تأتي زيارات المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين إلى لبنان، ومع كل تصريح يصدر من مسؤول لبناني ردا أو تعقيبا على العروض التي يقدمها، أو ما يمكن تسميته بالتهديدات التي ينقلها إلى لبنان بفرض الرؤية الإسرائيلي لتطبيق القرار 1701، بمعنى منع حزب الله من تجاوز نهر الليطاني ونشر الجيش اللبناني في المنطقة، وفرض تطبيق القرار 1559 القاضي ينزع سلاح حزب الله وتحويله إلى حزب سياسي مدني، لتكون محصلة المطالب الإسرائيلية هي استسلام لحزب الله وإخضاعه سياسيا لمقتضيات التحكم الخارجي بالمؤسسة الحاكمة في لبنان، من دون أن يكون أي تأثير للحزب الله.

. تأتي العروض الأمريكية الغربية والتي رحب بها المسؤولون اللبنانيون كمحاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من لبنان، وفي محاولة لتجنيب لبنان كارثة أشبه ما يجري بقطاع غزة من تدمير وقتل بلا قواعد ولا قيود.

ترحيب المسؤولين اللبنانيين أو بعض التصريحات المبهمة أحيانا والتي صدرت من مسؤولين في الحزب في لحظة معينة؛ جعلت البعض في حالة تشكك وحالة ريبة من أن يقبل حزب الله بمعادلة فصل المسارات ووقف الحرب في لبنان مقابل التخلي عن دعم غزة.

هنا يمكن طرح السؤال الكبير: هل يمكن لحزب الله أن يقبل مثل هذه المعادلة؟!

للإجابة على هذا التساؤل لا بد من أخذ بعض المعطيات للإجابة على هذا السؤال، والذي يأتي أحيانا من باب الخوف وبحسن نية، وأحيانا من باب التشكك من بعض كارهي الحزب. قد يكون الفلسطيني أكثر الناس اهتماما بالحصول على إجابة على هذا السؤال، ولأن الفلسطيني هو أكثر الناس قلقا في هذه المرحلة، فمخاوفه مشروعة لأن الفلسطيني خاصة في غزة بما يواجهه من وقتل وتدمير وتجويع، لديه الأمل بأن تكون جبهة لبنان الأكثر قدرة على الضغط على الاحتلال لإجباره على وقف العدوان.

المنطق السياسي السليم يقول: ما كان يمكن أن يكون قابلا للنقاش قبل أسابيع لم يعد اليوم قابلا لمجرد النظر فيه والحديث فيه، ومن يرقب تصريحات الناطقين المقربين من حزب الله هذه الأيام يشهد موقفا واضحا بأن الحزب متمسك بمواقفه السابقة ولن يتراجع مهما كان الثمن
فحزب الله هو الطرف الوحيد الذي يمكنه الضغط على الاحتلال، خاصة بعد أن بدأ الحزب يظهر تعافيا واستفاقة من الصدمة التي تعرّض لها قبل المواجهة الأخيرة، هذه الاستفاقة بما فيها من أمل بدأت تثير الخوف عند البعض، بأن يبدأ نتنياهو إعادة حساباته بعد الخسائر الكبيرة التي يُمنى بها جيش الاحتلال في المناورة البرية في جنوب لبنان خاصة في الأيام الأخيرة، وتعاظم الرشقات الصاروخية بكافة أنواعها كمّا وكيفا وفي عمق الحدود، والتي بدأت بالفعل تربك حسابات الاحتلال.

وقد بدا هذا التأثير من خلال ما يثيره العديد من الخبراء الاستراتيجيين الإسرائيليين بالدعوة للبحث عن مخرج من هذه الحرب المكلفة، خاصة بعد تصريحات رئيس الأركان هيرتسي هليفي، وحديثه عن إمكانية الانتهاء من العملية البرية في جنوب لبنان خلال أسبوعين أو ثلاثة!!

هل يمكن لحزب الله بعد أن استعاد جزءا مهما من قدراته وهو يُظهر يوميا تقدما وإنجازات مهمة في ساحة المواجهة، أن يقبل بأن يستسلم للمطالب الإسرائيلية بالاستسلام؟ إن المنطق السياسي السليم يقول: ما كان يمكن أن يكون قابلا للنقاش قبل أسابيع لم يعد اليوم قابلا لمجرد النظر فيه والحديث فيه، ومن يرقب تصريحات الناطقين المقربين من حزب الله هذه الأيام يشهد موقفا واضحا بأن الحزب متمسك بمواقفه السابقة ولن يتراجع مهما كان الثمن.

لو اتخذ الحزب قرار التخلي عن غزة، فإن الحزب سيواجه سؤالا كبير؛ إذا لماذا دخلتَ بنا الحرب وجلبت كل هذه الدمار والخراب والشهداء بالآلاف من اللبنانيين المدنيين، وكوادر الحزب وقادته بدء من زعيم الحزب السيد حسن نصر الله وانتهاء بأصغر مقاتل في الحزب؟ سيكون هذا السؤال من أبناء وأنصار الحزب علاوة على معارضيه. إن تراجع الحزب عن دعم غزة سيكون كارثيا على الحزب وقدرته على البقاء في ظل تغير خريطة القوة الميدانية
اليوم بعد أن تجاوز الحزب المحنة، وأصبح الآن في موقف أكثر قوة وأكثر فاعلية وتأثيرا في الميدان، وانتقل إلى أخذ زمام المبادرة في عدة جوانب، خاصة بعد أن وسع دائرة الاستهداف في شمال الكيان بتحذير 25 مستوطنة جديدة وطالب المستوطنين بمغادرتها بعد أن تحولت مستوطناتهم إلى أهداف عسكرية.. بعد هذه التحولات الميدانية هل يمكن لأحد أن يقبل منطق الحديث عن تنازلات ويقبل بتسويات رُفضت في مرحلة الضعف؟ فكيف يقبل في مرحلة القوة؟!

هل يُعقل بعد كل هذه التضحيات التي جاءت نتيجة لمعركة الانتصار لغزة بأن يذهب الحزب إلى التخلي عن غزة؟ ولو سلمنا بمنطق البعض بأن الحزب سيتراجع عن دعم غزة، ولو اتخذ الحزب قرار التخلي عن غزة، فإن الحزب سيواجه سؤالا كبير؛ إذا لماذا دخلتَ بنا الحرب وجلبت كل هذه الدمار والخراب والشهداء بالآلاف من اللبنانيين المدنيين، وكوادر الحزب وقادته بدء من زعيم الحزب السيد حسن نصر الله وانتهاء بأصغر مقاتل في الحزب؟ سيكون هذا السؤال من أبناء وأنصار الحزب علاوة على معارضيه. إن تراجع الحزب عن دعم غزة سيكون كارثيا على الحزب وقدرته على البقاء في ظل تغير خريطة القوة الميدانية.

السؤال الآن بعد كل هذه المعطيات، من تغير البيئة الميدانية وارتباط مبررات الحرب بغزة: هل يمكن الاعتقاد بأن الحزب يمكن أن يفرط في ورقة الدفاع عن غزة في أي مفاوضات تجري لوقف إطلاق النار؟!

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه لبنان الإسرائيلي حزب الله غزة لبنان إسرائيل غزة حزب الله مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة تفاعلي سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذا السؤال عن دعم غزة بأن الحزب التخلی عن حزب الله أن الحزب أن یقبل هل یمکن ما کان بعد أن عن غزة کل هذه

إقرأ أيضاً:

الضاحية تحت النار.. إسرائيل تشنّ 18 غارة على بيروت وتستهدف مواقع وسط أحياء سكنية

شنت المقاتلات والطائرات المسيّرة الإسرائيلية، مساء الخميس، سلسلة من الغارات العنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية، في تصعيد هو الأوسع منذ وقف إطلاق النار، وفق ما أفادت به مراسلتنا في لبنان

وبحسب مصادر ميدانية، نفذ الجيش الإسرائيلي أكثر من 18 غارة جوية طالت مناطق سكنية بعد توجيه إنذارات إخلاء لسكان بعض الأحياء المستهدفة. وأكدت مراسلتنا أن القصف طال مواقع متعددة في الضاحية، التي تُعد من أبرز معاقل “حزب الله” في العاصمة بيروت.

وفي بيان صادر تزامناً مع الهجمات فجر الجمعة، أكد الجيش الإسرائيلي أن الغارات الجوية التي شنها على ضاحية بيروت الجنوبية ومواقع أخرى في جنوب لبنان، استهدفت منشآت تحت الأرض تستخدمها “الوحدة الجوية التابعة لحزب الله” لإنتاج وتخزين الطائرات المسيّرة.

ووفقاً للبيان، فقد نُفذت الضربات باستخدام “أسلحة دقيقة ومعلومات استخبارية” بهدف تقليل الإصابات بين المدنيين، مشيراً إلى أن البُنى المستهدفة تقع وسط مناطق سكنية، وهو ما اعتبره دليلاً على “استخدام حزب الله للمدنيين كدروع بشرية”.

وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الجمعة، استمرار الجيش في قصف لبنان إذا لم تقم السلطات بنزع سلاح حزب الله، عقب سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت.

وفي بيان له، شدد كاتس على أن “لن يكون هناك هدوء في بيروت ولا نظام ولا استقرار في لبنان من دون أمن دولة إسرائيل”، مضيفًا أن على السلطات احترام الاتفاقات، محذرًا من أن إسرائيل ستواصل تحركاتها بقوة كبيرة إذا لم يتم الالتزام بذلك.

الجيش الإسرائيلي أشار إلى أن حزب الله نفّذ خلال الأشهر الأخيرة أكثر من 1000 هجوم بمسيّرات حارقة وجمع معلومات داخل الأراضي الإسرائيلية، وواصل تعزيز قدراته الجوية بدعم وتمويل إيراني. وأضاف أن العملية الأخيرة جاءت لمنع الحزب من “إعادة بناء قدراته الهجومية”، مؤكداً أن القوات الإسرائيلية “مستعدة للدفاع والهجوم لإزالة أي تهديد على دولة إسرائيل ومواطنيها”.

في المقابل، أدان الرئيس اللبناني جوزيف عون الغارات الإسرائيلية، واعتبرها “رسالة إلى الولايات المتحدة عبر صندوق بريد بيروت ودماء المدنيين الأبرياء”، في إشارة إلى التصعيد الإسرائيلي الذي طال مناطق مأهولة في العاصمة ومحيطها.

وأدان الجيش اللبناني، الجمعة، في بيان شديد اللهجة، التصعيد الإسرائيلي المتواصل ضد الأراضي اللبنانية، مشيرًا إلى أن أحدث الاعتداءات استهدفت مواقع في الضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق جنوبية أخرى، ليل أمس الخميس.

وجاء في البيان أن هذه الهجمات الإسرائيلية “تأتي عشية الأعياد، في محاولة واضحة لعرقلة جهود النهوض الوطني والتعافي، ولضرب الاستفادة من الظروف الإيجابية المتاحة في لبنان”.

وأشار الجيش إلى أنه بادر فور إعلان التهديدات إلى التنسيق مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية، في محاولة لتجنّب وقوع الاعتداء، كما أرسل دوريات ميدانية للكشف على المواقع المستهدفة، رغم رفض الجانب الإسرائيلي التعاون مع المقترحات المقدّمة.

وجددت قيادة الجيش التزامها الكامل بتنفيذ القرار الدولي 1701 واتفاقية وقف الأعمال العدائية، محذّرة من أن مواصلة إسرائيل خرق الاتفاق ورفضها التعاون قد يؤدي إلى “تقويض دور اللجنة ودور الجيش اللبناني، ما قد يضطر المؤسسة العسكرية إلى تجميد التعاون معها في ما يخص أعمال الكشف الميداني”.

وأكد البيان أن الجيش اللبناني، رغم التحديات، مستمر في أداء واجباته الوطنية لحماية أمن البلاد وبسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، مشددًا على أن “الواجب الوطني يبقى في مقدمة أولويات المؤسسة العسكرية”.

وتأتي هذه التطورات في ظل تزايد التوترات بين إسرائيل وحزب الله، وتزامناً مع أنباء عن مقتل أحد قياديي الحزب في غارة إسرائيلية استهدفت موقعاً في جنوب لبنان.

مقالات مشابهة

  • واشنطن تربط انسحاب إسرائيل بسحب سلاح حزب الله
  • واشنطن تربط انسحاب إسرائيل من الجنوب بسحب سلاححزب الله
  • أخطاء ارتكبتها إسرائيل بقصف الضاحية الجنوبيّة
  • لودريان في بيروت الثلاثاء ولبنان يواجه ضغوطاً أمنية وسياسية متزايدة
  • إيران لم تُعلنها... كلمة واحدة كانت كفيلة بنزع سلاح الحزب
  • إسرائيل تتوعّد حزب الله مجدداً وتُصعّد عملياتها في غزة: لن نسمح للحزب بإنتاج أسلحة مجدداً
  • إسرائيل منعت الجيش اللبناني تفتيش موقع بالضاحية الجنوبية قبل قصفه
  • الخارجية الفرنسية تدعو إسرائيل ولبنان إلى الالتزام بوقف إطلاق النار
  • لبنان.. إسرائيل منعت تفتيش مبنى بضاحية بيروت قبل قصفه
  • الضاحية تحت النار.. إسرائيل تشنّ 18 غارة على بيروت وتستهدف مواقع وسط أحياء سكنية