شعب يعشق كرة القدم
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
د. إبراهيم بن سالم السيابي
تُعد كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى في العالم وهو ما يعكسه الاهتمام المتزايد بالفعاليات الكروية المختلفة سواء كأس العالم أو البطولات الأوروبية المختلفة أو البطولات القارية، أو حتى الإقليمية كما هو عليه الحال في الخليج والبطولة الخليجية.
وهذا الاهتمام يأتي على نطاق المنتخبات أو الأندية، بالتالي تجد عشقا متزايدا للشعوب لهذه اللعبة ينعكس ذلك إضافة إلى تشجيع منتخبات بلدانهم وأنديتهم المحلية فإنهم يشجعون أسماء لمنتخبات عالمية أو أندية أخرى خاصة الأندية الأوروبية التي تعد بطولاتها الأشهر والأكثر متابعة من جميع أنحاء العالم.
ولا يختلف الحال في بلادي؛ حيث يعشقون كرة القدم حتى الثمالة ويتابعون كل ما يتعلق به في وسائل الإعلام والقنوات وتعج وسائل التواصل الاجتماعي بالمجموعات المخصصة لمتابعة أخبار كرة القدم، فهذه المجموعة مخصصة لمشجعي هذا النادي والأخرى مخصصة للنادي الآخر المنافس وهكذا، بل إنهم يتحدثون عن كرة القدم في كل مكان وفي أي فرصة في البيوت في العمل في المجالس وفي المناسبات الاجتماعية.
وتجد بخلاف تلك الفئات التي تمارس كرة القدم في الأندية وفرق الحواري، تجد فئات أخرى في مختلف الأعمار يمارسون كرة القدم في السكك في الأزقة في الشواطئ الممتدة في الولايات الساحلية، فكرة القدك عندهم شغف ليس مثله شغف.
في المقابل، وقياسًا على هذا العشق، فإنَّ الاتحاد العُماني والذي تأسس في عام 1978، يعني منذ قرابة حوالي 47 عاماً، قد حققت كرة القدم العُمانية، بطولتين إقليميتين على مستوى دول الخليج ونالت بعض المراكز الشرفية في بطولات المراحل السنية،ولم تصل كرتنا إلى بطولة كأس العالم أو الأولمبياد أو حتى المنافسة على بطولة آسيا القارية، وحتى على مستوى الأندية، البطولة القارية الوحيدة أحرزها نادي السيب على المستوى الثاني من البطولة وليس المستوى الأول وهو كأس الاتحاد الآسيوي للأندية بمسماه السابق، وكذلك حصول نادي فنجا في فترة الثمانينات من القرن الماضي على بطولة ما يسمى سابقًا بكاس أندية مجلس التعاون.
لذا.. نقول إن كرة القدم معشوقة الجميع هنا في هذا البلد جميع الأعمار رجالهم؛ بل وحتى نسائهم، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالمنتخب الوطني فتجد الجميع أثناء مشاركات المنتخب في المنافسات المختلفة ولا يستطيع الحضور في الملعب، يتسمر أمام جهاز التلفاز ليتابع المنتخب، تجد الشوارع وقد خلت من المارة والكل يرجئ كل شي لكي يتابع المنتخب وإذا فاز المنتخب تجد فرحة عارمة في كل البيوت، و إذا كان الأمر يتعلق بالفوز ببطولة كما هو الحال أثناء منافسات بطولة الخليج فتخرج الجماهير بمسيرات الفرح بالشوارع وتكرر هذا الأمر عدة مرات.
لكن ودون جلد الذات ودون أن نرسم ذاك السواد القاتم عن اليوم والغد، وحتى لا نجامل كذلك، فإننا نعرف أن هذا العشق لا يُقابل بنفس الآمال والطموحات، وقد يذهب البعض ويعزي السبب فورا إلى عدم توافر الإمكانيات.
لكن ماذا إذا ما عملنا وخططنا وفق هذه الإمكانيات المتاحة، صحيح أن كرة القدم أصبحت صناعة حالها حال الأنشطة الاقتصادية وتدر اموال بالملايين على الأندية في بعض دول العالم وتخلق وظائف للقطاعات المتعلقة بهذا النشاط، من دخول بيع اللاعبين ودخول بيع تذاكر المباريات ودخول مكافاءت المشاركات في البطولات أو الفوز باحد المراكز، وكذلك من دخول أموال حقوق البث المباشر والإعلانات وتخلق وظائف كثيرة غير مثل تلك المتعلقة بالإدراة التنفيذية وإدارة المرافق للأندية، وكذلك الوظائف المتعلقة بوكلاء اللاعبين، والعاملين في القنوات الرياضية والمحللين، ووظائف مكاتب السفر والسياحة فهناك مدن كثيرة في أوروبا تعتمد في دخلها من السياحة على وجود بعض الأندية في مدينتها.
السؤال: لماذا لا نعمل وفق ما يمكن عمله في ظل ما نملكه من إمكانيات، ومنها على سبيل المثال ما يلي:
حوكمة الأندية؛ فلاتزال الأندية تدار بعقلية السبيعنات من القرن الماضي، من المتطوعين وأعضاء مجلس الإدارة وخلط بين التوجيه والإشراف وبين ادوات التنفيذ دون رؤي واضحة للمسؤلية، وبالتالي لابد من وجود بعض الوظائف الثابتة في هذا الأندية، حتى لو ساهمت الجهات المختصة بالتوظيف في هذا الجانب من باب خلق فرص اعمال للباجثين عن عمل. الاهتمام بالمدارس والأكاديميات الكروية في الأندية؛ فهي البيئة الحاضة للمواهب،فالأندية بحاجة ملحة للمواهب ولا تحتاج الكثير هذه المدارس الكثير من الامكانيات والمصاريف فهناك الكثير من العُمانيين من حملة المؤهلات يمكن الاستعانة بهم والبنية التحتية لمعظم الأندية موجودة والاحتياجات الباقية بسيطة لا ترهق موازنة هذه الأندية. العمل على عودة الجماهير الى المدرجات، عن طريق دراسة الاسباب الحقيقة وراء عزوف هذه الجماهير فالجماهير هي من تخلق روح جديدة للمنافسة وابراز المواهب وبذل الللاعبين المزيد من الجهد أثناء المنافسات. تشجيع الاحتراف الخارجي؛ فالاحتراف أحسن وسيلة لصقل المواهب واكتساب الخبرات والاستفادة من الإمكانيات في الأندية الخارجية شريطة اختيار الأماكن المناسبة للاحتراف. وقف التذمر والتعذر يالامكانيات؛ لأننا نملك المواهب ويمكن العمل بهذه الميزة ونبني عليها في ورقة التطوير والمنافسة، ولدينا بيئة حاضنة وعاشقة لكرة القدم. اكتشاف المواهب؛ من خلال تعين كشَّافين في كل محافظة أو ولاية، وتنظيم هذا العمل وفق مرجعية ادارية ترتبط بنمظومة كرة القدم. الاهتمام بمنتخبات المراحل السنية وتكوين منتخب رديف للمنتخب الاول يعين له جهاز فني يرحل اليه من الفئات السنية ومن يراه الجهاز الفني مناسب، يكون له حضور وبرنامج محدد طول الموسم ويشارك في مناسبات ودية محليا ودوليا ويكون رافدا للمنتخب الاول. وضع خطة طويلة الاجل تتضمن محاور عدة لتطوير الكرة العُمانية مبنية على الامكانيات المتاحة وأهم محاورها تطوير وصقل المواهب. إقامة دوري المحافظات، تشارك فيه الأندية بلاعبي الرديف ويمكن مشاركة عدد محدد من لاعبي الفريق الاول في كل مباراة لاعتبارات فنية وجماهيرية و يحضى هذا الدوري بالمتابعة من جميع المعنين بالمنتخب واجهزته الفنية. تبنِّى المواهب الصغيرة والتعاقد مع إحدى الأكاديميات العالمية تتبنى هذه المواهب وفق شروط محدده، على أن تضع ضوابط لاختيار هذه المواهب.وفي الختام.. إنَّ ما دفعنا للكتابة عن هذا الموضوع، هو ذلك الشعور بالإحباط الذي نلمسه من الكثير من الجماهير عن الحال الذي وصلت إليه الكرة العُمانية من تراجع وضعف في النتائج.. لكن يبقى الأمل أن غدًا سيكون أجمل، وسنفرح- بإذن الله- ويبقى منتخبنا الأحمر تجسيدًا لمعاني العشق والجنون لدى الكثيرين من المحبين، رغم بعض الصعاب.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
لنعمل من الآن لتشكيل منتخب كأس العالم 2030
د. أحمد بن علي العمري
لم نتأهل لكأس العالم 2026، وأنا من الناس الذين يحمدون الله على عدم التأهل؛ لأنه لو تأهلنا لكُنَّا محطة عبور واستراحة للمنتخبات والفرق الدولية في المونديال، هذا إذا لم نخسر الخسائر الثقيلة لا سمح الله، خاصة ونحن نعرف مستوى منتخبنا وعدم قدرته، وأنه ليس لديه الإمكانية على مقارعة المنتخبات العالمية؛ حيث لم يكن في أفضل حالاته على الإطلاق.
وبما أن المثل يقول: يا إما أن تكون أسدًا مهاجمًا أو ثعلبًا مستطيعًا، ونحن لا نريد أن نكون كذلك وأن نكون الثعلب المستطيع، وبما أن كيروش حسب علمي، إذا ما كنت خاطئًا، أن عقده لمدة عام فقط، فيكفيه ما ملأ به كرشه، وهو أكثر مدرب يلعب بخطة دفاعية مبالغ فيها؛ لأنه بطبعه يحب أن يؤمِّن منطقة دفاعه، وهذه خطة لا تتطابق مع منتخبنا وأسلوب لاعبينا. لقد شاركنا في مونديال العرب بعد جهد جهيد، والتغلب على الصومال بصعوبة بركلات الترجيح وبشق الأنفس، فكيف نريد أن ننافس في كأس العرب. لقد ودعنا كأس العرب، أو ما يسمى مونديال العرب، حتى وإن تأهل المغرب والسعودية من مجموعتنا؛ فهذا لن يشفع لنا كما يحاول البعض في لملمة الجراح والتشفع، وقبلها ودّعنا كأس العالم، وقبل كل ذلك ودّعنا كأس آسيا.. فإلى متى نبقى نودع، ومتى نستقبل، ومتى ننتقل من المشاركة إلى المنافسة الحقيقية والقوية وإثبات الوجود؟!
لقد وصلت الرابطة متأخرة في مباراتنا مع الشقيقة السعودية، وتحديدًا مع بداية الشوط الثاني، فلماذا وصلت متأخرة أصلًا؟ وهذا يذكرني بضعف التنسيق الإداري العُماني الذي يقدم الغير على نفسه، وحتى على سمعة بلده، إن كان يقدم الغير على نفسه؛ فذلك شأنه وهو أمر شخصي بحت، أما أن يقدم الغير على مصلحة بلاده فكلا، وفوقها مليون لا.
ثم لماذا لا تقدم إدارة المنتخب الاحتجاج، ولو من باب تسجيل الموقف، على الحكم الأردني أدهم المخالدة الذي ظلم المنتخب ظلمًا بيِّنًا بشهادة الجميع. لقد ذكر المتحدث الرسمي للاتحاد العُماني أنهم قدموا احتجاجًا رسميًا، لكن تفاجأنا بأن الحكم ذاته أُسندت له عدة مباريات أخرى بعد ذلك، فأين ذهب احتجاجكم الذي لم يظهر؟ أم أنه، كما العادة، فقد وُضع في الدرج لأنه لم تكن هناك متابعة إدارية جادة؟
لقد سبق وبقرار إداري معيب أن لعب المنتخب العُماني مع شقيقه العراقي نهائي بطولة الخليج في البصرة بدون جمهور عُماني، ورضي بذلك وكأنه يهدي البطولة برحابة صدر للشقيق العراقي، فمن خوّل هذا المسؤول أو ذاك أن يتخذ قرارًا يخص أمة كاملة بمفرده؟
هذه طبعًا لن تُنسى ولن تُغفر أو تُمحى من الذاكرة العُمانية، فهناك شعب وأمة وجماهير لن تتسامح ولن تتنازل عن حقها، وكفانا طيبة ومجاملات غير مبررة للغير على الإطلاق.
يجب أن تفهم يا اتحادنا الكريم أن كرة القدم أضحت في هذا الزمن لا تُلعب داخل المستطيل الأخضر فقط، بل هناك جانب مهم منها يتعلق بالجوانب الإدارية، وهذا مفهوم عالمي سائد علينا وعلى غيرنا في العالم.
حتى مباراتنا مع جزر القمر، وهي الأمل الوحيد والنور الخافت في آخر النفق، وبعد تقدمنا بهدفين من قدم عصام الصبحي في الشوط الأول، واللاعب ما زال نشطًا وبكل حيويته، تفاجأنا بكيروش يُخرجه، وكأن لسان حاله يقول: لماذا لم تدافع؟ وكأنه يعاقبه على الهجوم!
ويهاجم بلاعبي الوسط الذين أنساهم فعلًا الفكر الهجومي وجنّدهم كمدافعين، ثم أين المهاجم الصريح وأنت بحاجة لهجوم مكثف والفوز بالعدد المناسب من الأهداف.
لقد كانت الإمارات الشقيقة في نفس مستوانا، وها هي تأهلت بنفس عدد النقاط التي كسبنا، وذلك بحنكة مدربها وتصرفه ومسايرته للأمور، وليس مثل ما حصل مع الشيخ كيروش الذي يلوم الجميع على فعله ويريد أن يظهر أنه النقي البريء!
يا ليتكم يا اتحادنا الجديد أبقيتم على المدرب الوطني، ولكنكم أصررتم على التجديد، عسى أن يأتي بالجديد، ولكن الجديد لم يأتِ بالمفيد والمستفيد.
فمتى نفهم قواعد الأمور وأبجدياتها؟ لقد تعبنا وسئمنا من مقولة القادم أفضل، فمتى يفرح الجمهور العُماني الوفي والمخلص؟
حتى الصحفي الذي سأل مدرب المنتخب السعودي والكابتن نواف العقيدي، حارس الأخضر الشقيق، وهو الأستاذ عبدالله المسروري، موفد جريدة الشبيبة، هناك من المحللين العُمانيين من قلّل منه ولامه في بعض القنوات الخارجية؛ بل وهناك من كتب عمودًا في التقليل من شأنه، بينما نجد برنامجًا سعوديًا متخصصًا يديره صحفي مهني شريف ومقتدر ومتمكن، وهو الأستاذ وليد الفراج، نقدم له كل التقدير والاحترام لمقامه المهني العالي؛ لأنه صحفي مهني ومتمرس أشاد بسؤاله وأكد على احترافيته، وسبق لهذا الأستاذ المهني والمحترم جدًا أن أشاد بالحكم الدولي العُماني أحمد الكاف الذي أدار إحدى المباريات مع فريق سعودي شقيق، وأنه حكم ذو شخصية قوية ومتمكنة وخبرة، وأنه لا يتبع قرارات الفأر، وإنما يطلب منهم ما يريد أن يستوضحه، وأنه يوجههم وليس هم من يوجهونه.
فمن رشّح هؤلاء المحللين ليمثلونا في الخارج ويجاملوا الغير على حساب وطنهم ومنتخبهم، في الوقت الذي يدافع الآخرون عن منتخباتهم وبلدانهم حتى، وللأسف هناك لاعب دولي عُماني سابق يجامل.. طيب ماذا عملت أنت لما كنت في الملعب وتمثل بلادك؟ أليس ما قلته عيبًا عليك قبل أن يكون عيبًا على بلادك؟ أين الوطنية وأين الحماس؟ بل وأين الغيرة؟ أليس هناك وجوه تستحي وقلوب تحن وحبًا للوطن وأبناء الوطن... يا حيفاه؟!!
أيضًا في مباراتنا مع المغرب الشقيق، وعلى الرغم من تراجع المنتخب المغربي للدفاع، خاصة بعد طرد لاعب منهم، وهو الكابتن حمدالله، الذي حوّل كرة القدم إلى كاراتيه بتوجيهه واجهة حذائه إلى وجه اللاعب العُماني بكل وضوح، إلا أن منتخبنا لم يبادر بالهجوم، وبدأوا وكأن كل اثنين من لاعبينا يلعبان في مكان واحد، فبدأنا وكأننا نحن المنقوصين العدد، بينما كان الفوز متاحًا لنا بكل سهولة ويسر.
وهذا بسبب كيروش الذي زرع ثقافة الدفاع في كل الفريق، حتى المهاجمين صاروا يلعبون بروح المدافعين، وليس المهاجمين، ونتيجة لهذا لم يكن عندنا اللاعب الذي يعمل الفارق، وكما كنا في المنتخب العُماني سابقًا أيام اللاعبين العظام.
لقد لقبونا بسامبا الخليج، الله يرحم أيام بدر الميمني وعماد الحوسني وفوزي بشير وأحمد كانو وحسن المظفر ومحمد ربيع وأحمد حديد وخليفة عايل وإسماعيل العجمي والأمين علي الحبسي وزملائهم الآخرين؛ فهؤلاء هم سامبا الخليج. والسامبا دائمًا يهاجم مع اللمحات والفواصل الفنية المتميزة. وهم العصر الذهبي للكرة العُمانية، ولن يأتي فريق مثلهم، أو ربما، وإن شاء الله، أفضل منهم، إلا إذا بحثنا في الجذور وعالجنا الأمور من مكامن الخلل، والرياضة في الإقليم، وبالذات في كرة القدم، في سباق حميم.
إننا بحاجة لمدرب يشجع الجانب الهجومي، وهذا طبع اللاعب العُماني الذي يناسبه، وليس مدربًا لا يفقه في كرة القدم إلا الدفاع، حتى حوّل المهاجمين إلى مدافعين، والجميع يعلم في كرة القدم أن الهجوم أفضل وسيلة للدفاع، وهذه بدايات وأبجديات في كرة القدم؛ لأنه بهذا الوضع الدفاعي المُزري لم يُبقِ أحمرنا أحمر ولا حتى أبيضنا أبيض، لقد ألبسونا اللون الرمادي، وهو لون وهمي لا مبتغى لديه ولا هدف.
كنت أتمنى لو أن منتخبنا العزيز على قلوبنا دائمًا أن يلعب بالروح القتالية والنضالية التي لعب بها منتخبا فلسطين وسوريا، وحتى المنتخب الأردني؛ لأن الروح تلعب قبل الأقدام، وكرة القدم تُلعب بالقلوب قبل الأقدام أحيانًا كثيرة، والحماس أقوى حتى من الإمكانيات.
لقد شاهدت، كما شاهد الجميع، خروج اللاعب العراقي حسين علي في مباراة فريقه أمام المنتخب الجزائري باكيًا، محمولًا من قبل زملائه في بداية المباراة، على الرغم أن بلاده ضمنت التأهل، ولكنه عزّ عليه أن يلعب فريقه منقوص العدد، على الرغم أنه يعلم ويعلم الجميع أنه لم يقصد إيذاء اللاعب الجزائري. لكن لاعبينا يخرجون منهزمين من المباريات مبتسمين، ويصرحون: القادم أفضل، وفوق هذا يظهر قائد المنتخب ممتعضًا من انتقادات الإعلام والجمهور، فما هي البطولة التي حققتموها حتى لا ينتقدكم الجمهور والإعلام يا حبيبي!
ثم يصرح المدرب الشيخ كيروش بأن منظومة كرة القدم في عُمان فاشلة، فلماذا تقبل، وأنت مدرب عالمي معروف، أن تدرب فيها وترضى على نفسك وتاريخك ذلك؟!
ويا ليت لو جمهورنا الرياضي بالكامل، وخاصة الرياضيين منهم، يتفضلون بالمقارنة بين مدرب منتخبنا الوطني القدير ومدرب منتخب الإمارات المجتهد؛ فلربما تبان لهم الفوارق والحقائق.
وهنا نقول للاعبينا الحاليين: نشكركم على ما بذلتموه لأجل عُمان، ونقدر كل قطرة عرق صببتموها في سبيل عُمان، ولكن الدنيا تحولات، وقد استلمتم الراية ممن كانوا قبلكم، وقد آن الأوان أن تسلموها لمن يأتي بعدكم.
وعليه.. فإنني أرجو من الاتحاد العُماني لكرة القدم، ومن خلفه وزارة الثقافة والرياضة والشباب، أن يعملوا من الآن، وأمامهم خمسة أعوام بكاملها، وهي فترة كافية جدًا، على إسناد العمل لمدرب وطني عُماني مُحب لبلده، ولديه الغيرة عليها، وعنده الولاء والانتماء، وهم كثر، فقد وصلنا من الخبرة والكفاءة أن نعتمد على أنفسنا بأنفسنا، ولسنا بحاجة للغير، ولنتخذ من العديد من المدربين الوطنيين الذين تألقوا مع منتخبات بلدانهم في العالم قدوة، بحيث يعمل هذا المدرب الوطني على تشكيل منتخب جديد يكون عناصره من الأشبال والشباب والأولمبي، ينافس به خليجيًا وعربيًا وقاريًا حتى يوصله إلى المستوى الدولي؛ وهي مشاركة كأس العالم، بشرط أن يجول هذا المدرب كل أنحاء السلطنة الممتدة، ولله الحمد، ويبحث في كل نادٍ بنفسه، لا أن تُفرض عليه قائمة للتعامل معها.
هكذا تنشأ المنتخبات ويُخطط لها، وهذه هي طرقها ومساراتها؛ بل وأن يبحث في كل نادٍ، وحتى الفرق الأهلية وهم كثر، وفي كل الحواري، فهناك لاعبون عُمانيون كثر وموهوبون انتهوا قبل أن يبدأوا.
لقد كان لي مقال سابق تمنيت فيه إنشاء أكاديمية السلطان هيثم، على غرار أكاديمية الملك محمد السادس، التي جعلت المغرب يحقق المركز الرابع في مونديال قطر، كما أن هذه الأكاديمية صدّرت لاعبين بجودة عالية إلى كل أنحاء العالم.
وقد أحرزت المغرب مؤخرًا كأس العالم لأول مرة عربيًا وأفريقيًا وإسلاميًا تحت 20 سنة، فتخيلوا معي بعد خمس أو عشر سنوات ألا يقدر هؤلاء اللاعبون على تسيّد الكرة العالمية؟
هكذا الخطط والاستراتيجيات تُرسم، ويا ليتنا نحذو حذوهم في التخطيط السليم لمقدرات الأمور!
نحن نعلم أن المغرب ليس لديها ذلك الدوري القوي كما هو حاصل في بعض الدوريات العربية الأخرى، ولا حتى في الدوري الأوروبي طبعًا، ولكن أكاديمية محمد السادس هي التي عملت الفارق.
نرجع لصلب الموضوع وأهدافه ومبتغاه، بأنه يتوجب علينا أن نبني من القاعدة ونزرع من الجذور لنحصد الثمر المناسب؛ لأنه إذا لم نعمل بجد رياضيًا من الآن فصاعدًا فسوف تزداد الهوة والفرق بيننا وبين دول الإقليم المجاورة؛ لأن الوقت لا يسعفنا، ولا بد من التحرك السريع ومنذ الآن، لأن كرة القدم أضحت استثمارًا ومكاسب وتجارة عالمية وشهرة سياسية.
وحيث إن المقال هذا أعتبره بحثًا أكثر مما هو مقال؛ فقد وصلتُ للاستنتاجات والتوصيات التالية:
نتمنى ونطالب بإقامة أكاديمية السلطان هيثم لكرة القدم في ظل ضعف الدوري المحلي المستمر. ضرورة تواجد المدرب الوطني، فنحن بحاجة له، ولن يفهم "رطنتي إلا ولد بطني". الإدارة الرياضية يجب أن تكون بمفهوم كرة القدم، قادتها من ملاعبها، ممن بذلوا العرق والجهد في الملاعب، وليس من أتى من على السطح، كما حصل مع بيليه في البرازيل، وبكنباور في ألمانيا، وبلاتيني في فرنسا، ومحمود الخطيب في مصر، وأحمد عيد في السعودية، وعدنان درجال في العراق، وغيرهم كثر في العالم. الاهتمام بالنشء والموهوبين، ولو كانوا من خارج الأندية مثل الفرق الأهلية ولاعبي الحواري، فكثير من اللاعبين العالميين أتوا منها.اللهم ارفع راية عُمان عالية خفاقة في كل المحافل الإقليمية والدولية وعلى كل المستويات.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.
رابط مختصر