عندما يأت ذكر حنتوب يستيقظ الهدهد من سباته الذي طال ويبدأ في بعثرة الأسئلة يميناً وشمال من غير كلل أو ملل ولسان حاله يقول :
( يا هؤلاء الذين الذين طعنتم رئة البلاد واوقفتم الأوكسجين بل منعتم تدفق الدم في الأوردة والشرايين ظنا منكم أن حنتوب ستفارق الحياة ولكن هيهات فإن هذا الصرح التعليمي منقوش في قلوب الملايين يطوفون به أرجاء العالم الفسيح هذه الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس وقد تخرج فيها الافذاذ علي يد علماء كانوا يواصلون الليل بالنهار لتصل الرسالة الي العناوين العطشي الي حب الوطن والسهر علي خدمته في كافة الظروف والاحوال وتقلد المسؤولية برباطة جأش واقدام لا يقبل الانهزام ولا التقهقر وفي ميادين التنافس الشريف رفعت شامة النيل والهدهد جالس علي هامتها كاسات التفوق في منصات بريطانيا وامريكا وكل العواصم التي تفسح الفرص وتوفر الكراسي لاهل البحث والاستزادة من المعارف والقيم والنبالة من أجل إسعاد البشرية كلها دون تردد أو شعور بالرهق أو الضجر فالقضية معها كل شيء يهون ولابد من صنعاء ولو طال السفر .

..
سعدت برسالتك أخانا محمد المحسي ابن الأستاذ عبد الحليم صالح اسماعيل الذي دخل التاريخ من أوسع أبوابه كونه نال الشرف ودخل موسوعة الأساتذة بمدرستنا الأم الرؤوم وتنورت به شعبتي الرياضيات واللغة الانجليزية ...
وبهذه المناسبة الغالية ونحن في معرض الرجوع للجذور والماضي التليد وذكري ناقوس عمنا مصطفى ( جرس ) الذي كان لايحتاج الي ساعة ( رولكس أو جوفيال ) ليضبط سير الحصص والدخول والخروج و ( فسحة الافطار وفسحة الساعة ١٢ لشرب الماء واخذ قسط من الراحة ) ومن ثمن معاودة الانكباب علي الكتب والإصغاء لما تجود به قريحة أهل العلم وهم ينفحون الطلاب بعصارة جهدهم وغاية رغبتهم في أن تكون لنا أجيال نفخر بها علي مدي الشهور والدهور والايام والسنين ... عمنا مصطفى ( جرس ) كان أحد عجائب حنتوب يقرع الجرس في مواعيده المحددة بإشارة هاتفية تأتيه هكذا عفو الخاطر من اعماق نفسه الشفافة وكما قلنا فهو لا ينظر إلي ساعة حائطية أو ساعة ( جيب ) أو ساعة ( معصم ) ...
نحن معشر طلاب دفعة ١٩٦٤ وصلنا الداخليات عصر الجمعة ١٩٦٤/٦/٣٠ وفي المساء اخطرنا العم مصطفي عن طريق ناقوسه الشهير أن نتجه الي الفصول لنستلم الادوات المدرسية من كتب وكراسات وخلافه والشيء المذهل أنه في اليوم التالي يوم السبت الموافق الاول من يوليو ١٩٦٤ توجه المعلمون كل الي فصله وبدأوا عملية التدريس وكان المدرسة قد فتحت أبوابها قبل شهر وشهرين ( اين نحن الآن من تعطيل في فتح المدارس وتراكم الدفعات التي تنتظر امتحانات الشهادة السودانية ) ...
في الصف الأول ( نيوتن ) من وزع لنا الادوات المدرسية وعرفنا بنفسه أنه الأستاذ محمد عثمان محمد الامين وكان يرتدي شورت طويل وقميص وله لحية كثيفة ومن البداية لمسنا فيه الزهد والصلاح وجاءنا صبيحة السبت موعد ضربة البداية للعام الجديد معلما للرياضيات والعلوم وكان يتميز بخط غاية في الدقة والجمال ...
شعبة الرياضيات كان يترأسها مستر ( ماكنزي ) وهو من اب هندي وام إنجليزية وكان معه بالشعبة الأستاذ لبيب المصري وسمعنا أنه أضاف نظرية جديدة في الهندسة وكان هنالك أيضا نابغة الرياضيات ابن المسلمية الأستاذ بخيت عثمان وكان الأستاذ بخيت في فترة من الفترات قد ابتعث الي امريكا وبما أنه سوداني قح مابرضي الحقارة لم تعجبه عنصرية اليانكي فزهد في بعثتهم وقفل راجعا الي أرض أجداده أرض النيلين معززا مكرما ...
اذكر من منسوبي شعبة الرياضيات الأستاذ عبد العزيز محي الدين الذي صار فيما بعد مديرا لشعبة امتحانات السودان وقد تميز بالحزم والعمل الجاد ...
وفي شعبة الرياضيات وغيرها وفد لحنتوب طلاب من الفرقة الثالثة بمعهد المعلمين العالي للتدريب وبعد التخرج جاء عدد منهم لحنتوب للعمل فيها وكان منهم علامة اللغة الإنجليزية الأستاذ السر محجوب الذي اختاره الصادق المهدي ليكون علي رأس الخطوط الجوية السودانية وكان قد نال دكتوراه في القوي العاملة من النرويج وعمل أيضا مترجما وسكرتيرا خاصا للكابتن احمد مطر مدير عام الخطوط الجوية السعودية ... وعمل مسؤولا عن صندوق دعم الولايات ثم وزيرا للعمل وختم حياته سفيرا في نيجيريا حيث وافته المنية هنالك ( نسأل الله سبحانه وتعالى له الرحمة والمغفرة والرضوان واعالي الجنان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ) ...
الأستاذ السر محجوب وهو من أبناء الجموعية بالرهد كان الأستاذ المقيم بداخليتنا ( أبو عنجة ) هذه الداخلية التي سمعنا بأن ثلاثة من أخطر العناصر السودانية أقاموا فيها وهم حسن الترابي ومحمد ابراهيم نقد وجعفر نميري كما أقام فيها الدكتور النابه اخصائي زراعة الكلي كمال ابوسن الذي كان يجري عمليات نقل الكلي لأهله بالسودان مجانا معترفا بفضلهم في أنهم ساهموا في تعليمه في كافة المراحل والإقامة بالداخليات حتي الحصول علي الدكتوراه من بريطانيا .
في شعبة اللغة الانجليزية كان الأستاذ القامة الشامخ الضليع حمدالنيل الفاضل وقد تشرفنا به معلما لنا ونحن في الصف الأول ( نيوتن ) وفي الصف الرابع ( فارادي ) في العام ١٩٦٨ حظينا به مرة أخري أستاذا لمادة الأدب الإنجليزي وكم صال بنا وجال مع كتاب ( The Gun ) وحقيقة هذا ليس بكتاب بل ( Volume ) وحفظنا كثيرا من مقاطعه مثل ( The gun went on fighting against the French ) وتمتعنا بكتاب ( The Importance of being Earnest ) مع هذا الكاتب المجنون ( اوسكار وايلد ) وجنونه يتمثل في هذا التعبير كمثال علي استهتاره وخروجه عن المألوف ( Families are a tedious pack of people who haven't got the remotest Idea of how to live and when to die ) . ( منتهي الهلوسة ) .
أما هذا النرويجي (ابسن) فقد تفوق علي الإنجليز في لغتهم ومسرحهم وكانت له عدة قصص بين دفتي كتاب واحد اختاروا لنا منها قصة ( The Pillars of the community ) . ونلتقط لكم منها تعبير يقرأ ( Old Friendship Doesn't Rust ) .
للاسف حصة الادب الإنجليزي اليوم تحولت إلي لغة عربية والترجمة علي الشريط والطالب يريد ذلك لأنه لايريد أن يتعب أو أن يفهم بل يريد النجاح بالمذكرات والدروس الخصوصية والمعسكرات وأستاذ فلان ملك الكيمياء وأستاذ علان الذي تضعه الاعلانات في مرتبة اعلي من شكسبير ... مع أن الكتب المقررة مبسطة غاية التبسيط لا تستعصي علي تلميذ الصف الأول الابتدائي .
عندما وصلنا حنتوب في العام ١٩٦٤ كان يدير المدرسة الأستاذ ونجت برسوم لأن الناظر لم يصل بعد وبعده أدار المدرسة الأستاذ أحمد حسن فضل السيد الي أن وصل المدير العملاق عبد الباقي محمد عبد الباقي ونحن في السنة الثانية وقد اضربت المدرسة في عهده مرتين الأولي بسبب طالب ادعي أن أحد الأساتذة دفع بوالده جانبا وهو بهم بدخول ( الرفاص ) حتي تستطيع زوجته الصعود الي الرفاص اولا مما أوقع الاب في الماء ونتيجة لهذا الحدث توقفنا عن الدراسة لأكثر من شهرين ويوم رجعنا وجدنا جدول الامتحان مسلط علي رقابنا كالصارم الهندي ومن يرسب فما عليه إلا أن يحزم امتعته وييمم شطر أهله ( مفصول ) غير مأسوف عليه وعلي شبابه الغض ) وفيما بعد اتضح أن قصة الطالب كانت ملفقة وان الأستاذ حاول أن يساعد الأب وربما تعثر الاب وحدث ما حدث ... المهم ضاعت منا ستون يوما ومثلها يوم اضربنا للمرة الثانية في رمضان عندما كانت السفرة خالية من التين والزبيب فاوسعنا الترابيز ضربا بالملاعق الغليظة الشبيهة بالكواريك حتي سمعت مدينة ودمدني هذه الثورة الملاعقية الضخمة والتي أعقبها تكسير لمحتويات السفرة ورمي الطعام أرضا في فوضي وجنون لا يليق بأهل العلم وايضا تم طردنا الي اهلنا وعدنا بعد شهرين لنجد جدول الامتحان ينظر إلينا في شماتة وخبث ومن رسب فله الويل والثبور وعظايم الأمور والفصل النهائي من المدرسة .
استطيع ان اقول ان السنة الثانية بالنسبة لدفعتنا مرت كما يمر النسيم ولم ندرس أي شيء ذي بال فقد كانت السنة اقصر من ضل الضحي بسبب الاضرابين الشهيرين في عهد العملاق عبدالباقي محمد عبدالباقي وقد عرفناه إداريا حاذقا قويا لايجامل في ما يختص بالقانون والأمن والنظام وعندما تم نقله من المدرسة دخل كل الفصول مودعا أبناءه الطلاب وقد أحسنوا وداعه بالتصفيق الحاد والاشادة بحزمه وأنه لا تأخذه لومة لائم في تطبيق اللوائح والنظم من أجل أن تسود المسؤولية ويختفي التسيب وتتواري الفوضي وكل ذلك من أجل المجتمع والوطن والإنسانية جمعاء .
توجد لنا بحنتوب ذكريات اثيرة الي النفس وفي هذا الصرح تعلمنا الديمقراطية التي يتمشدق بها البعض في هذا الزمن الذي أصبحت الحروب هي عملته المتداولة وتعلمنا الزمالة الحقة والوطنية واحترام الآخر والحفاظ علي البيئة والمساهمة في مشاريع الخير ولو بالنذر اليسير والمضي قدما في الاستزادة من العلم والتحصيل والبعد عن الغرور وحمل الوطن في حدقات العيون في كافة فجاج الأرض والاعتزاز به والافتخار والعودة من المهاجر بما يضيف للوطن الحبيب ويجعله منارة يري ضؤها الآخرون من بعيد ...
كنا نحتفظ بالصور والمذكرات لحنتوب الجميلة وللاسف وباندلاع الحرب اللعينة العبثية المنسية تركنا دورنا وأهلنا وصورنا وذكرياتنا وراءنا وقد رأينا ماذا فعل الجنجويد بالاوراق والشهادات والأمتعة وقد مزقوا كل شيء ودمروا كل شيء تشفيا وانتقاما ... وكل مانرجوه الآن إن شاء الله سبحانه وتعالى العودة الي بلدنا الحبيب سالمين غانمين سعيدين فرحين مسرورين مستبشرين وصلي الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين .
ودمتم في رعاية الله وحفظه .

اخوكم حمدالنيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي
معلم مخضرم . خريج حنتوب سنة ١٩٦٨ .

[email protected]  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

صعوبات تواجه الطلبة مع بدء العام الدراسي.. ومختصون يدعون للتهيئة المبكرة وتعزيز الدافعية

أوضح مختصون أن بعض الطلبة يواجهون منذ بدء العام الدارسي مشكلات نفسية وسلوكية مثل القلق المرتبط بالانتقال إلى بيئة جديدة أو صف دراسي أعلى وغيرها من المشكلات، مؤكدين على أهمية التدخل المبكر من قبل الأخصائي لتقديم الدعم المناسب ووضع خطة إرشادية تعزز تكيف الطلبة مع البيئة المدرسية وتحويل القلق والخوف إلى دافعية وإنجاز.

تقول وضحى بنت عبدالله الوضاحية، أخصائية نفسية بمدرسة جويرية بنت أبي سفيان: مع انطلاق العام الدراسي يواجه الطلبة بعض المشكلات السلوكية والنفسية وتشهد الأسابيع الأولى بروز مجموعة من التحديات بمختلف المراحل العمرية، تبدأ من قلق الانفصال وصعوبة التكيف لدى الصفوف (1- 4)، مرورا بـالقلق الأكاديمي من زيادة صعوبة المناهج وصعوبات الاندماج الاجتماعي أو الانتماء للمجموعة في الصفوف (5- 9)، وصولا إلى الضغط النفسي من الامتحانات النهائية والمعدل والقلق من اختيار التخصص الجامعي أو المسار المهني والإرهاق الذهني وفقدان الحافز الدراسي لدى طلبة الصفوف (10- 12). وأشارت إلى أن هناك مؤشرات تستدعي التدخل المبكر، منها استمرار البكاء أو رفض الذهاب للمدرسة، والعزلة، والتراجع المفاجئ في المستوى الدراسي، وتغيرات حادة في السلوك، أو الحديث بسلبية عن الذات، موضحة أن المدارس تتبع خطوات منظمة للتعامل مع هذه الحالات تبدأ بالملاحظة والتوثيق، وجمع المعلومات والتواصل مع ولي الأمر، ثم تحليل الأسباب ووضع خطة تدخل، وصولًا إلى التنفيذ والمتابعة والتقييم، مع الحرص على تعزيز السلوك الإيجابي.

مشكلات نفسية

حليمة بنت محمد الهاجرية، أخصائية اجتماعية بمدرسة الزهراء للتعليم الأساسي تقول: يعاني طلبة الصف الأول في بداية العام الدراسي من مشكلة صعوبة الانفصال الوالدي وخوف دخول البيئة المدرسية الجديدة غير المعتاد عليها مثل رياض الأطفال، وعلى ولي الأمر التهيئة النفسية القبلية حتى لا يعيش الطفل صدمة المفاجأة من البيئة المدرسية الجديدة.

وأفاد قاسم بن مرهون العلوي، أخصائي اجتماعي بمحافظة الظاهرة بأن من أبرز المشكلات السلوكية التي تواجه الطلبة هي التنمر والعدوانية خاصة عند التقاء روافد المدارس النائية أو المجاورة في مدرسة مركزية لطلاب الصفوف (9- 12) وتظهر هذه المشكلات عند طلبة الصفين التاسع والعاشر الجدد في هذه المرحلة الدراسية، كما تظهر مشكلات نفسية عند طلبة الثاني عشر في بداية العام الدراسي، مثل القلق والخوف لتحقيق مستوى دراسي مرتفع، ودخول معتقدات وأفكار غير صحية لبعض الطلبة حول المستقبل الدراسي. بالإضافة إلى تحديات اجتماعية ونفسية كالاندماج مع الروافد الجدد والعمل بروح الفريق الواحد في الصف والخوف من المشاركة في الحصص الدراسية والتنافس.

لقاءات تعريفية

وتقول إبتسام بنت سالم المحروقية، أخصائية اجتماعية: في بداية كل عام دراسي نقوم بعقد لقاءات تعريفية مع المعلمين وجلسات إرشاد فردية أو جماعية لتعزيز الثقة بالنفس، كما نقوم بإشراك الطلبة في أنشطة تشجع التعبير عن المشاعر ومناقشة المخاوف، و⁠تنظيم أنشطة تعارف وألعاب جماعية في الأسابيع الأولى لتنمية روح الفريق، وتدريبهم على إدارة الوقت باستخدام جداول أو تطبيقات بسيطة.

دور الأخصائي

ويقول ناصر بن عبدالله العبري، أخصائي اجتماعي بمدرسة أبي سعيد الكدمي للبنين بولاية الحمراء: يبرز دور الأخصائي الاجتماعي في البيئة المدرسية مع بداية كل عام في وضع خطط الرعاية الاجتماعية والبرامج التوجيهية وتقديم الدعم والإرشاد والتوجيه لأبنائنا الطلبة، ومن أبرز المشكلات التي تواجه الطلبة مع بداية العام الدراسي عدم التكيف في البيئة المدرسية، وخاصة عند انتقال الطالب إلى مدرسة أخرى، وبُعد المسافة بالنسبة لطلبة المناطق الجبلية حيث إنه يشكل هاجسا للطلبة وأولياء أمورهم، ويعد الأخصائي الاجتماعي هو من يلجأ إليه الطالب لتذليل أية صعوبات تواجهه في البيئة المدرسية، فعلى ولي الأمر عند ملاحظة أي معوقات تخص الطالب في الجانب السلوكي أو المدرسي التواصل مع الأخصائي الاجتماعي بالمدرسة للمتابعة.

وأوضح أنه بالنسبة للطلبة المنتقلين إلى مرحلة التعليم ما بعد الأساسي يلاحظ أنهم يقوموا بتغيير موادهم الدراسية عند بداية كل عام؛ فينبغي على الطالب أن يختار مواده الدراسية بعناية وبناء على ميوله وقدراته، وعليه أيضا أن يراعي عند اختياره حاجة سوق العمل من التخصصات والوظائف المرتبطة بمواده الدراسية. وجود الأخصائي الاجتماعي في المدارس يشكل حلقة الوصل بين الطلبة وإدارات المدارس وكذلك أولياء الأمور وبالتالي ينبغي توافر هذا الكادر في مدارسنا ودعمه بكل المهارات اللازمة ليمارس عمله على أكمل وجه.

تعزيز التكيف

ولفتت أبرار بنت ناصر الحضرمية، أخصائية وباحثة اجتماعية إلى وجود بعض التحديات تواجه الطلبة المنتقلين إلى الحلقة الثانية حيث تعد مرحلة انتقالية حرجة تتعلق بزيادة المسؤوليات الدراسية، وتغير نمط التعليم السهل القائم على التلقين إلى التفكير النقدي، بالإضافة إلى التوسع في العلاقات الاجتماعية داخل البيئة المدرسية. كما يشعر بعض الطلبة بالارتباك أو الضغط النفسي نتيجة لتغير البيئة الصفية، أو التعامل مع معلمين جدد، مما قد يؤدي إلى تراجع في الأداء أو ظهور سلوكيات غير معتادة. وللتعامل مع هذه التحديات، تقوم الأخصائية الاجتماعية بتنفيذ برامج توجيهية وإرشادية في بداية العام الدراسي، تتضمن جلسات تعريفية، وأنشطة جماعية لتعزيز التكيف، وبناء الثقة بالنفس. كما يتم التعاون مع المعلمين لتقديم الدعم الأكاديمي والنفسي، وتوفير بيئة صفية آمنة ومحفزة، بسلاسة.

وأوضحت بقولها: عادةً ما نعتمد على عدة آليات لاكتشاف المشكلات والظواهر في وقت مبكر، منها الملاحظة المباشرة لسلوك الطلبة داخل الصف وخارجه، وتحليل أنماط الغياب والتأخر، ومراجعة تقارير المعلمين والهيئة الإدارية. كما يتم استخدام استبيانات دورية لقياس التكيف النفسي والاجتماعي، بالإضافة إلى إجراء مقابلات فردية مع الطلبة عند الحاجة. كما تُعد الاجتماعات التنسيقية مع الهيئة التدريسية من أهم أدوات الكشف المبكر، حيث يتم تبادل المعلومات حول الطلبة الذين يظهرون مؤشرات غير اعتيادية، ويتم إشراك أولياء الأمور في المتابعة، لضمان تكامل الجهود بين المدرسة والأسرة في رصد أي تغيرات سلوكية أو نفسية.

التدخل المبكر

يقول سعود بن عبدالله الصباري، أخصائي اجتماعي بمدرسة السيد سلطان بن أحمد للبنين 10- 12: بداية العام ليست مجرد كتب جديدة وحقائب مرتبة، بل هي مرحلة انتقالية يخرج فيها الطالب من أجواء الإجازة المريحة إلى نظام المدرسة الصارم، مشيرا إلى أن بعض الطلبة يشعرون بالقلق أو التوتر، وآخرون يواجهون صعوبة في العودة إلى روتين الدراسة أو الاندماج مع زملاء جدد، وأحيانًا تظهر مشكلات مثل الانطوائية، وفقدان الدافعية للتعلم، أو تشتت الانتباه وقلة التركيز، هذه التحديات يمكن الحد من آثارها السلبية إذا تم التعامل معها مبكرًا. وهناك مؤشرات لا يجب تجاهلها، مثل التغير المفاجئ في سلوك الطالب، ورفض الذهاب إلى المدرسة، أو ظهور سلوكيات عدوانية، كما أن الشكاوى الجسدية المتكررة مثل الصداع أو آلام المعدة، إذا لم يكن لها سبب طبي، قد تعكس ضغوطًا نفسية. في هذه الحالات فإن التدخل المبكر يحدث فرقًا كبيرًا في مسار الطالب، خصوصا للطلبة المنتقلين للحلقة الثانية، حيث إن هذه المرحلة أشبه بعبور جسر إلى عالم جديد؛ والمناهج أكبر وأصعب، وهناك معلمون جدد، ومسؤوليات أكثر. وهنا يبرز دور الأخصائي الاجتماعي والنفسي في تقديم حصص إرشادية، وبرامج توجيهية تساعدهم على تنظيم وقتهم، وبناء الثقة في قدراتهم، حتى يتحول الخوف من المجهول إلى حافز للإنجاز.

تقول الأخصائية الاجتماعية ميزون بنت محمد المهرية بمدرسة حاسك للتعليم الأساسي: قد يواجه الطلبة المنتقلون للحلقة الثانية بعض التحديات كونها مرحلة جديدة لم يسبق لهم تجربتها؛ فعلى الأسرة التعامل مع ذلك التحدي بالأسلوب التربوي الصحيح وتوفير بيئة مناسبة للطالب في المنزل وتشجيعه على حب المدرسة وكافة مراحلها الدراسية، والحديث معه عن أيامهم عندما كانوا في سنهم وكيف تجاوزوا تلك المرحلة وعبورها، وتقديم التوعية والإرشاد والنصح الكافي دائم لهم. أما دور الأخصائي في المدرسة فيتمثل في إيجاد بيئة مدرسية تعليمية ملائمة ومحفزة، وتقديم الدعم المعنوي وعقد محاضرات وبرامج توعوية تحث على تشجيعهم على حب المدرسة، والحديث معهم عن جمال الحلقة الثانية.

الدعم النفسي

وفي السياق تقول روان المحاربية، أخصائية نفسية بعيادة همسات السكون: إن دور الأخصائي النفسي وأولياء الأمور والمعلمين يتكامل بشكل كبير في دعم الطالب خلال عامه الدراسي. من خلال هذا التعاون الهادف، يمكننا خلق بيئة مدرسية صحيّة تعزز من نجاح الطالب وتحقق له تجربة تعليمية مميزة ومستمرة في النمو وطريقا مرصوفا يصل بهِ إلى النجاح والتميز. ومع بداية كل عام دراسي جديد، تتجدد المساعي والأهداف والتحديات أمام الطلبة وأولياء الأمور، فالأخصائي النفسي يتخذ دورا حيويا ومفيدا في توعية الطلبة وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي، مما يؤدي إلى رصف طريق سهل لدى الطالب يستطيع أن يسلكه متى يحتاج ويسهم هذا في خلق بيئة مدرسية متزنة ومتكاملة. ومن أهم الأشياء التي تعزز ذلك دور ولي الأمر في تهيئة الأبناء للعام الدراسي الجديد من خلال حث الابن على التعبير عن توقعاته ومخاوفه بشأن المدرسة، وتجهيز الأدوات المدرسية اللازمة والبيئة المناسبة للدراسة، وإنشاء روتين يومي يهيئ الابن للدراسة ويعزز من شعوره بالأمان.

وأكملت: يمكن لأولياء الأمور التعاون مع المدرسة بعدة طرق للوقاية من المشكلات؛ من خلال المشاركة في الاجتماعات والفعاليات المدرسية لخلق علاقات قوية مع المعلمين وتتبُّع خطة الطالب ومسيرته، والإبلاغ عن أي تغييرات في سلوك الطالب قد تشير إلى مشكلات محتملة، كما يجب تقديم الدعم العاطفي للطالب في المنزل لتعزيز استقراره النفسي وشعوره بالاحتواء لمواجهة أي صعوبات. أما فيما يتعلق بالتعاون بين الأخصائي الاجتماعي والمعلمين في معالجة مشاكل الطلبة عبر العمل لتحديد المشكلات السلوكية أو الأكاديمية التي قد تواجههم وإيجاد حلول واضحة وسليمة، ووضع خطط دعم فردية تناسب احتياجات كل طالب بمستواه الاجتماعي والدراسي مع الحفاظ على تواصل مستمر بين الأخصائي والمعلمين لتقييم فعالية الحلول المتبعة والإدلاء بالآراء.

مقالات مشابهة

  • صعوبات تواجه الطلبة مع بدء العام الدراسي.. ومختصون يدعون للتهيئة المبكرة وتعزيز الدافعية
  • محمد قريقع مراسل الجزيرة الذي اغتاله الاحتلال
  • أطفال مقدسيون يشاركون بفعاليات المدرسة الصيفية في المغرب
  • أكثر من 27 ألف زائر لقرية وكان بمحافظة جنوب الباطنة
  • العراق يدرج موقعين في بغداد ضمن لائحة التراث العربي
  • قرارات غريبة في المدارس الخاصة.. والاهالي يرفعون الصوت
  • ذكرى رحيل «الفيلسوف».. سناء شافع أبدع في عالم المسرح وكان مخلصًا لفنه
  • جامعة البترا تكرّم الإعلامي محمد الفايز مراسل قناة المملكة
  • الحاج أبو محمد… بائع الأمل الذي تحدى الحرب بابتسامة
  • والد زيزو: «الأمور تجاوزت الحدود وكان هناك مراعاة لتاريخه مع الزمالك»