ضمن تقرير نشره موقع "الحرة" في التاسع عشر من أكتوبر استعرض خبير الصواريخ في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن، فابيان هينز، عدة احتمالات قد تسلكها إسرائيل لتنفيذ ضربتها ضد إيران، وكان الأكثر ترجيحا منها أن تلجأ للقصف عن بُعد عبر طائرات حربية وباستخدام صواريخ متطورة بعيدة المدى.

وتملك إسرائيل نظامين للصواريخ الباليستية التي تطلق من الجو: "غولدن هورايزون" و"روكس".

نظام "روكس" الصاروخي بعيد المدى هو من إنتاج شركة "رافائيل" الإسرائيلية، ومصمم لضرب مجموعة متنوعة من الأهداف فوق الأرض وتحتها.

في المقابل يُعتقد أن "غولدن هورايزون" يشير إلى نظام صواريخ "بلو سبارو" الذي يبلغ مداه نحو 2000 كيلومتر (1240 ميلا). ولا توجد معلومات أخرى ودقيقة عنه على المواقع المتخصصة بالأمن والدفاع، سواء الإسرائيلية أو الأجنبية.

وتقول شركة "رافائيل" عبر موقعها الرسمي إن "روكس" تم الكشف عنه في عام 2019، وإنه مخصص لضرب أهداف محصنة بشدة وبدقة متناهية في الساحات التي لا تتوفر فيها أنظمة تحديد المواقع العالمية.

ويمكن تجهيز الصاروخ إما برأس حربي اختراقي أو انفجاري، وتتاح عملية تشغيله وإطلاقه ليلا ونهارا وفي جميع الأحوال الجوية.

كما توضح الشركة أنه "باستخدام خوارزمية فريدة لمطابقة المشهد وتكنولوجيا مكافحة الموجات فإن (روكس) يتغلب على أي سيناريو تشويش، بالإضافة إلى أخطاء الملاحة وموقع الهدف".

وسبق وأن لاحظ محللو دفاع أن جسم صاروخ "روكس" يبدو أنه مشتق من صاروخ Black Sparrow، الذي أنتجته "رافائيل" أيضا، بحسب تقرير لمجلة "فوربس"، نشر في يونيو 2024.

ومع ذلك تختلف ملاحظات المحللين مع التأكيدات التي نشرتها الشركة بعد عام 2019، مشيرة إلى أن الصاروخ قائم على دمج "التقنيات المتقدمة من أسلحة جو-أرض القديمة من طراز Popeye وSPICE".

"أنظمة معروفة وغامضة"

ويوضح هينز الخبير في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وهو مؤسسة فكرية دفاعية مقرها لندن أن إسرائيل لديها برنامج تطوير وإنتاج كبير وواسع للأسلحة المحمولة جوا.

وفي حين أنها تشتري أسلحة جوية من الولايات المتحدة، لكنها أيضا تطور أنظمتها الخاصة.

ويطور (الإسرائيليون) جميع أنواع الأسلحة المحمولة جوا، من القنابل الصغيرة والخفيفة للطائرات بدون طيار، إلى القنابل الموجهة الثقيلة للطائرات، ووصولا إلى صواريخ كروز والصواريخ الباليستية المحمولة جوا.

والشيء المهم هو أنهم استخدموا العديد من هذه الأسلحة في ضربات مختلفة في حملتهم في غزة ولبنان، وخاصة في سوريا في السنوات القليلة الماضية، وفق هينز.

ورغم أننا رأينا العديد من تلك الاستخدامات مؤخرا إلا أن الخبير يعتقد أن إسرائيل تمتلك أنواعا معينة من الأسلحة و"لا تظهرها للجمهور".

ويقول: "الإسرائيليون عندما تكون الأنظمة غير متطورة للغاية أو مجرد أنظمة عادية، سيعرضونها وربما يصدرونها، ولكن بالنسبة للأنظمة الأكثر قدرة، فهم أحيانا لا يعرضونها للعالم".

كما أن أحد الأمور المثيرة للاهتمام هو أنه في شهر أبريل الماضي وبعد ضربة إيرانية بدا أن إسرائيل استخدمت صواريخ باليستية محمولة جوا. وهذه الصواريخ تطلق من الطائرة لا الجو، مما يمنحها بعدا إضافية.

وكانت إسرائيل امتلكت القدرة على شن هجمات بعيدة المدى من الطائرات منذ أوائل تسعينيات القرن العشرين، وعندما وصلت طائرات الفانتوم إليها، بحسب تقرير نشرته صحيفة "جيروزليم بوست"، في أبريل 2024.

ووفقا لوثائق وافقت أرشيفات الجيش  الإسرائيلي على نشرها فقد بنى قدرات هجومية في ليبيا واليمن من خلال التزود بالوقود مرتين بين طائرات الفانتوم، بحسب الصحيفة ذاتها.

وتستطيع الطائرات المقاتلة التي بحوزة إسرائيل (إف-15 وإف-16 وإف-35) أن تصل إلى مدى يتراوح بين 1500 و2000 كيلومتر ذهابا وإيابا دون الحاجة إلى التزود بالوقود.

وتمتلك إسرائيل طائرات تزود بالوقود من طراز "بوينغ 707"، مما يجعل من الممكن توسيع مدى هجوم الطائرات وتغطية كامل مساحة إيران، كما اشترت إسرائيل طائرات تزود بالوقود جديدة من طراز بوينغ " KC-46"، ومن المقرر أن تدخل الخدمة في عام 2025.

ومن خلال استبدال طائرات "بوينغ 707" القديمة، ستعمل هذه الطائرات على ترقية قدرات القصف بعيد المدى لإسرائيل بشكل كبير، بحسب "جيروزليم بوست".

"صعبة الاعتراض"

وتقسم الصواريخ البالستية المحمولة جوا إلى ثلاثة أنواع: قصيرة المدى، متوسطة المدى، بعيدة المدى.

ورغم أن إسرائيل تمتلك كل هذه الفئات منذ سنوات، دائما ما تتسلط الأضواء على الصواريخ بعيدة المدى، من منطلق أن المدى الطويل الخاص بها مخصص لضرب المسافات البعيدة، وإيران مثال على ذلك.

يشرح الخبير هينز أن الصواريخ بعيدة المدى صعبة الاعتراض للغاية، وربما تكون قادرة على المناورة أيضا، ويقول إنها توفر عددا من المزايا، تتعلق الأولى منها بالمدى.

ويوضح الخبير أن الصواريخ بعيدة المدى تمتلك مدى كبيرا جدا، مما يعني أن الطائرة الإسرائيلية قد لا تحتاج أبدا إلى دخول المجال الجوي الإيراني، بل يمكنها إطلاق الصواريخ من العراق، كما حدث على ما يبدو في أبريل، وبالتالي، تنخفض فرص إيران في اعتراض الطائرة.

ومن ناحية ثانية قد لا تحتاج إسرائيل أيضا إلى استخدام طائرة شبح، حيث يمكنها استخدام مقاتلة عادية والبقاء بعيدا جدا.

فيما يتعلق بصاروخ "روكس" يشير هينز إلى أنه نظام معروف وقد عُرض للتصدير مؤخرا.

أما "غولدن هورايزون" (الأفق الذهبي) فلم يسمع عنه من قبل أبدا، ويبدو أنه أحد الأنظمة السرية التي لم تظهرها إسرائيل.

وعلاوة على ذلك قد تكون صواريخ كروز المحمولة جوا خيارا محتملا آخر.

هذا الخيار سبق وأن استخدمته إسرائيل في سوريا بعدما ضربت موقعا بصاروخ "دليلة"، ومع ذلك يتابع هينز أنهم الآن "ربما يستخدمون شيئا بعيد المدى".

ماذا عن بقية الأنظمة؟

وبالعودة إلى الوراء لا يعتبر هذان النظامان الوحيدان اللذان تمتلكهما إسرائيل، بل يضاف إليهما مخزون كبير من الصواريخ بعيدة وقصيرة المدى.

في أوائل يونيو 2024 عرضت شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية نسخة جديدة من صاروخها شبه الباليستي الذي يطلق من الجو، والذي أطلق عليه اسم "Air LORA".

وقال مسؤول في الشركة لصحيفة "جينز"، حينها، إن الصاروخ الذي يتم إطلاقه جوا قد أكمل تجاربه مع طائرة "F-16"، وسيكون متوافقا أيضا مع طائرة "Boeing P-8 Poseidon" البحرية متعددة المهام.

ويمكن لـ "Air LORA" أن يحمل رؤوسا حربية متفجرة أو ذات اختراق عميق، مما يجعله مناسبا لإلحاق أضرار حاسمة بالأهداف الاستراتيجية المحصنة، بحسب تقرير لمجلة "فوربس".

وقد طور مصنعو الأسلحة الإسرائيليون مجموعة متنوعة أخرى من الصواريخ المماثلة في السنوات الأخيرة.

وفي عام 2018، كشفت الصناعات العسكرية الإسرائيلية عن صاروخ "رامبيج"، الذي صمم أيضا لتدمير أهداف عالية القيمة من الجو وعلى مسافات بعيدة تصل إلى 186 ميلا.

وكان أول استخدام إسرائيلي معلن لصواريخ رامبيج ضد مصنع للصواريخ ومستودعات أسلحة أخرى في مصياف في سوريا، في 13 أبريل 2019.

وبحسب ما ورد في تلك الفترة اختارت إسرائيل الصاروخ لتنفيذ تلك الضربة، نظرا لوجود نظام أس-300 الروسي المتقدم بعيد المدى في المنطقة، وفق "فوربس".

تم تطوير صاروخ رامبيج بالتعاون بين صناعات الفضاء الإسرائيلية وشركة إلبيت سيستمز، وهو مبني على صاروخ إكسترا من إنتاج الأخيرة.

وقد صمم في البداية للإطلاق من الأرض ثم تم تعديله للإطلاق الجوي، حيث اكتسب مدى وسرعة أكبر عند إطلاقه من الطائرات النفاثة، ويتميز بأنظمة ملاحة متعددة، مما يوفر التكرار للاستهداف الدقيق، بحسب "جيروزليم بوست".

وتشير مصادر عبرية إلى أن إسرائيل تمتلك منظومة صواريخ أرض-أرض أيضا، مزودة برؤوس حربية تقليدية ونووية، ومعروفة باسم صواريخ أريحا.

وهناك سلاح إسرائيلي هو صاروخ كروز "بوب آي توربو"، الذي طورته شركة رافائيل ويبلغ مداه 1500 كيلومتر.

والصاروخ مصمم للإطلاق من غواصات البحرية الإسرائيلية، وهو قادر على حمل رؤوس حربية تقليدية ونووية، وتقول "جيروزليم بوست" إن هذا المدى يسمح للغواصات الإسرائيلية بضرب إيران من البحر الأحمر أو بحر العرب دون دخول الخليج العربي.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الصواریخ بعیدة المحمولة جوا بعیدة المدى بعید المدى أن إسرائیل

إقرأ أيضاً:

خبير بالشؤون الإسرائيلية: هجمات الحوثيين تشلّ إسرائيل

قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية عماد أبو عواد، إن تداعيات الهجمات الصاروخية التي تطلقها جماعة أنصار الله (الحوثيين) من اليمن باتجاه إسرائيل تتجاوز الأثر المادي المباشر لتحدث شللا واسعا في الحياة اليومية داخل البلاد، وتثير تساؤلات جدية حول فاعلية المنظومة الدفاعية الإسرائيلية.

وأوضح أبو عواد، في مقابلة مع الجزيرة نت أن إسرائيل تقر بنفسها أن قدرة التصدي للهجمات الصاروخية ليست كاملة، إذ لا تتجاوز نسبة النجاح في اعتراض الصواريخ 70%، مما يعني بقاء احتمال سقوط الصواريخ داخل إسرائيل قائما وهو ما قد يخلف أضرارا متفاوتة بحسب المكان.

لكن التأثير الأهم، وفق أبوعواد، لا يكمن في الإصابة المباشرة، بل في النتائج التي تترتب على إطلاق الصواريخ بحد ذاته.

وقال إن مجرد إطلاق صافرات الإنذار يؤدي إلى شلل الحياة في الداخل الإسرائيلي، حيث يتجه السكان إلى الملاجئ وتتوقف الحياة العامة، لا سيما في منطقة "غوش دان".

وأشار أبو عواد إلى أن استمرار هذه الهجمات بوتيرة صاروخ كل 3 أيام تقريبا يرسخ حالة الارتباك، ويضعف الثقة بالمشروع الإسرائيلي وبمنظومة الدفاع الجوي التي طالما اعتبرت إحدى ركائز الأمن القومي.

إعلان

تراجع وانعكاسات

واعتبر أن هذا التراجع في الثقة ستكون له انعكاسات بعيدة المدى، من أبرزها تراجع الاستثمارات في إسرائيل، وتأثير ذلك على الاقتصاد بشكل عام.

وختم بالقول إن الموضوع بدأ يتضح أثره بشكل جلي داخل إسرائيل، وهناك نقاش واسع يدور اليوم بشأن ما يمكن فعله في مواجهة الخطر القادم من اليمن في ظل عجز الدفاعات الإسرائيلية عن ضمان حماية كاملة، ومع تنامي القلق من التأثيرات المتراكمة على الأمن والاقتصاد والسياحة.

ويستهدف الحوثيون إسرائيل بالصواريخ نصرة للفلسطينيين في غزة، ويقولون إنهم مستمرون في ذلك طالما تواصل تل أبيب حرب الإبادة على غزة.

والأحد الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع الحوثيين، بعد وساطة قادتها سلطنة عمان، وهو ما وصف في إسرائيل بـ"المفاجئ". غير أن الحوثيين أكدوا أن الاتفاق مع واشنطن لا يشمل إسرائيل.

والأربعاء، أعلن الحوثيون إطلاق صاروخ ومسيرة نحو إسرائيل، في حين ادعى الجيش الإسرائيلي اعتراض المسيرة وسقوط الصاروخ خارج الحدود.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تقصف الحديدة باليمن بعد تحذيرات بضرورة إخلاء موانئ
  • إسرائيل تقصف مدرسة بنات بغزة بعد ساعات من وصف ترامب الحرب بـالوحشية
  • أكد مرونتها واستراتيجيتها بعيدة المدى..الناصر: أرامكو أثبتت قوة أدائها وأرباحها رغم التقلبات العالمية
  • خبير بالشؤون الإسرائيلية: هجمات الحوثيين تشلّ إسرائيل
  • رويترز: إيران تستعد لإرسال منصات إطلاق صواريخ قصيرة المدى لروسيا
  • شاهد لحظة إطلاق باكستان صواريخ قصيرة المدى باتجاه الهند وسط هتافات بحياة الجيش
  • إيران تستعد لإرسال منصات صواريخ باليستية لروسيا.. وتعمق دعمها العسكري بحرب أوكرانيا
  • لدعم الحرب في أوكرانيا.. إيران تستعد لتسليم راجمات صواريخ قصيرة المدى إلى روسيا
  • إيران تستعد لتسليم منصات صواريخ إلى روسيا وسط انتقادات لـ ترامب
  • مصادر: إيران تستعد لإرسال منصات إطلاق صواريخ باليستية قصيرة المدى إلى روسيا