كما كان السابع من أكتوبر (طوفان الأقصى) كاشفاً لحقيقة موازين القوى فى المنطقة، وزلزالاً من شأنه إعادة رسم خريطتها الجيوسياسة لصالح من يملك مشروعاً متكاملاً ومستقلاً، كان أيضاً كاشفاً لمدى استقلال ما يسمى بتيار التنوير وتجديد الموروث الدينى والثقافى بعيداً عن أجندات الغرب الصهيونى.

واحدة من أهم القضايا المطروحة على مجتمعات الشرق الأوسط، والتى أولتها بعض حكومات المنطقة اهتماماً خاصاً قضية تجديد الخطاب الدينى، وما ارتبط به من مفاهيم ثقافية وسياسية واجتماعية.

وقد جاء هذا الاهتمام فى سياق تولد وعى بخطورة بعض المفاهيم والقيم المغلوطة، التى تبنتها جماعات ما يسمى بالإسلام السياسى واستخدمتها لمد نفوذها داخل مجتمعاتنا.

وقد حرصت تلك الجماعات على تأصيل القيم والمفاهيم الداعمة للتطرف وإلصاقها بأصل الدين، رغم أنها، وفى مجملها، كانت نتاج اجتهاد بشرى.

ومن المعلوم بالضرورة أن الناس يميلون لتصديق رجل الدين المتشدد فى أفكاره ومواقفه، وهو ما استثمرته جيداً جماعات الإرهاب الدينى، ورغم وجود الدساتير والقوانين المنظمة لحياة الناس ما زالت الغالبية تطلب الفتوى من شيوخ التيارات المتطرفة.

غير أن أخطر ما استغلته تلك الجماعات شيوع نمط التفكير الخرافى فى مجتماعاتنا، ما تسبب فى تأخرها عن اللحاق بركب الحضارة الإنسانية، وهو ما استتبع غياب مقتضيات الدولة المدنية الحديثة.

التحديث ونشر التفكير العلمى يتطلب بالضرورة مواجهة تلك الجماعات والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية، التى ما زالت تتمسك بفقه القدماء كما هو، دون محاولة لتجديده وعصرنته.

ومع ذلك لا يمكن القول إن هناك تياراً تنويرياً فى عموم الشرق الأوسط، وإنما فقط يمكن الحديث عن مجموعات صغيرة، ومحاولات فردية لمفكرين ومثقفين كبار، وإن كانت الرغبة فى التجديد تتنامى لدى قطاعات من الشباب، الذى تولدت لديه مئات علامات الاستفهام على خلفية ممارسات بعض جماعات الإسلام السياسى عندما وصلت إلى الحكم، مثل الإخوان المسلمين فى مصر، وعندما انخرط بعضها الآخر فى قتال رهيب وعمليات إرهابية واسعة فى بلدان مثل سوريا.

بعض المثقفين والإعلاميين أصحاب النزعة التنويرية بدأوا يلعبون دوراً فى عملية نشر الوعى، لكنهم استخدموا أسلوب الصدمات الفكرية، التى، وللأسف، لا تشجع على طرح المزيد من التساؤلات أو إثارة الجدل والنقاش، وإنما تجعل الجمهور يتشدد أكثر بما لديه من أفكار قديمة، وأصبحت ردات فعله على منصات التواصل الاجتماعى لا تخرج عن السب والشتم وإلقاء تهم التكفير والعمالة.

بعد السابع من أكتوبر لم يفصل بعض المنتسبين للتيار التنويرى بين خلافهم الأيديولوجى مع حركات المقاومة فى فلسطين ولبنان، وبين حق تلك الحركات فى الكفاح المسلح ضد الاحتلال الصهيونى.

وراحوا يشوهون حركات المقاومة، بل وادعوا أنها خطر يهدد دول المنطقة، متجاهلين ما يشكله الكيان الصهيونى من تهديد حقيقى لاستقرار الشرق الأوسط برمته.

الأدهى من ذلك أنهم لعبوا على وتر ارتباط المقاومة اللبنانية بإيران ليدخلوا فى حلف مع عدوهم الفكرى الاستراتيجى، وهو ما يسمى بالتيار السلفى الأكبر حجماً وتأثيراً بما يحمله من أفكار ضد الحداثة والتنوير. فهذا التيار راح يذكى نيران فتنة نائمة بين السنة والشيعة، وتماهى النقيضان فى الهجوم على المقاومة كفكرة، والنتيجة ترديدهما لدعايات الإعلام الصهيونى.

المحصلة طعن بعض منتسبى التيار التنويرى قضية تجديد الخطاب الدينى فى مقتل بموقفهم الكاره والرافض لمقاومة المحتل، وهو الحق الذى تكفله كافة القوانين والمواثيق الدولية، ولأن جرائم الإبادة والتطهير العرقى، التى يرتكبها العدو الصهيونى فى فلسطين ولبنان أقوى من أى دعاية، لن يسمع غالبية الرأى العام لا لدعاة التنوير ولا لأرباب السلفية الطائفية، بل إن الميل للمزيد من التشدد والتطرف سيتنامى فى ظل تعريف الكيان الصهيونى لنفسه كدولة يهودية، ناهيك عن ارتكابه كل جرائمه تحت دعاوى دينية.

الخاسر فى كل هذا هو قضية التنوير وتجديد موروثنا الدينى والثقافى، خاصة أن أغلب دعاته على مواقع التواصل الاجتماعى ينشرون تغريدات واضح انحيازها للسرديات الصهيونية بشأن الصراع الدائر بين صاحب الأرض والمحتل.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: طوفان الأقصى المقاومة الفلسطينية

إقرأ أيضاً:

شيخ العقل زار خلوة القطالب والمجلس الديني في المختارة واستقبل الرهبنة البوليسية

زار شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى المجلس الديني الأثري في قصر المختارة، لمناسبة ايام "العشر المباركة"، برفقة عدد من المشايخ، وكان في استقباله مشايخ من البلدة والجوار.

واستذكر الشيخ ابي المنى خلال الزيارة تاريخ القصر، ودور عائلة جنبلاط المشرّف في احتضان الطائفة والوطن، كما علاقتها التاريخية الوثيقة طيلة الفترات الزمنية بالمشايخ الموحدين، وتضحياتها في سبيل حفظ المجتمع والهوية الاسلامية العربية للدروز". ومحيياً الاستاذ وليد جنبلاط، ومشيدا بمواقفه الوطنية الثابتة، وداعياً له "في هذه الايام والليالي المباركة بدوام العافية والاطمئنان". 

كما زار شيخ العقل "خلوة القطالب" الشريفة في بعذران الشوف والشيخ الجليل ابو زين الدين حسن غنام وجمع من المشايخ، لإحياء لقاء ديني تقليدي يقام عادة في احد ايام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، بحضور الشيخ الجليل ابو داوود منير القضماني، والمشايخ: ابو حسن عادل النمر، ابو خليل نجيب نصر وابو هاني ماجد ابو سعد الذي تحدث عن معاني المناسبة، شارحاً بعض المفاهيم الدينية. 

وكانت كلمة للشيخ ابي المنى من وحي المناسبة، اكد فيها ان "هذه الايام والليالي المباركة تعد فرصة للمؤمنين، لتجديد التوبة والسعي لبلوغ الغاية التوحيدية"، مشدداً على "اهمية اقامة الشريعة والالتزام بالفرائض الدينية ومواجهة التحديات، بمزيد من الايمان والمعرفة والثقافة والتآلف". 

 كما زار والشيخ غنام ومشايخ "مزار" المرحوم الشيخ ابو يوسف حسين هاني في بعذران، للتبرك والتأكيد على الصلة الروحية الوثيقة التي تجمعه بالعائلة الكريمة، كما قدما التعازي قي دار البلدة بالمرحوم ابو ادهم بدري باز.  

واستقبل شيخ العقل في منزله في شانيه الرئيس العام للجمعية البولسية (للروم الكاثوليك) الاب مروان سيدي، يرافقه الدكتور سهيل ابو حلا والدكتور منير حمزة، حيث عرّف الاب سيدي بنشاط الجمعية وبمجلسها العام الجديد ورسالتها، وتناول اللقاء العلاقات الروحية، واهمية تعزيزها خاصة على مستوى منطقة الجبل ولبنان بشكل عام. (الوكالة الوطنية)
  مواضيع ذات صلة شيخ العقل تلقى اتصالات وبرقيات مهنئة بعيد الفطر وشارك في مناسبات دينية واجتماعية Lebanon 24 شيخ العقل تلقى اتصالات وبرقيات مهنئة بعيد الفطر وشارك في مناسبات دينية واجتماعية 30/05/2025 17:06:55 30/05/2025 17:06:55 Lebanon 24 Lebanon 24 جنبلاط استقبل شيخ العقل وعرضا المستجدات في لبنان وسوريا Lebanon 24 جنبلاط استقبل شيخ العقل وعرضا المستجدات في لبنان وسوريا 30/05/2025 17:06:55 30/05/2025 17:06:55 Lebanon 24 Lebanon 24 شيخ العقل ووزير الثقافة يرعيان ندوة حول "الشراكة الروحية الوطنية" Lebanon 24 شيخ العقل ووزير الثقافة يرعيان ندوة حول "الشراكة الروحية الوطنية" 30/05/2025 17:06:55 30/05/2025 17:06:55 Lebanon 24 Lebanon 24 وزير الداخلية استقبل نوابا ووفدا من الرهبنة الباسيلية المخلصية Lebanon 24 وزير الداخلية استقبل نوابا ووفدا من الرهبنة الباسيلية المخلصية 30/05/2025 17:06:55 30/05/2025 17:06:55 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً بلدية طرابلس.. "نسيج" تحسم موقفها! Lebanon 24 بلدية طرابلس.. "نسيج" تحسم موقفها! 09:45 | 2025-05-30 30/05/2025 09:45:00 Lebanon 24 Lebanon 24 من البلديات إلى النيابة... الأحزاب تمسك بالزمام والمجتمع المدني يتراجع Lebanon 24 من البلديات إلى النيابة... الأحزاب تمسك بالزمام والمجتمع المدني يتراجع 10:01 | 2025-05-30 30/05/2025 10:01:00 Lebanon 24 Lebanon 24 مفتي راشيا زار اللواء عبد الله: الوطن بأيد أمينة في ظل القيادات الأمنية وأفرادها Lebanon 24 مفتي راشيا زار اللواء عبد الله: الوطن بأيد أمينة في ظل القيادات الأمنية وأفرادها 09:55 | 2025-05-30 30/05/2025 09:55:32 Lebanon 24 Lebanon 24 تجمع موظفي الإدارة العامة يلوّح بالتصعيد احتجاجًا على الأوضاع Lebanon 24 تجمع موظفي الإدارة العامة يلوّح بالتصعيد احتجاجًا على الأوضاع 09:32 | 2025-05-30 30/05/2025 09:32:02 Lebanon 24 Lebanon 24 "مطمر الكوستابرافا" إلى الواجهة... أزمة مستجدة بلا حل ممكن Lebanon 24 "مطمر الكوستابرافا" إلى الواجهة... أزمة مستجدة بلا حل ممكن 09:30 | 2025-05-30 30/05/2025 09:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة بعد مغادرتها... إعلامية لبنانية تعود إلى "MTV" بعد 3 سنوات Lebanon 24 بعد مغادرتها... إعلامية لبنانية تعود إلى "MTV" بعد 3 سنوات 14:35 | 2025-05-29 29/05/2025 02:35:59 Lebanon 24 Lebanon 24 بالصورة... سجن وفرض غرامة على وئام وهاب! Lebanon 24 بالصورة... سجن وفرض غرامة على وئام وهاب! 16:45 | 2025-05-29 29/05/2025 04:45:12 Lebanon 24 Lebanon 24 ما مصير رفع الحد الأدنى للأجور؟ Lebanon 24 ما مصير رفع الحد الأدنى للأجور؟ 02:15 | 2025-05-30 30/05/2025 02:15:00 Lebanon 24 Lebanon 24 "سيبو زوجي في حاله".. وفاء الكيلاني تنفعل بسبب تيم حسن ورد فعلها يُثير ضجة (فيديو) Lebanon 24 "سيبو زوجي في حاله".. وفاء الكيلاني تنفعل بسبب تيم حسن ورد فعلها يُثير ضجة (فيديو) 23:05 | 2025-05-29 29/05/2025 11:05:00 Lebanon 24 Lebanon 24 بقصّة شرقية.. الأميرة سلمى تختار فستاناً محتشماً Lebanon 24 بقصّة شرقية.. الأميرة سلمى تختار فستاناً محتشماً 14:15 | 2025-05-29 29/05/2025 02:15:11 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 09:45 | 2025-05-30 بلدية طرابلس.. "نسيج" تحسم موقفها! 10:01 | 2025-05-30 من البلديات إلى النيابة... الأحزاب تمسك بالزمام والمجتمع المدني يتراجع 09:55 | 2025-05-30 مفتي راشيا زار اللواء عبد الله: الوطن بأيد أمينة في ظل القيادات الأمنية وأفرادها 09:32 | 2025-05-30 تجمع موظفي الإدارة العامة يلوّح بالتصعيد احتجاجًا على الأوضاع 09:30 | 2025-05-30 "مطمر الكوستابرافا" إلى الواجهة... أزمة مستجدة بلا حل ممكن 09:28 | 2025-05-30 مقابل 200 دولار.. هدّدها بنشر صور وفيديوهات حميمة لها! فيديو حادث غريب.. هذا ما حصل مع رجلين داخل شاحنة قمامة (فيديو) Lebanon 24 حادث غريب.. هذا ما حصل مع رجلين داخل شاحنة قمامة (فيديو) 01:45 | 2025-05-30 30/05/2025 17:06:55 Lebanon 24 Lebanon 24 خلعت زوجها الأول.. هل تتزوج النجمة الشهيرة مجدّداً؟ (فيديو) Lebanon 24 خلعت زوجها الأول.. هل تتزوج النجمة الشهيرة مجدّداً؟ (فيديو) 03:41 | 2025-05-28 30/05/2025 17:06:55 Lebanon 24 Lebanon 24 انهار سقف منزلها بشكل مفاجئ.. هذا ما حصل مع هذه المؤثرة الشهيرة (فيديو) Lebanon 24 انهار سقف منزلها بشكل مفاجئ.. هذا ما حصل مع هذه المؤثرة الشهيرة (فيديو) 01:41 | 2025-05-28 30/05/2025 17:06:55 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • لينت خطابها مع عدم قبول “الهيمنة الغربية”.. إيران ترفض السلاح النووي وتلوح بقبول التفاوض المشروط
  • في ذكرى رحيله الـ152.. مكتبة رفاعة الطهطاوي بسوهاج تروي حكاية التنوير والتراث النادر (خاص)
  • السلطان والسفاح.. كيف واجه العثمانيون وحشية دراكولا الحقيقي؟
  • انقطاع مياه الشرب عن منطقة الصداقة بأسوان لتنفييذ أعمال إحلال وتجديد
  • رئيس جامعة أسيوط يصدر قرارين بتعيين رئيس قسم بكلية التربية وتجديد لمدير مستشفى أسيوط الجديدة
  • وارسي تحذر البريطانيين من سرديات خطيرة تذكي الإسلاموفوبيا
  • شيخ العقل زار خلوة القطالب والمجلس الديني في المختارة واستقبل الرهبنة البوليسية
  • د.حماد عبدالله يكتب: "العشوائيات وتأثيرها السلبى على السلوك "!!
  • أردوغان: تركيا تحوّلت من دولة تنتظر على الأبواب إلى قوة يُطرق بابها
  • جريمة غيرة تهز إسطنبول!