والفصل بين السلطات بالتزامن مع تعاونها فيما بينها.. نظام دستوري ديموقراطي نتطلع من خلاله إلى مستقبل أرحب من الرفاهية ومستوى أرفع من المكانة والحظوة الدولية”.
وحول تمكين المرأة قالت الدلوم إن الكويت على ثقة بمكانة المرأة وأهمية انخراطها في عملية صنع القرار والنهوض بمكانة وطنها دوليا ويتجلى ذلك بمشاركتها في الأجهزة التشريعية والتنفيذية والقضائية في البلاد.
وفيما يتعلق بعالم “الرقمنة” أكدت الدلوم مضي الكويت قدما في هذا المجال من خلال إطلاق منصة “سهل” مستهدفة 37 جهة حكومية من أجل تسهيل الخدمات وتيسير آلية الوصول إليها وإنجازها من دون عناء لاسيما في مجال القضاء.
وأكدت التزام الكويت الكامل بجميع القوانين والمواثيق الدولية التي تعزز سيادة القانون على أسس العدالة والمساواة.
المصدر: جريدة الحقيقة
كلمات دلالية: القانون على
إقرأ أيضاً:
غزة والامتحان الأخلاقي للنظام الدولي
يحتاج العالم الذي يعيش أحد أكبر مآزقه الأخلاقية أن يطرح على نفسه في هذه اللحظة التاريخية الصعبة سؤالا وجوديا وعميقا وهو هل بقي هناك ما يمكن تسميته بـ«الضمير العالمي»؟ وهل ما زال هناك معنى لعبارات مثل «الشرعية الدولية» و«القانون الإنساني»؟ هذه أسئلة مهمة ليس من أجل غزة فقط، وهي لا تنتظر إجابة عن مثل هذه الأسئلة ولا تعنيها؛ فقد تجاوز وعيها بالعالم كل هذا، ولكن من أجل العالم نفسه ومن أجل إنسانيته؛ فما يحدث في غزة تجاوز بمراحل «المأساة الإنسانية» إلى ما يمكن أن يكون «لحظة الحساب الأخلاقي» لنظام دولي ينهار بصمت ولكن بخسائر إنسانية فادحة.
تجاوزت سياسة التجويع التي يعتمدها الكيان الصهيوني في غزة خطر «التهديد» إلى لحظة الواقع المخيفة التي بدأت تفتك بالجميع، رجالا ونساء، أطفالا ومرضى، كل سكان غزة الذين يتجاوز عددهم مليوني إنسان، نصفهم من الأطفال، يتضورون جوعا في ظل حصار مطبق هو الأبشع في تاريخ المنطقة ومن بين أبشع حصارات التجويع في التاريخ. لا أحد ينظر للجوانب الإنسانية في هذه الاستراتيجية، ترك الأمر برمته للتقديرات العسكرية التي تمسك بها مجموعة من الطغاة والمجرمين. وإذا كان القانون الدولي يصنف استخدام التجويع أداة للابتزاز والضغط السياسي بوصفها جريمة حرب متكاملة الأركان فإن الأمر الآن تجاوز هذا؛ فإسرائيل لا تريد من التجويع أداة للابتزاز السياسي ولكن أداة للإعدام.. فليس لإسرائيل مطالب تضغط من أجلها إنما مطلبها التخلص من سكان قطاع غزة، حتى الأطفال منهم. ما يعني أن هدف التجويع هو الإبادة وحدها.
فعند انعدام المطالب السياسية تتضح نية وتكتيك الإبادة الصريحة.
وما تبيّنه التقارير الميدانية من قطاع غزة، من شهادات لأمهات دفنّ أطفالهن الذين ماتوا جوعا، ومنظمات إغاثة عاجزة عن الوصول، وعمال إنسانيين يُقتلون أثناء أداء مهامهم، يكشف عن سقوط مروع للإنسانية التي هي مشترك بين جميع البشر دون اعتبار ديني أو قومي أو جغرافي.
لكن الخطر لا يتوقف عند حدود غزة؛ فحين يُشرعن التجويع كوسيلة لإدارة الصراع، فإننا لا نواجه فقط انهيارا لمبادئ القانون الدولي، بل نستطيع أن نرى تسارعا مرعبا في تفكك نموذج ما بعد الحرب الباردة، الذي طالما احتكر الغرب من خلاله تعريف العدالة، رغم أنه بقيادة الولايات المتحدة يحاول جاهدا حماية هذا النظام من الانهيار، إذا ما تجاوزنا أفعال بعض الشخصيات مهما كانت مؤثرة وقيادية. والواضح الآن أن مؤسسات الأمم المتحدة التي بُنيت لحماية المدنيين، تقف عاجزة أمام إبادة معلنة وواضحة لشعب بأكمله، في مشهد يهدد فكرة الإنسان ذاتها.
والعالم مطالب اليوم للعمل سوية من أجل إيقاف هذه المهزلة الأخلاقية والسياسية، ليس من أجل الفلسطينيين فقط، ولكن من أجل بقاء نظام عالمي يفترض أنه يستند إلى شيء من العدالة. ولا يجب أن تكون مرحلة «ما بعد النظام» التي يبدو أن العالم يعيش تفاصيلها الواضحة الآن تكون بهذا المستوى من الفوضى ومن الإجرام وإلا فإن عدوى هذا قد تنتقل من الساحات الجغرافية الكبرى إلى ساحات الدول فتعم الفوضى في كل دولة على حدة.
وإذا كان الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، يظن أن استمرار هذا الواقع المأساوي سيضمن أمن إسرائيل، فإن ذلك يعكس قراءة قاصرة للواقع. فلا يمكن لأي كيان أن ينعم بالأمن وحوله محيط جائع، ومريض، ومجرد من الكرامة ومثقل بكل مظالم الدنيا. فلا سلام يمكن أن يُبنى على أنقاض المجاعة والمظالم، ولا مستقبل يُصنع بالسكوت على جرائم التجويع.
والرهان الكبير الآن يتجاوز فكرة وقف إطلاق النار إلى إعادة الاعتبار لفكرة الإنسان، وقيم القانون الدولي ولمنظمة حقوق الإنسان ولمجلس الأمن الدولي، ولمحكمة العدل الدولية وللمحكمة الجنائية الدولية ولفكرة العيش المشترك التي أخرجت من معناها تماما.
أما غزة فلم تعد قضية فلسطينية أو عربية، إنها قضية إنسانية العالم إن كان العالم لا يزال يستطيع أن يعي ذلك، وكل دقيقة يتأخر فيها العالم عن إنقاذ سكان غزة من هذه المجاعة وفتح ممرات إنسانية آمنة هي صفعة مدوية لكل ما نعتقد أننا نمثله في الحضارة الإنسانية. وإنقاذ غزة أكبر بكثير من إنقاذ الغزيين؛ إنه إنقاذ لما تبقى من إنسانيتنا المشتركة.